-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 17 - 2 الخميس 13/6/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل السابع عشر

2

تم النشر يوم الخميس

13/6/2024

❈-❈-❈

قطبت ديمة جبينها وتحدثت بنبرة ذات معني


= انا مش عارفه بتبرريلي ليه انا ما سالتكيش ولا كنت هسالك أصلا، وحتى انشغلت ونسيت الموضوع وما حطيتش في دماغي ان اجاي واسالك ولا انتٍ تيجي وتشرحيلي... لان الموضوع خاص بيكي لوحدك ومش فارق معايا بقى اذا كنتي مضطره تكملي تعليمك من وراهم عشان هم مش راضيين ولا لأ .


ابتلعت ما في جوفها وتحدثت بما يشبه الرجاء


= انا عارفه ان انتٍ بنت حلال وكويسه من ساعه ما غطيتي عليا ساعه الفرح وما رضيتيش تكذبيني بس كان لازم برده اجي اوضحلك الوضع، و اني ليه مضطره اكذب عليهم كذبه زي دي.. انا عارفه أني غلط مش هبرر لنفسي لكن والله غصب عني


فهمت خوفها جيد الخفي منها لذلك حاولت أن تطمئنها وهتفت بنعومة


= بسمة صدقيني انتٍ مش مضطره لا تكذبي ولا تبرري ليا، لكن لو عاوزه نصيحتي حاولي تحلي الموضوع وتقولي لهم، المره دي انا اللي شفتك والحمد لله عديت على خير لكن المره الجايه محدش عارف اللي ممكن يحصل.. وانا بتكلم لمصلحتك والله .


أومأت الأخري موافقه وأجابتها فوراً 


= انا فاهماكي ان شاء الله بس تجيلي فرصه كويسه واقول لهم كل حاجه انا اصلا متضايقه طول الوقت ان انا بكذب عليهم.. بس الموضوع شكله هيكون لمصلحتي وهنكون أصحاب مش كده ؟!. 


تنهدت ديمة بارهاق و فاقت من شرودها... استقامت تتأمل ذاتها في مرآة الغرفة بشرود، كانت ذات بشرة بيضاء لفحتها الشمس فخطت آثارها فوقها، عينان زرقاء ورثتهما عن جدتها كان لهما الفضل في لفت بعض الأنظار إليها، كانت ملامحها جذابة تريح الناظر إليها وبذلك الجمال اوقعها في مشاكل مؤخرا، تلمست شعرها لتختنق عيناها بالعبرات، هي لا تريد نفسها هكذا ضعيفه و مستسلمه! ودائما تبكي على الأطلال ولا تعلم ماذا عليها أن تفعل..


زفرت بقله حيله قبل أن تتوجه الي فراشها لتدس نفسها بين أغطيتها مناجية نوما ينتشلها من بين أفكارها اللعينة.. فهكذا تقضي عطلتها بالهروب بالنوم والمذاكره! لا تعلم لما تذكرت حديث آدم معها من قبل حينما كان يدعمها ويقوي إيمانها حتى تخرج من تلك الحاله


فهي لا تنكر أن كلماته بالفعل اثرت بها بقوه! لكن تحتاج الى دافع قوي وعزيمة واراده لتجعلها تتخطى المستحيل وتكون افضل.. 


فما الذي تنتظره بالفعل؟ البكاء والندم من هنا الى آخر الحياه لم يفيد في شيء، يجب أن تنظر إلى الجزء المليء من الكأس، ولا تنظر للجزء الفارغ منها، فالتفاؤل والأمل رؤية ما تبقى في الكأس، وليس في التحسر على ما شرب أو أريق منها فائدة، في دوامات الندم و افظع شعور هو الذنب الذي جعل هيثم ذلك الحقير يطرق وجدانها.. و الخيبة أن تحب الشخص الخطأ بالطريقة الصحيحة.


وهذا ما فعلته تماماً وإدراكت مؤخراً أن هدفه الأساسي كان هو زعزعة إيمانها بقضاء الله وقدره إلا أنه ضربها بالصميم.. واستسلمت له في لحظه ضعف تدفع ثمنها الكثير من الوقت الحالي.


عادت ونهضت من جديد لتنظر حولها تريد تشغل نفسها في اي شيء يجعلها تعود و تمارس حياتها بشكل طبيعي دون التفكير في شيء يفسد يومها، لتلمح كوم الملابس المتسخه خصتها وفكرت ان تذهب وتغسلها بنفسها.. أخذت سله الغسيل بيدها ثم خرجت من غرفتها وهي تنوي الذهاب الى المطبخ! حيث كانت الغساله بالداخل.


