-->

رواية جديدة تمر د عا شق الجزء الثالث (عشق لاذع) لسيلا وليد - الفصل 8 - 5 - الأحد 28/1/2024

   

قراءة رواية تمرد عا شق

الجزء الثالث (عشق لاذع) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية تمر د عا شق 

الجزء الثالث

(عشق لاذع)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد 


الفصل الثامن

5

تم النشر الأحد

28/1/2024

بالمشفى 

توقف جواد ينظر لنهى 

-يعني ايه جنى مش موجودة، أنتِ مكنتيش مباتة معاها، ارتبكت بحديثها وتهرب بنظراته منه ..اتجهت لغزل لتنقذها 

-انا معرفش ياجواد كنت مبيتة مع صهيب، أصله كان تعبان وفكرت عز هيجي يبات معاها

تحرك جواد إلى كاميرات المشفى 

-دلوقتي هعرف ازاي خرجت يانهى..هوت على المقعد تضع كفيها على صدرها، تتنفس بهدوء

دققت غزل بملامحها 

-نهى..رفعت نظرها إليها

-بقولك ايه ياغزل من الاخر كدا جاسر جه واخدها، انا خيبة ومبعرفش اكدب 

شهقت غزل تضع كفيها على فمها 

-يانهار مش فايت عليك ياجاسر، جلست بجوارها وكأن الأرض سحبت من تحت أقدامها 

-يالهوي على اللي جواد هيعمله..اتجهت إلى نهى وانسابت عبراتها

-جواد مش هيسكت ازاي تخليه يخدها يانهى، الحريقة هتقوم في البيت 

أطبقت نهى على جفنيها 

-كنت عايزاني اعمل ايه ياغزل، وانا شايفة بنتي مش على لسانها غيره، والدكتور اللي طلب من صهيب كدا، قاله قربها منه علشان تحس بالأمان 

-صهيب..همست بها غزل، ثم وضعت كفيها على رأسها 

-ليه كدا ياصهيب ..الدنيا هتولع بين عز وجاسر، اعمل ايه ياربي وأروح فين 

قالتها بقلبا ينتفض ..نهضت وظلت تدور حول نفسها 

-جواد حازم، عز ، جاسر، ياربي دا كدا العيلة مش هيقوملها قومة

-غزل اسكتي بقى، جاسر كتب على البنت، يعني هي مع جوزها، ليه عز وجواد يضايقو، أن كان على عز مش هيهون عليه جاسر وجنى 

اهة طويلة خرجت من غزل 

-شكلك مش عارفة ابنك يانهى، دا هيولع الدنيا، ولا جواد اللي جه لخاله امبارح وقاله دلوقتي أنا أولى بجنى من الغريب..ضربت كفيها ببعضهما 

-ياربي ..جواد يوقف مع مين ضد مين، انا عارفة ابني الوحيد اللي هيضيع بينهم 

وصل عز وخطوايه تأكل الأرض ..وزع نظراته بينهما 

-ايه اللي سمعته دا ياماما، ازاي جنى تخرج من المستشفى وهي عايشة على المهدئات .ازاي قالها صارخا..اتجه لغزل متسائلا

-فين جاسر ياطنط غزل، بقاله يومين مختفي، والنهاردة اختي تختفي 

امسكته من كتفه 

-ممكن تهدى ياحبيبي علشان نعرف نفكر، ماما لسة بتقول أن جاسر..قاطعتها نهى قائلة 

-عز ..أهدى واسمعني ، اختك تعبانة وكان لازم من حد تثق فيه 

-نعم ..حد تثق فيه، اوعي تقولي الحد دا جاسر، ركل المقعد بقدمه وعيناه يتطاير منها الشرر وظل يلكم الجدار خلفه

-ازاي جالك قلب تخليه ياخدها ياماما، هانت عليكي جنى، هانت عليكي تكون بعيدة ومتطمنيش عليها..اقترب من والدته وصدره كاللهيب 

