-->

رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 16 - 1 الخميس 23/5/2024

 

قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري


الفصل السادس عشر

1

تم النشر يوم الخميس

23/5/2024


ظلت جاثية على الأرض تحاول أن تفيقه بعد أن سقط أرضاً وظل مغشي عليه لأكثر من ساعة وهي تبكي ولا تعرف ما هي بفاعلة، فامسكت بزجاجة العطر وقربتها من أنفه وحاولت مراراً وتكرارا حتى فتح عينيه بوهن ورمش عدة مرات وحاول أن يسترجع أنفاسه الهاربة.

ربتت عليه تطمئن عليه وهي تسأله باهتمام: 
-هل أنت بخير؟

رمقها بنظرة غاضبة ونظر لساعة يده فعلم انه قد فقد ساعه ونصف من وقته دون أن يشعر، فاستنتج أنه احتل جسده مثل كل مرةة فصر على أسنانه ودفعها بغلظة ووقف مبتعدا عنها فصاحت تناديه: 
-إمام، انتظر أرجوك.

التفت يرمقها بنظرات غاضبة وصاح بها موبخا: 
-كيف استطعتِ فعل هذا بي؟ لقد أحببتك ولم استحق منكِ تلك المعاملة.

بكت وحاولت أن توضح له ولكنه لم ينتظر أن يسمع تفسيرها وابتعد غاضباً تاركا إياها وغادر المنزل، فارتمت أرضا تبكي بحرقة وهي تشعر أن حياتها قد تهدمت.

تكورت على نفسها باكية حتى غفت فراودها حلما أو ذكري قديمة لفرعونها وهو يودعها تاركاً إياها وذاهبا للحرب.
❈-❈-❈

طرق بابها ففتحته لتجده أمامها ينظر لها بعشق فامتعض وجهها وأشاحته بعيداً عنه فدلف للداخل وانحنى يهمس لها بعشق: 
-اشتقت لكِ بنترشيت، أشعلني الشوق يا فتاة.

ردت بضيق وحزم: 
-اذهب للملكة وأزل شوقك معها ولا تأت إلى هنا مجدداً.

اندهش من طريقتها وضحك بسخرية وداعبها بمشاكسة: 
-لا أريد، فأنا أحبك أنتِ.

هدرت به بتذمر: 
-وإن كنت تحبني لما ضاجعتها؟ ألم تقل لي إنك لن تفعلها! ولولا أنها حملت بأحشائها لما اكتشفت خيانتك لي.

انهار ضاحكا وارتمى على الفراش لا يستطيع تمالك نفسه من كثرة الضحك وهو ينظر لها بتسلية تلك التي خطفت قلبه، أما هي فكانت تنظر له بحنق وغضب شديدين تقوس شفتيها وتبكي فلم يستطع تركها تبكي فوقف فوراً وسحبها داخل حضنه وربت عليها وهي تعافر لكي تخرج من حضنه ولكنه صمم على ضمها أكثر وهتف موضحاً: 
-ليست خيانه يا حبيبتي فهي زوجتى وقرينتي ومن حقوقي أن.....

قاطعته دافعه إياه وهدرت به: 
-هي زوجتك وأنا عشيقتك وأنت الفرعون ومن حقك امتلاك جواري ومحظيات وعبيد وعشيقات، ولكنني لا أستطيع تقبل الأمر.

ربت عليها بحنان وهمس لها بحب: 
-حبيبتي، تعلمين أن لا أحد يحتل قلبي غيركِ ولكن لابد أن تستمر سلالتي، وتعلمين لا يمكنني الإنجاب منكِ فكيف سأترك ذريتي؟

رفعت وجهها وهتفت بحزن: 
-كم أتمنى أن أحمل طفلك بأحشائي يا مولاي، وطالما أنا هنا فهذا لن يحدث.

تنهد بضيق وحرك رأسه ممتعضا من حديثها الدائم وقال بحدة: 
-بنترشيت، كم عام تحدثنا بالأمر، ولكم عام آخر سنتحدث فأنتي معي منذ أكثر من خمس سنوات ولا يوجد أحد بمكانتك ولا يستطيع أحد لمسك وكل ما نحن به ونعايشه بسبب نذورك الغبية التي ليس لها حل وليس بسبب ملكي، فهل تريدين مني ترك ملكي والذهاب معكِ لآخر العالم، أم تريدين أن أرسلك بعيداً وأزورك على فترات متباعدة؟

اقترب منها وقال بغزل: 
-لا استطيع الابتعاد عنك يا فتاة، لا أستطيع حقا.

قالت متذمرة: 
-ألم تكن مستعدا لذلك من قبل، أن تترك كل شيئ ورائك ونعيش سويا؟

اقترب منها أكثر حتى باتت حبيسته وهدأها متغزلا بها: 
-أنا أعشقك ولكن لا أستطيع ترك كل شيئ هكذا والحرب تحاوط البلاد من كل جهة.

قبلها قبلة عميقة وسحبها ناحية الفراش ولكنها وقفت متذمرة وقالت: 
-جل ما تهتم به هو المضاجعة والفراش، أما مشاعري وحياتي لا تهتم بها.

امتعض من طريقتها معه ووقف بغضب وخرج كالعاصفه تاركا إياها حزينة فجلست تبكي، ولكنه لم يستطع أن يبتعد كثيراً فعاد لها ودلف متحدثا بجدية: 
-أحبك وتعلمين ذلك، ساغادر صباحا لقيادو الحملة ولا أعلم لكم سأغيب!

جلس بجوارها وأكمل: 
-لا أريد الذهاب وأنتِ غاضبة مني فمنذ أن علمتِ بحمل الملكة تويا وأنتِ غاضبة مني.

التفتت ترمقه بنظرة معاتبة وقالت: 
-بعد زواج اﻻميرة تيا وذهابها من القصر جاءت الملكة ووبختني قائلة إن بذهاب الأميرة أصبح ليس لي مكان.

امسك راحتها ورد على حديثها: 
-لكنني وقفت أمامها ورفضت عودتك للمعبد، وها أنتِ ذا لا زلت بقصري وبجواري فلما التذمر والمشاجرة الدائمة معي؟ لم تكوني هكذا من قبل.

صمتت وأطرقت رأسها فنظر لعينيها وتغزل بهما وبجمالها:

لقد أثار حبيبى قلبي بصوته... 
وتركني فريسة لقلقي وتلهفي... 
إنه يسكن قريبًا مني... 
ومع ذلك فلا أعرف كيف أذهب نحوه... 
إنه لا يعلم برغبتي في أن آخذه بين أحضاني... 
ولا يعرف بما دفعني للإفصاح بسري... 
إن قلبي يسرع في دقاته عندما أفكر في حبي...
إنه ينتفض في مكانه...
لقد أصبحت لا أعرف كيف أرتدي ملابسي... 
و


لا أضع المساحيق حول عيني ولا أتعطر أبدًا بالروائح الذكية...

(قصيدة العاشقة العذراء بغزل الفراعنة)



لم تتمالك نفسها أمام غزله وقصائد الشعر التي يغدقها بها فتعلقت برقبته وقبلته بحب فسحبها معه بعالم الأحلام والحب الخالص.


استيقظ صباحا على طرقات الباب لقائد جيوشه وزوج ابنته توت فارتدى ملابسه وفتح له فانحنى الأخير له باحترام وقال: 
-لقد تجهز الموكب والجيش يا مولاي ونحن على أتم استعداد للمغادرة والحرب.


سأله سيتي: 
-هل أحضرت تيا معك؟

أومأ له مؤكدا: ستظل هنا لحين عودتي فلم أشأ تركها بمفردها، ربما تمكث مع بنترشيت يا مولاي.

التفت ينظر لتلك النائمة وعاد يصرفه هامساً: 
-حسنا تحرك أنت وأنا سألحق بك، فقط سأقوم بتوديع الجميع وبعدها ألحق بك.

انحنى توت مجدداً باحترام وغادر فالتفت سيتي ودخل يداعب وجهها بأنامله وهي تتذمر بكسل: 
-اتركني، أريد النوم.

قبلها من وجنتها وهمس لها بعذوبة: 
-هيا استيقظي حبيبتي حتى أزيل نار اشتياقي لكِ قبيل أن أغادر.

انتفضت فوراً ونظرت له بحزن هاتفة: 
-ستتركني مجدداً، أرجوك لا تتأخر تلك المرة.

مسح على كتفها وقال بجدية لا تتناسب مع بسمته الواسعة: 
-لا بد من قمع أي تمرد حتى أحافظ على حدود مملكتي من الأعداء، وتلك المرة سأضم مملكتهم لأرضي حتى لا اضطر لحربهم مجددا، ما رأيك؟

ابتسمت له ودفنت وجهها بصدره وهي تقول بصوت مكتوم: 
-أشعر أنني لن أراك مجدداً مولاي.

أبعدها ونظر بعينها وقال مؤكداً: 
-حتى وإن ذهبت للحياة الأخرى سأعود لأجلك ولن يوقفني أحد.

الصفحة التالية