وفي طريقها وقفت تنظر إلى غرفه آدم بصمت عده ثواني تفكر هل يجب أن تسأله اذا كان لديه ملابس متسخه حتى تساعده لو بجزء صغير مثل ما كان يفعل معها طول مده اقامتها هنا؟ فهي لم تشارك في عمل المنزل كامرأه تسكن مع شخص يدعي زوجها حتى لو كان على الورق فقط .


نظرت إلي الباب من بعيد مترددة ولكنها في النهايه تحركت إلى غرفته وهي تضع في عقلها الكثير من الحوارات في كيف سوف تسأله عن ملابسه وكأنه أمر صعب جداً عليها.. تلاشت كل الأفكار عندما أصبحت أمام باب الغرفه، نظرت مطولاً إلي يدها المرفوعه التي كانت على شكل قبضه فوق الباب ولكنها لا تتحرك ؟!. 


ليس لديها الجرأة أن تطرق الباب حتى وبعد

طرق الباب كيف سوف تسأله إذا هناك لدي 

ملابس متسخة ويريد غسلها وفي دوامه أفكارها لم تشعر إلا بالباب الذي أمامها تم فتحه، ليظهر آدم عاري الصدر مع قميصه الذي في يده فمن الواضح كان يريد الخروج .


ولكنه وقف وهو يلمح ديمة أمامه ترمش

عده مرات وسريعاً وجنتيها أصبحت حمراء وضغطت على شفتيها بقوة من الارتباك فلم تتوقع خروجه في نفس اللحظه.


نظر آدم إليها وهو يرفع حاجبيه وعيناه

وقعت على يدها التي كانت مازالت مرفوعه

أنزلتها ديمة سريعاً ووضعتها خلف ظهرها وهي تنظر الى الارض ثم أردفت بحرج شديد


= عندك هدوم مش نظيفه محتاجه تتغسل ؟! 


صوتها كان منخفض وبصعوبة آدم سمعها ولكنه نطق بهدوء وهو يمسك قميصه الذي كان على ذراعه


= لا شكراً ، بس لو عاوزه تساعديني ممكن تركبيلي زرار القميص ده اتخلع مني 


رفعت راسها إليه ثم تركت الملابس من يدها دون أن تشعر إلا عندما شعرت بقرب آدم منها وهذا جعلها تتراجع إلى الخلف قليلاً وارتعش بدنها سريعاً، استغرب الآخر من رده فعلها هو لم يفعل لها شيء لكنها مازالت تخشى الاقتراب منه.. لكن عندما انتبه الى نفسه أنه عاري الصدر عرف السبب .


بعد ربع ساعة بداخل صاله المعيشه، كانوا يجلسون فوق الأريكة الاثنين بينما آدم ارتدى قميص آخر و ديمة جانبه تخيط له الزر بالقميص 


أبتسم هو علي منظرها وهي تخيط الزر بعناية فائقة أحب منظرها ذلك أمامه، النقاء البريئ المنعكس منها، كم كان منظرها نقياً! بعد دقائق هتف باهتمام 


= أخبارك إيه يا ديمة.. مرتاح في سرير غير سريرك اللي متعوده عليه في بيتك ؟


رفعت راسها وهي تُحدِق بعيناه السواد 

القاتمة التي يحطيها كم هائل من الرموش

السوداء، ثم أجابته بعفوية


= شويه.. يعني الواحد لما بيسيب البيت اللي كبر واتربى فيه عادةً مبيـبقاش مبسوط ولا مرتاح يعني 


هز آدم رأسه بهدوء ثم هتف متسائلاً


= عارفه تنـامي !؟


مطت شفتاها بضيق شديد وهي ترد بإحباط


= ماهي دي المشكله.. لسه مش لاقي المكان اللي أعرف أنام فيه


وضع عينيه بعينيها وهو يتنفس بعمق ثم هدر قائلاً 


= ومش هتلاقيه يا ديمة


عقدت حاجبيها بغرابة والحيرة تسكن وجهها 

من كلماته وهي ترد باستغراب


= ليه بس كده..!! بتحاول تحبطني ليه.


استكانت أنفاسه ثم أردف بثبات عاقدًا العزم على إنهاء ما بدأه


= لا خالص الموضوع مش احباط، بس طول ما انتٍ نايمه في اي مكان وعقلك لسه شغال بالتفكير في اللي فات مش هتلاقي اللي يريحك.. حاولي تشتغلي عقلك وتوقفي عن التفكير في الحاجات الوحشه وانتٍ تلاقي المكان اللي يريحك 


هزت رأسها متفهمة حديثه ثم أجابت بصوت محرج 


= انا بحاول اتعود على حياتي الجديده هنا فعلا، وبدات النهارده كمان وكنت رايحه اغسل الغسيل 


لاحظ آدم خجلها وتفهم السبب ليقول بجدية 


= طب ومالك بتقوليها وانتٍ مكسوفه ليه؟ كويس الحاجات البسيطه دي بتفرق في نفسيتنا استمري وانتٍ كده هتشغلي نفسك،

يعني النهارده بدأتي تغسلي هدومك.. بعدها روقي اوضتك وتذكري أو اقراي كتب جديدة و مفيدة ليكي، أو شوفي ايه اللي ناقصك واي حاجه عاوزه تتعلميها جديده في حياتك ابدئيها كمان ده هيكون كويس 


صمتت بتفكير ثم إبتسم ثغرُها لا اراده منها عندما تطلعت بالبيانو داخل غرفه المكتب أمامها وهو لاحظ ذلك وتفهم سبب نظراتها لكن تركها هي بنفسها تطلب منه أن يعلمها حتى تكسر الحاجز الذي بينهم! لكن مع ذلك الشغف الذي داخلها هتفت قائله بصوت هادئ 


= حضرتك قلتلي قبل كده ممكن تعلمني الأكل؟ لما قلت لك طول السنين اللي فاتت حاولت اتعلم وفشلت وانت قلتلي الموضوع بسيط .. ممكن تعلمها لي دلوقتي .


رفعت يدها بالقميص عندما انتهت منه، وهو 

تنهد بأسف ينظر لتحرُكاتها الصغيرة الشاردة ثم إمتدت يداهُ نَحو يدُها التي تعبث بالغطاء على الطاولة، أخذ كفها الصغير بين كفه لترفع رأسُها نحوه وفي عينيها بريق حزن يزيدُها جمالاً، شدد على إمساك كَفها يخاطبها بنبرته العميقة الجادة


= تمام ما فيش مشكله اذا كان ده هيفرحك ويغير من نفسيتك ويطلعك من الحاله اللي انتٍ فيها ما عنديش مانع اكيد، ديمة انا مش عارف لما تقفلي باب اوضتك عليكي بتقعدي تفكري في ايه؟ بس متاكد انك بتفكري بالشاب اللي غدر بيكي وظلمك لما وثقتي فيه .. لازم تتعلمي اللي يسيبك وانتٍ بتتالمي وتتعذبي 

ما ينفعش تفكري فيه وتسيبي للزمن! وبالرغم من أنكِ الطرف المُتأذي في العلاقة المسمومة دي إلا أنكِ هتكوني الأقوى..


ليكمل و عيناه عليها ليجد بأن بريق عينيها

يتضاعف شغف لكلماته، إستأنف بنبرة ثابتة


= البنات الفتينات اللي زيك بيستخدموا عقلهم و ما ينفعش يحطمهم مجرد كائن إسمه ذكر... اتخلي عن كل حاجه بتسببلك أذى حتى لو كنتي بتحبيها


سحبت كفها مُنه سريعاً ثم قهقهت بصوتاً خَفيض تهتف بحرج وهي معتقدة يمزحها


= هو حضرتك شايفني من البنات الفاتنات !؟..


صمت ثواني يَنظُر لَها بعينان تتفجر منها الشغف والجُرئه هاتفا


= وأشدُّ فتنة كمان.. الحزن مش لايق علي جمالك يا ديمة عشان كده بلاش منه.


قال ذلك فرفعت بصرها بعدم استيعاب على كيفية نطقه لحديثه المعسول بهذه الطريقة السلسة الناعمة والمخيفة بنفس الوقت كما شعرت بها فقد وترها نطقه لتلك الكلمات، رغم انها لم تكن المره الاولى والوحيدة التي تسمع أحد يغازلها لكنها كانت مختلفة عن قبل!. 


نظرت له فغرق في جمال زرقاوتيها الامعة فتبدلت ملامحه لاخرى كأنها متعذبة! كانت طريقتة غريبة! سلسة لكنها مثقلة.. وسرعان ما رفعت يدها تُغطي وجهها عَنهُ بِكلتا كفيها بحرج أكبر فأبتسم هو لتصرفاتها العفويه.. 


هو لا يعلم لما أخبرها كذلك لكن برر أنه فعل ذلك حتي يخرجها من مود الكابه، فأطباعها تختلف عن أي فتاة قد قابلها. تختلف كثيراً في زمن أصبحنُ النساء نُسخ مُقلده...

الصفحة التالية