-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 29 - 5 - الثلاثاء 5/12/2023

  

قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل التاسع والعشرون

5


تم النشر يوم الثلاثاء

5/12/2023

❈-❈-❈

انشغلت خيريه مع أطفال بدر، فكلما جاءت فريده اليها زياره بهم بناء على طلبها، فهي تعلقت بهم بشده وأصبحت تتعامل معهم و كأنهم أحفادها بالفعل من ابنتها فريدة، وكلما علمت بالزياره تستيقظ منذ الصباح وتقوم بالترتيبات اللازمه من كافة الأشياء مثل الألعاب و الحلويات الصحية و المناسبه لأعمارهم، وخلال فترة قصيرة بدأت أصوات الضحك والسعادة تخرج من المنزل على عكس سابقة. 


تطلع عابد إلي الفتيات الصغار وابتسم رغم عنه بشرود، ثم نقل نظراته نحو ابنته الجالسه أمامه وتحدث قائلاً بهدوء 


= امك فرحانه بالبنات ومش مبطله كلام عليهم من ساعه ما جبتيهم تشوفهم، و هم شكلهم كمان متعلقين بيكي.. وجوزك كمان شكله محترم


ثم أخفض رأسه بإحباط ليعود بعدها قائلاً بحزن شديد


= كان نفسي اكون وكيلك فيه كتب كتابك بدل الغريب عشان يعرف انك ليكي ظهر، بدل ما انا عمال اعرف كل حاجه عنك بالصدفه كده 


رفعت فريدة أنظارها لتحدق في والدها الذي كان حزين ومنكسر وربما هذه ضريبة لما فعله بالسابق معها، تمسكت الصغيرة التي تحملها أكثر بها بذراعيها، وردت هي معترضه


= اكيد انا كمان كان نفسي كده.. انا كمان ما كنتش ضامنه جوزي من البدايه هيعاملني ازاي وانا ما ليش اهل؟ بس العيب عند حضرتك برضه! لما ما فكرتش قبل ما تطردني من البيت ده هل استقبال اللي بره هيكون كويس ولا وحش 


إبتلع ريقه بتوجس لكنه أردف بمقاومة كبيرة


= بس انت عارفة إني بخاف على مصلحتك و ممكن أكون فعلا زقيتك كذا مرة على حاجة معينة مش حباها لكن اكيد متاكده ان انا كانت نيتي حاجه واحده بس وهي انتٍ! 


ابتسمت ساخراً بقهر وهي تقول بصوت محتد


= مش كذا مرة؟ كانت كل مرة، كل قرار مصيري في حياتي مكنتش انا اللي باخده كان حضرتك، زمان كنت بقول معلش لسه شايفني عيله صغيره وبياخد القرارات عني وما كنتش برضى ازعلك لكن لما بتاخد قرارات تنهي حياتي ما قدرتش استحمل . 


استمر الصمت سائدًا بينهما لبرهة، حتى تحدث مبرر عله يكسب جولة معها ويرق قلبها نحوه


= بس أكيد كلها قرارات صح


لوت شفتيها بتهكم متجهمه الوجه وهي ترد بصوت باهت


= من وجهة نظرك انت بس من وجهة نظري انا ماكنتش صح! حتي أبسط الاشياء يعني مين قالك مثلا إني كنت عاوزة أبقى ممرضه؟ ولا أبقى مهمه أصلا.. ماكنتش أحلامي يا بابا كانت أحلامك انت.. ولو سألتك لما خلتني أتنازل عن حقي! لما خفت من الناس والفضايح اكثر من خوفك على بنتك ده برده كان قرار صح ؟؟. 


وأضافت عليه بصوتها بقسوة وقد تجمدت أنظارها المنكسرة عليه


= ولما خلتني أتجـوز عيل صايع انا اكبر منه من ناحيه السن و التعليم و المستوى ، عيشت في بيت واحد مع بني آدم بكره كل حاجة فيه وبكره وجوده في حياتي.. شوفت معاه ذل وإهـاىْـة وتقليل طول الوقت؟ اقول لك كمان على حاجه ومش مكسوفه وانا بقولها لك مش انت جوزتني عشان تدري على الفضيحه و مكنش دلوقتي مغتصبه اهو عمل نفس اللي عمله ده بعد الجواز تاني! هي دي بقى القرارات الصح اللي خدتها في حياتي .


جحظت عيناه بذهول، وهتف مصدوماً 


= بتقولي إيه ؟ طب ليه ماقولتليش؟


رمقته بنظرات معاتبة وهي ترد قائله بمرارة


= وهتفرق في ايه؟ ابويا وامي واهلي بنفسهم سلموني لواحد دبحني! اغتصب شرفي! بقيت بالنسبه له شايفني بيعه وشروه أهلها نفسهم باعوها لي عشان هم اللي خايفين منه مش العكس.. شافك وانت بتعاملني كدة يا بابا .. وصله أنك بتعاملني إني كائن ملوش لازمة ولا لي حق يعترض على حاجه، مليش رأي وممنوع أقول لأ .. حتى إهـاىْـتي يا بابا مكنش ينفع أعترض عليها.. بس انت اللي سلمتني لكدة يبقى هعترض على ايه؟ فكرت حتى تيجي تسألني بعد الجواز عايشه ازاي؟


تطلع فيها بأسي وكانت الصدمات تتولى فوق رأسه بلا رحمة، كم شعر بتلك اللحظه بالخزي والعار من نفسه وأنه ظلم أبنته بطريقه قاسيه و صعبه للغايه ومعها كل الحق لا تنسى ولا تسامحه، وأكملت قائلة بنشيج


= عشان انت متاكد بينك وبين نفسك انه اكيد مش هيعاملني كويس والموضوع ما توقفش عن اغتصابه ليا بس! بقي مد الايد عادي في حياتي، استحملت الضرب والاهانه عشان ما ينفعش اشتكي.. عشان اهلي اللي مفروض سندي في الحياه هم اللي سلموني لي وهو عارف كده كويس.. لحد ما في مره من المرات من كتر الضرب فيا بقيت عقيمه .


تنهد بثقل وخرج صوته المرتبك يجيبها بتلعثم 


= كل ده في قلبك وساكتة؟ انتٍ ازاي ماقولتليش كل ده لغاية دلوقتي؟!


أدمعت عينها بدموع ألم لكنها مسحتها سريعه 

وهمست له بآنة خافتة


= عشان ما كنتش هتعمل لي حاجه يا بابا عشان انت بتخاف من الفضيحه وكلام الناس اكثر من خوفك عليا، انا خفت حتى اتكلم تكسرني تاني وتقول لي عيشي زي اي واحده وده نصيبك واحنا مش هنعمل لك حاجه. انا حتى بعد ما جيتلك وانا مكسوره تاني منه فكرت ترجعني لي ورجعت تاني في دوامه الخوف اللي مش قادر تخلص منها .. انت مخوفني أتكلم .. مخوفني حتى أتنفس لا تقول لي عيب ما يصحش الناس تقول عليكي ايه .


شعر بوخزه حاده مؤلمه تعتصر قلبه، وتطلع فيها بنظرات مليئة بالندم و الغضب من حاله ثم تحدث بصوت شارد مرير 


= عارفه يا فريده بيقولوا عندنا في البلد أن الرجل مننا لو جاتله بنت بيبقى حزين عشان بيبقى عايز ولد يشيل اسمه، لكن انا من اللحظه اللي اتولدتي فيها انتٍ واختك ومن وانا بسجل كل واحده فيكم كنت هطير من الفرحه، وكنت طول الوقت بدعي ربنا يقدرني و اربيكم احسن تربيه واعلمكم أحسن علام و واقف جنبكم لغاية ما اسلمكم لراجل ابن حلال يصونكم واشيل عيالكم زي ما انا شلتكم كده 


صمتت لحظه ونظرت له بنظرات زائغة ثم أغمضت عينيها بقوه بحسرة، فمازال الأمر يثير أعصابها رغم إنهائها، لكن مجرد توهمها أمرًا كهذا أصابها بألم شديد صعب نسيانه! سمعت صوته يضيف بصوت مرهق


= بس بعد اللي عملته معاكي حاسس ان انا قصرت كتير، سامحيني يا بنتي سامحيني يا فريده عشان ما كنتش ليكي الاب اللي تتمنيه 

سامحيني عشان ما كنتش جنبك طول الوقت وجبتلك حقك من اي حد ضايقك ولا دسلك على طرف ولا آآ .. ولا اتعدى حدوده معاكي واخد شرفك


فتحت عينيها والتفتت ناحيته بوهن حينما رأت العبرات تخون والدها وتنساب برقة على وجنتيه، كم ألمها وضعه بشدة و وضعت يدها على صدغها تتحسسه بيأس لتجد نفسها تدمع هي أيضا، كفكفت دمعاتها سريعًا و ردت علیه بنبرة خالية


= بدر قال لي إني صعب تنسي بس مش صعب تسامحي بس للاسف لقيت الاتنين صعبين عليا وهو كان غلطان، بس انا رغم كل ده مسمحاك يا بابا، بس مش هقدر أنسى و ده حقي، عشان أنا مش بإيدي أنسى سنين وانا بعافر لوحدي عشان اجيب حقي و سنين ضاعوا من حياتي وأنا خايفة منكم ومش لاقيه حد الجاله ويوم ما لجأت ضيعتوا حقي ذيهم، أنا بنتك يا بابا وليك حق عليا، بس غصب عني هتفضل فاكر ذنبي ومش ناسيه زي ما انا مش ناسيه .


تطلع والدها على تلك الحالة الباهتة التي أصبحت فيها بسببه، ولام نفسه عشرات المرات لأنه لم يجلب حقها من البداية ولم يكن الأب المثالي لها الذي تتمناه! تمني لو أن يعيد الزمن للخلف قليلاً ولا اتخذ تلك القرارات التي مازالت تدفع ثمنها حتي اليوم، لكنه رسم إبتسامة خفيفة قائلاً برضا


= وانا راضي يا فريده بكده، عشان انا كمان مش عاوز انسى ذنبي ولا حقك عليا.. بس الحمد لله انك سامحتيني.. مش ناويه تيجي في حضني بقى زي زمان .


صمتت صمت طويل ولم تتحدث أبدا فيه، حتى هو أعتقد أنها سترفض لكنه تفاجأ بها تنهض ببطء لتضع الصغيرة جانبها ثم تقدمت نحوه باستجابة وسريعاً ما جذبها عابد إلي أحضانه باشتياق كبير، وأخيراً عفت عنه .

الصفحة التالية