رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 14
قراءة رواية نزيلة المصحة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية نزيلة المصحة
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل الرابع عشر
خرجت ود من البيت وتوجهت الي البنك قبل ان يستطيع حسام ان يتخذ اى اجراء بالتقرير الذى حصل عليه من المشفي والذي يثبت جنونها،، ويحجر علي جميع تصرفاتها،، فقامت بتحويل كامل النقود التي بحسابها لحساب كريمه،، وقامت ببيع الاسهم وشهادات الاستثمار وحولت النقود ايضاً لحساب كريمه،، وأخيراً استأجرت خزينة فى البنك وقامت بوضع جميع الاوراق الهامه والتي تثبت ملكيتها لكل شيئ فيها..
ثم بعدها همت بالعودة الي المنزل،، ولكنها توقفت ماأن رأته يقف في زاوية البنك ينظر اليها نظراته القاتله،، نعم فهي تعلم انه لن يهدأ له بالا الا اذا قتلها وتخلص منها بأية طريقة من الطرق..
فحملقت فيه بخوف شديد قبل ان تطلق قدميها للريح هرباً منه،،
جريت حتي ابتعدت عن البنك مسافة لا بأس بها ووقفت تلتقط انفاسها،، وإذ بها تنظر للخلف مطمئنة،، ولكن الاطمئنان تبخر وهي تراه خلفها تماماً..
فصرخت وواصلت الجري وسط الناس،، وحتي الزحام لم يمنعه من ملاحقتها،، فهاهو يخترق صفوف الماره،، ويمر من خلالهم ويتبعها..
ظلت تجري وتجري الي ان وصلت الترام،، فصعدت وجلست علي مقعد بجوار الشباك وهي تلهث،، وتحرك الترام وخافت ان يكون قد لحقها الى الترام ايضا ً ولكنها اطمئنت وهي تراه واقفاً على الرصيف بين الجموع،، ينظر لها في غضب شديد ككل مرة
فأطلقت زفيراً بارتياح وهي تراه يبتعد عنها حين تحرك الترام،، وبدأ يتلاشى شيئاً فشيئاً الي ان اختفى تماماً..
فأسندت رأسها للخلف واغمضت عيناها وهي تهمس : امتا هتختفى من حياتي نهائي بقي ومااشوفكش تاني انا تعبت تعبت،، قالتها ثم رفعت يديها تضغط علي جنبات رأسها علها تستطيع ان تخفف ألم الرأس الذي يصيبها فور ظهور هذا الكابوس امامها فى كل مره..
❈-❈-❈
توقف الترام في آخر محطاته،، فنزلت ود واكملت المشى الي ان وصلت البيت الذي كان قريباً نوعاً ما،، وماإن وصلت الى باب الشقه وفتحتها ورأت كريمه حتي ذهبت اليها مسرعة وارتمت فى احضانها تشكوا اليها خوفها بدون كلام،، والأخري بدأت تبث فيها الأطمئنان بتمسيدات حانية على شعرها وظهرها.. وبعد دقائق استكانتها ود في احضان كريمه،، اردفت كريمه :
شوفتيه؟
فأجابتها ود بألم : وانا من امتا مش بشوفه،، ماانا دايماً بشوفه،، في نومي فى صحياني فكل وقت قدامى،، دايما واقفلي ومستني اى فرصه عشان يموتني ويخلص مني،، ومش عارفه هو مش بيعمل كده ليه عشان يرتاح ويريحني انا كمان معاه..
هدرت بها كريمه بنبرة غاضبه فور سماعها لهذا الكلام :
ود اوعي اسمعك تجيبي سيرة الموت مره تانيه سامعه،، وبعدين هو ميقدرش يعملك حاجه ولا يأذيكي وكل دي اوهام فدماغك،، طيب ماهو لو يقدر كان عملها من زمان ايه اللي يخليه يستني طول المده دي،، وايه هو الوقت المناسب اللي مستنيه ماهو اللي بيأذي كل الأوقات بالنسباله بتكون مناسبه للأذي،، انسي ياود،، انسي وارجعي عيشى حياتك مره تانيه ولو شفتيه ارجعى اعملى نفسك مش شايفاه زي زمان وانتي هتلاقيه اختفى،، هو بيظهر لما انتي بتسمحيله ويختفي لما تتجاهليه،، صدقيني الامر دا بايدك انتي ياود وانتي المتحكمه فيه.
