رواية جديدة زوج مؤقت لهالة محمد الجمسي - الفصل 9 - 1 - الإثنين 4/12/2023
رواية رومانسية جديدة زوج مؤقت
من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية جديدة
زوج مؤقت
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل التاسع
1
تم النشر يوم الإثنين
4/12/2023
إن بعض مني قد انتهى بطريقة ما، أدرك هذا تماماً، ولم اعد اعرف هل انتهى الجزء الخطأ مني أو أنتهى الجزء الصواب في, ولكن ما أنا على يقين منه، أن ما تم وئده مني بكامل إرادتي قد أضاع الكثير مني الكثير والكثير ولم أعد اريد أن أستعيده لأني أعلم أن تلك الحياة لم تعد تستحق، فلقد رحل ما كان يجعلها قابلة للعيش
سليم )
أغلقت نهال باب غرفتها جيداً ثم قامت في عنف وعصبية وهي ترتعش من الإحراج وارتدت أثنين من البيچامات أحدهم فوق الأخرى وهي تلوم نفسها:
_ازاي أتهاون في حاجة زي دي، لازم اقدر أن هو في أي وقت بيدخل ويخرج من البيت
ثم قالت في صوت غاضب وهي تردد كلماته:
_ما هو المفروض بردوا اني راجع بيتي
عقدت شعرها دائرة متوسطة الحجم، ثم تحدثت إلى العصافير قائلة:
_حاسة اني ف نص هدومي فعلاً ازاي يشوفني بالمنظر دا
ثم نظرت إلى الفوطة المبللة الملقاة على الأرض وقالت:
_اوف بجد حاجة تكسف
لمست بيدها القفص الخاص بالعصافير وتابعت:
_إيڤا جابتكم هنا علشان تتعزلوا معاي عن الدنيا واللي فيها
حلق العصفور تاتو إلى أعلى مما جعل نهال تتفحص القفص جيداً وتذكرت أنها لم تضع لهم الماء، فقالت وهي تسحب باب الغلق إلى أعلى:
_ااعطش اكيد هيموتكم متأسفة يا تاتو متأسفة يا ماشا ثواني وهملى الميه
فتحت نهال الباب في سرعة واتجهت إلى المطبخ ملئت السقاية ثم عادت إلى الغرفة مسرعة وهي تحمد الله أن سليم في غرفته والباب مفتوح على مصراعيه ولكنه يعطيها ظهره، ما كادت تضع إناء الماء حتى شهقت وهي تلتفت في كل أنحاء الغرفة، القفص فارغ العصافير غير متواجدة في الغرفة، خرجت من غرفتها مسرعة، واتجهت إلى المطبخ لم يكن هناك أي أثر لهم والصالة كذلك والغرف الأخرى مغلقة لم يتبق سوى غرفته، غرفة سليم، تمتمت نهال في حيرة:
_يا ربي، هدخل ازاي؟ وهقول اي؟ جاية ادور على عصافيري بعد ما نسيت باب القفص مفتوح
كادت أن تبكي وهي تتخيل نظرته لها الآن، سوف تستحق لقب حمقاء وغبية إن نطق بها، الطفل الصغير لن يرتكب تلك الغلطة وسوف يكون أكثر وعي وتركيز منها، ماذا عساها تفعل الآن؟ الباب مفتوح الآن
هل تقتحم المكان؟ ولكن كيف؟ يجب أن تشرح له أسباب اقترابها من غرفته أجل هي حقيقة لقد أخبرها منذ اللحظة الأولى لها في المنزل
أن الغرفة تخصه هو، أنها إشارة واحدة من أجل احترام الخصوصية وحفظ الحد الفاصل بينهم، وإذا لم يكن العصافير قد فرت
إلى غرفته أين ذهبت؟
فكرت في يأس
ثم نظرت إلى المنزل المغلق عليهم، لا غرفة سليم فقط هي المفتوحة لم يتبق سوى غرفته، فكرت أن تقوم بالنداء عليه ولكنها تراجعت
ما حدث منذ قليل
يجعل الأمر مثل تحدي له في فقدان ربطة جأشه
الشاب لا يريد حتى الحديث لها،فكيف تقحمه في أمور عبثيه فعلتها بكل غباء؟ أخيراً اتخذت قرارها وجرت قدمها حتى تقف على باب الغرفة العصافير أحدهم اتخذ زوايا في اعلى الغرفة، في حين اتخذ الآخر ركن الغرفة الشمالي المظلم، كيف لم ينتبه لهم؟ سألت ذاتها هذا السؤال في السر ووجدت الإجابة وهي تشاهد اللوحة التي يرسمها سليم، كان غارق في رسمها، يبدو أنه لا يشعر بما يحيط به، ورغم كآبة اللوحة الإ أن الجمال كان ينطق من كل زواياها،
