رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 15 - 2 الخميس 16/5/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الخامس عشر
2
تم النشر يوم الخميس
16/5/2024
فتحت عينيها فوجدته بجوارها متكئا على الفراش واضعا ساعده فوق جبينه فأمسكت بريشه كانت بجوارها وبدأت بتمريرها على وجهه وذراعه فرمش قليلاً وحاول إبعادها، ولكنها كررت فعلتها ووضعتها أمام أنفه فنفر بأنفاسه وفتح عينيه ينظر لها بمشاكسة وداعب أسفل ذقنها قائلاً:
-شقية.
ضحكت واعتدلت بجسدها على الفراش فسحب سيتي نفساً عميقا وزفره بتمهل فسألته:
-أتشعر بالكسل والخمول ؟
نفى بحركة رأسه وقال:
-إجهاد وتعب، قوتي تضعف وعالمي يندثر.
قالت له بهدوء:
-لقد قارب الوقت، الروحاني معي اﻵن يقوم بطقوسه.
أومأ لها وأضاف:
-أشعر بحضوره، ولكن قوتي أضعف من أن تستجيب لطقوسه.
لمعت عينيها واتسعت بذهول وصاحت:
-ماذا تقول؟ هل يمكن أن تفشل المحاولة؟
رد بخواء داخله:
-أظنها ستفشل بنترشيت.
بكت ورمت نفسها بداخل حضنه هاتفه بحزن:
-وما سيحدث إن فشل؟
رد مؤكداً:
-مع الأسف سأنتهي تماما قيثارتي.
رفضت بحركات متتاليو من رأسها وقالت مؤكدة بحزن:
-إن حدث سأظل أنا معك ولن أعود.
ابتسم لشعوره بحبها من جديد فقد افتقد هذا الشعور بعد أن ظن أنها توقفت عن حبه:
-إن حدث سيندثر هذا العالم وسأفنى تماماً ووقتها لن تستطيعي البقاء معي، فربما تموتين وأنا لا أريد ذلك.
بكت وانتحبت وهي تصر على رأيها:
-حتى وإن كان فأنا لن أتركك مجدداً مولاي وحبيبي سيتي.
اتسعت بسمته واعتدل فورا وهب به النشاط فجأة وداعب وجهها بأنامله فلاحظت نشاطه وسألته بحذر بعد أن فهمت أنه يتصنع:
-أتتلاعب بي؟
نفى مؤكداً:
-لا، ولكنني اشتقت لعشقكِ وحبكِ.
تضايقت من تلاعبه بها فضربته بصدره توبخه:
-كدت أموت رعباً وأنت تمرح أليس كذلك!
سحبها داخل حضنه وربت على رأسها يقبلها بحب معتذرا:
-آسف حبيبتي، فقد تخطيت حدودي ولكن عذري الوحيد هو ذلك العشق الخالص الذي دمرني ومزق فؤادي.
أغلقت عينيها وهي داخل حضنه تستمع لنبضات قلبه فغفت قليلاً لتستيقظ فتجد نفسها بمنزل ذلك الروحاني فاعتدلت بلهفة متسائله:
-ماذا حدث؟ هل نجح الأمر؟
ابتسم لها جريجوري وأومأ مؤكداً:
-نعم نجح، ولكنه ليس استحواذ كامل فلقد ضعفت قوى الفرعون سيتي كثيراً ولم استطع فعلها بشكل دائم.
جعدت جبينها تسأله بحيرة:
-ماذا تقصد؟
أجاب مفسرا:
-فقط يستطيع أن يحتل جسده بأوقات متفرقة من اليوم وليس بشكل دائم .
احتدت تعابيرها فكيف يعتبر هذا نجاحاً وصرخت رافضة:
-هذا غير مقبول، كيف يفترض بي أن أتعامل معه.
تذكرت وقت أن استحوذ سيتي على جسد صديق والدها وعندما تركه لم يتذكر الآخر شيئا فقالت باستنكار:
-كيف من المفترض أن اتعامل مع إمام؟ ماذا سأقول له وقت عودته ونسيانه ما حدث بأوقات استحواذ سيتي عليه؟
أجابها الروحاني بعدم اكتراث:
-الأمر ليس بيدي فقوة الملك كانت ضعيفة وهذا أفضل ما عندي فتعاملي معه حتى نجد حلاً أفضل فيما بعد.
هتفت مارسيل مقترحة:
-كما فعلتِ بعيد مولدك فأنا لم أنس ما حدث ولم يفهمه غيري، تستطيعين إقناعه أنه ثمل ونسى ما حدث.
سخرت مجيبة بضيق:
-إمام لا يشرب الخمر، فكيف سأفعلها اﻵن؟
❈-❈-❈
استيقظت بالصباح وارتدت ملابسها وتجهزت للذهاب للجريدة وهناك تقابلت معه فنظرت لعمق عينيه، لكي تستطيع التفرقة بينهما ولكن أحيانا يخفيها إمام بالنظارات كما يفعل الآن، نادته بصوت رقيق:
-إمام، صباح الخير.
اقترب منها مبتسما وقبل وجنتها على غير عادته وقال بلغته الفرعونية:
-صباح الشمس وآلة الجمال.
ابتلعت ريقها بوجل ونظرت له هامسة:
-سيتي¡
غمز لها بطرف عينه مبتسما وسحبها لداخل المكتب وأغلقه فورا وقبلها على الفور دون مقدمات فاستجابت له مما دفعه لتعميقها أكثر وأكثر حتى انتبهت لوجدهما بمقر عملهما فابعدته لاهثة وقالت بتحذير:
-توقف، قد يرانا أحد.
رد مبتلعا ريقه بنهم:
-اشتقت لشفاهك قيثارتي.
داعبت جانب وجهه وتوسلته:
-مولاي أتوسل لك، أنا لا أريد أن يلاحظ أحد ما يدور حتى نجد طريقة للاستحواذ الكامل.
أومأ لها مطيعا إياها وهو في قمة سعادته:
-جسده قوي، أشعر أنني قد عدت لسابق عهدي وشبابي.
سألته بحيرة:
-كم تستطيع المكوث معه هكذا؟
أجابها محركا رأسه بعدم اكتراث:
-لا أعلم، ها أنا أجرب وسأتدرب على البقاء أوقات طويلة حتى استحوذ عليه بالكامل.
سألته بفضول:
-هل يمكنك فعلها؟
رد مقبلاً إياها:
-سنرى.
انحنى من جديد ليقبلها وكأنه لا يستطيع اﻻبتعاد عن نكهة شفتيها حتى دخل مدير التحرير عليهما بهذه الحالة فتنحنح بحرج:
-أعلم أنكما شارفتما على الزواج ولكن هنا مكان عمل وليس غرفة فندقية.
زغر له سيتي بعينه ولكن دورثي حاولت تدارك الأمر قبل أن يثور ويخرب كل شيئ فأمسكته من راحته والتفتت تعتذر لمديرها:
-اعتذر سيدي ولن يتكرر هذا.
عادت تنظر له بضيق وتحذير وهدرت بتوبيخ:
-لا تفعلها مجدداً فأنا لا أريد أن أخسر عملي.
رد متعجبا:
-أفعل ماذا؟ وماذا أفعل هنا؟
انتبهت لنبرة صوته الغريبة نسبيا فتأكدت أن إمام قد عاد فحاولت تدارك الأمر وقالت:
-ما فعلته للتو إمام، فلقد أحرجتني.
تجهم وجهه وهو ينظر لها بحيرة وكم آلمها رؤيته متخبطا إلى هذا الحد:
-ماذا، ماذا فعلت؟
تلعثمت وتوترت هاتفة:
-قمت بتقبيلي ورآنا مدير التحرير وقام بتوبيخنا، أﻻ تتذكر؟
نفى بتيه وحيرة فربتت على يده وسحبته ليجلس وناولته كوبا من المياه فارتشفه كله دفعة واحده وابتسمت له تنوي التلاعب بعقله:
-تريد أن تدعي أنك لا تتذكر حتى لا أحاسبك على فعلتك سيد إمام عبد المجيد، أليس كذلك؟
حاول النفي ولكنها لم تعطه فرصه وأضافت:
-حسنا سأمررها هذه المرة، ولكن ثق أن المرة القادمة لن تمر هكذا، أفهمتني؟
لم يكن بيده حيله سوى أن يوافق على ما قالته وهو متعجباً من أمره فمتى حدث له أن نسي بهذا الشكل، قد ينسى أحداث يوم مر عليه فترة زمنية بعيدة ولكن أن ينس هكذا بلمح البصر وكأنه لم يكن موجودا بالأساس هذا هو الغريب!
وقف متجها للحمام وهناك قام بغسل وجهه مرات متتالية ونظر للمرآه هاتفا:
-ماذا يحدث لي؟
اغلق عينيه وفتحها ناظرا لنفسه بالمرآة مبتسما بقوة وغرور وأغلق الصنبور وخرج يهندم سترته المبتلة نسبيا ودلف مكتبها من جديد فنظرت له قائلة باستنكار:
-حاول أن تجفف نفسك حتى لا تصاب بالبرد.
سألها بنبرته المعلومة لديها ولغته الهيروغليفية:
-تخافين عليه؟
زمت شفتيها للأمام وضحكت بانهيار:
-هذا جنون سيتي، لن يمكننا العيش هكذا.
اقترب منها وداعب خصلاتها هاتفا:
-اصبحت سيتي اﻵن دون مولاي؟
رمقته بنظرة جادة وقالت بضيق:
-استمع لي، إمام يمكن أن يجن إن استمريت على هذا، لذا لا بد أن نتفق على مواعيد ثابته لظهورك لا تجعله يشك بقواه العقلية.
شعر بالغيرة تحرقه لخوفها عليه فهدر بعنف:
-لماذا تهتمين لامره هكذا؟ أﻻ يكفيكِ أنكِ كدت تتزوجيه وتفضلينه علي!
مسحت بأناملها الرقيقة على وجهه حتى تهدأه وقالت له بهدوء مطنبة بالحديث:
-حبيبي ومولاي وكل عالمي، إن تركته ليصبح مجنوناً فسيودعوه مصحة الأمراض العقلية، ووقتها لن نستطيع أن نجتمع سويا وأنا لا أريده أن يلاحظ شيئا فيذهب للطبيب، وأنت تتذكر جيداً أنه عندما أودعت المصحة وتلك العقاقير كانت تضعفني كثيرا وتضعف تواجدي ولا أريد أن يحدث ذلك معك فنخسر ما قد وصلنا له .
زفر بضيق وسألها بحيرة:
-حسنا، ما الوقت المناسب من وجهة نظرك؟
أجابته بعد تفكير:
-وهو نائم يمكنك وقتها التصرف كما يحلو لك ولن يشعر ولن يمانع أو يتعجب.
رفع شفته العليا مستنكرا ورفض:
-لا، تريدني فقط وهو نائم! لن يكفي وكيف سأتواجد معكِ وهو نائم ببيته وأنتِ ببيتك؟
ردت تهدأه وتوضح له:
-فقط تحل بالصبر حتى نتزوج ووقتها سنصبح سوياً مجدداً بأحضان بعضنا البعض حبيبي ومولاي.