ابتعدت ود عنها وتنهدت وهي تردف :
الموضوع مش بالسهوله اللي بتتكلمي بيها دي ياماما،، الموضوع اصعب من كده بكتير،، صدقيني مش انا اللمتحكمه فشوفته ابداً،، هو اللي بيظهرلي علي حسب ماهو عايز،، وفي الوقت اللي هو عايزه،، وحتي لو غاب بيرجع يظهر مره تانيه عشان يفكرني بيه ويقولى اني عمري ماهرتاح فحياتي ابداً..
فنظرت لها بشفقة ثم اردفت : مفيش قدامنا غير واحد بس هو اللي ممكن يخلصك من دا كله ويعمل اللي غيره مقدرش يعمله،، ثم نظرت بعيداً واردفت،، الدكتور حمزه..
فتبسمت ود فور سماعها لإسمه،، فهي لا تعلم سر الراحه المرتبطه بهذا الطبيب والتي تشعر بها بمجرد ذكره او رؤيته دوناً عن أى شخص التقته طوال حياتها..
ونظرت لكريمه وبدأت تؤيدها بإيمائة من رأسها صاحبتها همسات مختصره :
وحتي انا كمان عندي نفس الإحساس،، الا هو رقمه معاكي ياماما؟
فأومأت لها كريمه وهي تلتقط حقيبتها التي بجوارها وتفتحها وتخرج منها هاتفها ومدته لود التي نظرت اليه مستغربة وقبل ان تسألها علمت كريمه ماستسألها عليه،، واخبرتها ان هاتفها لم تعد تستطيع استخدامه،، وأن هذا هو الأءمن الأن وشرحت لها ماقاله الطبيب حمزه، وتفهمت ود واخذت منها الهاتف،، وبدأت على الفور بمهاتفة حمزه،، ولكن الغريب انه لم يجب علي الاتصال،، وللحقيقه ليس هذا ماكانت تتوقعه منه اطلاقاً،،
ولكنها التمست له عذر الانشغال واخذت الهاتف معها لغرفتها لتعاود مهاتفته مرة اخرى بعد ان تبدل ملابسها وتستريح قليلاً..
وبالفعل قد فعلت ذلك بعد حوالي الساعتين وعاودت الاتصال مرة اخري،، ولكن اتصالها للمرة الثانيه لم يجد اية إستجابه مما جعل غضباً طفيفاً يتسلل الي نفسها،، فها هي تشعر انها ليست ذي اهميه لدي حمزه،، وهذا الشيئ لم تعتادة البته..
اما حمزه فبمجرد ان صدح هاتفه برقم كريمه يعلن عن مكالمة منها،، بدأ يتقلب على جمر وهو لا يستطيع الرد عليها،، ومن الجائز ان يكون حدث لود مكروه ما،،
وظل يستدعي صوته للعودة اليه مجدداً ولكن للأسف لم يلبي صوته النداء،، وخذله،،ولا يستطيع ان يفتح الخط ولا يجيب،، فذلك سيجل الرعب يدب في قلوبهم،، وحالتهم لا تحتمل خوفاً
فأغمض حمزه عيناه وهو يشعر بالعجز حين صمت الهاتف،، وظل يتحسس حنجرته كي يكتشف مالذي حدث له جعل صوته يختفي،، وفهم السبب حين شعر بألم شديد في رقبته وهو يتحسسها وخمن انه قد يكون تلقي ضربة ما عليها فعلت به هذا..
مرت ساعة علي الاتصال الاول تقريباً،، وبينما الطبيب حمزه مستلقى علي سريره حيث اصبح لا حول له ولا قوة،، يحاول ترتيب افكاره،، لكن عقله في كل مره يحاول فيها كانت تبوء بالفشل،،
وقد علم الطبيب حمزه السبب،، فعقله قد توقف عن العمل تماماً،، فقد نفذ وقوده،، وهو الآن في حاجة ضرورية للوقود المتمثل في قدحاً من القهوة،،
إما هذا وإما يستمر عطله وتوقفه الي وقت غير معلوم..