كانت اللوحة عبارة عن
أسد يقف في شموخ على صخرة مرتفعه عن الأرض، والسماء الزرقاء
تتخللها سحب قاتمة
تحتل اللوحة، وغراب أسود ذو ريشات لامعه
يقف الغراب أسفل الأسد
ينتزع الغراب قلب
الأسد يبدو ثابت رافع الرأس في شموخ وصلابة وكبرياء
وكأنه من أعطي الأمر إلى الغراب أن ينهي حياته، عين الأسد بها بريق صلد
مزيج من تحدي وشجاعة
يوحي بقوة الأسد، نظرة تعبر عن أشياء عديدة، تلمس بها نبض حيوي ناطق، توحي إلى من ينظر لها
أن الأسد حقيقي وليس مجرد رسم عادياً
نهال لا إرادياً تسمرت قدماها أمام اللوحة، لم تعد تذكر ما هو السبب الذي دفعها إلى المجيء إلى هنا، ولم تعد تهتم
كيف سوف تخبره عن أي شيء، لقد كانت نظرة الأسد وهو يعطي كل جوارحه إلى الموت هو ما لمس قلبها بقوة، الغراب هنا يمثل الموت والنهاية، اللوحة بها من الألم والأسى والحديث الكتوم الملئ بالأوجاع
ما استطاعت نهال أن تترجمه وكأنه يعبر عن حالها وما مرت به بصورة ما، هي لا تعلم كم من الوقت مر؟ وهي تقف هناك تتأمل اللوحة، فقط طيران العصفور فجأة من الزوايا المظلمة وتحركه عدة مرات في الغرفة جعل سليم يرفع رأسه عن اللوحة وقد كانت لحظة إدراك منها أن تستعيد تركيزها وتبتعد كلياً عن جو اللوحة وقالت وهي تشير إلى العصفور:
_هرب من القفص
أدار سليم نظرة لها وتفاجيء كلياً بوجودها وقال في لهجة غضب:
_اي دا؟
قالت في لهجة توضيحيه تحاول أن تبرر له:
_تاتو
ثم أشارت إلى العصفور المغلق في زوايا السقف وقالت :
_و ماشا كمان طارت
قال وهو ينظر في ضجر إلى العصافير:
_مبحبش الفوضى
اتجه في خطوات ثابتة نحو النافذة وهو يقول في صرامة:
_يطيروا برا أحسن
صرخت نهال وهي تلاحق خطواته:
_لا، لا كدا هيضيعوا مني، متفتحش الشباك
توقف أمام النافذة ثم نظر لها وقال في صوت منخفض بعض الشيء:
_خليهم ياخدوا حريتهم، العصافير مكانها الطبيعة مش اقفاص
قالت في لهجة حزم:
_مستحيل دي عصافيري، مستحيل اتخلى عنهم
قال في لهجة تهديد واضحة:
_واللوحات دي مستحيل أقبل بتلفها أو تعرضها لأى اذي مفهوم
هزت كتفيها في عدم فهم وقالت:
_يعني اي؟
صرخ في عنف:
_الفوضى مبحبش الفوضى ولا الحركة الزايدة مش عايز هنا غير هدوء العصافير دي تتحط في قفصها ومش عايز اشوفهم هنا تاني
قالت في لهجة تأييد:
_طيب أديني فرصة أمسكهم، ومش هتشوفهم تاني هنا ثواني بس
نظر لها في شك ثم أشار إلى أعلى قائلاً:
_دا كمان طلع فوق
ثم نظر إلى اللوحة وقال وهو يزيح ريشة بنفاذ صبر تحمل لون بني عنها:
_مبحبش التخريب، ومهمة التخريب اللي جم علشانها بدأت
قالت نهال وهي تشعر بالخجل والخزي من ذاتها:
_هحاول اجيبهم
ولكنه قال في لهجة حاسمة:
_قبل ما تحاولي معاهم، لازم أحافظ على اللوحات، الموضوع مش هيكون سهل زي ما أنت متخيلة
قالت في لهجة تأييد:
_ثواني هجيب مفارش تغطي اللوح، ونخرج اللوحة الأخيرة دي برا
لأن الألوان لسه مش نشفت فيها
قبل بما قالت مرغماً وإن كان داخله يغلي من حالة الارتباك والصخب التي حدثت ونهال في قرارة ذاتها كانت تعلم هذا جيداً كانت تعلم أن الشاب ينظر لها نظرة وسخط تذمر بل نظرة غضب
ولا ريب أنه قد ندم
على قرار زواجه منها