-ازاي قدرتي تبعتي راجل غريب مع بنتك ياحضرة المهندس، فين قيمك واخلاقك

صفعة قوية على وجهه

-شكلك عايز تتربى، جنى خرجت من هنا مع جوزها،وبأمرمن والدك 

❈-❈-❈

صدمة ذهول وكأن أحدهم طعنه بخنجر بصدره، وضع كفيه على وجنتيه 

-بعتي بنتك لحضرة الظابط ويبيع ويشتري فيها، ومراته تذل فيها 

-كفاية بقى اخرص، مش عايزة اسمع صوتك، ابوك لسة عايش ياباشمهندس 

وامشي من هنا..استدار متحركا للخارج وكأن هناك من يطارده 


عند فيروز 

جلست بالشرفة حزينة تمسك هاتفها تنظر لصورهما، وعيناها كزخات المطر، أطبقت على جفنيها وهي تعاود الاتصال مرارا وتكرارا ولكن هذا الهاتف مغلق، اتجهت إلى ربى وهاتفتها 

-ألو..قالتها بقلبا يأن ألما 

-اهلا يافيروز..عاملة ايه

روبي عايزة اكلم جاسر لو سمحتي مش عارفة أوصله 

تنهدت بحزن واتجهت إلى شرفتها تنظر لتلك الحديقة فأجابتها 

-جاسر مش في مصر يافيروز، لما يرجع هخليه يكلمك..

شهقة خرجت من فمها 

-وحياة جاسر عندك متنسيش ..اومأت ربى قائلة

-حاضر يافيروز.

عند جاسر 

هرول إلى سيارته بعد ما انتهى من عمله، يشير لذاك الرجل..خده ارميه في أي مذبلة

-انت فعلا قطعت لسانه ياباشا..ارتدى نظارته الشمسية وأردف 

-ولو اطول اقطع جسمه كله هقطعه..بس ياباشا متنساش أنه ابن راجل معروف في البلد 

رمقه شزرا وأشار بسبباته 

-ومتنساش أنه قرب من حاجة تخص جاسر الألفي، واهو أخد جزاته

قالها واستقل سيارته، يود لو أنه طائر وله أجنحة حتى يصل إليها 

عند جنى..جلست على الفراش تنظر حولها بخوف..اتجهت تكتشف المكان، تذكرت حديثه، قطبت حاجبيها فهي في حالة لعقلها يترجم كلماته..استمعت صوت بالخارج..أسرعت إلى المطبخ بعدما تأكدت أن ذاك المكان ماهو إلا منزل عمها بالفيوم..أمسكت السكين، وتوقفت بجسد مرتعش، دلفت أحد العاملات

صرخت بعدما وجدتها تقف بالسكين 

-انسة جنى ...انا منى، ممرضة جاية علشان علاجك ..جاية عن طريق حضرة الظابط جاسر الألفي

-امشي اطلعي برة..قالتها جنى بصراخ..فلوحت بكفيها 

-حاضر هخرج، حضرة الظابط جاي في الطريق

-بررررة ..صرخت بها وجسدها يرتجف..احتضنت نفسها تنظر حولها كالمجنون كأن جدران المكان عدوا لها..استمعت إلى مفاتيح باب المنزل ...تراجعت للخلف وهي تشير بالسكين..ظهر عاشق القلب أمامها 

-وضعت السكين على عنقها عندما توششت الرؤية أمامها 

-لو قربت مني هدبح نفسي..بعينين متسعتين وجسده ينتفض، شعر بإنسحاب أنفاسه وحاول التحدث، ولكن كيف وهو يشعر وكأن الحروف هربت من مخارجه، على ذاك المنظر الذي يشاهده، ابتلع ريقه بصعوبة، وهو يحاول الحديث مبتلعا غصته المؤلمة 

-جنى حبيبتي أنا جاسر، سيبي السكين ياقلبي، ياله ياجنجون...تحركت للخلف وكأن صوته تستمع إليه في الأفق البعيد لم يكن واضحا اليها، وعيناها الزائغة بكافة الاتجاهات من يراها سيزعم جنونها 

-جنجون حبيبي انا هنا محدش هيقربلك .. ياله حبيبتي ابعدي السكينة عن رقبتك..تراجعت تشير إليه 

-ابعد هدبح نفسي، ابعد قالتها صارخة حتى ردد صوتها بأذنه كعويل إعصار جامح ..ظلت تتراجع، وقلبه ينتفض بقوة، حتى شعر بتحطم عظامه من شدة خفقانه 

ترنح جسدها فسقطت مرتدة بالمقعد..وصل إليها بخطوة واحدة، وجذبها بأحضانه الان لا يحتاج سوى لعناق يطمئن روحه أنها بخير بين ذراعيه 

حاولت الفكاك من قبضته ولكنه كان الأكثر تحكمت..

-اشش، اهدي ياقلبي انتِ جوا حضني ياقلبي مستحيل حد يقرب منك ..ارتجف جسدها وبكت بشهقات تحاوط خصره، تضع رأسها بأحضانه...صمتا أحاط المكان سوى من أنفاس جاسر المرتفعة، وشهقات بكائها..انحنى وحملها متجها بها للأعلى 

-تعالي ارتاحي فوق ياقلبي..ضمها وصعد بها للأعلى، شعر بإرتعاش جسدها بين ذراعيه

صاح على الممرضة 

-انا مش قولتلك عينك متغبش عنها

-والله يافندم روحت اجبلها لبن زي ما حضرتك قولت رجعت لقيتها كدا 

احتدت نظراته وأشار 

-تعالي شوفي هتاخد ايه دلوقتي..تحركت متجهة إليه 

كانت جنى تجلس ونظراتها شاردة فلقد تبدل حالها ..مسد على خصلاتها يحاوطها بذراعه فالألم يضاهي آلام العالم حينما وجدها تحاول ذبح نفسها

حقنتها الممرضة ببعض الأبر..وأردفت 

-زي ماالدكتور قال لحضرتك امبارح، العلاج الجديد بس هتمشي عليه

اومأ برأسه وأشار على الباب لخروجها 

تحركت مغلقة الباب خلفها 

تمددت تضع رأسها على ساقيه..استغرب فعلتها، ورغم ذلك شعر بالسعادة 

ظل يمسد على خصلاتها بحنو دون حديث 

احتضنت كفيه وتخلل أنامله بأناملها كالطفلة التي تحتمي بوالدها وهمست له 

-أنا بقيت مجنونة صح..علشان كدا جبتني هنا 

صفعة قوية بقلبه من حديثها وشعور قاسي افترس قلبه دون رحمة مما جعل دموعه تنساب بصمت 

نزل بجسده ورفعها على ذراعه حتى أصبحت بمقابلة وجهه 

-مين قالك كدا ياحبيبتي، عايزة توجعي قلبي ياجنى، متعرفيش قلبي دلوقتي بينبض لما تكوني كويسة

قالها وهو يوزع نظراته على وجهها كفنان 

-انت ازاي جبتني هنا، وفين بابا وماما وعز..وازي نايم جنبي كدا، أنا مش قادرة ابعد ياجاسر فلو سمحت ابعد انت 

دنى أكثر حتى تلاحم بجسدها ولف ذراعيه حولها بتمكن 

-بعدت مافيه الكفاية ياحبيبة جاسر، بعدت لحد ماغرقت ومعرفتش اقاوم الموج..فوقي بس علشان نتعاتب يابنت عمي 

-همست باسمه 

-جاسر...انت بتقول ايه مش فاهمة، حاسة جسمي متخدر ومش قادرة احركه 

دنى من أنفاسها وداعب أنفها يحتضن وجهها 

-وأنا مش عايزك تبعدي ياجنى، عايزك زي كدا مفيش حاجة تفرقنا

أغمضت عيناها عندما شعرت بتخدر بسبب الأبر بجسدها بالكامل ..فهمست له 

-بقيت غريب أوي يابن عمي ..لمعت عيناه عندما رفعت كفيها بهدوء تضعها على وجنتيه كالمغيبة وتمتمت 

-بس بحبك يابن عمي ..قالتها مغلقة جفنيها بين النوم واليقظة..لمس كرزيتها بخاصته، ففتحت عيناها بتشوش 

-بتعمل ايه يامجنون..همس أمام كرزيتها 

-جنجون حبيبي أنتِ دلوقتي مراتي، ضغط على خصرها يقربها أكتر قائلا من بين نبضاته المتسارعة 

-يعني جنى جاسر الألفي حبيبي..أطبقت جفنيها وابتسامة شقت ثغرها 

-ابن عمي المجنون قالتها ثم ذهبت بسبات عميق 

رفع رأسها يطالعها مبتسما 

-مجنون بحبك يامهلكة  قلبي ..بعشقك بجنون مهلكتي 

وضع رأسه بحناياها ويسحب عبيرها وكأن هذه جرعته قبل النوم 

استيقظت بعد فترة، وجدت نفسها مكبلة بذراعيه هبت فزعة تصرخ 

نهض وحاول ضمها

-اهدي حبيبتي أنا جاسر..ابتعدت لأخر الفراش 

-بتعمل ايه هنا، وازاي تنام في حضنك كدا، انت اتجننت 

أشار بكفيه بهدوء 

-جنى اهدي ..انت دولوقتي مراتي ، حبيبتي انا كتبت كتابي عليكي 

نهضت تصرخ به 

-كذاب ..انت كذاب ياجاسر، ازاي اتجوزتني ، من غير ماأعرف، لا وكمان انت متجوز، خاين ، انت خاين 

-ماشي ياجنى انا خاين، انا اللي خونت ولعبت عليك وروحت قولتلك بحب واحد تاني..نهض متجها إليها 

امسكها من كتفيها يهزها بعنف 

-ازاي قدرتي تضحكي عليا، ازاي قولتي بتحبي جواد وفجأة تنسيه وفجأة تتخطبي 

ايه موضوعك بالظبط 

-ابعد عني بقولك..ابعد أنا بكرهك ..هزت رأسها وانسابت عبراتها

-بكرهك عشان انت اكتر واحد اذتني، بكرهك ياجاسر

جذبها لأحضانه يحاوط خصرها

-آسف حبيبتي متزعليش مني، أخرجها من أحضانه يحتضن وجهها 

-بتكرهيني ياجنى..قالها وهو يزيل دموعها، ثم أخرج زفرة حارة ضربت وجهها كصفعة قوية..رفعت عيناها الباكية وارتجفت شفتيها 

-ابعد عني ياجاسر، روح لمرأتك وحياتك، بعد كام شهر هتكون أب

وضع جبينه فوق جبينها وآه ابلغ من أي رد 

-انتِ دلوقتي حياتي كلها ياجنى، مش عايز غيرك، وكلمة بكرهك دي حرقت قلبي يابنت عمي

رفعت كفيها على صدره وتمتمت 

-بعد الشر على وجع قلبك ..مقصدش، بس اللي بتعمله غلط، ازاي اتجوزتني وانت متجوز، انا مش موافقة، ولا عمري هوافق عن حياتي دي 

اغمض عيناه مستمتعا بهمسها رغم حديثها المؤلم إلا أن قربها واستنشاق أنفاسها يكفي له 

تراجع للخلف وسحب كفيها 

-ارتاحي دلوقتي وبعد كدا نتكلم، بس اتأكدي انك دلوقتي مراتي ومستحيل أتنازل عنك 

-مراتي ..وقعت الكلمة على مسامعها كمعذوفة موسيقية، تحركت وهي تطالع قربه فقط، كيف له أن يقترب بتلك الطريقة، نعم هما كانوا قريبان، ولكن ليس كهذا 

دثرها بالغطاء، ثم انحنى يطبع قبلة بجانب شفتيها هامسا لها 

-نوما مريحا مهلكتي الجميلة 

كانت سعيدة من قرب انفاسه، تمنت لو يتوقف الكون على ذاك القرب..ابتعد وعيناه تحاصرها قائلا 

-هعملك مكرونة عارف انك بتحببها، قالها واستدار متحركا سريعا حتى لا ينقض على تلك الشفاه التي ترتجف بغرور 

❈-❈-❈

مرت الأيام سريعا ..صهيب الذي دخل في غيبوبة، وتدهور علاقة ربى بعز إلى أن جاء ذاك اليوم..كانت تجلس بغرفتها عند والدها بعد تجمد عز معها..استمعت إلى صوته 

-اختي فين ياحضرة اللوا، دي الأمانة اللي المفروض تصونها..توقف بيجاد أمامه 

-عز ممكن تهدى، انت مش شايف حالة عمك 

هوى جواد على المقعد بعدما خارت قواه، وهو يرى حزن ابنته الظاهر بعينيها ورغم ذاك إلا أنه لم يتدخل بينهما 

-قولي هترجع اختي امتى ياعمو..ابنك خطف اختي شهر كامل ومعرفش عنها حاجة..اقترب من جواد الذي اتخذ الصمت جوابا له 

ولكنه رفع رأسه مذهولا عندما أردف عز 

-دلوقتي بنتك قصاد اختي ياحضرة اللوا، وانا معنديش أغلى من جنى 

وصلت إليهم بخطواتها الضعيفة المتهالكة محاولة التماسك، مقتربة من والدها تنظر إلى الجميع بتشتت آفاقها عز إلى أرض الواقع الأليم 

-ربى قصاد جنى ياحضرة اللوا..هنا انعقد لسانها وتاهت مفردات اللغة وسط ذهول الجميع، فماذا سيكون حالها بعد إطلاق كلماته النارية التي اخترقت صدرها وادمته 


توقفت بينه وبين والدها توزع النظرات بينهما ..فهتفت بتقطع 

-فيه ايه يابابا..مالك ياحبيبي زعلان ليه ..تحركت إلى أن وصلت أمامه ورفعت كفيه تقبله وأخذت تمرر كفيها المرتجف على وجنتيه وعيناها مختلطة مياهها بنيران ألمها الضاري، فاستدارت تنظر لذاك المتحجر ، أزالت عبرة غادرة انسابت على خديها المحترق بعنف وهتفت بقوة 

-اختك قصادي ياباشمهندس ..تمام وأنا بقولك انت متلزمنيش ..لم ينظر إليها واعاد حديثه 

-مردتش ياحضرة اللوا، ابنك يجيب اختي خلال ٢٤ ساعة ياإما بنتك عندك ..قالها ثم استدار ولكنه توقف عندما هتفت ربى بإقتضاب وحزم ومشاعر الغضب والحزن أشعلت نيران قلبها 

-طلقني ياعز ، حتى لو جاسر رجع جنى انت متلزمنيش ولو راجل وابن صهيب الألفي فعلا ارمي عليا اليمين قبل ماتخرج من بيت جواد الألفي 

شهقت غزل فهبت ناهضة متجهة الى ابنتها ..بينما اتجه بيجاد بخطوات مهرولة إلى عز عندما وجد شحوب جواد وعيناه الزائغة 

-امشي من هنا يلا..ولكن نظراته عليها وحدها، لقد تهشم قلبه وأصبح فتات متناثرة..فهمس

-ربى متدخليش بينا

ابتسامة ساخرة تعيد حديثه 

-سمعني كدا قولت ايه 

ربى ..قالتها غزل 

اطلعي اوضتك حبيبتي..استدارت إلى والدتها تطالعها بذهول 

-نعم ياماما..اطلع ، وياترى اطلع ليه مش الموضوع دا خاص بيا ولا ايه 

أشارت صارخة في عز فلقد تحاملت كثيرا لفترة

-الباشمندس يرمي عليا يمين الطلاق دلوقتي ياماما..انا مستحيل افضل على ذمته لحظة واحدة 

دنى بخطوات متعثرة يطالعها بذهول 

-ربى ايه اللي بتقوليه دا..أسرعت إليه تلكمه بصدره بقوة:

-بقولك طلقني ..سمعتني طلقتني مش عايزة اعيش مع واحد ذيك ..استدارت إلى والدها 

-مش دا اللي وعدك أنه مش هيتخلى عني..دا طلع خاين يابابا ..قالتها صارخة وتحولت حالتها إلى الجنون 

صرخت غزل باسم جواد عندما وجدت شحوب وجهه، بدأ يفتح زر قميصه ولكن لم يقو على رفع كفيه، رفع عيناه لغزل  فلقد فقد الكلام كأن جسده شل بالكامل 

صرخت غزل وهي تحتضتنه، هرول بيجاد وعز إليه بوصول غنى من الأعلى بعد سماعها لصراخ والدتها ..توقفت تنظر بذهول لحالة والدها 


بعد شهر ..بعد تحسن حالة جنى وتواصلها يوميا مع والدتها ..رجع جاسر بصحبتها القاهرة ولكن بمكان خاص بهما بعيدا عن حي الألفي

كانت تجلس شارة تشاهد النيل مع غروب الشمس من شرفتها..استمعت إلى طرقات خفيفة، ولج بعد طرقه للحظات 

-جنى هنزل أروح مشوار، يعني ساعتين كدا وراجع، محتاجة حاجة 

نهضت متجهة إليه 

-مبتروحش بيتك ليه ياجاسر، ياريت ترجع لحياتك أنا بقيت كويسة

زفر مختنقا من أسلوبها الذي اعتمدته معه منذ فترة وكأنه غريبا عنها 

استدار دون حديث 

-جنى متخلنيش ازعلك، خليكي في حياتك وبس..استمع الى رنين هاتفه، فتحه وجدها فيروز 

رفع نظره إليها ثم إلى الهاتف..

-أيوة يافيروز...تمام نص ساعة وهتلاقيني هناك 

استدارت تنظر إلى النيل وتحدثت :

-مفيش داعي تخبي يابن عمي، احنا مش متجوزين، علشان متأنبش نفسك، روح شوف مراتك وابنك 

دنى يحاوطها من الخلف ثم وضع ذقنه على كتفها 

-أنا مراتي في حضني دلوقتي..لكزته بقوة وهتفت بغضب 

-جاسر الزم حدودك معايا، قولتلك انت ابن عمي وبس، ومتفكرش قعدتي معاك لحاجة تانية، علشان وعدت ماما بس، بابا يفوق وعز كمان هرجع بيت ابويا

جذبها من خصرها بقوة 

-احلمي ياجنى..تعمقت برماديته ونيران الغضب والغيرة تحرق داخلها 

-أنا مش بحلم يابن عمي، أنا بقولك الحقيقة مش اكتر، انا عمري ماهكون ليك ياجاسر، بلاش تأنب ضميرك اللي حصل قدر ومكتوب، وانا هرجع ليعقوب اكيد هيتفهم بس اللي مصبرني سفره 

ضغط على خصرها بقوة آلامتها ثم دفن رأسه بعنقها وبأنفاس محترقة 

-خلي حد يقرب منك وشوفي هعمل ايه، هاتي سيرة راجل تاني على لسانك الحلو دا، علشان أقصه بطريقتي، وأنا بتمنى والله ..قالها وعيناه على كرزيتها

شعرت بتذبذب بأنحاء جسدها، ودت لو تعانقه وتأخذ جرعتها من رائحته التي اشتاقتها حد الجنون، ولكن كيف تغفر له بعد ماحدث بينهما

أنفاسه الحارة بصدرها جعلت ساقيها كالهلام حاولت الحديث ولكنها لم تقو، رفعها من خصرها عندما شعر بإرتجاف جسدها بين يديه، واتجه إلى الأريكة وهي تحاول الفكاك من قبضته

ازال خصلاتها المتمردة، حتى ظهر عنقها المرمري أمامه ،ايتسامة أنارت وجهه

-مهلكة قلبة ياجنى، ناوية تعملي في قلبي الضعيف ايه، بس متخافيش هغفرلك ياقلبي

-مش لما نتحاسب الأول يابن عمي

-مستعجلة على الحساب ليه يابنت عمي، هنتحاسب ونتحاسب جامد اوي

دنى من شفتيها وداعبها بخاصته، ابتعدت بعدما شعرت بقشعريرها بعمودها الفقري، وكأن روحها هربت من تسارع نبضاته ولم ترد سوى احتضانه، قلبها الخائن اضعفها حتى تكورت الدموع بعينيها من حالة قلبها الذي أراد قربها وعصرها داخل أحضانه

وكأن الحبيب يشعر بحبيبه فحاوط جسدها الضعيف بين ذراعيه وضمها بقوة إلى صدره، لحظات متناسبة كل ماحولها، وضعت رأسها على صدره واغمضت عيناها تمنت توقف دوران الأرض هنا، تمنت لو تحاوط خصره ولكن كبريائها يمنعها من فعل ذاك 

رفع ذراعيها حول خصره هامسا لها 

-مالكيش مكان غير هنا يامهلكة قلبي، 

هنا فاقت من سطوة مشاعرها وعادت لأرض الواقع فهبت فزعة من فوق ساقيه 

بالمشفى عند جاسر 

كان يجلس بجواره يحتضن كفيه ثم طبع قبلة عليها

-الف سلامة عليك ياعمو أنا اسف حبيبي..ياله فوق وارجعلنا 

دلفت ربى غرفة والدها 

-بتعمل ايه هنا..من فضلك اطلع برة مش مرحب بيك ، 

شوفت الدنيا صغيرة أد ايه ياحضرة المهندس

-حرمت اخويا من دخوله يطمن على عمه، وانا دلوقتي بحرمك من دخولك لبابا..تحرك عز دون حديث

دلف أوس ينظر إليهما بصمت فأشار إلى ربى 

-اطلعوا برة انتوا الأتنين، مش عايز اشوف حد فيكم قدامي

أطبقت على جفنيها ثم أردفت 

-مقدرش أبعد عن بابا ياأوس 

نظرات غاضبة لعز فأشار إلى الباب 

-تدخل هنا بأذن مني، سمعتني، مش عايز اشوف وشك قدامي

تحركت ربى إلى أن وصلت إلى فراش والدها وجلست بجواره وعبراتها تحرق وجنتيها 

-بابا حبيبي وحشتني مش عايز تفتح عيونك بقى 

ولج جاسر بخطوات مهزوزة وعيناه على والده المسجى على الفراش، خطى إليه وكأنه يخطو فوق بلور ليشحذ أقدامه ونيران تحرق صدره 

هوى بجوار فراشه وصوت بكائه شقت له الصدور 

دفن وجهه بأحضان والده يبكي بنشيج مرتفع 

-حبيبي فوق ..انا هنا، ربت أوس على كتفه 

-قوم ياجاسر بلاش ضعفك دا، بابا هيفوق وهينور حياتنا من تاني 

بكاء مرتفع بالغرفة حتى تعانق الثلاث إخوة ..إلى أن ولجت غزل تنظر لأبنائها متسائلة 

-فين ياسين وغنى مش باينين ليه..أزالت ربى عبراتها واجابتها 

-عند عمو صهيب، كان عايز يجي يشوف بابا بس هما رفضو وراحوا مع عمو سيف لعمو صهيب 

اومأت متفهمة وتحركت تنظر إليهم 

-بتعيطوا ليه مش عايزة ضعف ابوكم كويس ولاد جواد الألفي أقوياء مش ضعاف العياط ..اتجهت لجاسر وهتفت 

-روح هات جنى خليها تشوف ابوها وعمها ..

هز رأسه رافضا

-عمو صهيب رافض ياماما حاليا 

-جاسر اللي بقول عليه تسمعه ولا كبرت على امك 


بعد مرور عدة شهور 

بإحدى المناطق السكنية الراقية..كانت تغفو على الأريكة تذهب بسبات عميق، دلف للداخل يحمل بعض الأكياس البلاستيكية، وضعها بهدوء عندما وجدها تغفو بتلك المنامة الوردية وخصلاتها المنسدلة على الوسادة 

تحرك حتى وصل إليها وجلس على عقبيه يرسمها بعينيه، لقد اشتاق إليها كثيرا بعد شهر ولم يراها به، اتجه بكفيه المرتعش يلامس خصلاتها هامسا باسمها 

-"جنى"..فتحت جفونها بتثاقل وكأنه يروادها بأحلامها، ولكن هبت فزعا عندما لامس كفيه وجنتيها وابتسامة على وجهه 

ابتلعت ريقها بصعوبة تحاوط جسدها بذراعيها 

-جاسر !!ايه ال جابك هنا

تستغرق لحظات يطالعها فقط، فحمحم ناهضا ينظر لتلك الأكياس 

-جبتلك حاجات، عرفت انك مخرجتيش بقالك فترة فقولت اكيد تلاجتك فاضية..جذبت مأزرها تضعه على جسدها، وتلملم خصلاتها، بعدما ولاها بظهره، فتحدثت 

-لا عمو جواد كان هنا وجابلي حاجات..استدار إليها جاحظا عيناه متسائلا 

-بابا!! هو عرف مكانك 

جلست تنظر للأسفل وإومات برأسها ايجابا والدموع تغيم بمقلتيها 

رفع ذقنها بأنامله يتنهد بحرقة قائلا بنشيج مرير

-شكل بابا وجب معاكي، دا لو عرف

نظرت إليه وتكونت الدموع بعيناها 

-تفتكر واحد زي عمو جواد مش هيعرف ال حصل

كور قبضته وانفاسه تحرقه من يقترب منه

-يبقى عمره ماهيسامحني..اقتربت منه واحتضنت كفيه لأول مرة منذ فترة طويلة وتعلقت عيناها بعينيه إثر سماعها كلماته التي اخترقت جدران قلبها فتحدثت بتقطع 

-قولتلك بلاش تعمل كدا بس انت ال أصريت ياجاسر وشوف النتيحة، عمو جواد زعلان جدا، لو شوفت حالته إزاي بعد ماجه صعب عليا جدا، مش مصدق انك تعمل كدا فيه وصدمته الأكبر في بابا 

بتر كلماتها مقترنا بابتسامة على شفتيه وهو يحتوي كتفها بين ذراعيه 

-مش مهم، متخافيش بابا هيتفهم الموضوع، ومتنسيش انك عند جواد إيه ياجنجون 

انسدلت عبراتها تحرق وجنتيها وأجابته 

-كان ياجاسر، كان وقت ماكنا عيلة، مش دلوقتي، شوف العيلة بقت إزاي، معدش فيها إلى ذكريات 

احتضن وجهها طابعا قبلة عميقة على جبهتها يحدق بها برماديته قائلا 

-مفيش حاجة ضاعت، بكرة لما نرجع حي الألفي، كل حاجة هتتنسي 

أنزلت ذراعيها وتراجعت للخلف تجلس على الأريكة 

-مستحيل ارجع تاني هناك، مستحيل ياجاسر، انت ارجع لبيتك ومراتك ومالكش دعوة بيا، وخليك قد كلمتك ال اتفقت مع بابا عليها 

احس بقبضة قوية تعتصر صدره، فاقترب منها يجلس أمامها على عقبيه 

-وأنا مش فاكر اتفقت مع باباكي على ايه، دنى يهمس بجوار اذانها 

-لو فاكرة يابنت عمي فكريني 

ارتعش جسدها من انفاسه التي لافحت عنقها، فتراجعت للخلف تحتضن نفسها وتهرب من نظراته التي تخترقها..ارتبكت متمتمة 

-انا هقوم أجهز الغدا، تاكل قبل ماتمشي، قالتها ونهضت متجهة للمطبخ سريعا 

تحرك خلفها بالشنط البلاستيكية ووضعها على الرخامة..وتحرك يقف خلفها يحاوطها بذراعيه 

-أنا مش همشي، أنا هبات هنا الليلة 

سقط الذي بيديه حتى أصدر صوتا، فارتبكت تجمع الزجاج، نزل يجمع الزجاج، مبتعداً بها عن المكان، يحتضن كفها الذي نُزف 

-ينفع كدا مش تاخدي بالك، مفكرة نفسك طفلة 

ران صمتل هادئا عليهما وهو يقوم بتنظيف جرحها، لم يخل من النظرات وحبس الأنفاس والتفكير يأبى طي الكتمان فإما البوح والأستكانة، أو الصمت والعذاب الأبدي 

-بتعمل كدا ليه يابن عمي، ياترى تكفير ذنب عن ال حصلي، ولا..رفع ابهامه يضعه على شفتيها ودنى ورماديته تحاور بنياتها

-إياكِ تغلطي، عشان وقت العقاب هيكون شديد أوي يابنت عمي

رجفة بسائر جسدها وهي تعانق عيناه فارتجفت شفتيها وهمست 

-ابعد عني عشان متتأذاش ياجاسر، أنا ميرضنيش الأذى والوجع 

جذبها لأحضانه يعتصرها بقوة هامسا لها 

-وجاسر يستاهل العذاب ياجنى، لا يتعذب ويكفر عن ذنوبه..ارتفعت شهقاتها وهي تحاوط خصره

-أنا مؤذية للكل، اذيت الكل، فرقت الكل، ليه بيحصل معايا كدا، هو أنا وحشة لدرجة الكل بقى يكرهني كدا 

أخرجها من أحضانه يحتضن وجهها وتكورت عبراته يرسم وجهها الجميل 

-إنتِ أجمل بنت في الدنيا دي كلها، إنت البلسم والدوا ياجنى، اوعي حبيبي تقولي كدا 

بكت بنشيج وارتجفت شفتيها تهز رأسها رافضة حديثه 

-وبدليل أنا هنا، مهاجرة بعيد عن حضن أمي وأبوي، واخويا ال حياته ادمرت بسببي 

بتر حديثها يبتلع كلماتها بجوفه لأول مرة يتذوق تلك الشفاة التي أرهقت منامه حتى لم يشعر بهدوء روحه العاصية، لحظات وهو يحتضن شفتيها، ربما هدوء لملمة نفسه، أو هروبا من القادم، كل مايجب فعله ومايشعر به هو تذوقها فقط

يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سيلا وليد من رواية عازف بنيران قلبي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة