-->

رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 8

 

قراءة رواية نزيلة المصحة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة رواية نزيلة المصحة

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الثامن



صمتت كريمه بعد ذلك لبرهة، ثم حاولت استئناف الحديث بأنفاس لاهثه،، وبرغم اني قلت سابقاً لن اطلب منها التوقف عن الحديث، 

الا ان انسانيتي غلبت فضولي،، فطلبت منها بصوت حنون يرأف بحالها ان تغلق الهاتف الآن وتستريح قليلاً، ثم تعاود محادثتي بعد ان تشعر انها بخير،، 

ولكي لاترفض وتصر علي استكمال الحديث تحججت لها بأني لدي بعض الاعمال وعلي انجازها الآن... وماان قلت ذلك حتي انصاعت لطلبي تماماً واغلقت الخط وذهبت لتستريح. 

اما انا فتركت الهاتف من يدي وذهبت لأعد لي بعضاً من الطعام ليسد جوعي فقد بدأت عصافير بطني بالتغريد والصياح من شربي للقهوة علي بطن خالي..


طبخت ماتيسر علي طبخه وقمت بتناول الغداء وشرعت في اعمالي المنزله، وبدأتها بجلي الاطباق ثم همست من كثرتها وانا اضحك على حالي مثل اى ربة منزل ناقمة من الاطباق وادوات المطبخ المتسخه : يارب تموت المواعين.


انهيت بعدها كل امور المنزل واخذت حماماً ساخنا، ثم عدت للجلوس في مكاني المعتاد علي اريكتي المفضله،، ففتحت حاسوبي وبمجرد فتحه ظهرت صورتها امامي،، اوه آسف نسيت ان اخبركم بأني وضعتها بالأمس خلفية على شاشة الحاسوب..

فصمتت امامها متأملاً، ناسيا ماكنت سأفعله علي الحاسوب، واخذني التفكير فيما ستكون خطوتي القادمه التي سأخطوها في علاجها؟ او حتي حثها علي الكلام،، حقيقتاً لا اريد سوى ان تتكلم فقط، فقط تتكلم، وهنا يكمن كل العلاج، فما ان تتفوه باسبابها في الوصول لهذة المرحله،

وانا ساضحض كل الاسباب واحقرها واقلصها لها لأجعلها تعتقد انها اوهاماً ماكان يجب ان تجعلها تصل لهذه المرحلة من الضعف،، ساشد ازرها واقوى عزيمتها من جديد وكل هذا،، فقط لو تتكلم. 


لم اتوصل لطريقة او لفكرة ولكني تركتها لله،، اعلم اني قادر علي معالجتها، اعلم ان علاجها سيأخذ وقتاً طويلا ولكني اريد معالجتها في اسرع وقت،، لا اعلم لماذا ولكني فقط اريدها ان تتعافى..



جلس الطبيب حمزه كثيراً امام صورتها الى ان قرر اخيراً ان يدخل علي برامجه فيتابع آخر مستجدات المؤتمرات الطبيه العالميه، 

وعن ماذا اسفرت وماتم مناقشته فيها،، وايضا تصفح مواقعه الالكترونيه ونام بعدها حيث اكتشف ان الليل قد انتصف وهو علي جلسته، ولم يشعر بالوقت..


❈-❈-❈


استيقظ في الصباح التالي على صوت مزعجه الصغير وقام ليبدأ يومه بمعشوقته،، وايضا قرر ان يفعل مثل ما فعل بالامس ويعد لها القهوة معه، ويجعلها عادة يوميه يتقاسمها معها،، 

وبالفعل اعد لها القهوة بنفس خطوات الامس، وحمل حقيبته بعد ان ابدل ملابسه وذهب الي ورشته الخاصه بإصلاح العقول..


دخل اولاً لمديره فأخذ حظه من التوبيخ ثم مضى قدما في اتجاه من باتت تشغل فكره ليلاً نهاراً..



