رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 7 - 2 الثلاثاء 7/5/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل السابع
2
تم النشر يوم الثلاثاء
7/5/2024
استمعت لاصوات الهرج الدائر بأرجاء المكان فخرجت من حجرتها وسألت الحرس بحيرة:
-ماذا يحدث بالخارج؟
رد الحارس بإيجاز:
-توفى الملك رعمسيس منذ لحظات.
لمعت عينيها وأخرجت زفرة حزينة وقالت بأسف:
-آه يا للخسار.
ارتدت ملابسها الخاصة بالمعبد بعد أن جائها الحارس يخبرها بأمر الكاهن بعودتها من أجل التجهز لمراسم التحنيط والدفن للملك الفقيد والذي لم يستمر بالحكم طويلا ومات فلم يجدون الوقت الكافي لانهاء مقبرته الخاصة.
دلف الفرعون سيتي مرتديا زيه المرصع بالذهب والأحجار الكريمة وعلى رأسه التاج الملكي للوجه البحري والقبلي ومشى بخطوات ثابتة نحو الممشي حتى وصل للمذبح الخاص بالمعبد ووقف أمام جثة والده المحنطة و نظر لها بحزن محاولا التماسك فوجد يدها تربت على ذراعه فالتفت هامسا:
-لماذا أتيتِ تويا؟ أنتِ بشهرك الأخيرةد من الحمل وتحتاجين للراحه.
ابتسمت له وردت معقبة:
-لا يمكنني أن أتركك وحدك بهكذا موقف.
ابتسم لها ولكنه فور أن لمح تلك الواقفة بجوار مثيلاتها من الكاهنات تنظر له باقتضاب وغيرة حاول أن يتهرب من نظراتها الغيورة وبمجرد أن ابتعدت عنه الملكة نظر لها بدون حرص فاحتقنت عينيها بالغيرة والغضب فحرك رأسه ممتعضا من منظرها الغاضب.
انتهت المراسم فآثر البقاء وأمر حارسه الأمين بإحضار ملابس ليتخفى بها ووقف أسفل نافذة الغرفة الخاصة بالكاهنات وناداها وكأنه يلهو معها:
-قيثارة الحب، قيثااارتي.
خرجت تنظر له بجحوظ عينيها وأشارت له بالصمت وخرجت لتقابله و هى تتذمر بغضب: الغرفة مليئة بالكاهنات ومن الممكن أن تستمع إحداهما لصوتك المنادي.
غمز لها وقال بغزل: لا أهتم، قد أخرج للعامة أقول بميدان الشعراء أنني أعشق تلك الفتاة الصغيرة التي سرقت قلبي وتغار غيرة حمقاء من قرينتي.
دفعته بطفولة هاتفة بتوبيخ:
-قرينتك وزوجتك وأم ابنائك، وأنا ماذا؟
رد بتأكيد:
-أنتِ من تملكين قلبي وكياني وقطعة من روحي.
ابتسمت وسألته بدلال:
-وماذا عن باقي روحك؟
رد موضحاً:
-ملكٌ لابنائي يا حبيبتي، أﻻ يستحقون حبي وروحي؟
أومأت وقالت:
-أنا أحب الأمير تيا كثيراً.
عقب عليها مضيفا:
-وستحبين الأمير القادم أيضاً لأنه قطعة من روحي، والتي هي روحك أيضاً قيثارتي.
❈-❈-❈
مر الوقت سريعاً حتى جاء موعد وضع الملكه لمولودها فأنجبت ولدا كما توقعت العرافة فأُقيمت الأفراح والاحتفالات التي ظلت لأربعين يوما احتفل بها الملك والحاشيه مع عامة الشعب بالمولود الجديد والذي سيخلف أباه بالحكم، ولكن وسط كل تلك الفرحة لم يستطع اﻻحتفال بعيدا عنها أكثر، فانتهز أول فرصة للتقرب منها وأمر حارسه بأخذها لمكانهما الخاص وركب جواده وتحرك به سريعاً صوب الكوخ فوجدها جالسة تتربع بجسدها واضعة يدها أسفل صدغها فرفع حاجبه وسأل بحيرة:
-لما جميلتي متجهمة وحزينة هكذا؟
ردت بصوت طفولي متذمر:
-فور أن أنجبت الملكة تويا نسيتني تماماً يا مولاي ولم تسأل عني وانشغلت بابنك.
ضحك وداعب أسفل ذقنها هاتفا:
-تغارين من تويا وتفهمت الأمر، والآن تظهرين غيرتك من الرضيع الصغير.
ردت تسأله بتلاعب:
-آه، ماذا اسميته؟
ضحك وكأنها لا تعلم فقد علمت المملكة بأكملها ولكنه جاراها أكثر ورد:
-اسميته رعمسيس تيمناً بوالدي الراحل الذي نصبني ملكا على البلاد وهو لا يزال على قيد الحياة.
ردت بجدية:
-ألم تكن ابنه الوحيد؟ هذا هو المتوقع إذا.
سألها بمداعبة:
-إذا إن لم أنجب سوى رعمسيس فسأنصبه ملكا على عرشي أليس كذلك؟
ردت بتحفز:
-إن أوفيت بوعدك ولم تتخذ لنفسك قرينة أخرى أو توقفت عن معاشرة الملكة تويا وجواريك فأنا كما تعلم لن أكن أماً لابنائك ما حييت.
قبلها قبلة عميقة وقال بتأكيد:
-لا يهم إن لم تكوني أما لابنائي ألا يكفيكِ أن تكوني كل حياتي! أنا لم ولن اتخذ لنفسي لا قرينة ولا حبيبة ولا عشيقة غيركِ أنتِ قيثارتي، وأما عن مضاجعتي لتويا فقد توقفت عن ذلك منذ تلك الليلة التي تذوقتك بها وعلمت أنني بعد تذوقي لفاكهة الجنة لن يعجبني تلك الفاكهة على الأرض مجدداً.
ابتسمت من غزله بها وتعلقت برقبته هاتفة بحب:
-أحبك مولاي وحبيبي.
رد هائماً:
-وأنا أعشقكِ قيثارة الحب، حبيبتي وعشيقتي وروحي المعلقة بجسدك الصغير هذا.
اعتلاها على الفور وبدأ ممارسته معها ولكن توقفا فجأة على ذلك الصوت المعلوم لهما جيدا والقادم من الخارج يتضارب بصوت الحارس فجحظت عينها بذعر ولملمت الأغطية على جسدها بذعر وبدأ هو بارتداء ملابسه بعجاله وهي تسأل بترقب:
-ماذا سنفعل؟
نظر لها مؤكداً بنظرة جامدة وجادة:
-لا تخافي، فمن معكِ هو الفرعون سيتي مرنبتاح الأول ولن يقدر أحد علي إيذائك أو الإقتراب منكِ حبيبتي.
خرج بعد أن ارتدي ملابسه وأغلق الباب وراؤه بمنتهى الهدوء ونظر لحالة الهرج التي أمامه فالتفت لحارسه الأمين وأشار له بالابتعاد قليلا ففعل دون تعقيب واقترب منها ناظرا لها بعيون مرتكزة على انفعلاتها الحادة ولم يتحدث بل ظل ينظر لها نظرات أخرستها تماماً عن الصراخ الهادر الذي أخرجته من جوفها فابتلعت ريقها بتوتر من شكله الجامد والهادئ لتفكر بداخلها ماذا يضمر لها؟
بللت شفتيها بطرف لسانها وهتفت بقوة مصطنعة:
-من معك بالداخل؟
اتسعت ابتسامته وهو يرمقها بنظرة لا مبالية ورد:
-عشيقتي.
لمعت عينيها وتجمعت العبرات بمقلتيها فصرخت:
-لماذا؟ أنا لا أستحق تلك المعاملة منك، فكما ارتضيت بك وأنت مجرد رجل عسكري وأنا من دماء ملكية كان لا بد لك أن تعلم انتي لا أقبل بوجود شريك لي فيك.
حرك رأسه للجانب متعجبا من حديثها وردد:
-ارتضيت بي! أنتِ زوجة الفرعون يا امرأة.
عقبت عليه مؤكدة بغضب:
-ولأنني زوجة الفرعون لا يمكن أن أقبل بذلك فأنا...
قاطعها عاقدا حاجبيه بغضب وتحذير وأردف:
-احذري أن تتخطي حدودك معي تويا ، فليس لأنني لم أضاجع الجاريات اللاتي أمتلكهن يعطيكي الحق بالتحدث معي هكذا، فأنا من امتنعت وليس خوفا منك أو إعزازا لنسبك الملكي ولكن فقط لأني لا أريد.
سألته بضيق وحدة:
-وماذا حدث لتغير رأيك الآن والأكثر أن تفعلها مختبئأ هكذا؟
اقترب منها وأمسك ذراعها بحدة صارخا بها:
-ليس من شأنك، أنا افعل ما أريد وليس من حدك أن تحاسبيني أيتها البلهاء.
بكت وأصرت على معرفة الأمر:
-من معك بالداخل؟ من هي التي فضلتها علي أنا الملكة تويا؟
رد مقتضبا:
-ليس من شأنك ولن أكرر حديثي، واﻵن كما خرجت بدون إذن مني وأحضرت معك ذلك الموكب، عودي من حيث أتيتِ ولا أريد لا التحدث ولا المجادلة بهذا الشأن مرة أخرى وإﻻ......
صمت ونظر لها بحدة وأكمل:
-وإﻻ بدءا من اليوم ستجدين خليلة جديدة بفراشي كل ليلة، فهذا نهج الملوك منذ قديم الأزل ولم أستمع لتذمر زوجاتهم من قبل.
اقتربت منه وعانقته باكية ترجوه بحزن:
-مولاي، أنا ﻻ أستطيع تقبل الأمر فإخفائك لهويتها وامتناعك عن مضاجعة الجميع حتى أنا ووجودك معها الآن لا يأت من فراغ، هي مميزة بالنسبة لك فمن هي؟