رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 7 - 1 الثلاثاء 7/5/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل السابع
1
تم النشر يوم الثلاثاء
7/5/2024
❈-❈-❈
لهفتها الواضحة للعيان عندما استمعت لقرع الطبول و الهتافات الأتيه من الخارج تعلن عن وصوله سالماً ومنتصرا جعلت قلبها يرفرف فرحا وهي حقا لا تعلم متى امتلكها بهذا الشكل؟ أببضع لمسات وقبلات مسروقة حدثت مرة واحدة وغاب بعدها لأشهر طوال تجعلها متلهفة هكذا للقياه!
انسيت نذورها وخدمتها للمعبد والأكثر من ذلك نسيت ما قد ينتظرها إن علم أحد بفعلتها؟ ولكن هل يستطيع أحد أن يلقي عليها اللوم فهي لا زالت فتاة صغيرة لا تعي الكثير من أمور الحياة وجائها ليس فارس الأحلام كما تحلم بعض الفتيات ولكن جائها فرعون البلاد ذو الملك المهيب فمن يستطيع الرفض أو التمنع عن شخصه أو كيانه ومكانته؟
جلست تنتظر قدومه ولكن طال اﻻنتظار فشعرت بالخزي، ولما اعتقدت تلك البلهاء أنه سيجيئ ركضا لمقابلتها ويترك زوجته التي شارفت على وضع جنينه وولي عهده ربما إن كان ذكراً، وربما ظنت انه سيترك ابنته ولن يزيل نار اشتياقه لها قُبلا ويركض لعشيقته البلهاء التي استسلمت له دون مقاومة تذكر!
ربما ظنت أيضاً أنه قد يذورها قبل أن يذهب لملاقاة والده المريض الذي تدهورت صحته فجأة ودون سابق إنذار أثناء سفرته وأكد اﻻطباء أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة! وماذا عن جواريه الذي تعلم أن عددهم كبير ربما تعجبه واحده منهن كما اعجبته هي، فهل سيترك كل هؤلاء ليأت لها هي ويخبرها بقدومه؟
دلفت حجرتها وجلست على فراشها تبكي فهي تعلم أنها مجرد نزوة وخليلة لا أكثر كما استمعت من الكهنة عن أساليب الرجال لاتخاذ عشيقات وباﻻخص الملوك الذين قد يتخذون أكثر من قرينه بالإضافه للمحظيات والخليلات والعشيقات فهل ظنت أنها مميزة فقط لقوله أنها خاصته؟
انتحبت بكاءا وانهارت بحزن حتى استمعت لطرقات على بابها فمسحت عبراتها سريعا وتوجهت لفتحه بلهفة فما كان إﻻ القائد توت الذي نظر لها بحيرة من أنفها وعينيها الحمراوتين وسألها باهتمام:
-لماذا تبكين ؟
حركت رأسها هاتفة:
-لا شيئ.
لم يعقب على ردها فاﻻمر واضح وضوح الشمس فقال بإيجاز:
-حسنا تجهزي بسرعة.
سألته بدهشة:
-أتجهز! إلى أين أنا ذاهبة؟
رد باقتضاب ومرواغة:
-لا تتلكئي يا فتاة وفور انتهائك رافقي الحارس لخارج المنزل.
وافقت بانكسار وهي تلعن نفسها فها هو أول ما فعله عند عودته واتخذ قراره بإرسالها بعيداً عنه، وما كان بها إﻻ أن دنست شرفها وخدمتها للمعبد وفقدت معها اعز ما تملكه الفتاة والكاهنة بالاخص لتنحنى تلملم ثيابها بانهيار وبكاء توبخ نفسها بحزن:
-تستحقين أن تُقتلي بنترشيت، تستحقين الألم الذي تشعرين به والأكثر من ذلك تستحقين الذعر الذي ستعيشينه بالمعبد لحين اكتشاف أمركِ.
تحركت للخارج فوجدت الحارس واقفا باحترام ومطرقا رأسه لأسفل فقالت بإيجاز:
-أنا جاهزى ولكنني أريد توديع الأميرة تيا أولا.
رد رافضا:
-لا يمكنك، ليس لدي أوامر بذلك.
أخرجت تنهيدة مستسلمة وتحركت معه صوب الباب الخارجي للمنزل المرفق لمعبد ابيدوس الغير منتهي بعد ولكن وجدت الحارس يتحرك بعيدا عن المعبد كثيرا فسألته بحيرة:
-إلى أين؟ أليس من المفترض أن أذهب للمعبد؟
رمقها بنظرة عادية ورد موجزاً:
-لا.
بدأت شياطين عقلها تخرج أفكاراً برأسها فقالت لنفسها:
-سيأخذك بعيداً ويقوم بقتلك وربما إلقاء جثتك بالنيل حتى لا أفشي سر الفرعون، ولكنني لم أكن أنتوي فعلها يا مولاي.
بكت رغما عنها وهمست بصوت خافت استمع له الحارس بالرغم من خفوته:
-ليتك لم تفرط بي يا مولاي.
رددتها وكأنها تقبلت الأمر فهل بيدها حيلة؟ وصل الحارس لوجهته فأنزلها من على الفرس وأشار لها برأسه بإقتضاب:
-أدخلى هذا الكوخ وانتظري ولا تصدري صوتا.
رمقته بخوف وسألت متلعثمة:
-وماذا عنك؟ هل ستتركني هنا بهذا المكان المهجور بمفردي؟ أتريد قتلي بالخوف والذعر؟ فقط أفعلها سريعا ولا تعذبني أكثر.
استمعت لصوته الذي افتقدته وهو يخرج من الكوخ هاتفا بضحك:
-قتلك من الخوف! ولماذا أجعلهم يقتلوكي قيثارتي؟
التفتت تنظر له بلهفة واشتياق ولكنها ترددت من اﻻقتراب منه بوجود الحارس ولكنه لم يهتم وفتح ذراعيه ليستقبلها داخل حضنه فهرعت بسرعه ترتمي بداخله فأحكم قبضته عليها وأحاطها بحب وقبلها بلهفة:
-لقد اشتقت لكِ حد الألم قيثارتي.
ابتعدت تنظر له بانبهار فهل أحضرها إلى هنا خصيصاً ليتقابلا؟ ولكنها تخوفت ونظرت للحارس فابتسم لها سيتي وقال يطمئنها:
-لا تقلقي، فهو من أقرب رجالي وصندوق أسراري مثله مثل القائد توت .
أومأت بصمت فعادت تدفن نفسها بداخل صدره ولكنه أبعدها ونظر داخل مقلتيها وقال بتحذير:
-فقط هما بنترشيت، القائد توت والحارس حانوت رع فقط هما من يعلما ولا أحد غيرهما فلابد أن نحتاطِ حتى أجد حلا لنذورك الغبية التي ألقيتها بالمعبد.
بكت وقالت بحزن:
-لا يوجد أى شعائر للتملص منها يا مولاي فبمجرد إلقاء النذور تهب حياتك لخدمة المعبد إلى الأبد.
زم شفتيه وصر على أسنانه وقال بغضب:
-أعلم أيتها البلهاء، ليتني قابلتك قبلها ما تركتك تلقينها مطلقا.
أشار لحارسه بالوقوف أمام الكوخ وسحبها للداخل ليزيل نار اشتياقه ولوعته بتلاحم جسديهما وتناغمه بحب، وتلك المرة لم تشعر بالألم ولا بالرهبة كالمرة السابقة، بل شعرت بالحب والرغبة والاستمتاع.
ألقى سيتي جسده بجوارها يلهث من فرط مشاعره وسحبها داخل حضنه وقال هامسا بأذنها:
-اُحبكِ بنترشيت.
لم تصدق أذنيها فالتفتت تنظر له بدهشة فابتسم لها وسألها بمداعبة:
-تبدين كالفاكهة الجاهزة للأكل بهذا الوجه الملائكي.
قالت بتوتر:
-مولاي، ماذا قلت ؟
ردد كلماته بتأني وتأكيد على كل حرف:
-ا.ح.ب.ك بنترشيت، اُحبكِ يا فتاة.
ارتمت عليه تدفن رأسها بعنقه وهي تردد كلمته:
-وأنا أحبك يا مولاي وحبيبي، أحبك كالمياة والهواء.
ربت على رأسها هاتفا:
-علينا فقط توخي الحذر أكثر بنترشيت فكما لا أريد إغضاب والدي بذلك الوقت خصيصا وهو مريض، لا أريد إغضاب الكهنة فيقلبون عامة الشعب ضدي بذلك التوقيت الحرج.
أومأت بتفهم وهو يضيف:
-أعلم أنه بمجرد موت والدي سيثور الثائرون كما فعل سكان الجنوب وسيعود الحيثيين لمحاولاتهم اﻻستقلال عن حكمنا ولن استطيع وقتها الحرب بأكثر من جبهة لذا أريد منك توخي الحذر الشديد حتى أستطيع لملمة شتات البلاد وتقلد مقاليد الحكم بشكل قاطع.
أومأت مجدداً موافقة وهي تقول برقة:
-مولاي، أنا رهن إشارتك عبدتك وأمتك و......
قاطعها واضعا كفه على فمها معقبا:
-بل أنتِ ملكتي ومليكتي، قيثارتي وحبيبتي وقرينتي أيضاً أيتها الجميلة بنترشيت.