فتح الباب ودلف الي غرفتها فوجدها اليوم قد غادرت الفراش، وواقفة امام النافذه تنظر منها الى اوراق الشجر المتراقص عن قرب،، 

حمزه : ماأن رأيتها بعيدا عن الفراش اليوم حتي تراقصت دقات قلبي كأوراق تلك الشجرة التي امامها.. فتقدمت اليها وقمت بإلقاء السلام، فتحركت رأسها قليلا دليل علي انها سمعتني ولكنها لم تجب كالعاده،،

جلست علي المقعد وراقبتها قليلاً ثم خطرت لي فكره، اليوم سأخرج بها الي حديقة المشفي ونشرب القهوة هناك،، فمن الواضح انها عاشقة للطبيعه وغالباً ما يكون لتغيير الاماكن اثره الايجابي علي نفسية المريض.. فتقدم منها ووقف بجوارها وتحدث قائلاً : 

ود ايه رأيك ننزل الجنينه،، عشان تقدري تلمسي اوراق الشجر والزرع باديكي،، وكمان فيها ورود جميله هتعجبك اوي..

 

قالها ثم انتظر الرد ولم يدركه فأكمل قائلاً: 

وكمان هنشرب قهوه،، انا عملتلك معايا قهوة زي امبارح،، بس قبل القهوة هناخد الفطار دا معانا ونفطر انا وانتي سوا عشان انا كمان مفطرتش زيك،، ايه رأيك؟ تعالى ياود اخرجي للحياة وشوفيها لسه قاعده جميله ومستنياكي تعيشيها،، كفايه انتي بعدتي عنها كتير اوي.


التفتت اليه ود ونظرت اليه بعيون زائغة وهو قابل نظرتها بإبتسامة حنونه وإيمائة من رأسه مؤكدا لما قاله،

ثم مد لها يده منتظراً ان تمد له يدها فيمسك بها جيدا ويسحبها من محيط عدم الادراك الغارقة فيه،، ولكنه لم يده بخيبة امل حين لم يجد منها ماتمني،، فذهب الي حقيبته اخذها وتوجه الي الخارج بعد ان أدرك انه يوماً جديداً له من الفشل معها،، ورغم انه طويل البال جداً الا انه معها هي بالذات لا يطيق معها صبراً..

 

❈-❈-❈


وصل الي الباب والتف ليغلقه عليها ولكنه تفاجأ بها تقف خلفه مباشرة وماأن رآها حتي تهللت اساريره فرحاً، 

اما هي فخفضت عيناها وهي تهمس له لكي يسمع صوتها لأول مرة منذ أن رآها : 

خدني معاك.. 

فضحك الطبيب حمزه وهو يعدل نظارته.          وكان بوده ان يحتضنها في هذة اللحظه مُرحِباً بعودتها كما العائدة من سفر بعيد..  ثم دخل الى الغرفة سريعا فحمل صينية الطعام وخرج بها متقدماً عن ود التي ظلت تتبعه حيثما يذهب، وهو بين اللحظة والاخري ينظر للخلف ليطمئن انها لازالت خلفه ولم تشعر بالغربه  وعادت الي غرفتها.. 


خرج بها الطبيب حمزه الي حديقة المشفي وذهب بها الي ركن هادئ بين احواض الزهور، وجلس ودعاها للجلوس بجواره علي حائط الحوض ووضع الطاعم بجواره فاصل بينهم،، فتقدمت ود بهدوء ممزوج ببعض الخوف،، وجلست بجواره تماماً في المكان الذي اشار لها عليه،، وبمجرد جلوسها اخذت تتلفت حولها فتعلقت انظارها علي ورود حمراء متفتحه وانفرج ثغرها عن ابتسامة خفيفه، انفرج معها صدر الطبيب حمزه فسألها في حنوا : 

شكلك بتحبي الورد اوي ياود.. 

اومأت له ود برأسها ايجاباً،، فوقف وتقدم ناحية الورود فمد يده يقطف لها احداهن ولكنه توقف فور سماع صوتها المعترض : لأ حرام سيبها متموتهاش.. 


تقهقر الطبيب حمزه للخلف ولم يده وهو يرد عليها بتعجب : كنت هقطفهالك تخليها معاكي وتشمي ريحتها عن قرب.. 