واثناء تفكيره هذا نظر الي الباب الذي سمع عليه عدة نقرات،، وقامت اخته سماح التي انهت مهاتفتها لزوجها واولادها كي تفتحه،، ومأإن ظهر من خلفه عمروا،، حتي تهللت اسارير وهو يراه ممسكاً بيده كوباً بلاستيكياً من القهوه فهبت جميع حواسه وصرخت من الفرحه،، وتمني لو يستطيع التحرك في هذه اللحظه لكان هجم عليه وأختطف الكوب من يده وبدأ في ارتشافه،،
فها هو عمرو يصافح اخته ويسألها عن حاله،، وغير ذلك المسافة من الباب الي ان يصله والتي خُيلت الي حمزه بأنها اصبحت الاف الاميال،،
❈-❈-❈
فنظر اليه عمرو نظرة عابره كي يطمئن علي حاله اثناء الترحيب بأخته،، ولم يستطع تجاهل نظرة الجرو التي رآها في عيون حمزه وهو ينظر الي كوب القهوة في يده،، فأشفق علي حال صاحبه،، وانهي الكلام مع اخته وتحرك نحوه سريعا،، وقهقه حين رأي ابتسامة حمزه الواسعه،، ولهفته التي سيطرت عليه وهو يراه يتقدم،، وخيل اليه كطفل صغير يرقص فرحاً حين اشار له ابيه بالكثير من حلوته المفضله،،
جلس عمرو بجانب حمزه،، ووضع الكوب علي الكوميدينو الصغير بجانبه ،، ورفع رأس حمزه اولاً، ثم نصفه العلوي،، وسنده عليه،، وتناول الكوب، وقربه علي فم حمزه،، وظن ان حمزه سينقض عليه كصقر ينقض علي فريسته،، ولكنه اصيب بالذهول حين ابعد حمزه وجهه للخلف عن الكوب،، فقربه منه عمرو مرة اخري،، فكرر حمزه نفس الحركه،،
ففكر عمرو قليلا في سبب ذلك،، ورفع حاجباه حين تذكر انه نسي طقوس حمزه لشرب القهوة.،، ففتح غطاء الكوب وقربه منها،، وهنا حمزه دنا منه بوجهه وقام بإستنشاق رائحة محبوبته واغمض عينيه منتشياً،، وأصدر صوتاً يدل علي كامل استمتاعه : امممممم
فنظر عمرو وسماح لبعضهم وابتسما علي هذا العشق العجيب،، وهذا العاشق المجنون..
وارتشف حمزه اولى قطرات قهوته، وماهي الا لحظات وكل عضوا من جسده قد حدث فيه اختلال بسبب افتقاده للقهوة،، عاد للعمل من جديد،، وبنفس كفائته الاولي..
حتي صوته قد تحرر بعد انهائة للكوب كاملاً،، وخرج متقطعاً وهو يشكر عمروا،،
وكأن القهوة اصبحت جزءاً من تكوينه،، اذا غابت تداعى من بعدها ثائر جسدة.
دقائق معدوده ظل حمزه يجاهد وهو يخرج بعض الحروف مكوناً كلمة مختصره عن كل ما ود السؤال عليه،،
ال م. س. ت. ش. ف. ي،، فأجابه عمرو عن كل ماحدث اليوم فيها وايضاً اخر التحقيقات مع المدير وعما اسفرت الي الآن
أج ا ز ه : فاجابه بانه اخذ له اجازة ووافق المديد المؤقت عليها بعد ان عرف حالتك الصحيه..
ال. م. ر. ض. ي،، فطمأنه عمرو انه يشرف علي مرضاه بنفسه ويتبع معهم نفس خطه العلاج الخاصه به، وان اوضاعهم مستقرة
واخيراً شعر حمزه ببعض الراحه بعد ان اطمئن علي ما يشغل باله من ناحية المشفي والمرضي..
والان لم يتبقي له سوئ الاطمئنان عليها..
ومرت ساعة علي وجود عمروا معه،، ثم استأذن وغادر بعدها،، وماان غادر حتي تلقي حمزه اتصالاً آخر من كريمه وظل ينظر للهاتف في حسره،، فهو لا يستطيع الإجابه هذه المرة ايضاً..
ومر باقي اليوم علي ود وحمزه،، وكل منهم يشعر بحاجة ملحه ورغبة عارمه للتحدث الي الآخر،، فود تشعر ان في الطبيب حمزه خلاصها،، والطبيب حمزة يشعر ان في ود راحتة..
