رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 18 - 7 الجمعة 21/6/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثامن عشر
7
تم النشر يوم الجمعة
21/6/2024
عادت تسأله مهتمة وهي محدقة به بثبات
= بقول لك بتحب الفاصوليا ولا ما لكش فيها واعمل حاجه ثانيه على الغداء اصل انا لما سألتهم تحت لقيت بعضهم يعني مش عارف بتحب تاكل إيه وعشان كده قلت اسالك انت أحسن.
ظهرت الصدمه والحيرة عليه فدفعته ليأكل قائلة برجاء رقيق
= رد عليا وانت بتفطر عشان تلحق تاكل و والدك ما يتصلش بيك يستعجلك وتسيب الاكل وتنزل
عقد حاجبيه باستغراب قائلاً موضحاً
= استني بس ما هو انا مش متعود افطر ما كنتيش تعبتي نفسك .
صدح صوتها مجدداً تجذب يده للتذوق وهي تقول بلهفة
= ما انت هتتعود من اول النهارده هو انت نسيت كلامنا وقت الخطوبه ولا ايه قلت لك ما فيش اكل من بره، من بعد ما نتجوز يلا قول اللي نفسك فيه.. وما تقلقش انا هتصرف وابعته مع اي حد على الوكاله بتاعتك وهستناك على العشاء .
ضاقت عينيه يحاول يستوعب الامر وسبب تغيرها الغريب هذا ثم قوس حاجبيه مجيبا إياها بنزق
= مالك يا ضحى في ايه هو انتٍ عاوزه حاجه
أومأت له تقول وهي تحافظ على ابتسامتها الرقيقة
= عايزك تدوق الأكل وتقول لي رايك
لم يجد غير الاستسلام، وبمجرد أن تناول أول لقمة كانت مترقبة تسأله بإلحاح
= عجبك؟؟ و الملح مظبوط في الفول
زفر بضيق قبل أن يقول بغرابة منها
= كل حاجه كويسه شكرا.
هزت رأسها مبتسمة وهي تشبك أناملها بحماس قائله
= طب كويس يلا قول لي بقى ايه الاكل اللي انت بتحبه والمشروبات كمان وهحاول اعملها.. وما تنساش كمان تقول لي على التوابل يعني بتحب الشطه والملح زياده ولا قليل في الاكل
كان ينظر لها بملامح مبهمة وهو يراها تتحدث عن الملح ونكهات الطعام بشيء من الشجن، فأرخى نظراته يبتسم لأول مرة منذ زواجهما أو منذ فترة طويلة من الأساس تلك الابتسامة الرجولية النادرة التي تحلي محياه الوسيم! فقد اشعرته بذلك الشعور الذي كان يحارب و يتمناه للحظه واحده يشعر كأنه إنسان طبيعي بحق ويمارس حياته الروتينية التي كل شخص يعيشها بملل فكانت اقصى امنياته هو.. ابتلع ريقه وهو يقول
= اي حاجه مش هتفرق ما عدا يعني السمك وانتٍ عرفتي ان انا عندي حساسيه منه انا اصلا اي حاجه ممكن باكلها في الطبيعي و بحكم أن كنت باكل اكل من بره فما كنتش بعرف اتامر وأقول بحب ايه و ما احبش
ايه.
ابتسمت ابتسامة مشرقة وهي تقول له بدلال
= طب كويس دي لعبتي بقى، يعني كل حاجه هتاكلها معايا هتكون اول مره تجربها وكلها اسبوع وهتدمن اكلي
ضاقت نظرات منذر للغاية، واكفهر وجهه و
اتسعت عيناه ببريق رافض ثم أردف بجمود
= هو انا متشكر لكل تعبك واهتمامك وكل حاجه، بس يعني اسف ان انا بحبطك عشان لو بتعملي كده عشان تخليني اوافق اروح للدكتور فصدقيني هتكوني بتعملي كل ده على الفاضي.. عشان انا مش باجي بالطريقه دي يا ضحى
زمّت شفتيها بإحباط ويأس من حيلتها من عدم مجاراته في الحديث معها ثم قالت عابسة
=انا ما قلتش كده وقلت لك مش عاوزه حاجه ومش عارفه للمره الكم هقولها لك انا مش زي غيري! مش كل حاجه بعملها مستنيه منك مقابل
هز منذر رأسه بعدم مبالاة وعاد يأكل من أمامه دون أن يعطيها أي انتباه أو يتحدث معها،
فشعرت بأن هذا الذي أمامها هو أكثر رجل غامض قابلته بحياتها.. لا يمكن الوصول إليه ولا التكهن به بسهولة ينظر لكل شيء نظرة إحباط بدون أمل وكأن لا شيء في العالم يمكن أن يثير دهشته، انتظرته أن ينهي طعامه
بينما هي كانت تلاعب قطها، وحاولت لم يبدو عليها بأنها مهتمة لما قاله أو يفعله وهذا ما لاحظة وهذا ما كانت تريده الّا تسمعه أو حتى تتحدث معه كي يفهم تماماً بأن من أمامه ليس أي أحد بَل شَخصاً سيهتم بكل تفاصيله...ثم وجدت نفسها تتقدم لتجلس على المقعد المجاور لَه، وقالت متنهدة بحرج
= بعد ما تمشي هنقل حاجتك في الاوضه بتاعتي اللي جوه! قصدي اللي هتكون اوضتنا بعد كده
استشاطت نظراته نحوها بعد جملتها تلك. لكنه ضبط انفعالاته فاعتقد انها فعلت ذلك كنوع من العطف لأنه فاتحها بذلك الموضوع قبل ايام، رمش منذر بعينيه ليقول ببرود لها
= ما فيش داعي يا ضحى يعني ما فيش حاجه هتتغير سواء بنام هناك او هنا الوضع هو هو ولا ايه؟
تنهدت ببؤس وبسمة مريرة ترتسم على وجهها وهي تقول برجاء
= ممكن ما نفتحش الموضوع ده وبعدين انت هتنام معايا في اوضه واحده عشان ده مكانك الطبيعي مش انت برده جوزي وطبيعي تنام جنب مراتك..
أوشك على فتح شفتيه ليقول شيء ما، لكنها وضعت سبابتها على فمه في حركة جريئة ومفاجئة منها مكملة بتحذير
= يا ريت تنسي أي خلافات حصلت بينا، و تبص لمصلحتك الأول! خدي وقتك وفكر كويس! اذا كانت دي حياتنا اللي هنعيشها مع بعض يبقى نعيشها زي ما احنا عاوزين وبلاش كابه وحزن ملوش داعي ولا هيغير حاجه
فغر منذر شفتيه لا يصدق قربها ولا حديثها وارتجفت شفتيه بين يديها جعلتها تشعر بالخجل، تابعها بأنظار مترقبة حتى ابعدت يدها عن فمه قليلًا، وعاودت ضحي التحديق في منذر لتطالعه تلك المرة بنظرات مختلفة عن ذي قبل، بنظرات تحمل الاهتمام وكذلك الخوف والاطمئنان.. بالإضافة ظهرت تلك اللمحة الحزينة التي تكسو تعابيره فتوخز صدرها أكثر تجاهه.
ظل الآخر ليمعن في تفاصيلها، في تعبيرات وجهها الساكنة. رغم كل شيء فهي لا تزال متماسكة، صلبة تقاوم معه، ليرد عليها بجفاء
= وانا فاهم انتٍ عاوزه تعملي ايه وحتى لو نيتك كويسه برده ده مش هيفيد بحاجه، الكلام كويس بس الحلول عمرها ما كانت بالكلام يا ضحي
هزت رأسها برفض لترد عليه بهدوء جاد
=لا مش صح و الا مكانتش الكلمه الطيبه بقت صدقه في ديننا، و مكانش تم السماح دينيا بالكذب الا في حالة طيب الكلام من الزوج لزوجته و العكس و حالة الإصلاح بين المتخاصمين كمان، حق الزوجه تسمع طيب الكلام، مفيش حاجه اسمها الأفعال و كفاية. ما كلنا بنعمل واجباتنا ناحية بعض لما بنكون بنتقي ربنا في بعض! لكن ممكن نكون بنعملها واجب عشان فعلا نتقي ربنا.
ثم أضافت ضحي أيضا بجدية قائله
= و الست برده حقها تعرف الي جوه قلب زوجها ايه! وهو حاسس ناحيتها ايه و ان اي فعل محترم بيعمله، فده بيعمله عشان بيحبها مش عشان بس هو راجل محترم و في رجاله برده عاطفيين و بيبقوا محتاجين يسمعوا كلام حلو، صحيح هم مش كتير بس في رجاله كده. و حقهم برده لكن المعروف ان كل إنسان بيفرق معاهم جدا الكلام و بيغيرهم ١٨٠ درجه و بيرفعهم سابع سما و اصلا الرجاله قبل الجواز بيوقعوا الستات في حبهم بالكلام المعسول عشان عارفين كده و بعد الجواز بييجي الصمت. الكلام جزء لا يتجزأ من تأكيد المحبه عند المرأه و تجديدها
كان يسمعها غير مصدق وساوره الشك من تبدل طريقتها الباردة الفاترة وشبه متعجرفة، تكاد تخلو من أي ودية إلى أخرى مهتمة؟ ثم تحدث قائلاً باستهجان
= انتٍ عاوزه ايه يا ضحى مني بالظبط؟ وبلاش تقولي لي مش مستنيه مقابل منك عشان كلامك بيقول غير كده حتى افعالك
تحفزت قليلا بتوجس وهي تراه يحدجها بجمود مريب بينما قالت بهدوء محاوله تشتيت ذهنه
= بتخاف من ايه يا منذر ؟!.
استغرب سؤالها وخرج صوته مرتعشا وهو يهتف بها والحسرة والقهر في داخله يتفاقم
=من الوحدة، زي ما كنت بتكلم وعمال اقولك اني كنت مضـايق من اهلي في كذا وفي كذا، فأخاف في يوم ابقى كبير وهما مش حواليا واقول انا ليه كنت مضايق منهم اصلا، اللي هو ازاي هما مش موجودين معايا، مش الوحدة بس لا ده اني افقد حد بحبه مقدرش عليها مقدرش وخايف من ده جدآ
اهتزت حدقتي ضحي من كلامه دون أن تنحسر ملامحها وهي متأثرة ثم قالت بابتسامة باهتة
= حتى رغم كل اللي بيعملوا معاك في حياتك اختفائهم منها هيكون بالنسبه لك خوف ووجع
أشاح وجهه بعيد بنفور رغم ارتجاف عضلات جسده التي لا يزال واقع قليلا تحت تأثيرها الفاتن الآسر
= تصوري آه!. رغم اني اصلا وجودهم في حياتي محسسني بالوحده بس وحده عن وحده هتفرق اكيد
أسبلت عينيها نحوه وهي تجيب بنبرة هادئة لا تعكر صفوها شيء
= انت حياتك مش سوداء و وحشه أوي على فكره في حاجات برده حلوه ورزق مستنيك ممكن نبص عليه، ومش كل الرزق فلوس و عيال! الرزق في حاجات تانية زي الصحة، وراحة البال والسيرة الطيبة، والستر والرضا!
شعر بشعور سيء وحرقة من الخيبات
المرتبة جنباً إلى جنب، ثم قال ساخراً بألم
= مش قلت لك الكلام سهل! انا واحد قلبه مات يا ضحى...
صمت شاعراً بغصه في حلقه، ثم وضعت كفُها على كفه وبهمس متردد خاطبته
= اديني فرصة اكون سبب رجوعه.
اندهش من كلماتها الأخيرة، وهمس غير مصدق تطور الأمور معهم
=إيه؟
لم تتراجع عن كلماتها فقد حسمت أمرها بذلك الموضوع، لم تتخلى عنه ستحاول حتى لو مجرد فرصه واحده تساعده.
نظر لها وهو يشعر بأنه رجل تائه في هذا الأمر
يشعر انه تائه وضائع أيضاً، لكن لم يكذب الآن لقد عاد قلبه ينبض للحياة والفضل يرجع لها
حتى لو بنسبه قليله لا تذكر.. فهذا بالنسبه له يسمي إنجاز.
لم يستطيع منذر تفسير ماهي المشاعر التي هاجمته مِن كلماتها تلك لكنه هَلعَ مِن فكرة فقدانها.. و فرح نحو كلماتها و اعترافها بانها ستظل معه حتى وان قالتها بطريقه غير مباشره.
❈-❈-❈
في إحدى مقاهي المدينة حيث يمكن لزائريه التمتع بنكهة القهوة المميزة وبساطتها مع أجواء مريحة وهادئة.. كان يجلس معاذ مع اصدقائه يلهي معهم قليلاً باللعبه البلاي ستيشن مستمتع بالاجواء وكان اليوم يفوز على غير العاده وحظه جيد .
انتفض معاذ من فوق المقعد صائحا بحماس
= ألعب، عشان تعرفوا يا شويه قش ترهنوني وتقولوا ما بقيتش زي زمان يجي منك.. ده انا حظي نار النهارده
أردف صديقة قائلًا ببرود مستفز
= ما خلاص يا عم ما جتش يعني من مره ولا مرتين جت معاك كده بالحظ
مـد يده ليضعها على كتفه كنوع من الاستفزاز، ثم رد عليه بثقة جادة متعمدًا رمقه بنظرات استخفاف
= حظ! ده مجهود مش هتعرف تلعب زيه حاجه كده متعرفوش غير الناس الكبار و الحرفين في اللعب بس.. العب العب عشان ده آخر جيم وبعد كده هقوم
أجاب الآخر عليه بسخط متعمدًا الاستهزاء منه
=ايه خايف! ما تكمل عشان نشوف هتكمل معاك لحد الاخر ولا هو حظ بأول جيم وخلاص
رد معاذ عليه من بين أسنانه بنبرة عدوانية
= طب ما تقولش كلام انت مش قده انا اصلا كنت جاي اشتري شويه حاجات وماشي وبعد كده قابلتكم بالصدفه و انت فضلت تتحايل عليا العب جيم، لكن اكتر من كده لازم امشي مش ناقص بسمة تعمل لي صداع بعد ما وعدتها هخرجها هي وابنها النهارده
رد عليه الآخر بإصرار عنيد وهو يتهكم منه
= ما حبكتش يعني النهارده فوت وبعد كده
وديها يوم تاني.. ولا تكونش خايف من المدام
أوي كده
نظر له بقلق وهو يجيب بنبرة غير مريحة مُطلقًا
=انت عاوز بسمه تعلقني في الحاره عندنا ولا تقطعني في أكياس دي بقيلها اكثر من اربع سنين بتتحايل عليا نخرج كلنا ويوم ما اوافق واعشمها اقول لها لا وما جيش.. دي زمانها عشمت الواد هو كمان ولابسين وقاعدين مستنيين
قبض معاذ على أزرار الدرع بأصابعه الغليظة بحسرة، وهو يضيف بضيق
= مع أن حظي النهارده نار على غير العاده ومش قادر ونفسي اكمل بس هقول ايه حكم القوي والحاجات دي بتيجي مره ولا مرتين بالصدفه
تشكل على ثغر صديقة ابتسامة مراوغة ثم تحدث هاتفًا بنبرة خبيثة
= يا سيدي ما هي في الحالتين هتنكد عليك ومش لازم تقول لها اعمل اكن التليفون فصل منك ولا طلع حرامي عليك سرقه وانت اتلخمت معاه ولا يا سيدي واحد فينا تعب و انت كنت لازم تكون جنبه ونسيت تقول لها ..
في 100 حجه يعني ممكن تقولها لها وتعدي عليها وثاني يوم على طول ابقى وديها وهي هتنسى
صمت معاذ محدجًا إياه بنظرات مقلقة قبل أن يردف بتردد
= يا عم ما تكبرهاش في دماغي بقى انا بتلكك أصلا، اصلك مش عارف بسمه لما بتتفتح مش بتخلص وهتقعد تطلعلي القديم والجديد
قنبله نكد مش بتخلص
نظر صديقة له مبتسمًا بسخافة، وهو يعلق بمكر عابث
= انت هتقول لنا ما احنا عارفين كويس النكد بتاعهم على العموم انت حر، خلينا احنا نكمل بقى لعب ممكن الحظ بتاعنا يعلى زيك.. العب مش قلتلك اديني كسبت شكله كده كان حظ وراح لحاله
أشعل حنقه نحوه أكثر بطريقته في استعراض قوته الزائفة، فبادله نظرات نارية بتحدي وهو يردف بحقد
= هو انت مسكت في الكلمه انا بكسب بمجهودي مش حظوظ وعشان اثبتلك كلامي هلعبك جيم واحد ثاني.. بس هو واحد ما فيش غيره وبعد كده سيبوني اروح ومحدش يمسك فيا، فاهمين .