صمتت ود قليلا ثم تنهدت قبل ان تجيبه وهي تنظر الي الوردة التي انقذتها  تواً من الموت علي يد الطبيب قائلة له مبرره :


وليه ناخدها من حضن مامتها عشان نتمتع بيها شويه وبعدها تموت بين ايدينا،، مانسيبها عايشه وسط اخواتها سعيده ونتفرج عليها من بعيد، هي مش من حقها تعيش زي الباقيين،، ليه نحكم عليها هي بالذات بالموت والعذاب؟ 

❈-❈-❈


عاد الطبيب حمزه يجلس في مكانه وتنهد حين شعر بعمق كلمات ود وماتحمل في طياتها من حزن دفين،، فأعطى لها بعضاً من الوقت،، ثم مد اليها يده ببعضا من الطعام قائلاً:

 كل كائن حي في الدنيا من حقه انه يعيش ياود، ومن حقه يعيش بالطريقه اللي تعجبه وعلي مزاجه هو وبس،، لكن عشان يعيش ويدافع عن حقه لازم يكون قوي،، وعشان يكون قوي لازم يعتني بنفسه كويس،، قالها ومد لها يده اكثر بالطعام لكي تفهم مقصده،

ومن ثم مدت ود يدها فأخذت مابيده،، فإبتسم هو ورفع يده يعدل نظارته، ومن بعدها فتح حقيبته فأخرج منها المج الحرارى وهذه المره احضر كوبان بلاستيكيان للقهوة،، لانه وجدهم اخف واكثر عمليه،، فملأ الكوب الاول وقام بوضعه بجانبها،، ثم ملاً الآخر لنفسه،، واعاد المج الي حقيبته قبل ان يبدأ في طقسه المعتاد واحتفاله الصغير بقهوته،، فها هو يرفعها ويقربها من انفه فيغمض عينيه وهو يستنشق رآئحتها الجميله فتلين ملامحه فتتبعها ابتسامة هادئه،، ثم فتح عيناه لتزيد ابتسامته وهو يري ود ممسكة بكوب قهوتها وتفعل مثله تماماً.. 


فتحت ود عيناها بعد ذلك وسألته : بتحس بإيه لما بتشرب القهوة؟  انا حاسه انك بتحس بحاجه غير الناس، اصل انا مش بحس بحاجه غريبه وانا بشم ريحتها او بشربها؟ 


الطبيب حمزه : محدش بيحس بالحاجه غير لما يحبها،، عارفه انتي لو حبيتي القهوه هتحسي انها احلي حاجه فالوجود،، وهتحسي بأجمل إحساس وانتي بتشربيها،، اللي بيحب حد او حاجه بيكون مستعد يستغني بيها عن الدنيا كلها،، 

وانا بحب وعاشق للقهوة ومش هيفهم حبي ليها غير عاشق لها زيي،، القهوة دي لو هكلمك عنها هحتاج ايام عشان اوصفلك احساسي بيها وشعوري وانا بشربها او بشم ريحتها،، 

وانا افضل ان الوقت اللي هقضيه فإني اوصفلك القهوه واشرحلك حبي ليها،، نقضيه فحاجه تانيه افيد فى الوقت الحالي.. 

ايه رأيك مثلا نتكلم عنك انتي،، اديكي عرفتي عني اني بحب القهوة،، اظن من حقي اعرف انتي بقي بتحبي ايه؟ 


ود بحزن  : مش بحب حاجه. 

حمزه : دا احساس مؤقت بالكره والنفور من اي حاجه،، لكن خلينا نرجع قبل الايام دي كنتي بتحبي ايه؟ 

صمتت ود فهي لا تريد ان تتذكر ايا من الماضي او تذكره،، فهربت بعيناها بعيداً عنه وبدأت تأكل مابيدها من طعام الي ان انهته وصمت الطبيب حمزه ولم يشأ مقاطعتها  حتي وإن كانت تهرب من سؤاله،

 فقد رأي ان هروبها للطعام هو خير هروب.. ولكنه عاد اليها بالسؤال مرة اخري بعد ان انهت طعامها وبدأت تشرب بعده كوب قهوتها فقال لها سائلاً،، مستغلاً لتجاوبها معه اليوم،، فرحاً بنطق تمثالها  الصامت فاردف : 


طيب احكيلي ياود بعد مافتحتي شركة التصميمات ونجحتي ايه اللي حصل بينك وبين حسام بعدها؟ 


تحجرت ود تماماً فور سماعها للأسم، واشتعلت عيناها غضباً، وهبت واقفة وقد ضغطت من شدة الغضب علي الكوب الذي بيدها فحطمته، غير آبهة بسائل القهوة الساخن الذي سكب منها علي يدها، ثم رمت الكوب ارضا وانطلقت بكل سرعتها عبر الطرقات التي اجتازتها مع الطبيب حمزه للوصول الي الحديقه، واستمرت بالجري حتي وصلت لغرفتها فدخلتها سريعاً واغلقت الباب وتوجهت فوراً الي فراشها، فنامت عليه متقوقعة علي نفسها، 

ومالبث الطبيب حمزه حتي دلف الي الغرفة خلفها لاهثاً وهو ينادي بإسمها، وكم اشفق عليها وهو يري هذا الكم الهائل من الخوف الممزوج بالغضب الذي سيطر عليها ماان تفوه بإسم ذلك البغيض امامها كأنه ذكر لها إسم اسواء مخاوفها واخبرها انه قادم لينال منها. 

❈-❈-❈


جلس الطبيب حمزه بجوارها وأخذ يحدثها بألا تخف، وانه بجانبها ولن يتركها ولن يستطع احد ان يصل اليها وهي هنا ولا ان ياذيها،، 

وضل بجانبها حتي انتظمت انفاسها، فعلم انها هربت الي النوم من كل شيئ،، فغادر الغرفه وكله تصميم ان يعرف اليوم ماذا فعل بها ذلك الحسام لتص بها المواصيل الي هنا ؟ 

ولن يغمض له جفن اليوم الا وتكون لديه باقي الحكاية،

 فذهب الي مكتب مدير المشفي لكي يأخذ اجازة لباقي اليوم وسيتحدث الي السيده كريمه، او سيذهب اليها في منزلها وليحدث مايحدث،، 

وصل قبالة مكتب مديره وكاد ان يدخل اليه، لولا ان سمع صوت صديقه الطبيب عمرو ينادي عليه من آخر الطرقه، 

فنظر اليه حمزه وانتظره وهو يراه قادم نحوه،، وما إن وصل اليه عمروا حتي بدا يحدثه عن تطورات في حالة من الحالات القائم علي علاجها، 

واستشاره في تغيير خطة العلاج في الخطوة القادمة، 

وما انسب طريقة يستخدمها معها من الطرق المعتادة في هذه الحالة،، فارشده الطبيب حمزة الي انسب طريقة في الطرق المتعارف عليها مع بعض التعليمات بجانب ذلك، وماان انهي الحديث مع عمرو  حتي التف بجسدة ناحية باب مكتب المدير ومد يده للنقر عليه والاستئذان للدخول،

 ولكن قبل ان تصل يده للباب كان يفتح من تلقاء نفسه،، ليرفع الطبيب حمزه عيناه ليطالع من الذي قام بفتح الباب فشخص بصره وهو يري في مواجهته المدعوا حسام،، وماأن رآه حسام حتي توسعت عيناه هو الآخر من الصدمة..


بلع الطبيب حمزة ريقه من هول المفاجأه الغير متوقعه والتي جعلت حلقه جف من الخوف، ليس عليه انما على كريمه المسكينه ، ثم رفع يده ليعدل نظارته فأخفض عيناه متمنياً الا يتذكره حسام،


 ولكن هيهات،، فقد بدأ الآخر بتدييق عيناه رويداً رويداً وقد فهم الآن مايدور، وتأكد من شكوكه وشكوك والدته التي اخبرته بها،، وهاهو يتأكد ان كريمه بدأت اللعب من خلفه ولو لم تكشفها الصدفة امامه كان سيخسر كل مالديه الآن،، وما سعي كثيرا لنيله..


انتبه الطبيب حمزه ورفع عينيه حين شعر بحسام يربت علي كتفه ثم انتقل بيده فربت علي خده، وما كانت حركته هذه الا تهديداًمبطناً للطبيب حمزه، يخبره من خلالها انه فهم الآن كل شيئ.



نظر له الطبيب حمزه في عينيه مباشرة فلم يجد بهما سوي شراً وغضباً مطلق، حتي ظن ان الجحيم تجسد في مقلتيه،، فتنحي الطبيب حمزه عن موقعه امام الباب ليفسح له المجال للخروج وإنهاء هذه المواجهه..

فتحرك حسام علي الفور من امام الطبيب حمزه بعد ان حدجه بنظرات استغرب عليها الطبيب عمرو كثيراً وسأله متعجباً :

مين دا ياحمزه انت تعرفه؟

فأومأ له الطبيب حمزه ايجاباً وهو يتحرك من أمامه فوراً، فدلف الي مكتب المدير والقي عليه كلمات مختصره : 


دوك انا اوف باقي اليوم النهارده،، هذا كل ماقاله قبل ان يغادر المكتب مسرعاً دون انتظار رد المدير عليه،، ولكنه سمع صراخه اعتراضاً قبل ان ينهي الطرقه ويذهب الي غرفة ود خوفاً من ان يكون هذا البغيض قد ذهب اليها،، فهو رأي مافعل بها مجرد ذكر اسمه فما بالها برؤيته امامها؟


وصل اخيراً اليها ووقف يلتقط انفاسه وهو يري الغرفة لازالت مغلقة من الخارج،، ولكنه لم يطمئن كلياً حتي فتح الغرفه ووجدها خالية الا من ود التي مازالت نائمة مثل ملاكِ بريئ..


فأغلق الغرفة مرة اخري واخرج هاتفه وهاتف السيدة كريمه، وماأن ردت عليه حتي تحدث بسرعه وبدون مقدمات :

حسام النهاردة كان في المستشفي وشافني..

وهنا خرجت شهقة من كريمه وصلت الي مسامع الطبيب حمزه اكدت له ان الوضع ليس بالسهل ابداً..

حمزه :ست كريمه هتعملي ايه دلوقتي،، هو ممكن يأذيكي؟


كريمه : مش مهم يأذيني انا او ميأذنيش،، المهم دلوقتي ود، ود حسام مش هيسيبها فمكان فيه حد بيحاول يساعدها ابداً يادكتور

حسام يقدر يدخل ود اكبر مصحه فالبلد، لكنه حطها فمستشفي حكومي عشان عارف ان فيها اهمال والمريض فيها حالته بتتدهور اكتر مابتتحسن، حسام عايز ود دايما تكون تعبانه ومجنونه عشان ياخد كل حاجه بتاعتها لنفسه زي ماعامل دلوقتي..


سألها حمزة بقلق : طيب يعني تفتكري ممكن يعمل فيها ايه؟


كريمه : يجيبها ويحبسها تاني فالفيلا ويفضل يجنن فيها اكتر بمساعدة الدكتور اللي كان بيوديهاله،

وخصوصاً انه خلاص عمل اللي كان عايزه واكيد راح المستشفي النهارده عشان ياخد الشهادة بأن ود مريضه عقليه وبناء عليه ياخد كل حاجه بالقانون والحجه..


بلع الطبيب حمزه ريقه بقلق وعدل نظارته وهمس لها :

طب والحل ياست كريمه؟

كريمه : الحل فأيدك انت يادكتور.

حمزه : ازاي؟

كريمه : هربلي ود من المستشفي وانا عندي فلوس هاخدها واروح بيها مكان بعيد حسام ميعرفهوش لغاية ماتخف وتقدر تقف علي رجليها تاني.


حمزه بتفكير : ايوه ياست كريمه بس دا صعب جداً وفيه مخاطره؟

كريمه : بس فيه انقاذ لروح بريئه يبني ربنا لوحده العالم نهايتها هتكون امتا وازي بس كل اللي اقدر اقولهولك ان الاكيد انها على ايد حسام..


تنهد الطبيب حمزه واغلق معها الخط، وفتح الباب مرة اخري ونظر اليها متسائلاً،، هل ياتري تستحقين ايتها النائمة  ان يخاطر من اجلك حمزه بمستقبله؟


وهنا هاتفه قلبه وعقله سويا حين تململت ود في نومتها، فظهرت ملامحها الحزينه التي كانت مخبأة تحت خصلات الشعر المتمرده،، فكانت الإجابه من الاثنين معاً:


 نعم تستحق، فأغلق الباب عليها وهاتف كريمه مرة  اخري، وبمجرد سماع صوتها قال لها آمراً : حضري اي حاجه هتحتاجيها معاكي واخرجي من الفيلا فوراً قبل ماحسام يوصلك، واستنيني فالشارع اللي ورا الفيلا اللي علي شمال فيلتكم،

 نطقها ثم اغلق الخط وتحرك فوراً الي مستودع الادويه الخاص بالمشفي.. فتحدث مع عامل يعرفه جيدا وللطبيب حمزه افضالاً كثيرة عليه، 

وخبره بما ينوي علي فعله ووافق العامل علي ماطلبه منه الطبيب حمزه علي الفور حتي وإن كان غريباً.. ولم يكن هناك اي مانع من قبول بعضا من المال من الطبيب حمزه على هذا المعروف، فالمخاطره هي لرد الجميل اما التعب فله حساب آخر..