ومر اليوم واتي اليوم التالي،، وهاهو حمزه يكاد يتقفز فرحاً حين حاول التحدث بمجرد ان افاق من النوم وخرج صوته واستطاع الكلام،، حتي وان كان بصوت خافت،، ولكنه استطاع..
اما عند حسام،،
لم يأتي الى الفيلا في الليلة السابقه،، فقد بات في الشركه يجمع كل الاوراق الهامه، والخاصه بالصفقات الاخيره التي
بعد ان فاق حمزه من نومه وتأكد انه يستطيع الكلام اليوم،، اول شيئ فعله حينها ان امسك بهاتفه وقام بالاتصال بود والسيدة الكريمه،، ورن الهاتف ولم يجد أية إجابة من المرة الاولي،، ولا الثانيه،، ولكن في المرة الثالثه اتاه صوتها الرقيق الناعس..
حمزه بصوت خافت : ايوه ياود صحيتك من النوم مش كدة
فتبسمت ود التي بالفعل استيقظت علي صوت الهاتف وردت عليه : حصل
حمزه : آسف علي الازعاج
ود : بتتأسف على ايه عادي،، اصلا كده كده كنت هقوم كمان نص ساعه عشان ورايا حبة شغل عايزه اخلصهم..
فتبسم حمزه وهو يرى تحسناً ملحوظاً في حالتها،، بل وتتحدث براحة كبيره، كأنها كانت في هم وتخلصت منه ومن آثاره ايضاً..
فصمت حمزه قليلاَ ثم اردف :بس ماشاء الله انا شايف انك متحسنه كتير النهاردة..
ود : وانا كمان حاسه بكده،، بس انت اللي حاسه ان صوتك تعبان ياتري من ايه؟
حمزه : لا ابدا دا دور برد بسيط وهيروح دلوقتي..
ود :سلامتك
حمزه :الله يسلمك،، الا مسألتنيش يعني ليه مردتش عليكي امبارح؟
ود : مجاش فبالي،، وبعدين اكيد انت لك اسبابك يعني،، ماهو اصل وقتك مش هيقتصر عليا انا وبس،، اكيد عندك حجات تانيه اهم..
حمزه : غلطانه،، لاني معنديش اهم منك ،، قالها وصمت بعد ان قوبلت جملته بالصمت من ود ايضاً،، وعلم انها لا تجد ماتقوله،، فرفع عنها الحرج حين غير مجري الحديث،، قومي يلا افطري وشوفي هتعملي ايه وانا هكلمك بعد شويه واتكلم معاكي شويه محتاج اعرف منك كام حاجه كده..
فهمهمت ود بالقبول،، واكمل هو :
وابقي اعمليلك فنجان قهوة اشربيه عشان تعرفي تركزى فالشغل اللي هتشتغليه كويس،،
فردت عليه ود وهي تتذكر طريقته في شرب القهوة وتبتسم : هعملها قبل ماافطر وابدأ يومي بيها زيك.. اصلي ابتديت احبها جداً
فازدادت ابتسامة حمزه واخبرها بأنها الان ستضع قدمها علي اول طريق العظمه،، فلا يبدأ يومه بقدح من القهوة سوي احد العظماء..
فضحكت ود بخفه، ثم انهت معه المكالمه،، تاركة اياه غارق في غياهب جب ضحكتها لا يستطيع الخروج وينتظر ان ينتشله احد السياره..
وقد قامت بهذه المهمه اخته سماح حين عادت من الخارج والقت عليه تحية الصباح،، وها هو يري بيدها قدح القهوة،، وبعض الاكياس التي لا تهمه علي الاطلاق هي او مافيها،، فكل مايهمه الان هو هذا القدح الذي خيل اليه انه يتراقص في يد سماح ويتهادي يميناً ويساراً في كحبيبة تقترب من حبيبها بدلال ،، وبدا قلبه يتمايل معها،،
وهاهي تصل اليه ليختطفها ويضمها بكلتا يديه متلهفاً لها بكل شوق،، فتنشق رائحتها اولاً ثم ارتشف منها بعد ذلك،، وهاهو يتحسن مع كل ارتشافة اكثر واكتر واكتر..
فما اجمله هذا الصباح الذي بدأه بصوت ود وانهاه بقهوته،، والاثنان اصبحا عنده سيان في تحسين ميزاجه..
ومرت باقي ساعات اليوم علي حمزه،، بطيئة،، رتيبه،، قضاها بين تصفح مواقع التواصل،، وبين التفكير في كافة مشكلاته وبدأ يبحث لها عن حلول،، المشكله الاولي هي حال ود ووضع الخطط المناسبه لعلاجها،، والثانيه هي عمله،، وهل سيستطيع ممارسته بعد يومين من الآن وهو لايزال متعباً بهذا القدر،، ويلزم لشفائه اسابيع وليست ساعات معدوده؟
واخيراً التفكير في قدح آخر من القهوة،،
ورن هاتفه،، وحُلت اولى مشكلاته حينما هاتفه وحيد واخبره انه آت اليه،، فطلب منه احضار كوباً من القهوة في طريقه..
وفي هذه الاثناء فوجئ حمزه وسماح بحضور زوجها وأولادها،، الذين اسرعوا جميعاً نحو حمزه يطمئنون عليه ويكتشفون مدى سوء حالته،، ولم لا وهو كان لهم دوماً نعم الخال ونعم الصهر..
وبعد ان طمئنهم حمزه عليه واخبرهم انه اصبح بخير الآن،، امر اخته سماح بأن تاخذ الاولاد وتذهب بهم الي شقته ،،
فتبقي معهم هناك،، ويجلس معه زوجها عبد الله بدلا منها،،
فوافقت سماح علي الفور،، علي الاقل ستتمكن من تحضير وجبة طعام جيده لهم جميعا،، وتأخذ لها حماماً ساخنا وتنزع عنها هذه الملابس،، فكم تكره المشافي والولوج اليها والمكوث فيها،، وتعتبرها بؤرة للأمراض والجراسيم التي يهيأ لها بانها طوال اليوم تتسلق جدرانها وتعيش وتتكاثر فوق الاسره،، وعلي كامل الاثاث..
فأخذت الاولاد وغادت، تاركة اخيها بصحبة زوجها يتجاذبون اطراف الحديث وعادت هي الي الشقه
❈-❈-❈
وفي هذه الاثناء، وصل وحيد بكوب القهوة الي حمزه،، فبدأ فى شربه بمنتهي الاستمتاع،، وترك وحيد مع عبد الله يتحدثون وهو أنشق عن مجلسهم بعقله وذهب لعالم آخر،، لا يسمع ولا يري فيه غير قهوته،، وانفاسها اللاهثه المتمثله في بخارها المتصاعد امام عينيه ..
اما ود فقضت اليوم كله وهي منكبة علي الاوراق التي امامها،، تحسب ما معها وماتملك ومالها من ديون شخصيه لدي الناس،، بعيداً عن معاملات الشركه،، والتي تستطيع تحصيلها بنفسها،،
واخيراً اهتدت الي فكره ستخلصها من حسام وتقطع احدي الخيوط التي تربطها به،، الشركه،،
ستبيعها الي شركة منافسه لتقوم بدمجها،، وبتاريخ قديم،، وبهذا تكون قد وجهت الضربه لحسام في منتصف الجبهه تماماً،، ولكن قبل اتخاذ ايه خطوه عليها تكليف شخص ما بالقيام بجميع المعاملات والاتفاقات بدلاً عنها،، وفي سرية تامه،، شخص تثق به وتكون علي يقين انه لن يخونها،،
وعلي الفور قفزت صورته امام عينيها،، نعم انه هو لا غيره،، طبيب المجانين،، او كما اطلقت عليه،، مجنون القهوة..
فتبسمت وهي شاردة،، ثم نهضت،، وتوجهت الي المنضدة التي تبعد عنها بعض الخطوات،، فأمسكت دفتر الرسم الخاص به،، وفتحته واخذت تنظر الى صورتها المرسومه،، وهي تتأمل مدي دقته في رسم الخطوط،، ورقته في ابراز ادق التفاصيل،، ورات كم هو بارع في كل شيئ يفعله،،
وحدثت نفسها،، بان الشخص الذي يجمع كل هذه الصفات في آن واحد،، انه حقاً لشخص مميز،، وبما انها تعشق التميز،، اذن فهي واثقة تماماً ان الطبيب حمزه سيتبوء لديها ارفع المناصب واهمها علي الاطلاق مستقبلاً ...
انتهي اليوم اخيراً بكل مايحمل من خطط ومخططات من الكل لما سيفعلونه مستقبلاً..
واتي يوماً جديداً، استهله حمزه كسابقه،، بمكالمة لود،، سبقت كل شيئ، حتي قهوته الصباحيه،، اطمئن عليها وعلي السيدة كريمه،،
وامضى الاثنان بعضاً من الوقت يتجاذبون اطراف الحديث دون ملل،،
علم فيها حمزه كم تعاني من فقدان ثقتها في نفسها،، وكيف تنظر الي نفسها نظرة دونيه،، وانها انثى غير كامله،، وكل هذه الافكار حسام هو المسئول الوحيد عن ترسخها بداخلها ،،،،
فنفي حمزة كل هذه الخزعبلات التي اجتاحت خلايا عقلها واستولت عليها ،، واخبرها بطريقة غير مباشره،،
كم هي جميله ورائعة ولديها من المميزات الكثير والكتير،، ولكن ليس للجميع نفس القدره علي رؤية الاشياء الجميله،
والازواق دائماً تتفاوت،، وهذه منظومة كونيه، فلولا اختلاف الازواق لحدثت معارك،، واختفت من الدنيا اشياء كثيره..
وكم كانت سعادتها حين اخبرها بأنها تشبه قدحاً من القهوة،، فهي لذيذة ودافئة ومنعشه،، ولكن لا يعرف الجميع قيمتها،، فهى صنعت من اجل عاشق ذواق،، يقدرها ويعلم قيمتها جيداً، ويعاملها المعاملة التي تليق بها،
اما إن وضعت بيد من لا يعرف قيمتها فسيعاملها معاملة الماء الساخن المذاب به بعضاً من البن وقليل من السكر،، وسيجد لذته في مشروب غيرها،، قد يكون اقل جمالاً،،، ولكن لا احد يستطيع لومه،، فهي بالنهاية اذواق،، وكل العزاء لقدح القهوة..
انتهت المكالمه اخيراً بعدما نضبت الكلمات من الاثنين،، فقد كال كل منهم للآخر ما هو بحاجته،،
وحصلت ود من الطبيب حمزه على كل ما يلزمها من طاقة وثقه،، وقوة تكمل به مابدأته،،
والذي جعلها تشعر بأن لها جناحان،، خُلقا للتو،، وتشعر برغبة عارمه بالطيران بيهم والرفرفه في السماء الواسعه،،
هو تشبيه الطبيب حمزه لها بقدح القهوة،، وخصوصاً وهي تعلم مدي عشقه لها،، وتسلل الي قلبها احساس جميل بدأ يدغدغ روحها من جديد،، بأنها عادت في عيون الناس ود الجميله التي يثني على جمالها الجميع طوال الوقت،،
❈-❈-❈
واخيراً شعر الطبيب حمزه بأنه سيتحرر اليوم من سجنه ويذهب ليلتقي بمحبوبته متى شاء،، فاليوم قد كتب له الطبيب علي موافقه لمغادرة المشفي واكمال العلاج في بيته،، وها هو سيستطيع ارتشاف قهوته متى شاء،، ولن ينتظر ان يأتي له احداً بقدح منها،، بعد ان يعطى الاولويه،، والاهميه الكبري لاشياء غيرها تهمه اكثر من قدح قهوة حمزه..
وهاهو عبدالله زوج اخته يلملم جميع الاغراض من الغرفه استعداداً للرحيل،، وقد هاتف زوجته واخبرها الا تأتي اليوم للمشفي فماهي الا ساعة او اثنتين وسيكونوا في طريقم للمنزل،، ولكن خروجهم مرهون الان علي تغيير الضماضات لحمزه،، ومن بعدها ستتم المغادره..
ولكن كان هناك رأياً آخر،، وتدبيراً مختلف لخط سير حمزه،، فهاهو باب الغرفه ينفرج بقوة نتيجة دفعة همجيه،، ارتجفت اوصال حمزه وهو ينظر ليتحري من فاعلها،، ووجده احد البلدوزرات البشريه الذي شارك في دهسه في المرة السابقه..
وبلع ريقه بخوف وهو يراه يدلف الي الغرفه،، وصرخت جميع عظامه استغاثة وهم يروا باقي الفريق يتبعه دخولاً،، الي ان اصبح الاربعة جميعهم بالداخل..
وانقسم الاربعه الي قسمين مكونين ممراً صغيراً من رجلين في كل جهة،، ليعبر من بينهم حسام،، بنظارته السوداء،، وسجاره الكوبي،،
الذي نظر اليه حمزه مرة اخري،، وتحدث في نفسه :
ارجوك لا تقم برميه ودهسه هذه المرة ايضاً فمن الواضح ان ثمنه باهظاً،، اتركه لغيرك يستفيد به،، ويجرب هذا النوع الغالي الذي بالتأكيد يحلم بتجربته..
وهنا صرخت خلايا عقل حمزه :
قسماً بالله ياحمزة لو كنت املك ايدي لكنت توليت انا مهمة تكسير عظامك بدلا عنهم،،
اصرخ او استغيث ايها الأبله فأنت علي شفى التعرض التعرض لنوبة اخري من الضرب قد تودي بحياتك هذه المره،، فوالله جسدك لم تعد لديه قدرة علي التحمل..
وهنا رفع حمزه يده كي يعدل نظارته،، واخذ يدور بعينيه في ارجاء الغرفه ليجد عبد الله الذي لم يعد في مرمي بصره،، ولا يعلم اين اختفي في لحظة واحده،،
وهتف حمزه لنفسه متعجباً :
الي اين ذهب هذا الم يكن هنا تواً؟!
ولكنه توقف عن كل الاسئلة وهو يري حسام يقترب منه،، وها هو يقف امامه،،
وأول شيئ فعله هو انه القي السيجار ارضاً،، وكم فرح حمزه فها هو حسام قد القي بها هذه المره بعيداً ولم يقم بدهسها بحذائة،، اي اصبح لديها فرصه في البقاء،،
ولكنه شعر بأنه هو من لم يعد لديه أيه فرصه،، وخاصة وهو يري حسام يرفع يده،،
فإنتزع نظارته سريعاً ورماها بعيداً،، واستعد للجولة الاخيره من القتال الغير عادل بالمره
ووضع في حسبانه انه قد يتلقي فيها القاضية. هذه المره،، وبدلاً من عودته الي بيته اليوم،، قد يبيت في احدي القبور،،
فتشاهد،، واستسلم للقدر،، وليفعل به مايشاء..
وانتفض وهو يتلقي ضربة علي وجهه،، ولكنها لم تكن صفعه،، بل كانت لطمة من نوع آخر،، ففتح عيناه فوجد حسام قد ضربه ببعض الاوراق على وجهه،، وتناثرت متفرقة من حوله،، فنظر للاوراق وهو يشعر بغرابة شديده..
ثم رفع عيناه علي حسام،، الذي اشار لإحدي رجاله علي نظارة حمزه الملقاة ارضاً ،، فتحرك الرجل سريعا ومال بجسدة والتقطها من الارض..
ولم ينتبه لذلك القابع اسفل السرير يرتعد خوفاً،، وكاد ان يبلل سرواله وهو يرى الرجل يتقدم نحوه،، ظاناً منه انه قادم اليه كي ينتزعه من ملاذة الآمن،،
ولكنه اغمض عيناه براحة وهو يراه قدا اخذ النظارة وعاد من حيث اتي،، فتنفس الصعداء وحمد الله ان مقاومته صمدت للنهاية،، ولم يفعل جسده ماهدد به منذ قليل..
وكم شعر حمزه بالغرابه وهو يرى حسام يمد يده اليه بنظارته،، فألتقطها منه حمزه وارتداها،، والتقط إحدي الاوراق التي اشار له عليها حسام بعينيه،،
وبدأ بقرائتها،، وسرعان مابدأت علامات التعجب تظهر على وجهه،، ورفع عيناه لحسام متسائلاً،،
وأجابه الآخر بدون أن يسمع السؤال من لسانه :
ايوه اللي شايفه دا هو الحقيقه الكامله،، ود مش زي ماانت فاكر ولا زي مافهمتك هي وكريمه،، ود حقيقتها اللي بين اديك دلوقتي هو حقيقة ود،،
ود مجرمه وقاتله..
ود هي اللي قتلت ابوها يادكتور..
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية