-->

رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 18

 

قراءة رواية نزيلة المصحة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة رواية نزيلة المصحة

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الثامن عشر



وصل حسام اخيراً الي الفيلا، فوجد زوجته وابنه في استقباله ينتظراه بشوق بالغ، فلقد غاب عنهم طويلاً. 

اخذ ابنه من سمر زوجته وقام بإحتضانه وتقبيله عدة قبلات متتاليه،

 وحين انتهي من تقبيله انتبه الي زوجته فإبتسم لها جعلتها تبسمت هى الاخرى  بسعادة وهي تنظر اليه بمحبة فائضه 

 

فنظر اليها متمعناً، فلطالما رضت بالقليل منه واسعدها مايعطيه لها حسب رغبته ووفقاً لعازته هو، وكان يعنى بالنسبة لها الكثير والكثير. 


تحرك نحو الفيلا وكانت امه فى استقباله هي الأخرى  واقفة علي باب الفيلا مبتسمة له مرحبة بعودته كعادتها، 


فمال عليها فقبل جبينها ووجنتيها،


 وهي احتضنت رقبته بشوق وردت له قبلاته مضاعفه وهي تحمد الله علي سلامته. 


ودلف الجميع للداخل وجلس حسام قليلاً بينهم، يلاعب طفله الصغير ويستمتع بصوت قهقاته العاليه، 


ثم نهضت سعاد وقامت بتجهيز الغداء للجميع بمفردها لم تساعدها سمر سوى في وضعه على طاولة الطعام. 


 وذلك بطلب منها لأنها تجد كامل متعتها في أن تطعم احبائها بيديها ومن صنع يديها،

فقد اخذت عهداً علي نفسها ان تدلل وحيد قلبها حتي تغادر الروح الجسد، او حتي ذلك الوقت الذي تكون فيه لازالت قادرة علي ذلك.


 وبمجرد ان رأي حسام امه تدلف  الي المطبخ،


 ترك ابتعد عن ونهض سريعاً واخذ له حماماً دافئاً في دقائق معدودة، وخرج بعدها وهو يرتدي بنطالاً قطنياً مريحاً،


 ونصف جسدة العلوي عارٍ تماماً، ممسكاً بمنشفة صغيره ومنهمك في تجفيف شعره بها.


فتوقفت امه فور أن رأته هكذا وتسمرت في مكانها وهي تنظر الى جرحه وعلى الفور ترقرقت الدموع في مقلتيها.


وبمجرد ان كشف حسام وجهه المغطى بالمنشفه ورأي حالتها، قام بخفض المنشفة سريعاً كي يغطي هذا الاثر الذي يجعل والدته تشعر بالذنب والقشعريرة في كل مرة تراه فيها، وتعود بذاكرتها لذلك اليوم المقيت، فتتذكر ماحدث فيه وتبدأ في تأنيب نفسها علي غلطة وقعت فيها بجهل وتهور منذ سنوات عديدة،


 وبالرغم من انها انتهت الا انها لازالت تجلد نفسها عليها في كل يوم يمر.


نظر اليها حسام وتبسم في وجهها وهو يخبرها للمرة المليوه بعد المليار العاشر انه لابأس، 

وأن تنسي فلم يعد لما حدث اية اثر في نفسه، وكل الاثر الباقي له هي تلك الندبة،

 

ولكنها تعلم في قرارة نفسها انه يكذب، وإنه يتذكر كل شيئ كما تفعل هي تماماً، وان الندوب ابداً  لا تترك اثارها علي الجسد فقط، 

فتقدمت اليها سمر وقامت بأخذ الاطباق من يدها ووضعهم علي طاولة الطعام،

 ثم اسرعت لإحضار تيشرت لحسام كي يرتديه،

 فهي تعلم انه لا يستطيع المكوث امام والدته بدون ارتداء مايخفي ذلك الاثر، ولا تعلم لما نسي هذه المره،

 ولكنها من المرات المعدودة التي يحدث بها ذلك. 


فأخذ حسام التيشيرت من يدها بعد ان اعطى لها المنشفة في حركة تبادل سريعه، ودار بجسدة ليعطي جانبه الغير مصاب لوالدته،

 ولبس سريعاً وقام بالالتفاف مرة اخرى،


 وتقدم من والدته وقام بإمساك كلتا يديها بيديه الاتنتين، وسحبها رويداً رويداً الي الطاوله، فأجلسها وجلس بجوارها واردف لها في حنو بالغ:


مش هتنسى؟ 

فردت على سؤاله بسؤال:

انت نسيت؟ 


فإبتسم لها وهو يخبرها: منسيتش لكن الموضوع معادش يعنيني،ولا له نفس التأثير عليا زيك كده. 

