-->

رواية جديدة العذاب رجل لإيمي عبده - الفصل 21

 

  قراءة رواية العذاب رجل كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية العذاب رجل

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة إيمي عبده


الفصل الواحد والعشرون




وصلت السيارتان إلى السوق الشعبي وترجل الجميع حيث إنتشر كل شريكين للتسوق بينما إتجه ليث ومعه فرح التى تدعو الله أن يمر الأمر بهدوء إلى محطة الوقود ولم ينطق بحرف طوال الطريق فأحست بإرتياح لأنه لم يتحدث بشيء بشأن آخر حديث لهما وحين وصلا وملأ السيارة بالوقود نظر اليها


-فطرتي؟


قضبت جبينها متعجبه وظلت صامته فأعاد السؤال حينها أجابته


- لأ


- وأكيد زمايلك كده


- مهي المشكله دى خلتنا منلحقش 


سألها بهدوء عن عددهم فصمتت للحظات تحسبهم ثم أجابته فتفاجأت به يبتاع وجبات أكثر من العدد بوجبه


- بس دول أكتر مننا


- هو أنا مليش نفس أفطر أنا كمان ولا إيه


- إنت؟


- آه ولا أنا مش قد مقامك العالي طبعا مش اوضتى بتفكرك بحمام الحريم


ثم تركها فاغره فاهها ثم إبتلعت ريقها بقلق لقد ظنته نسى ما قالته بالحفل 


 ❈-❈-❈


بينما كان هناك بائع مسكين يكاد يقبل يدى جاسر  توسلاً


- خدوا البطاطس كلها بس بلاش أذيه ربنا يرضى عنك دا أنا غلبان وبجري على عيالي


- إيه ده دا بينه مجنون


- استنى بس


إبتسمت شهد للبائع بود: فى ايه يا حاج؟


- انا بياع على باب الله يادوب بسترزق بأكل عيالى والله مابغلى عالخلق


- طب اهدى انت خايف من ايه؟


- ياباشوات انا غلبان


قضبت جبينها للحظه ثم سألته: لحظه لحظه انت فاكرنا مين؟


أشار نحو جاسر  برعب: هو مش البيه مباحث برضو


رفع حاجبه: افندم!


فحاولت شهد طمئنة الرجل: لأ إنت فاهم غلط هو بس اللى إبن ذوات وجه هنا بالغلط 


- يعنى مش هيحبسني؟


- لأ إحنا بس جايين نشترى خضار


- العربيه وصاحبها تحت أمركم 


بعد أن إشتريا ما يحتاجانه من هذا البائع سارا سويا للحظات ثم تنهد جاسر  بضيق: أنا مش إبن ذوات


- هاه


- أنا أهلى ناس بسيطه ولو مستوايا الإجتماعى دلوقتى مختلف فدا أنا عملته بشقايا وتعبى


- أنا مقصدتش حاجه


- أنا بس بوضحلك


عقبت بإنكسار: على إيه وأنا إيش أكون


إنفعل بحده: متقوليش كده تانى إنتى عندى كل حاجه


نظرت له بتفاجؤ فتنهد بغضب: للأسف لا الوقت ولا المكان مناسبين بس أعتقد إننا محتاجين نتكلم سوا ونعرف حاجات كتير عن بعض ونفهم بعض أكتر 


أشاحت عنه وجهها بخجل فلاحظت نظرات بعض الباعه وهمس بعض الزبائن وهم ينظرون إلى جاسر  بريبه فهيئته الفخمه لا تناسب المكان الذى إعتاد على البسطاء فنسيت خجلها ونظرت إليه قد تكون ثيابه السبب


-بقولك ايه


تعجب لتغيرها لكنه سايرها: خير


- ماتقلع 


إتسعت عيناه بلا إستيعاب: نعم!


-اقلع الجاكت ولا انت بردان 


إنها بلهاء متهوره حقا لا تضع حسبانا لكلماتها الهوجاء


- لأ بس اقلعه ليه


- كل ما هنروح لبياع هيفتكرك مباحث 


رفع حاجبه: عشان الجاكت؟!


-لأ مهو هتقلع الجرفته وتفك زرارين من ياقة القميص وتشمر كمك هتبقى شبه الناس


إعترض بتذمر: اومال أنا شبه إيه، القرود؟!


قضمت شفتها السفليه بحرج: مش قصدى أنا..


قاطعها بنفاذ صبر: خلاص خدي


أعطاها المعطف وتلاه رابطة عنقه ثم فتح زر قميصه وطوى كميه كاشفا عن ساعدين قويين فتمتمت شهد بخجل


- يالهوى دا البدله رحمه يخربيت جمال أمك


أمسك فمه عن الضحك بصعوبه وأوهمها بعدم سماعه: بتقولى حاجه؟


-لأ أبدا بيتهيالى كده بقيت شبهنا عادى


فعقب ساخراً: كده بقيت شبه البلطجيه


لم تعلق بشيء بل جالت بنظرها حولهما لتبحث عما سيشتريانه تالياً


 ❈-❈-❈


فى حين ذلك كانا ليث وفرح قد وصلا إلى السوق مجدداً وأوقف سيارته بجوار سيارة جاسر  


وقف ليث بجانب سيارته ينتظر ورغم تعجب فرح لكنها لم تسأله وحين عاد أول إثنين من زملائها أسرع يساعدهما بما كان يحملانه وادخله صندوق السياره وفتح باب السياره لهما واعطاهما وجبتهما وحين انهياها خرجا من السياره اخبرهما أن يخبرا الجميع بأن يأتوا لتناول الإفطار وتوالى زملائها تباعا ولم يتناول وجبته إلا حين تاكد أن الجميع تناول إفطار بمن فيهم جاسر  وفرح التى أعطاها وجبتها حين وصلا 


تعجبت حين طلب منها أن تحمل معه الخضار ولاحظت أنه لا يستخدم غير يد واحده كما لاحظت أنه ينفض يده الأخرى بحركه رتيبه بعد أن حمل بها حمل ثقيل فأدركت أنه كان يعنيها حرفيا بأن يده لم تعد ذات فائده لكنها لم تعقب وزاد تأكدها حين عبرت سريعاً الطريق ولم تنتبه للسيارة القادمه التى كادت أن تصدمها لولا يده التى إلتفت بسرعه حول خصرها وإنتشلها من أمام السياره ثم بدأ يعنفها بغضب على تهورها وعدم إنتباهها للطريق وهو ينفض يده بحده عل الألم يخف عنها ونظرا لحالته الغاضبه المتألمه فلا داعى للشجار معه لذا فضلت الصمت 


 ❈-❈-❈


توجهت شهد إلى بائع ما وحين سألته عن إحدى البضائع الغاليه لديه فنظر لها هازئاً من مظهرها البسيط


- وانتى هتقدرى على تمنه؟


- ليه هو تمنه كام؟


- دا أكل ذوات يا شحاته حتى الربع منه غالي


- وانت جايب الغالي يعمل ايه ف سوق الغلابه


- وانتى مالك روحى شوفيلك حاجه على أدك


ابتعدت عنه بضيق وهى تسبه: بياع رزل جتك البلا أهو عشان قلة ذوقك ده بتنش ومحدش معبرك


لم تكن تعلم أن جاسر  إنتهى من شراء ما كان يريده وتبعها وأحس بالغضب لأجلها وذهب إلى نفس البائع الذى حين لاحظ الثراء ينضخ منه بجله كثيراً وعامله كأمير لكن جاسر  تعالى عليه ونظر إلى بضاعته بسخريه يخبره أنها لا تليق به


- إزاى ياباشا دى طازه؟


- دى دبلانه وبايته ويمكن تكون حمضانه مش فاهم ليه المدام بتاعتى كانت عاوزه تشترى منك؟


- اكيد مجرباها وعارفه حلاوتها


- لا وانت الصادق أصلها طيبه وبتتخم ف الحاجه


صعق التاجر حين رأه ينادى شهد وحين أتت أشار إلى البضاعه بإزدراء


-دى متنفعش خالص كنتى هتدبسي ف الكميه دى كلها وترميها يلا يلا نشوف غيره السوق كبير 


تركا البائع وهو يحترق بندمه لأنه لم يعامل شهد جيداً كما أنه أدرك أنهما كان سيشتريان كميه كبيره وما أزعجه أكثر أنهما إشتريا الكثير من التاجر المقابل له الذى علم جاسر  منه أنه بالكاد يكفى قوت يومه رغم أن بضاعته ممتازه لكن التاجر المقابل له ينافسه بلا ضمير ويحاربه بلا هواده لذا أخذ رقم هاتفه ووعده بالإتصال به يومياً ليرى ما لديه من بضائع وسيرسل له من يشترى منه الكثير فقد وجد بضاعته رائعه وسعرها ممتاز


لقد نسى فى ظل تطورات حياته السريعه وإنشغاله بالإداره متعة التسوق 


لقد إنتهيا من المشتروات وحملاها سوياً أو لنقل أنه ترك لها الأشياء التى بلا وزن فلم يشترى الخضراوت المطلوبه فقط بل تبضع كثيرا لكل ما قد يلزمه سواء فى المطعم أو فى المنزل 


إستمتعا بالحديث سوياً أثناء السير: بس إنت ما شاء الله عليك بتعرف تنقى وتفاصل 


إبتسم بحنين: ماما كانت دايما اما تحب تغيظنى تقولى ياريتنى جبت بنت كانت نفعتنى كنت بقعد اكايدها واقولها واديكى جبتى شحط انبطى بقى وتجرى ورايا ونضحك بس الدنيا مليانه قلوب ضلمه كتير هه كان فى واحد سمعها منها قالها عندك حق البنت كانت هتساعدك ساعتها قررت اساعدها وافرسه واتعلمت كل شغل البيت حتى شرا الخضار وكل وصفات اكلها وورثت نفسها الحلو وخليتها متعملش أى مجهود


مما علمته عنه فهو وليث وأخاه الصغير تربوا ببيت جاسر  فسألته بفضول: وليث بيه كان فين؟


- كان بيساعد ف شغل البيت هو وعز وف شرا الخضار كان بيشيل وأنا انقى وافاصل وعز يدفع كنا مشغلينه حصاله كان مسالم وطيب آه لكن آمين جدا وفكرى بس تاخدى أمانه منه ياكلك مع إنها لو فلوسه مش هتفرق لو اتسرقت ولا ضاعت لكن فلوس غيره يحرق اللى يهوب ناحيتها المهم بقت ملكه مبتحطش ايدها ف حاجه وزادت وصحتها ردت بس الحقد ف قلبه خلاه هو ومراته يتريقوا علينا قال إيه لا بقينا محصلين بنات ولا ولاد ومراته تقولها عنده حق طبعا مهى وشها نور من الراحه وفكروا ماما هتهتم وتحرجنا لقيتلك ماما قالتلهم أحسن شيفات العالم رجاله ولا انتو غيرانين انهم مريحنى وبنتكم المقصعه متعرفش تسلق بيضه لا هتنفع ف بيت ولا غيط قالولها مهياش محتاجه دى غنيه حبوا يحرجوها ضحكت أوى وقالتلهم الغنى غنى النفس وبنتكم فقيره من جوه عيله مدلعه لا تنفع تشيل مسؤليه ولا تسوى بصله وسط البنات بلا هم ودلع مرق خلتهم غاروا ويومها حلفت لأكون شيف تتباهى بيه ويتمنوا أعبرهم وبقيت وهيا مش موجوده بس حاسه بيا وعارفه إنى وفيت بوعدي


- ربنا يرحمها


خيم صمت حزين لم يروق له فإبتسم بثقه: تعرفي إنها كانت هتحبك أوي


نسيت حزنها بلحظه وهللت بحماس: بجد؟


- أيوه بس ربنا بيقطع من هنا ويوصل من هنا


حقا تلك الفتاه بريئه ونقيه وتستحق قلبه 


وصلا إلى ليث ووضعا البضائع لكن فضول شهد لم يتوقف وعادت تسأله عما يقصد فتعجب ليث حينها أوضح له سريعاً عما كان حديثهما فأجاب ليث على تساؤلها 


-لقينا بديله فوريه ليها بس الحق يتقال بعد الأم مهما قابلتى وشوفتى ولقيتى حنيه الأم متتعوضش ودى كانت أمنا


عقبت فرح بهدوء: الله يرحمها


بينما لمع فضول شهد: ومين البديله


أجابها ليث: خالتى


تبدل وجه شهد المتحمس لآخر حزين : اللى بنتها بتيجى هنا


-اتفو على دى سيره بلا قرف إيش جاب لجاب أنا قصدى خالتى حرم عمو شريف


أمسك جاسر  فمه عن الضحك باللحظه الأخيره على هيئة ليث المتذمره كذلك فعلت فرح فى حين تهلل وجه شهد بمرح: وهيا سكره زيه كده؟


-ههههه دى عسل آه بالمناسبه هتتعلق لما تشوفك


نظر له جاسر  متفاجئاً: ليه يامؤذي؟


- عشان اما قفلت ف خلقتك مروحتلهاش كانت نستك همك بدل ما اعتكفت ف بيتك


- انت قولتلها؟


- بالصدفه وحياتك سمعتنى وأنا بحكى لأسعد وعنها وانفتحت فينا


- والكلام ده كان امتى؟


- امبارح وملحقتش اقولك


تدخلت شهد: وخالتك دى كانت فين لما اتبهدلت


لقد اخرجته من حديثه الى ذكرى مزعجه لكنه اجابها على كل حال: كانت مسافره مع جوزها وعيالهم ورجعوا قبل الوفاه بحوالى إسبوع ولما اتقفلت ف وشى روحت فجدتى اتصلت بيها وجم


- وجدتك كانت فين؟


- كانت موجوده بس بينها وبين بابا مفيش ود نهائى إزاى اهرب واروحلها وهيا مش طايقه سيرة اهلى وفكرانا زيهم


- اومال روحتلها ازاى؟


- كنت يائس ومش عارف حد روحت بعد ما اتقفلت ف وشى كل الببان ورغم انها قابلتنى قالبه خلقتها لكن قعدت وحكيتلها حكايتى وانا باصص ف الارض لحد ما أنا واقف قودامها افتكرت إنها هتطردنى لكن فجأتنى بحضن ودموع وعتاب إنى مهربتش منهم وروحتلها وحلفت لتطلعه على جتت أبويا وقررت تزور المرحومه بس ملحقتش


هما...


حمحمت فرح بصوت مسموع وحذرت شهد  بنظره من الإسترسال فى الأسئله فيبدو أن البقيه مؤلمه فصمتت شهد مرغمه


 ❈-❈-❈


لمعت عيناه بخبث: بقى كده القطه الصغيره طلعت عقربه قادره حلو حلو أوى دا أنا هبسطك عالآخر


أنهى المكالمه ووجهه تعلوه بسمه ماكره ولم تمر دقيقه حتى صدع صوت هاتفه مجدداً معلناً عن إتصال آخر لكنه تأفف حين رأى المتصل وأجاب بضيق


-أيوه يووووه طيب إنتو إيه مبتشبعوش مهيتى على قدى ويادوب مكفيانى وأنا سايبلكم المعاش كله إيه مش مكفيكم هتنهبوا


أنهى المكالمه بوجهٍ ساخط ولسان يتمتم بالسباب واللعنات ولم ينتبه لمن إستمع له 


-ياترى يا حسام بتفكر ف أنهى أذيه المره دي 

مالك


 ❈-❈-❈


بعد أن وصلت السيارتين إلى المطعم هرول الجميع لنقل المشتروات إلى الداخل بينما إنفرد أحمد بجاسر جانباً وأفضى له بما سمعه وما يظنه


- يعنى إيه الكلام ده؟


- أنا شاكك إن حسام مبيساعدش والدته واخواته وبينه كده بيخطط لكارثه 


أومأ جاسر بهدوء وظل صامتاً حتى سأله أحمد: ناوى على إيه؟


-هزورهم وهو هنا وأشوف إيه الحكايه؟


عاد أحمد إلى عمله فى حين وصل أسعد فسأله جاسر عن شريف فأجابه ساخراً 


- خرج يتفسح مع واحد صاحبه


- هو أبوك جاى يستعيد طفولته الضايعه دلوقتي؟!


- أنا عارف أنا عرفت باللى جرى وقولت أسيبه يصحى براحته كده كده مش هيعمل حاجه لقيته صحى لوحده وإتأيف قال إيه رايح رحله صيد مع أصحابه اللى فارسنى إنه معندوش صبر على أى حاجه هيصطاد إزاي؟!


- يمكن قرر يتعلم الصبر


- لا والله!


- المهم إنه هو بخير معاه تليفونه ولا سابه ف البيت 


- لأ خده أكيد وإلا ماما كانت هتطب عليهم بعد أقل من ساعه وتطبق ف زمارة رقبته 


- هو مين الكبير هما ولا إحنا انا حاسسهم بيستعيدوا صباهم وإحنا عجزنا


- لو سمعتك ماما هتاكلك وهيا من غير حاجه هتطق منك


- البركه فيك إنت وليث


- وأنا مالى كنت بنجم إيش عرفنى إنها بتتكلم مع صاحبتها وودنها معانا


- لأ إطمن أمك دى بتسيب ودنها ف كل حته بيتهيألى إنها لو حتى مش موجوده بتسمعنا


- الله يطمنك انا رايح أغسل معاهم الخضار بدل ما تسمعنى وأتعلق


أومأ ببسمه خفيفه ثم هاتف شريف وبعد التحيه والمزاح قص له ما قاله أحمد فغضب شريف كثيراً لكن جاسر إستطاع إمتصاص غضبه وأكد له إذا كانت تلك الظنون صحيحه لن يغفر لحسام هذه المره لكنه لن يطرده حتى يعلم من هى الفتاه التى أدخلها مكتبه لتلغى الطلبيه مدعيه أنها فرح وكيف فعل ذلك من الأساس


تنهد بضيق ألا يكفى ما يعانيه من إجهاد العمل وإزعاج الطامعين حتى يزيد فوقهما خطط الحاقدين 


بدى الحزن والغضب بصوت شريف من أجل عائلة حسام فسأله جاسر


- بقولك هو حسام ده اخواته سنهم أد إيه؟


- مش عارف بالظبط


- طب فيهم حد سنه مناسب للشغل هنا؟


- آه تقريبا أخته اللى وراه


- ودى عينة حسام ولا بنى آدمه؟


- دى بنت محترمه جدا الصراحه كلهم ممتازين مش عارف حسام ده طالع لمين أبوه كان نسمه وراجل عنده مباديء وشريف وعمره ما قبل على روحه قرش حرام


- حلو لو الموضوع كده هاتها تشتغل هنا


- اما اشوف الحكايه إيه الأول 


 ❈-❈-❈


الكل على قدم وساق لينهوا العمل سريعاً حتى يفتح المطعم ورغم هذا لم تصمت الثرثره لدقائق 


هتف أحد العاملين بمرح: ياجماعه بمناسبة الجمعه الحلوه دى أنا عازمكم آخر الشهر على فرحي


أمطره الجميع بالتهاني


- مبروووك يا عريس


- هنيالك ياعم


- عقبالنا


- دا أنا هصقفلك للصبح


تذمر بمزاح: هتصقفى بس طب ارقعى زغروطه حلوه تيحى بيها الفرح


-مكنش ينعز يا اخويا إنت عارف لو اعرف معزهاش عنك أنا زغاريطى صويت 


ثم غمزت تجاه فرح ففغر فاهه بذهول: بتهزرى؟!


-وحياتك انت


نظر إلى فرح بحذر: فرح مش هتنقطى اخوكى بزغروطه


-لأ 

وكزتها شهد حين لاحظت أنها أحرجته: بلا رخامه


فهتفت ببسمه مكتومه: أنا مش هنقطك إنت أنا هنقط العروسه


تهلل وجهه مجدداً: ايوه بقى


- عيب عليك دا إحنا عيش وملح


-  مردودالك يافيرو


ثم نظر إلى جاسر بتردد: احم ومستر جاسر هتجيي؟


-طبعا ودى عايزه سؤال


تذمر حسام بضيق: إيه ده وأنا وقعت من قعر القفه ولا إيه؟


-أنا عزمت الكل وانت من ضمن الموجودين عاوز تيجى اهلا وسهلا مش عايز تبقى وفرت


تدخل جاسر: مش هتعزم ليث أصله بقاله كتير مفرحش


أحست فرح بطعنه فى قلبها من تلك الكلمات لقد ظل يحيا مع والده وزوجته الحقيره رغم ما عاناه منه فنظرت نحوه بألم بينما إبتسم زميلها بحرج


-وهو ليث بيه هيرضى يحضر فرحي؟


قبل أن يجيبه أجاب حسام: لأ طبعا هتلاقيك هتعمله عالسطح


- لأ ف الشارع قودام بيتنا


- وعاوز ليث باشا يقعد ف الشارع 


حينها سأله ليث: بقولك يا....


أجابه ببسمه واسعه: حسام سعادتك


- مش انت العريس


- اسمى علي


- بقولك يا علي إنت هتزف ف إيه؟


اجاب حسام بسخريه: لازم توكتوك


لم يبالى به علي فالكل يعرف حسام وضغائنه: لأ ف عربيه هأجر واحده


- لأ سيبك من التأجير إيه رأيك ف العربيتين اللى روحنا بيهم السوق


- هاه!


- ايه مسمعتنيش؟


حمحم بحرج: سمعت بس أنا هأجر حاجه على أدى هو حضرتك بتأجر؟


ضحك بمرح: لأ بس إيه رأيك فيهم ينفعوا ف للزفه؟


-آه بس...


لم ينتظر إعتراضه: اختار اللى تعجبك فيها وأنا بنفسى هزوقهالك وأنا اللى هزفكم بيها والتانيه هتمشى وراها تركب أبوك وأمك وأبو وأم العروسه فيها عشان يعرفو إنك مش قليل وتتباهى قودامهم


-بجد والنبى؟!


صرخته المذهوله جعلتهم يضحكون بينهما كانت فرحته لا تسعها الدنيا فهو عامل بسيط هنا ولم يصدق أنهم حقا قد يهتمو بشأنه حتى أنه لم يقيم فرحه هنا خجلاً من أن يظنو أنه يستغل عمله كما أنه لا يستطيع دفع ربع تكاليف زفاف هنا حتى ولو مخفض 


هتف جاسر به: أنا قولت لكل واحد فيكم أول يوم شغل إننا عيله وف الفرح والزعل سوا بس عليك تجهز لنا عصايتين جامدين وتوصى الدي جي يشغل اغاني تنفع نحطب عليها


هلل ليث بمرح: اوبااااا ههههههه ياسلام بقى لو تجيبلنا حصانين يا جاسر دى بينها هتبقى ليله هنا ههههههههه


- هههههههه آه فاكر ياسلام كل ما الدنيا تخنقنى افتكر شكله أقعد اضحك


- اسكت دا هيفرقع إنى لسه شايل العصايا وكل ما اقوله مسيرى احطبلك بيها تانى بيبقى هيتجنن هههههه


تدخل أسعد: طب ما تعملوله الفرح هنا وتحطبوا ونجيب احصنه وتعيشوا حياتكم


-والله فكره اسمع يا علي احنا هنزفك وفرحك هنعملهولك هنا هديه اعتبرها دى نقطتى لفرحك


إتسعت عينا علي بذهول بينما ربت صالح على ظهره بمرح: هنيالك ياعم 


لكن وسط هذا المرح والفرح تدخل فضول شهد فسألة بلهفه: هو مين اللى حطبتوله؟


نهرها أحمد: ليه كده بس ياشيخه ما كنا حلوين وبنضحك


- ليه هو انا قولت ايه؟!


- انتى بتقولى انتى بتحدفى القنبله وتفرقع ف أى حد


قضبت جبينها بضيق لكن ليث تدخل: ياستى متزعليش دا كان فرح سعادة الباشا الكبير على الست نانى هانم 


نسيت ضيقها بلحظه وهتفت بفضول: نانى مين؟


اجابتها زيزي بضيق: مرات أبوه 


-آه الوليه الحيزبونه اللى شلفطتها ف مكتبك


إنفجر ضاحكاً فكاد قلب فرح أن يتوقف هذا الضاحك المرح الشهم يناقض ذاك الغاضب الوقح الذى كان عليه فما الذى حدث له


- اصل بسلامتها كانت عامله بارتى ولمه أصحابها تتمنظر عليهم فاكر ومع إنها مش أول جوازه وكلهم عينه تقرف بس دى بقى من الاول حبت تعمل فيها الست هانم وقال إيه بتهددنا منزعجهاش ولا نتهبل ونقولها ياطنط أو نتجنن بقى ونقولها ياماما على اساس اننا معتبرنها ست اصلا الظاهر فهمها ان اطفاله المساكين محتاجين أم ودى هاودته زى غيرها لكن أول ما كتبو الكتاب جرى حبت تحط النقط عالحروف عشان تبان قودامه حبوبه ومعانا امنا الغوله لكن نشنت غلط عنها واجرنا حصانين انا وجاسر وحييناله الفرح وبعد الرقص مسكت المكرفون وباركتلها وقولتلها متفرحيش أوى غيرك صدقته وافتكرت انها هتأبد هه بس على مين راحت وجه غيرها


- شوفتى يا فيرو أدينى مطلعتش لوحدى


ضحكت فرح حتى ترنحت وترنح قلبه لرؤية ضحكتها الصافيه التى لم يراها من قبل

تغلب عليه الفضول ليعلم ما المضحك هكذا: ليه، عملتى ايه؟!


اجابته فرح :أقولك أنا مرات ابوها أصلها وليه طماعه وكانت فاكره ان أبو شهد ياما هنا وياما هناك الناس عشان عنده شقه وبخيل جلده لكن الشقه أصلا وارثها عن أبوه والقرش مبيطلعش منه إلا بطلوع الروح وشهد شربت معاه المرار والصبر وياما جوعها ومرمطها وشهاها العيش الحاف وبقت تصعب على كل من كان وقال الفالحه افتكرت بضحكه وغمزه وشوية تقصيع هتمشيه على هواها وتلهف فلوسه هه قال طمعنجى بناله بيت فلسنجى سكنله فيه 


ضحك ليث لكنه كبح ضحكته سريعاً حين وكزه أسعد وأشار له بإتجاه جاسر الذى تجمد جسده وكف عن العمل وإكفهر وجهه وهو ينظر إلى شهد التى تكافح لمنع دموعها الحاره من الإنهمار بينما يأست هند وهى تحاول تنبيه فرح أنها تمادت ولم يكن يجب أن تفرط فى تفاصيل لا تهم أحد بينما إسترسلت فرح بغباء فى وصف حال حياة شهد المأساوى فقد وصل بها الأمر أحيانا للتسول وأحيانا اخرى للبحث بين صفائح القمامة لتجد قوتها 


خيم صمت مزعج حول فرح ولم تنتبه وهى تعمل وتتحدث أن الجميع ينظر إلى شهد بشفقه بينما يلعنون أباها وقد إسود وجه جاسر من الغضب لما رأته لقد ظن أنه عانى لعجزه عن مساعدة والدته فى مرضها لقلة ماله فما بال تلك البائسه التى غرقت فى الذل منذ صباها 


-وعروسة الغفله هاودته على كل حاجه لا مهر ولا شبكه ولا جهاز حتى فستان الفرح استلفته من واحده صاحبتها وهو متجوزها أساساً عشان تخدمه ببلاش وكل اللى تعرفهم جاملوها وجابولها عشا عرايس وأما إطمنت إنها بقت ملكة البيت بدأت يبان اصلها الواطى واما شهد خدتلها حتة لحمه زقتها وخدتها منها وكانت هتضربها لولا ما هربت منها بسرعه وعنها وقررت تنتقم راحت معبيه حجرها تراب ورمل وطوب من الشارع وطلعت اسحبت ودخلت خدت اللى تقدر تشيله ومتلهم باقى الاكل باللى ف حجرها وهربت وقعدت تاكل ومرات ابوها بتشد ف شعرها وتصوت من غيظها اصل اما لقت الاكل كده العريس قالها اهلك عالم معفنين ايه اللى جايبينه ده روحى اغسليه خلينا ناكل بقت تحلفله انه كان كويس وان شهد اللى عملت كده مصدقش عشان عارف انه مشهيها اللقمه هتروح تبهدل النعمه مش معقول وطبعا لما غسل الاكل بعد طبخه مبقاش لا طعم ولا منظر وحاجه تموع النفس والعروسه ملقتش رغيف حاف حتى واضطرت تاكل اللى موجود وهيا بتعيط هه تستاهل


صمتت وهى تتابع عملها لكن وأخيرا لاحظت الصمت المطبق فرفعت رأسها لتجد وجوه الجميع ساخطه وعيناهم مشفقه موجهه إلى شهد وليث يقضم شفاهه بغضب ويحرك رأسه لكلا الجانبين يعلمها بفداحة ما قالته 


لم تعد ش تحتمل فحملت ما أنهته من خضار مقطعه وتوجهت بها إلى حيث يجب أن تضعها لتهرب من شفقتهم المؤلمه ووضعت الخضار وظلت تمسح دموعها التى لم تتوقف بمئزرها وهى تنتحب فلم تكن نظراتهم ولا حديث فرح هو ما آلمها بل وجه جاسر الذى لم تستطع تفسير معالمه ونظرة عيناه المبهمه هل تقزز منها الآن لكن هو بالأساس لا يراها لكن على الأقل كان يحسن معاملتها أما الآن سينفرها 


كان جسدها ينتفض وهى تنتحب حتى تذكرت أنها عامله هنا يجب ان تعمل لتقتات خبزها فإستدارت لتفاجئ بذراعى جاسر تجذبانها إلى صدره ويضهما بقوه جعلتها تزداد بكاءاً


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة إيمي عبده، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة