رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 14 - 1 الأربعاء 15/5/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الرابع عشر
1
تم النشر يوم الأربعاء
15/5/2024
طوال الثلاث سنوات الفائتة عاشت دورثي حياة طبيعية بعد أن خلت حياتها تماماً من أي أثر للفرعون أو حياتها القديمة، فقد اضطر والدها للانتقال للندن بعد أن انتشرت أخبارهم بشكل واسع وأصبح من الصعب عليهم حتى الخروج من منزلهم فانتقل للعمل بلندن ليختفي أثره هو وعائلته بزحام العاصمة وبدأ عمله من جديد بصناعة السينما وساعد ابنته على إنهاء دراستها واﻻلتحاق بالعمل بأحد الصحف المصرية بلندن وهي (مجلة العلاقات العامة المصرية).
ظلت دورثي يوميا تقيد الشموع بغرفتها وترتدي زيها الفرعوني وتردد بعض الطلاسم الغريبة التي بحثت عنها بالعديد من الكتب حتى تستطيع استدعاء روحه أو حتى لتكتفي بزيارته لها بأحلامها، ولكن لم يظهر مجدداً منذ تلك الليلة وكأنه اختفي واندثر كل أثر له مما زاد من حزنها وندمها على تركها له.
ظلت تتذكر وجهه الحزين وتركه لها طواعية بعد كل ما فعله لأجلها فأصرت على العودة له ولكن تلك المرة استعانت بعمتها فذهبت لزيارتها ودلفت تجلس أمامها بترقب واﻻخرى ترحب بها بحرارة.
رمقتها دورثي بنظرة حزينة وقالت لها بهدوء:
-استمعي لي عمتي مارسيل، أنا أحتاجك حتى تجمعيني بأحدهم عن طريق طقوسك التي تقومين بها.
رفضت مارسيل معللة:
-لا أستطيع، فأنا توقفت منذ زمن طويل تقريبا منذ ذلك اليوم الذي تأكدت فيه انكِ لستِ بابنة أخي.
وقفت دورثي وتحركت بخطاً ثابتة وبطيئة وفور أن أصبحت شبه ملاصقه لها ابتسمت بخبث وقالت:
-أظن أنني طبيعية منذ ثلاث سنوات، والآن إن كنتِ لا تصدقين أنني دورثي لويز أيدي ابنة أخيك، فصدقي أنني بحاجة لمساعدتك بأي صفة تصدقيها، كانت ابنة أخيك أو الكاهنة التي تستطيع ايذائك فلا فرق.
ابتلعت مارسيل ريقها بخوف وردت مفسرة:
-صدقيني لقد توقفت عن تلك الممارسات منذ فترة لأنها تحتاج لتدريب وأقل خطأ قد يؤدي لكارثة حقيقة.
اتسعت حدقتي دورثي وبدت مخيفة بعض الشيئ فتلعثمت مارسيل هاتفة:
-ولكني استطيع ارشادك لمن يستطيع فعلها.
انتظرت بترقب فقالت لها وهي تُخرج دفتر أرقام الهواتف من جارور الكومود:
-ناشط روحاني إسمه جريجوري آدمز، نابغه بعالم الروحانيات ويستطيع أن يساعدك بمسعاكِ فقط إن آمن بقدراتك.
رفعت حاجبها مندهشة من حديثها وقالت بضيق:
-أنا ليس لدي أي قدرات.
ضحكت مارسيل وأخبرتها موضحه:
-هو من يحدد ذلك وإن جلس برفقتك سيشعر بتلك الهالات التي شعرت بها أنا سابقاً وشعر بها المعالج الذي تعامل معك بعمر التاسعة.
تنهدت دورثي وأومأت موافقة وترجتها:
-حسنا فرجاء هاتفيه وحددي معه موعد بأقرب فرصة.
عادت لعملها بالجريدة وجلست على مكتبها تكتب ذلك المقال عن علم المصريات الذي تخصصت به في الجامعة، وكانت أبحاثها بعلم المصريات يخص كل الفترات ولكن أغلبها خص الأسرة التاسعة عشر بالأخص عصر الفرعون سيتي الأول ثاني ملوك الأسرة وأعظمها أيضاً.
اقترب رئيس التحرير منها وجلس أمامها مبتسما وهتف متسائلاً:
-كيف حالك دورثي لويز؟
أجابته باحترام:
-بخير أستاذي.
تردد في طلبه ولكنه حاورها قائلاً:
-أظنك تحتاجين لمن يساعدك بإنهاء أعمالك، أليس كذلك!
رمقته بنظرة متعجبة وابتسمت مجيبة:
-لا، أنا بخير لا أحتاج لمساعدة.
هتف مؤكداً:
-ولكنني أريد تعيين أحدهم لمساعدتك بتنظيم المقالات ويكون شخص مؤهل أيضاً حتى تخرج مقالاتك أكثر اقناعا للعالم الغربي.
نظرت له بفروغ صبر وسألته:
-إلى ماذا ترمي؟ هات ما عندك.
قال موضحا:
-لدي هذا الطالب المصري الذي يبحث عن فرصة عمل وقد أوصى به أحد اصدقائي لذا أظنه سيكون مفيداً لكِ.
رفعت حاجبها وسألته:
-وما فائدته بالضبط؟
أجابها مبتسما ابتسامة سمجة وقال:
-تكتبين بعلم المصريات وهو مصري.
ضحكت ساخرة منه وقالت:
-وهل كل مصري لديه معرفة بعلم المصريات، ماذا يدرس ؟
رد:
-يدرس الأدب الإنجليزي.
حركت رأسها بفروغ صبر وتذمرت قائلة:
-وما العلاقة بين الصحافة والأدب الإنجليزي؟
أجاب مفسراً:
-إنه مجرد عمل ليساعده بمصروفاته الدراسية.
عادت تهتف بضيق:
-حسنا وكأنك تسألني رأيي، فأنت بالفعل قد اتخذت قرارك سيدي.
لم يعقب فوقف وبدأ بالتحرك فأوقفته تسأل:
-ما اسمه؟
التفت وأجابها:
-إمام، إمام عبد المجيد.
لحظات وكان أمامها بملامحه الشرقية الأصيلة والتي تشابهت كثيرا بملامح من تعشق وتحب ، فظلت تنظر له بشرود حتى حمحم هو بحرج وسعل قليلاً ومد ساعده يعُرف عن نفسه:
-إمام عبد المجيد في خدمتك سيدتي، ويمكنك مناداتي فقط إمام.
ابتسمت وبادلته المصافحة مضيفة:
-وأنا دورثي لويز أيدي ويمكنك مناداتي فقط دورثي.
صافحا بعضهما البعض ولكن استمرار تحديقها له بهذا الشكل جعله يبتسم رغما عنه وسألها بمزاح:
-أول مره تجدين شاب أسمر ووسيم؟
شعرت بغروره وثقته العاليه بنفسه فردت تشاكسه:
-بلى رأيت الكثير، ولكنك أول متعجرف أتعامل معه.
ضحك عاليا وقال مازحا:
-لمجرد النظر لي ما لا يقل عن نصف ساعه دون أن اتفوه بأي كلمه استطعتِ استنتاج أنني متعجرف!
أومأت مجيبة:
-نعم وهذا أمر عجيب من شاب يأتي من مجتمع يسكن الصحراء ويركب الجمال.
ظل يضحك ويضحك حتى تقطعت نياطه من كثرة الضحك وقال موضحا:
-هذا ما تصدره لكم الصحف الغريبة! أننا بدائيون نسكن الصحراء ونركب الجمال؟ لماذا تحتلنا بلادك إذن إن كنا بهذه الرجعية والجهل؟
أجابت بتأكيد:
-لثروات بلادكم.
أوما مؤكداً:
-بالطبع ولكن ليس هذا فقط، فقوة بلادنا بأهلها وهم يريدون استعباد أهلها ليستفادوا منهم أكبر استفادة.
سألته بحيرة:
-وإن كنت تكره إنجلترا إلى هذا الحد فماذا تفعل هنا؟ لماذا تتعلم وتدرس و تعمل بها؟
أجابها مبتسما بسمة ساحرة جعلتها تقع له على الفور:
-هناك بعض الأقوال الهامة ومنها ما يقول تعلم لغة عدوك، فتعلمتها.
أضاف وهو يحدق بها باتساع فاهه:
-وإن أردت أن يلعو شأنك فأفهم كيف يعيش الغرب، ففهمت.
اتكئ على مقعده وأضاف:
-واﻵن أنا أتعلم عاداتكم وأسلوب حياتكم ونقاط ضعفكم حتى استطيع أن أفيد بلدي عندما أعود بكل ما تعلمته منكم.
اتسعت حدقتيها فور أن سمعته يتحدث عن العودة لمصر وكم كان وما زال هذا حلمها الأكبر بالعودة لديارها ومسقط رأسها الحقيقي فهتفت بحماس:
-ستعود، ستعود بيوم من الأيام وربما تقص لعائلتك عن مغامراتك هنا معنا، و اﻵن أخبرني عنها!
نظر لها بغير فهم وسأل:
-عن من؟
أجابت موضحة:
-عن مصر، كيف تبدو صيفاً وشتاءً وشمسها الزاهية البراقة، صحرائها وزرعها، أهلها وناسها؟
فرح لما يسمعه منها من حماس وقال:
-تبدين عاشقة لمصر.
أومأت مؤكدة:
-ليس لديك أدنى فكرة لكم أعشقها وأتمنى زيارتها.
ربت على كفها المسندة أمامها وقال بنبرة مثيرة جعلتها تذوب فورا له:
-ستزوريها بيوم من الأيام معي وهذا وعد مني بذلك.
❈-❈-❈
بالرغم من تلك الشرارات التي شعرت بها تذبذب قلبها من شخصية ذلك الشاب المصري إلا أن حبها لفرعونها لم يفتر أو يقل ولو بمقدار ذرة رمل فأنهت علمها باكراً حتى تستطيع الذهاب لذلك الناشط الروحاني ليساعدها ويجمعها بحبيبها من جديد.
دلفت منزله الغريب والمليئ بالمرايا ورؤوس الحيوانات فتوترت لحظة ولكنه ظل ينظر لها بتدقيق ولمعت عينيه ومد ساعده ليصافحها فصافحته معرفه عن نفسها:
-دورثي لو...
قاطعها معقبا:
-مرحبا بكِ بنترشيت ابنة الجندي الراعي.
اندهشت من معرفته باسمها ولكنها ظنت أن عمتها ربما قامت باخباره عنها أو قرأ عنها بالجرائد فابتسمت بسمة صفراء وجلست تسأله:
-إذن تعرف من أنا، وهل يا ترى تعرف ما أريده؟
رد مبتسما:
-طاقتك الروحانية عالية جداً وتلك الهالة المحيطة بكِ تبين الكثير من الأمور والرغبات ولكن الرغبة الكبرى التي تحتل تفكيرك هي استرجاع عشيقك بأي ثمن وأي وسيلة أليس كذلك؟
أومأت بترقب وأجابته بلهفة:
-نعم، هذا هو جل ما أريده.
أمسك راحتها فشعر بتلك الذبذبات التي تسري بجسده وسألها بحيرة:
-من يكون إمام عبد المجيد؟
عادت لاندهاشها ولكنها ردت على كل حال:
-زميل بالعمل.
أضاف متحفزا:
-مصري؟
أومأت فأضاف:
-ويشبهه كثيرا في بنيته وهيئته ما عدا لون عينيه أليس كذلك؟
تحايلت بتسائل:
-يشبه من؟
زغرها بضيق وقال:
-الفرعون سيتي، من سيكون!
سحبت نفساً عميقاً وطردته بتمهل وأجابت:
-نعم به شبه كبير بينه وبين الفرعون ولكنه أقل طولاً وذو شعر ناعم قليلاً بالإضافة للون عينيه.
ضحك ورد ساخراً:
-لا أظن سيفرق معك كثيراً فدورثي تختلف شكلا عن بنترشيت كثيراً ومع هذا لم يتضايق الفرعون بل تعايش مع الأمر واعتاده أيضاً لسنوات.
رمقته بنظرة متعجبة لمعرفته كل تلك الأمور ولكنها تفهمت أنه بالفعل لديه قدرات عالية فسألته:
-لا أفهم ما تنوي فعله!
رد موضحا بإيجاز :
-سأجمعك به عن طريق اﻻستحواذ الجسدي.