فرفعت كلتا يديها امام ناظريه ليري اثار الحروق عليهم فإشتعلت عيناه غضباً، فتبسمت وهي تردف له:

بص في عنيا وقولي إن دا مش بيعنيك هو كمان، 

فأمسك كلتا يديها مرة اخرى وقام بطبع قبل حنونه فوق كل اثر فيهم، وهي اردفت:

مش بأيدنا ننسي اللي بيحصل لحبايبنا قدام عنينا ياحسام لأنه بيتوشم فقلوبنا وعنينا قبل مابيتطبع علي جسمهم، وخصوصاً لو اللي حصلهم كان بسببنا. 


وانت بسببي اتعرضت لظلم كبير اوي يابني،ولسه بتتعرضله لغاية دلوقتي، وكل دا ومش عايز قلبي يتوجع عليك! 


اردف حسام: هينتهي الظلم قريب اوي ياأمي اوعدك 

سعاد : اظن فات الأوان ياحسام، انا يابني من ساعة مااللي متتسماش هربت من المستشفي وانا بحط ايدي علي قلبي كل مابتخرج، وروحي بتروح مني معاك مبتردليش غير لما بشوفك قدام عيني سليم معافى.

بس دي غلطتك انت ياحسام مش غلطة. حد، ياماقولتلك مليون مره اخلص منها يابني،

 اتحرر من لعنتها، قولتلك ابعد، لكن انت اللي مكنتش بتسمع كلامي ابداً. 


فترك حسام يديها سانداً بكوعيه علي المنضدة امامه دافناً وجهه بينهم واردف بيأس بالغ:

مكنتش اقدر ياأمي، حاولت كتير وفكل مره فشلت، مكنتش بقدر ابعد عنها ابداً. 

❈-❈-❈



فاردفت امه وهي تنظر الي تلك الواقفة في المطبخ تغرف مزيداً من الطعام:


طول عمرك عامل زي الفراشه اللي بتنجذب للنور بتاع النار وبتروحلها، ومهما الناس حاولت تبعدها عن النار بترفض. 


وأكملت بإبتسامه وهي تري سمر آتية من بعيد تحمل بيديها طبقان من الطعام:


مع انه بيكون فيه طاقة نور قدامها اجمل واحن وارحم من النار لكن الفراشه مبتشوفهاش، ومبتروحش غير للى يأذيها. 


وهنا نظر حسام الي سمر وتنهد بقلة حيله، فهي بالفعل طاقة نور تتوهج في وسط ظلام حياته،

 ولكنه بالفعل كما تصفه امه قد اعتاد علي لهيب النار ولا يجد لذته سوى وهو يحترق بصهجها. 


انهي حسام طعامه وخرج الي الحديقه حيث احواض الورود التي زرعها بكلتا يديه حتي يزين لتلك الماكره الحديقه، 


علها تهوي الجلوس فيها معه قليلاً، 


فهو يعلم كم تحب  الورود، فإختار لها كافة الانواع التي تعشقها وزرعهم لها بكل حب، علها تقدر صنيعه هذا عند النظر اليهم والتمتع بألوانهم، وتشكره يوماً ما. 


واصبح يرعاهم يوماً بيوم الي أن اوشكت براعمهم ان تتفتح، وهاهى الزهور تولد من ارحام البراعم ولكن للأسف.. 


فلا وجود اليوم لمن زُرعوا لاجلها ولن تكون موجودة ابداً كي تراهم،


 وبدأ ينظر اليهم حسام بمرارة ويتلمسهم وهو يراها في كل زهرة منهم، وانحنى بجسده ليستنشق عبير احدي الزهور وهو يتجرع مع رائحتها خيبات اماله.

 

واعتدل علي صوت يحادثه بنبرة حنونه: 


مش عارفه ليه بحس الورود بيرقصوا لما بتكون فوسطهم، كأنهم عارفين انك صاحبهم وسبب وجودهم وبيستقبلوك بفرحة. 

قالتها ثم نظرت الي الاغصان التي تتمايل يميناً ويساراً مه نسمات الهواء وتبسمت، 


وهو نظر اليها والي ماتحمل بين يديها، وقد كانا كوبين من الشاي يصحبتهم صحن من الكعك المصنوع بيديها،


 والذي لم يتذوق حسام اطيب منه يوماً، وبرغم ذلك لم يبدي لها اية ردة فعل توحي لها بأنه  طيب المذاق،


 اويفصح لها قبل ذلك ابداً أن الكحك يروقه حتى. 


ولكن على الرغم من ذلك تظل تصنعه، ولا يهمها ان تسمع منه عبارات الشكر، فبالنسبة لها ان يتناول مما تصنع 


هو قمة الشكر والعرفان بالنسبة لها، وهو اكبر دليل علي انها حقاً ماهرة.

 

فهى تعلم جيداً ان حسام لا يعجبه اى شيئ. 

تقدم منها وأمسك بكوب من اكواب الشاى واخذ منه رشفة، ثم اعطاها ظهره وهو يتأمل في الحديقة مرة اخري دون ان يعقب علي كلامها. 


فدارت هي حوله لتكون في مواجهته ومدت يديها اليه بالكحك ، فالتقط واحده وبدأ في اكلها،

 واسندت بعدها الصينيه علي سور حوض الورود، 

وذهبت في اتجاه من برز تواً من باب الفيلا وهو يفرك في عينيه، بعد أن نعم بقيلولة صغيره علي الارض بجانب العابه في الوقت الذي كانوا يتناولون فيه طعام الغداء.


فحملته وتقدمت به نحو حسام الذي حمله منها بدوره وجلس علي السور واجلسه علي فخذه، واعطاه واحدة من الكحك مردفاً:


شوف ياقاسم الكحك جميل ازاي، يلا كل وقولها تسلم ايدك ياماما،

قالها حين شعر أن ابسط حقوقها عليه هى كلمة شكر علي الأقل، ومع ذلك لم يستطيع أن يتفوه بها صريحة مباشرة، فغلفها بغلاف شفاف كي تتمكن من ان تراها من خلفه، وإن لم تفعل فتلك مشكلتها لا مشكلته فقد فعل ماعليه. 


وهنا شعرت سمر بأن الارض دارت بها فجأة، والفراشات تجمعت من كل صوبِ وبدأت تحوم امام عينيها،

 وغاص قلبها في اعماق امعائها وهي لا تصدق ماسمعته تواً! 

واخذت تسأل نفسها:


معقول اللي سمعته دا حقيقى! هو حسام شكرني دلوقتي حالاً ولا انا بحلم؟ 

فجاوبت نفسها بنفسها:


ايوه شكرني، وقال كمان تسلم ايدك. حتي لو بطريقة غير مباشره، بس برضوا قالها. 



وتقدمت نحوهم وهي تشعر ان الدنيا كلها تقهقه فرحاً معها.

❈-❈-❈



اما حمزه فغادر المشفي مع عبد الله زوج اخته وبرفقة عمرو صديقه،

 ووصل الي شقته اخيراً، ودخلها.. 


وماإن جلس علي سريره بمساعدة الاثنان حتي صاح مستغيثاً  باخته: 

فنجان قهوة بسرعه ياأم علي، ولو عملتيه دوبل فكبايه او فمج اكون شاكر افضالك ياسماح ياختي. 


وجاءه صوت سماح مجيباً:

من عيوني ياحبيبي. 



 ومرت دقائق واذ بسماح تدلف الي الغرفه وفي يدها ثلاث اكواب من القهوة. 

وقامت بإعطائهم لزوجها عبد الله ليتولي هو مهمة توزيعهم، وخرجت مسرعة كي تكمل  ماتعدة من طعام. 


اما حمزه فأختطف كوبه من يد عبدالله وبدأ في مزاولة طقوسه المعتادة،


 وبدأ في تناولها وهو صامت تماماً.. 


وعم الصمت ارجاء الغرفه، واصبح لا يسمع فيها سوي اصوات الارتشافات، فالصمت فى حرم الجمال جمالاً. 


وهاهي اكواب القهوة شارفت علي الانتهاء، وكان حمزه اول من انهي كوبه، 


وقام بوضعه جانباً،ثم نظر الي الاوراق الموضوعه علي السرير بجانبه، 


والتي طوال رحلة عودته من المشفي ظل حاملاً لهم بين يديه بحرص بالغ،


 ثم تنهد واشاح بنظره بعيداً وقام برفع يده يعدل نظارته وهو يتسائل في قرارة نفسه:


ياتري ياحمزه لو اللي بيقوله حسام دا صحيح، ايه هيكون موقفك ورد فعلك؟ 


 ولو فعلاً كنت غلطت بتهريبك لود من المستشفي، ياتري وقتها هتقدر تصلح غلطتك ولا هيكون فات الأوان؟ 


انهي حديثه مع نفسه واذ بسماح تقف امام باب الغرفة المفتوح وتردف:



الاكل جاهز ياجماعه، يلا ياعبد الله، يلا ياعمرو، هتاكلوا علي السفره بره ولا اجيبلكم هنا؟ 


عبد الله : لا مادام حضرتي بره ناكل بره انا وعمرو متتعبيش نفسك وتنقلي حاجه، هاتي بس لحمزه اكله هنا في الأوضه. 


فرد حمزه عليه معارضاً:


 لأ انا مليش نفس مش هاكل دلوقتي، كلوا انتوا وبعد ماتاكلوا عمرو يروح على بيتهم، وانت ياعبدالله خليك مع عيالك شويه وسيبوني لوحدي عايز اعيد حساباتي واوزن اموري.


فرفع عمرو حاجبيه وهو يتلقي طرداً مقنعاً بطريقة مهذبه ولا يدري بماذا يرد عليه،

 هل يأخذ موقفاً ويخرج من هنا مستاءً؟ 

 ام يمررها له ويعتبرها احدي مزحاته. 


وبعد مباحثات بين كرامته ومعدته، اقترح عقله اقتراحاً يريح الطرفين، فعلي حسب نوع الطعام سيكون القرار. 


فجلي صوته وسأل سماح بهدوء: انتي طابخه ايه ياأم علي؟ 

فأجابته سماح:

فراخ وملوخيه خضره ومحشي ورق عنب ومكرونه بشاميل. 


وهنا سمع عمرو صوتاً مدوياً بداخله اهتزت له اركانه،

 وحينما تحقق منه وجد ان معدته قد القت بكرامته من فوق قمة جبل ايفرست،


 كي لا تعطي لها اي فرصه للجدال بعد أن سمعت اسماء اصناف الطعام المطهوا.


فخرج وراء عبدالله صاغراً لاوامر معدته،بعد أن رأي بنفسه لأي مدي تصل شراستها،ومالذي تستطيع سحقة في سبيل ان تنتصر في معركتها من أجل الطعام.


اما حمزه فأمسك بهاتفه، وقام بالاتصال بها وهو يبتلع الغصة التي رافقت حلقه من بداية حديث حسام، ومازالت الى الآن  باقية لا تزول. 


فردت عليه من أول رنة كأنها كانت تنتظر مهاتفتة لها،وجاءه صوتها متلهفاً خائفاً مرتعشاً:


حسام كان جنبك صح؟ حسام كان معاك مش كده، قولي عرف طريقنا؟ 


اتكلم يادكتور حمزه بالله عليك حسام قرب يوصلنا عشان يقتلنا؟ 


فأردف لها بنبرة هادئه: 


اهدي ياود حسام معرفش حاجه عنكم،ولا هيعرف، 

انا وعدتكم فمفيش داعي لكل الخوف دا، لأن حسام لايمكن هيعرف اي حاجه من خلالي. 

فتنفست ود الصعداء، وسمع حمزه صوت زفيرها الذي خرج بإرتياح شديد،

 ولكن سرعان ماتحول هذا الارتياح لقلق مرة اخري وهي تسأله:

طيب طمني عليك حسام شك فيك؟ طيب عملك حاجه اذاك؟ 

فرد عليها حمزه بنفس الثبات :

اظن اني بكلمك اهو ياود ومفياش حاجه، اطمني انا بخير. 


فردت عليه ود بصوت يرتجف : 

بس ليه انا مش حاسه انك بخير؟ طيب وليه حاسه ان تعبك وتعب صوتك كان بسبب حسام وكان هو اللى وراه، والأهم من دا كله... انا ليه حاسه انك متغير؟ 


فأجابها حمزه نافياً:

ابداً ياود انا مش متغير ولا حاجه


 وصدقيني حسام كان عندي بس ماعمليش اي حاجه، كان بيسألني عليكم وانا قولتله معرفش طريقكم وخلاص الموضوع انتهي.



فاردفت ود بنبرة اقرب الي البكاء: 


دكتور حمزه هو انت ليه بتكذب عليا، انا عارفه حسام كويس.

 حسام ميعرفش يسأل علي حاجه ويسيب المكان ويمشي من غير ما ياخد الرد اللي يرضيه،

وعمره ماهيسيبك سليم وهو شاكك مجرد شك انك تعرف طريقي، ولو معملش كده، اظن انك مش بتتكلم علي حسام جوزي،ولا هو اللي كان عندك، تبقي بتتكلم علي حد تاني. 


تنهد حمزه وهو يستمع اليها، 

فبالفعل حسام قد تعامل معه بمنتهي العنف فور أن رآه، 

ولا يعرف بما يفسر ذلك، أو لأي الاسباب يسنده، 

فهو بالطبع يتنافي كلياً مع الشخصيه التي كانت تجلس امامه وتحادثه منذ قليل! 


وإحقاقاً للحق إن قارن بين الفعل والحديث والاحداث التي رواها حسام.. 


فلا وجه للتشابه علي الاطلاق. 

وبالفعل هذه نقطة اثارت الريبه في نفس الطبيب حمزه، واصبح الشك الموجود منذ البدايه فى أن يكون مايقصه حسام لا يحمل شيئ من الصحه يكبر شيئاً فشيئاً.


فتنهد بحيره وسأل ود بنفس مقدار الشك الذي يحمله لحسام، ولما اخبره به من وقائع لا يعلم مدي صحتها من عدمه:


ود صحيح انتي مقولتيليش هو باباكي مات ازاي؟ 

وهنا سمع تهدج انفاسها، وباتت تتصاعد رويداً رويداً وتصبح اعلي فأعلي،


 وساد الصمت لثوانٍ قبل ان تخرج الكلمات متقطعة من فم ود بصوت يرجف:



ههو حسام قالك ايه بالظبط؟ قالك ايه يادكتور انطق، رد عليا.. 


وقبل أن يحاول تهدأتها سمع منها صرخة مدويه نفذت من طبلة أُذنه التي شك أن تكون خُرقت كلياً من شدة الصرخه،


 الي كيانه فأصابته بزلزال بمقدار مائة ريختر،

 جعل جسدة يهتز خوفاً عليها، وخاصة وهو يسمع صوت كريمه المستغيث بكل آية، وحديث، وولي من أولياء الله الصالحين،

 تدعوا به الله تضرعاً كي لا يصيب ابنتها مكروه، وهو يؤمن خلفها بهمس. 


وظل باقياً علي الهاتف يتابع مايحدث علي الجانب الآخر ولايوجد بيده مايفعله، 


ولكنه يؤمن بعد كل هذة الدعوات التي تدعوا بها كريمه بأن الله سيستجيب. 


 وها هي دعواتها وتأمينه يستجيب لهم الله فقد جاءة صوت ود يأن ، 

وهذا دليل علي انها بدأت بالفعل تستعيد وعيها، 


ثم بدأت تهزي بكلمات غير مفهومة! 


وسرعان ما تفسرت حروفها وهي تردف:

بابا انا مقتلتكش،

 بابا انا مليش ذنب هو السبب،

 بابا والله انا كنت بحبك جداً.

❈-❈-❈


وهنا اعتدل الطبيب حمزه في جلسته وهو يستمع بإنصات شديد،


 فهو تعلم جيداً بفضل مهنته  وخبراته فى الحياة ان كل الحكمه والحقائق الغير قابلة للجدال تؤخذ من افواه المجانين، او فاقد الوعي الذي يهذي بدون ادراك.


وها هو علي وشك الاستماع للحقيقة الكاملة. 

ولكن كل آماله تبخرت حين سمع صافرة انتهاء المكالمه التي تربطه بهم، 

وكان يشعر كأنه يجلس معهم في منتصف الغرفه. 


وهاهو عقله عاد يتأرجح من جديد بين كفتي ميزان،


 في احداهن تجلس ود بقصتها،

وفي الاخري يجلس حسام بقصته،


وبين التارة والاخرى ترتفع كفة وتنخفض الاخري،

 ولا يعلم حمزه اي الكفتين ستطب بالحقيقه وايهما ستطفوا للأعلى بخفة الكذب. 


ولا يملك الا ان يصبر علي هذا الحال الى أن يحدث ما يضع الامور في نصابها الصحيح.


 يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة