رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 12 - 1 الأثنين 13/5/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الثاني عشر
1
تم النشر يوم الأثنين
13/5/2024
طوال طريق العودة وهي تمتطي جواده خلفه ولكنهما لا يتحدثان حتى استطاع اللحاق بالموكب الخاص به فأنزلها من على ظهر جواده لتدلف الهودج وهي تدب الأرض بتذمر فنظر لها بتسلية فكم بدت جميلة و شقية وهي غاضبة.
عاد الموكب بالتحرك لاستكمال الطريق فتحاذا كل من سيتي وتوت فرمق الأول الثاني بنظرات مطولة ليطرق الثاني رأسه باحترام وتوقير حتى وصلوا جميعاً لقصره بالعاصمة.
فور وصوله أوقف قائده بقبضة من يده وقال بصوت أجش:
-سنتحدث بأمرك لاحقاً، والآن احرص على إخفاء بنترشيت حتى لا يتزامن وقت عودتها معنا.
أومأ له بطاعة وتحرك لتنفيذ أمره، دلف سيتي لحجرته فوجد تويا وقد تزينت وتعطرت واستقبلته استقبالاً حافلاً وهي تحضنه وتقبله باشتياق بالرغم من غيابه لبضعة أيام فقط فتعجب وأبعدها عنه قائلاً:
-ما سبب كل هذا الترحيب؟
ردت بدلال:
-اشتقت لك.
هتف مدهوشاً:
-أنا لم أغب لشهور لكل هذا الاشتياق، لم تفعليها عندما كنت بالحرب لشهور عدة.
فسرت له بحزن:
-كنت خاطئة بابتعادي عنك، ولكن يا مولاي أنت من ابتعدت عني وهجرت مضجعي.
رمقها بنظرة مطولة وقال بحدة:
-أنتِ السبب.
رفضت بحركة من رأسها وأضافت:
-بل عشيقتك هي من استحوذت عليك فهجرتني.
اقترب منها وأمسكها من ذراعها مؤكداً بصوته القوي:
-بل أنتِ السبب بذلك أيتها الملكة تويا، لا بنترشيت ولا أنا.
صر على أسنانه وأطنب مزمجراً:
-منذ أن تزوجتك وأنا قائد جيوش رفيع الشأن وأنتِ لم تتخلِ عن كبريائك وتعاليك أمامي بأنك من نسل ملكي بالرغم من أن والدك كان عسكرياً مثلي، ولكنك نسيتي ذلك وتمسكتي بالنسب الملكي الخاص بوالدتك وكم كانت تضايقني أفعالك وأقوالك وأنتِ لم تهتمي، حتى بعد أن أصبح والدي الفرعون وملك البلاد لم تكفِ عن أفعالك وتباهيك.
زغر لها بعين محتقنة وهدر مضيفاً:
-حتى بعد أن أصبحت أنا الفرعون استمريتِ بنفس النهج ونسيتي من أكون بصفتي الملكية، نسيتي حقوقي بامتلاك جواري ومحظيات وكأن اقتصاري عليكِ كان نابعاً من أصلك الملكي وليس رغبة مني، فأنا رجل لا أحب التنقل بين الحريم، هذا ما أنا عليه منذ أن تزوجتك ولم يتغير شيئاً بي.
سألته بصوت باكٍ:
-وماذا حدث حتى تغير هذا وأصبحت تجمع بيني وبينها.
أجاب بصرامة لا تتناسب مع حديثه:
-أحببتها يا تويا، نعم أحبها وجل ما أريده هو أن تتقبلي الأمر وتكفي عن إيذائها وأنا لن أجمع معكما أي امرأة أخرى، فقط لتقبلي ذلك.
اقتربت منه واضعة يدها على صدره ترجوه بعينها وسألته بحذر:
-لماذا هي، ما المميز بها دوني ودون سائر النساء؟
أجاب بإيجاز:
-فقط وغزت قلبي بشدة فتقبلي ذلك.
سألته بحزن:
-وإن تقبلتها؟
أجابها بتأكيد:
-ستعودين قرينتي بالفراش كما كنتِ دائما ولستِ زوجة فقط.
أومأت موافقة واحتضنته هاتفة:
-موافقة، فقط أزل نار اشتياقي لك فأنا أحترق شوقاً يا مولاي.
انحنى قليلاً وحملها متجها لفراشهما ووضعها عليه برقه واعتلاها على الفور وثبت جسده فوقها وهتف منبها بحدة:
-إن خلفتِ وعدك وحديثك معي فلن يعجبك رد فعلي بعدها تويا، أفهمتي؟
أومأت بترقب وبسمة عريضة مرسومة على وجهها فإنحنى يقبلها بفتور محاولا أن يجعل جسده يستجيب لها ولكن كان صعباً عليه خاصة وهو قلق على تلك التي سكنت قلبه، ولكنه حاول وحاول حتى استطاع بالنهاية مطارحتها الفراش وابتعد عنها يلهث بتعب وإجهاد فسحب غطاء الفراش على جسده وأغلق عينيه ليحاول استرجاع أنفاسه فما كان إلا أن وجدها وقد استندت على صدره برأسها وحاوطته بذراعها وهمست له:
-ابق هكذا معي وأنا ساكون جارية لك يا مولاي، فأنا أحبك مولاي سيتي.
غفى واستقرت هي بحضنه تتذكر ذلك الوقت الذي علمت بهوية عشيقته بعد أن ظلت ليال طوال تشعر أن رأسها سينفجر من كثرة التفكير لإخفاؤه هويتها.
تذكرت عندما أخبرت حارسها وجاسوسها بمراقبة تحركات الملك ولكن خيتا لم يفش سر فرعونه لولائه الشديد له فالفرعون يُقدس كما يُقدس المعبود رع،
وما زاد من حيرتها هو عدم ظهور تلك العشيقة للعرافة التي حاولت جاهدة أن تكشف سرها لتقول ممتعضة:
-اظنها تستعمل تعويذة حماية مولاتي، وتعويذة قوية أيضاً من فعل أحد السحرة الكبار.
تنفست بحدة وجلست بجوارها:
-سمعت من جواسيسي تذمر نساء الحرملك فهو لم يضاجع أي منهن منذ توليته الحكم والآن توقف أيضا عن مضاجعتي وكأنه اكتفى بها.
وقفت تشد شعرها بقوة:
-من تلك التي أخذت عقلة وقلبة لدرجة أن يمتنع عن كل النساء ويمتنع عن حقه بإنجاب العديد من الأبناء، بل ويمتنع عن حقه بمضاجعة من يريد كما فعل أسلافه من قبل.
هتفت العرافة متسائلة:
-مولاتي، هل كان يضاجع غيرك قبل أن يتولى الحكم؟
نفت وهي تتذكر صرفة الدائم للجواري التي أهداها له والده بعد عودته من كل حملة كمكافأة له:
-لم يكن يتنقل من جسد لآخر، كان يكتفي بي فأنا بالنهاية من أصل ملكي ولا يمكنه الجمع بيني وبين الجواري والمحظيات.
علقت عليها العرافة نافية حديثها:
-بلى يستطيع، فلا يوجد ما يمنعه فهو كان ولي العهد ويحق له امتلاك الجواري وحتى الجمع بين أكثر من زوجة ولكنه اكتفى بك مولاتي برغبته، فهل حدث منك ما جعله يكتفي بأخرى.
ابتلعت ريقها ووجدت نفسها تختنق بلعابها فصرخت بها:
-إن لم تستطيعي معرفة من هي عشيقته فما حاجتي لك يا ملعونة.
نهضت العرافة من الأرض ووقفت تنظر لها بحزن والأخرى تصيح بها:
-لا تريني وجهك القبيح هذا حتى تعلمي هويتها ووقتها فقط قد أزنك ذهباً فقط إن علمتِ بهويتها.
عادت من شرودها تبكي بصمت حتى لا توقظه وهي تحدث نفسها:
-ليتني ما علمت ربما كنت أخفيت حبك لها ومشاعرك المؤججة عني ولما عانيت أنا بألم نبذك لي.
❈-❈-❈
تأجج غضبها منه خاصة بعد أن تركها بذلك المنزل الذي خصصه للقائتهما السرية بعيداً عن منزله وبعيداً عن أعين الجميع، مكثت به طوال اليوم بمفردها وهي تشعر ليس بالوحدة ولكن بالوحشة والحزن وظلت تفكر بحالها وما يمكن أن يحدث لها إن علم أحد بعلاقتها المحرمة تلك.
تنهدت بحزن عندما تذكرت أنها كادت أن يُكشف أمرها أمام ذلك الكاهن وزوجته فأغلقت عينيها باكية وهي تردد لنفسها مراراً وتكراراً:
-أنتِ من جنيت على نفسك ومصيرك محتوم طال الوقت أم قصر.
استمعت لصوت طرق على الباب ففتحت ووجدته الحارس حانوت رع يحضر لها الطعام فسألته بحيرة:
-أﻻ تعلم متى سأعود لقصر الفرعون؟
أجابها بإيجاز:
-بالصباح الباكر.
أومأت وأغلقت الباب وجلست لتقتات بعض الطعام دون شهية ونامت حتى الصباح واستيقظت على صوت الحارس من الخارج يوقظها هاتفا:
-سيدتي، تجهزي حتى نغادر.
فعلت ووصلت لاعتاب المنزل فاستقبلتها تيا باشتياق وفرحة:
-اشتقت لكِ، تأخرتِ بالمعبد كثيراً.
ارتبكت وأخبرتها:
-ألم أقل لكِ لا تخبري أحداً بزيارتي للمعبد؟
حركت تيا كتفيها بلا مبالاة وقالت:
-أنا لم أخبر أحداً سوى والدتي عندما سألت عنك.
لمعت عين بنترشيت بعد أن سمعت كلمات تيا فدخل الذعر قلبها فوراً من أن تفهم الملكة تويا أنها كانت برفقة الفرعون فتفعل شيئاً قد يؤذيها ويؤذيه.
شردت تتذكر ذلك اليوم الذي وجدت تلك الأعين التي تراقبها من أعلى مكان نومها فذعرت تبتلع ريقها وتحاول الجلوس باعتدال وهي تدفع ذلك النائم بجوارها ليستيقظ فهمهم بخمول:
-اتركيني استرح بحضنك قليلاً قيثارتي فقد أهلكتني بمضاجعتك يا شقية.
آخ من كلماته الفاحشة التي دائما ما يمطرها بها ولكن هذا ليس بتوقيتها فزوجته تقف أعلى رأسيهما تنظر لها بحنق فتعلثمت مرتبكة تتمتم:
-مولاتي!
استمع ذلك النائم لنبرتها المذعورة ففتح عينيه ليتفاجئ بتويا تقف أمامه وعيونها محتقنة بغل فاعتدل يغطي نصف جزعة العاري والتفت لتلك الخائفة وتختبئ أسفل الغطاء حتى لا تكشف جسدها العاري.
جعد جبينه وحدق بها بغضب وسألها بصوت أجش:
-ماذا تفعلين هنا؟
أجابته وهي تصر على أسنانها:
-أنا من عليها سؤالك أيها الفرعون العظيم، ماذا تفعل بغرفة كاهنة وهبت حياتها وجسدها لخدمة المعبد؟