❈-❈-❈


فعاد الطبيب حمزه الي غرفة ود مرة اخري وقام بتخديرها، ثم انتظر دقائق الي ان دخل عليه العامل وهو يرتدي زي عمال النظافه، 

وفي يدة حاوية للقمامه وكانت ذات حجم كبير تتسع لشخص مثل ود ان يجلس بداخلها،، فقام العامل بحمل ود ووضعها بداخلها، 

ثم خرج بها من الغرفه بعد ان خرج الطبيب حمزه امامه مستكشفاً الطريق الي ان وصل العامل لباب المبني، ثم افترقا هو والطبيب فأخذ العامل طريقه للباب  الخلفي،، واخذ الطبيب حمزه طريقه للباب الامامي ليخرج امام الجميع وهو خالي اليدين،

 وتعمد ان يلقي التحية علي كل من في طريقة حتي خرج من البوابه الخارجيه، واستقل سيارته وانطلق بها مسرعاً الي الجهة الاخري من المشفى، فوقف بجوار العامل الذي تلفت يمينا ويساراً قبل ان يقترب منه بالحاويه،، 

ففتح الباب الخلفي للسياره وقام بوضع ود بها واغلق الباب واخذ الحاوية وتحرك مباشرة بعد ان تحرك الطبيب حمزه باقسي سرعته..


اخذ الطريق في وقت قياسي ومع ذلك كان حريصاً علي تجنب الوقوف او انه يهدئ السرعة حتي، كي لا ينظر احد داخل السياره ويري مابداخلها.

وها هو يصل الي الشارع الخلفي لفيلا حسام، وتبسم بإرتياح حين رأي السيدة كريمه واقفة تنتظره، 

وفور وقوفه بالسياره بجانبها بدأ في حثها علي الصعود سريعا،، 

فصعدت كريمه وشهقت بفرحه حين رات ود نائمة في المقعد الخلفي وأخذت تنادي باسمها، ومدت يدها للخلف تهز جسد ود  لكي توقظها، ولكن ود لم تستيقظ فنظرت اليه كريمه وسألته بقلق : هي ود مالها مبتصحاش ليه هي بخير؟ 

حمزه : اطمني هي بخير دا من اثر المخدر بس.. قالها وتحرك مسرعاً وماأن ابتعد المسافة الكافيه التي بعثت في قلبه الطمأنينه بأنهم اصبحوا بعيداً عن متناول يد حسام،، حتي ضحك بخفة وهو ينظر في المرآه علي من ظهرت بحياته ويبدوا انها ستقلبها رأساً علي عقب... 

فهمس لنفسه :

 ولكن لا يهم فهي بالفعل تستحق.. قالها وبدأ في التدبر الي أين يذهب بهم، فبيته بلا شك سيكون هو نقطة بداية بحث حسام عنهم،، فاختفت ابتسامته بعد ان ذهبت السكره وجائت الفكره وهو يمشي بسيارته في الطرقات لا يعلم اين يذهب..


استطاعت كريمه ان تفهم حيرته فهمست له مرشده.. اطلع بينا علي اسكندريه يبني.


فنظر لها حمزه وسألها مستغرباً : اشمعنا اسكندريه؟

كريمه : فيه شقه هناك بتاعتي.. 


لم يشأ الطبيب حمزه ان يدخل معها في تفاصيل او يسأل ماهي قصة الشقه، ولكن يبدوا انه اشتهر لديها بالفضول فجاوبته دون ان يسالها.. 

الشقه دي ود  كانت شارياها من ورا حسام ومن ورا الكل ومحدش يعرف عنها حاجه وكاتباها بأسمي،

 فرشتها وجهزتها من كل حاجه وقالتلي لو جرتلي حاجه تروحي هناك عشان انا عارفه انك ملكيش حد ومحدش هيستحملك،، وحطتلي كمان مبلغ كبير من الفلوس بإسمي فالبنك،، 

والكلام دا حصل قبل ماتحاول تنتحر فالمره الاولي،، كانت بتطمن عليا حبيبتي عشان ماحتاجش لحد بعدها،، فاكره اني لو جرتلها حاجه هعيش بعدها ولا هيهنالي عيشه..


نظر اليها الطبيب حمزه فى شفقة وقد رأي الدمع ترقرق في عينيها حناناً وخوفاً وهي تنظر لود في الخلف وهمس لها قائلاً:


متقلقيش ود هتكون بخير وتخف وتبقي زي الفل بأذن الله.

كريمه : يارب يابني يارب.. ثم اكملت بأمتنان بالغ، جميلك دا مش هنسهولك ابدا يادكتور حمزه،، ولا ود كمان هتنساهولك،ربنا يباركلك يابني ويجعله في ميزان حسناتك ياحبيبي..

تبسم لها الطبيب حمزه ولم يجبها ولكنه اتكأ لها علي عيناه، واخذ طريقه الي الاسكندريه.. وكان الصمت سيد الموقف الي مايقارب  الساعة، 

والطبيب حمزه ينظر بين الحين والحين الي السيدة كريمه التي اسندت رأسها الي المقعد واخذت تتأمل الطريق،، كأنها وجدت طاقة ود التي تدخل منها الي العالم الآخر مفتوحة بعد ان نسيتها،، فدخلت منها هي الاخري وها هي هنا بجسدها انما عقلها هناك..


فتركها حمزه على راحتها وتحمل الفضول الذي كاد يفتك به، فالطريق طويل، والفرصة لن تتكرر، ويبدوا ان انفاس كريمه منتظمة اليوم فهي لم تحتاج الي بخاخ الرزاز ولم تختنق منذ التقيا. 


ولكنه صمت على اية حاله.. ويال رحمة الله حين يلطف بعبادة،، فهاهي كريمه تتحدث من تلقاء نفسها وتكمل سرد القصة وماإن سمعها حمزه حتي كاد يصرخ فرحاً،، ولكنه تماسك وهمس لنفسه فقط مرحباً بعودتها قائلا: مرحىَ 


كريمه : احنا كنا وقفنا فين يابني؟  اه وقفنا عند لما حسام رجع لود وهو عامل نفسه ندمان وتايب وعرف قيمتها وخلاص كده هينسى اللي فات ويفتح صغحه جديده معاها وطالب فرصه بس يسبتلها فيها انه اتغير..

ولما ود واجهته باللي امه عملته فيها حلفلها انه مكنش يعرف ولا له علاقه بالموضوع دا، وان امه عملت كده من وراه وبان متأثر وزعلان من امه، وفضل يعتذرلها بالنيابه عنه وعنها كتير.. 


فضل فالبيت مبيخرجش منه ابداً، 

والفتره دي ود مكانش وراها سفر ولا شغل كتير، وكانت بتقضي اغلب وقتها فالبيت وحسام طول الوقت يتقربلها في كل ثانيه َكل مكان تقعد فيه دايما جمبها، ويضحك ويهزر،، 


وود مع الضغط والزن ومع شوية التغيير اللي شافتهم عليه دول وافقت تديله فرصه تانيه وتشوف اخرتها معاه..


وفعلا ادته فرصه تانيه برغم تحذيراتي المستمره ليها منه ونصيحتي ليها انها متعملش كده لكنها زي اي وحده لما بتسمع كلمتين حلوين بتنسى كل الزعل،، ورجعت تاني مع حسام زي الاول لدرجة اني شكيت ان سعاد ممكن تكون رجعت عملتلها عمل،، لكني لما رحت شوفتلها ريحتها عند الشيخ قال ان مفيش حاجه!


وبرغم خوفي ومخاوفي وعدم رضايا الا اني فعلا شفت ان حسام اتغير اوي،، دا حتي ابتدا يشتغل! 

فالاول اشتغل فشركه بمساعدة ود اللي اتوسطتله عند مرات صاحب الشركه اللي كانت زبونه عندها بتصمملها فساتينها،

 وبعد كده لما قالها انه مش مرتاح هناك ود نقلته معاها فشركتها ومسكته العلاقات العامه فالشركه وبقوا مع بعض دايما،


 وبصراحه ود ابتدت تحب حسام لما اتغير وحتي راحت لدكتور عشان تشوف موضوع الخلفه اللي اتاخر بقاله ٣ سنين وزيادة ده..

والمفاجأة بقي لما كشفت واتضح انها حبيبتي عندها مشكله في الرحم علاجها شبه مستحيل وهياخد وقت وعلاج طويل وياحصل حمل يامحصلش،


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة