رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 4 - 3 - الخميس 2/5/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الرابع
3
تم النشر يوم الخميس
2/5/2024
بـعـد مـرور أسبوعين.
أمام النيل كان يجلس منذر فوق مقعد وهو ينظر أمامه بملل وتأفف فمعاذ أصر أن يخرج بصحبته اليوم على غير العاده، وها هو قادم اليه وهو يحمل بيده اكواب حمص الشام و تتمتم بصوت خافت
= ادي يا عم حمص الشام اللي بتحبه، قولي بقى نفسك فيه تاني وانا اعمله لك تحب ندخل سيما زي زمان .
نفخ الآخر بضيق شديد ثم قال بامتعاض
= في ايه يا معاذ انا مش مراتك يا حبيبي انا اخوك فمش لازم لما تعوز مني حاجه تعمل كل الليله دي قلتلك تعالى دغري على طول.. و وفر على نفسك وعليا.
أجاب أخيه بإبتسامة يخفي توتره و الحرج الذي يشعر به عندما فهم أخيه ملعوبه
= جري ايه يا عم منذر هو انت على طول كده قفشني وبعدين في ايه يا سيدي لما نخرج مع بعض بقيلنا كتير أوي ما شفناش بعض وكل واحد مشغول في حياته .. يعني على الاقل زمان كنا بنتجمع كلنا في بيتي يا اما في بيتك مع مراتاتنا ونتغدى انما من بعد ما طلقت قفلت على نفسك وما بقيناش نشوف بعض خالص .
لوي شفتيه بسخرية مريرة وهو يردد بفهم
= آه انا كده فهمت سبب الخروخه هي امك كلمتك ولا ابوك؟
أردف معاذ في وجهه تحت نظراته المتعجبة و عيناه المتسعة من الصدمة
= منذر هو انا اللي مقفوش اوي كده ولا انت اللي بتقرأ الطالع أنت عرفت منين ان ابوك هو اللي قال لي روح اتكلم معاه في موضوع الجواز وشوف دماغه فيها ايه .
أخذ منذر نفس عميق وكان مستاء جدًّا من أفعال أسرته فهو يعرف جيد لما يصيرون هذه المره أن يتزوج بسرعه خوفاً من أن يكون مازال يفكر في زوجه اخية بسمة، رفع عيناه بوجهه و هدر من بين أسنانه بصرامة شديدة
= بص يا معاذ عشان اجيبلك من الآخر رجوع لغاده مش هرجع ولو الدنيا اتقلبت على بعضها مش هرجع لي البني ادمه دي تاني ابني بقى مش ابني محدش لي دعوه بحياتي، والمره دي فهمهم ان انا لما اعوز اتجوز انا اللي هختار انا سبتهم المره اللي فاتت يتحكموا في حياتي لما أبوك راح طلب ايديها من غير ما ياخد رايي وانا عشان ما رضيتش أصغره وافقت وقلت اهو أعيش معاها ممكن تطلع فعلا بنت ناس وكويسه انما شفت معاها اسود ايام حياتي فمش مستعد بعد ما خلاص خلصت منها ومن اللي شفته في حياتي معاها ارجع تاني للقرف ده بايدي .
عقب الآخر علي كلماته قائلاً بجدية
= يا عم بالراحه في ايه الناس عماله تبص علينا انا مش عارف بيركبك عفريت ليه كل ما تسمع اسم البنت دي خلاص اهدى ما حدش اكيد هيغصبك على حاجه مش عاوزها، وانا مش عارف اصلا ابوك ليه طلبها للجواز لما انت ما قلتلوش انا اتفاجئت بيه واحنا هناك لما كان بيطلب ليا نسمه انه اتكلم كمان على غاده ليك فكرت ان انت اللي طلبتها منه مع انك ما جيتش معانا وبعد كده فهمت اللي فيها ان ابوك عاوز يجوزنا احنا الاثنين سوا .. بس والله ما كنت راضي على حكاية يجوزك من غير ما ياخد رايك ويدبسك دي .
أغمض منذر عينيه وقال بنبرة مختنقة
= هو أبوك علي طول كده هي عادته ولا هيشتريها، المهم عشان نجيب اخر الموضوع ده إذا ابوك وامك سالوك ثاني قول لهم ان منذر قالي بنفسه أن فيه واحده عجبته وهو بيفكر يروح يتقدملها بس بعد ما يتاكد الأول من اخلاقها ويسال عليها .
لمعت معاذ عيناه بذهول، ثم أردف قائلاً بسعادة
= بجد يا منذر طب ما تقول لي ساكت ليه ده احنا هنفرحلك ان أخيرا في واحده في حياتك بدل القفله اللي انت قافلها على نفسك دي من ساعه الطلاق واهو الحمد لله المره دي تختار بنفسك عشان ما ترجعش تزعل.. بس هي مين ومستني ايه ما تروح تقول لابوك عشان تتقدم لها .
صمت لحظة ثم رد بزهو وفخر كأنه يخبره بأمراً عظيماً، فهذه المره أخيرا سيختار من تلقائي نفسه وليس مجبر
= ده إللي هيحصل أن شاء الله قريب .
❈-❈-❈
وقفت بسمة في المطبخ تقوم بإعداد الحلويات الذي طلبها زوجها معاذ منها، فكالعاده لا يفعل شيء إلا الجلوس أمام التلفاز أو جهاز الكمبيوتر ويطلب ما لذّ وطاب من الأطعمة التي يشتهيها، تقسم أنه وكأنه امرأة حامل تتوحم فعندما كانت حامل بمالك طفلها الوحيد لم تكون حالتها كذلك مثله.. تحركت قليلة تجاه طفلها الذي كان يجلس في الخلف
أعلي الطاوله فكانت تقف تمسك بيدها ملعقة خشبية تحرك بها ما في القدر.. وباليد الأخري تمسك كتاب مالك تذاكر له.. فان لم تفعل كل شئ بنفسها لم يحصل ومعاذ يرفض رفض تام مساعدتها.
زفرت أنفاسها بزهق عندما شعرت بترنح من التعب والإعياء جلست متأوهة بعذاب على مقعد بجانب مالك الذي كان يكتب الاسئله التي تلقنه إياهم.. فكرت للحظات فلو كان زوجها رجل بحق معاون ومسؤول ويساعدها فما كانت تشعر بتلك الاعباء التي فوق راسها طوال الوقت ولم تنتهي .
لوت شفتيها بسخرية مريرة عندما تذكرت رفضة التام في التعاون معها بأي شيء ودائما يخبرها أن مسؤوليه البيت من اختصاص المراه فقط وليس الرجل، وكأنه هو يفعل مسؤوليه الرجل وينزل يعمل ليكسب المال
من عرق جبينه.. وليس يعتمد على مصروف والده، هزت راسها بيأس فمهما تتحدث يظل دائما على رأيه! وذلك بسبب الطريقه الخاطئه التي نشأ بها في منزل والدته كل شيء موجبا له دونه عناء .. لو كانت لم ترى منذر وكيف يفعل كل شيء بنفسه لكانت قالت ان هذا طبع العائله لكن دائماً تلك التصرفات و التعودات تحصل مع معاذ فقط! وها هي الآن تحصد نتيجه هذا الدلال الزائد .
انتبهت الى ما كتبه طفلها ثم بدأت تصحح له ما كتبه وأثناء ذلك لاحظت عبوسه الملازم له منذ أن عاد من المدرسة، فسألته باهتمام وقلق
= ايه يا مالك يا حبيبي مالك في حاجه مضايقك؟
هز رأسه يقول بتبرم طفولي غاضب
= النهارده صحابي في المدرسه كان بيوريني على التليفون بتاعه صور مع باباه وهم بيتفسحوا في اماكن اول مره اشوفها وكان متصور صور كتير حلوه
لم تعقب على كلامه بل ابتسمت له بحنو الأمومة لتقول مقترحة
= طب يا حبيبي ما انا كل جمعه بخدك ونروح نتفسح نبقى نتصور المره الجايه ماشي.. ويبقى وريه اصحابك الصور براحتك .
اعترض طفلها هاتفاً بحنق شديد
= بس الصور اللي بتبقى مع اصحابي دايما بيكونوا متصورين مع باباهم اوريهم صورتك ليه؟ هو ليه بابا مش بيخرج معانا نتفسح ويتصور معايا كمان.. هو مش بيحبني!.
لوهلة شعرت بالحيرة والتخبط فمعاذ يرفض الخروج معهم ويخرج بمفرده مع اصدقائه للتنزه، و عندما كانت تقترح خروجهن معآ كـعائلة ودوده يخبرها بانه لا يشعر بالسعاده والحماس معهم، ولا هناك مانع كل منهم يخرج بمفرده! تداركت الأمر بسرعه وتنهدت بتعب ثم قالت مواسية بحجه غير حقيقيه وهي تطبطب فوق شعره
= لا يا حبيبي ما تقولش كده بابا بس مشغول بيشتغل عشان يجيبلك كل الحاجات الحلوه اللي انت بتحبها لكن هو اكيد بيحبك .
لمعت عينيه بالدموع الخفيفة وهو يقول بغضب طفوله
= مشغول فين ما هو دايما قاعد في البيت بيلعب على الكمبيوتر انا عمري ما شفته أصلا بيروح الشغل! زي كل الابهات .
تدلى فك بسمة ذاهلا لما سمعته.. فالى هنا لا تعرف ماذا تقول بالفعل هو محق! معاذ لا يذهب الى العمل مثل باقي الرچال المتزوجون فالجميع يعارضها عندما تشتكي من ذلك الامر رغم أن عائلته لم يقصره معها في شيء لكن لا أحد يفهمها هي ترى الرجل الحقيقي الذي يعمل ويكون مسؤول فعلا عن بيته وبه الاشخاص الملزمه منه، وحتي أيضاً لا تتعرض لموقف كذلك من أبنها فماذا عندما يكبر طفلها ويجد والده هكذا طول حياته أمامه بالتاكيد سيصبح مثله بيوم! ضيقت عينيها بإحباط وهي تقول بقله حيلة
= الله يسامحك يا معاذ علي اللي عامله فيا وفي ابنك .