-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 18 - 8 الجمعة 21/6/2024

   

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الثامن عشر

8

تم النشر يوم الجمعة

21/6/2024 

لاحقًا، وصل منذر إلى الوكاله مؤكدًا على العاملين بطلبات اليوم، فقد أراد أن يسير كل شيء على نظام جيد حتى تظل سمعتهم جيده بالسوق! وبالطبع لم يدخر وسعه هو أيضاً في صنع وترتيب المواد اللازمة.


خرج منذر قليل إلي الخارج وكان في ذلك الأثناء يمر السيد متولي حماه السابق! تفاجأ به ومع ذلك أبتسم منذر قائلاً بود


= السلام عليكم ازيك يا حج متولي أخبارك إيه.


أظلمت نظرات متولي واشتدت قتامته حينما رأى غريمه يقف قبالته ليطالعه بطريقة مقززة حيث أغاظه تعامل الآخر معه كأنه لم يفعل شيء يخجل منه كونه لا يسأل عن طفله ابدأ! أطلق سبابه النابي باحتقار، ثم صاح قائلًا بجفاء 


= أهلا بنسايب الهم والندامة! الناس بقى ما عندهاش دم! قله أدب بصحيح 


تلاشت ابتسامته وهو يراقب رحيل الآخر ثم

هز رأسه بيأس بعد أن ألتفت ليعود إلى الوكاله 

مره اخرى.


لكن توقف عندما سماع هتاف باسمه من الخلف ليلتفت فوجد صبي من عمال الوكاله لدي يعطي عمود طعام وهو يخبره أنه من طرف زوجته، تفاجأ رغم أنها أخبرته بذلك قبل ان يذهب للعمل في الصباح لكن لم يتوقع بانها كانت تتحدث بجدية.


تجمدت عيناه علي عمود الطعام بيده محاولًا سبر أغوار عقل ضحي! أصبحت دومًا تفاجئه بتهورها بقرارات عجيبة تصدمه ولا يفهم ما تريد بالضبط؟ قبل مده كانت تتشاجر معه وغاضبة منه بشده أم الآن تهتم به.


ما الذي تنوي فعله بالضبط او تخطط لاجله لا يعرف حقا، رغم أنه سيكون الجزء الأكثر مكسب من ذلك التغير المفاجئ لكن بنفس الوقت يشعر بالقلق من القادم فلم يعد العمر يتسع لمزيداً من الأشخاص الخطأ


دلف للداخل وهو يراقب جيدًا الطعام وهو يخرجه من العمود وجاهد ليسيطر على مشاعره الحماسية حينما تتلألأت حدقتيه بنظرات مشرقة، فلم يصدق بأنه حقا يعيش تلك اللحظات التي كان يتمناها وفقد الامل أن يعيش هذه الأمور بحوذت شخص ما يهتم به.


وكان أحلامه أيضا حول تلك الأمور مختلفة كليًا، فقد تمني أن يعيش حياه زوجيه عادية ويكون جالسًا بزهو في منزله ومن حوله تجلس زوجته واطفاله والكل ينفذ شروطه بطاعه وثقة دون أن يشعر بضعف شخصيته، لكن تبددت أوهامه ولمعت عيناه تأثرًا، فليس كل ما يتمنى المرء يحدث مع الأسف.. لكن يكفي بأنه يعيش ولو جزء صغير من تلك الأحلام الآن ولا يحلم باكثر من ذلك.


❈-❈-❈


أعـادت ديمة وضع البرواز على سطح مكتبه  الكتب بعد أن اصلحته بنفسها لتكفر عن خطأها الفادح، بينما هو كان يجلس في الخلف أسند آدم بجسده علي مقعد مكتبه ليحدق في صورة زوجته السابقة ثم رفع عيناه لينظر إليها عن كثب وهي طالعته النظرات بوجه بريء و متاسفة عما بدر منها.


سحب مقعده بيده و نهض! ثم تقدم ليقف أمـام ذلك البرواز الزجاجية بجسده الشامخ وهيبته التي لا تليق إلا بـه ثم عقد ذراعيه أمام صدره، خفق قلب ديمة بقوة و سـألته بتلهف وهي تطالعه بنظرات محذرة 


= عجبك البرواز ولا تحب اغيره؟ ويا ترى هيشفع غلطتي وسامحتني ولا لاء.


نظر لها بهدوء ثم أشعل سيجارته ليدخنها مرددا بجدية 


= ما حصلش حاجه أصلا عشان ازعل منك يا ديمه بس جميل تسلم إيدك، وما كانش في داعي حتى تتعبي نفسك انا كنت هصلحه بعد يومين 


تنهدت في إرتيـاح لان لم يكن غاضب منها، ثم هزت رأسها نافية مجيبة إياه بخفوت


= دي غلطتي وانا اللي كان لازم اتكلف بيها، المهم ما تزعلش مني خصوصا يعني انا عارفه الصوره دي اكيد هتكون مهمه عندك قد ايه وربنا يرحمها 


شعرت بالانزعاج عند آخر كلماتها، وأدارت رأسها في إتجاه آدم ورمقته بنظرات مطولة متأملة فيه ملامح وجهه المرتخية و إبتسـامته البسيطة، ثم ابتسمت له إبتسامة باهتة وهي تضيف وســألته بتثاقل


= هو انتم اتجوزته عن حب؟!. 


عقد حاجيبة باستغراب من سؤالها لكنه أجاب مرددا باختصار 


= لا كان جواز صالونات.


هتفت ديمة بحماس وهي تشير بيدها بلا وعي 


= بجد! قصدي يعني وقت الغداء قرب مش هتعلمني بقى زي ما اتفقنا .


ضغط على شفتيه ليقول بهدوء جاد


= تمام وانا لسه عند وعدي وهنعمل النهارده 

مكرونه نجرسكو كمان.. عينيك لمعت كده ليه وانا بقولها شكلك بتحبيها 


هزت رأسها بشغف وهتفت بنبرة ناعمة


= الصراحه آه ومتحمسه أكلها من ايدك بالذات! أصل حضرتك بتعمل أكل جميل أوي خصوصا الكفته بالبطاطس اللي عملتها المره اللي فاتت، كانت روعه .


هز رأسه مبتسماً وهو يرمقها بنظرات ممتنة ثم دنا آدم منها واحنى رأسه يقدم لها قطعه من الشوكولاتة الموجوده فوق مكتبه، أخفضت رأسها تجاه يده الممدوده بابتسامة طفيفة خجوله ثم رفعت أناملها و أخذتها منه حقا تحب تلك الأمور والاهتمامات الصغيره منه بشغف فظيع كونها تفتقد إياها في حياتها السابقه، جابت بعينيها بنظرات خاطفة نحو ذلك الواقف أمامها بإعجاب كبير خفي.


❈-❈-❈


بعد منتصف الليل، أغمضت بسمة عينيها وقلبها يتمزق من فرط ألمها بينما قد يئست من محاولات الاتصال على زوجها دون فائدة وعلى الجانب الآخر نام طفلها بعد معاناه طويله من البكاء بحرقة وهي لا تصدق ما فعله  زوجها بها، لكن هي الغبيه التي صدقته وهي تعرف جيد بأنها تتعامل مع طفل وليس رجل مسؤول عن كلمته.


بعد دقائق لاحظت دخول معاذ أخيرا وهو متردد وكان ينظر هنا وهناك بتوجس وتفاجا بها ما زالت مستيقظه! ابتلع ريقه برهبة وهو يتقدم نحوها وداخله يعلم جيد بأن هذا اليوم لم يمر مرور الكرام ابدأ .. هتف بهدوء زائف 


= ياسو! حبيبتي انتٍ لسه صاحيه ما نمتيش ليه؟ بصي انا عارفه ان انتٍ متضايقه وحقك بس اسمعيني الاول اصل ما تعرفيش انا حصل لي ايه واللي حصل ده غصب عني هو انا برده هكون قاصد ما اجيلكيش انتٍ وابنك وانا عارف ان انتم مستنيني


نظرت إليه نظرات غير مقروءه لكن الآخر أدرك أن موجة الغضب التي تجتاحها خرجت عن نطاق سيطرتها حين انتفضت واقفة تثور عليه بسخط


= لا تصدق ظلـمتك فعلاً كانت رايحه من بالي حكاية انك هتكون عارف ان احنا محتاجين ليك ومش هتيجي، قولي يا معاذ هو انت بجد شايف نفسك اب ولا زوج حتي 


هتف معاذ بها باستنكار


= ايوه طبعا شايف نفسي اب واب كويس كمان.. ومعنديش حاجه اهم منك ومن ابننا 


علي ذكر سيرة ابنهم وقد طفح الكيل بها

فانفجرت تسدد له كم من التهم والتي كانت

تتغاضي عنها وبصوتها العالي قالت له بانفعال 


= والله؟! هو انت فاكر لما تيجي اخر اليوم تطبطب ولا تلعب كده خلاص انت بقيت اب مثالي؟ طب تعالي بقى بتكون فين موجود وقت ما يتعب ولا يحتاج ياكل ويغير ولا عنده مذاكره؟ ولما يطلبوا ولي امره في المدرسه عشان مشكله حصلت انا اللي بروح مش انت.. وطبعا مش محتاجه اتكلم على المصاريف! ده انت حتى ما بتطبطبش ولا بتلعب مجرد خمس دقائق معاه وتمشي زي بقيت الابهات اللي مفكره نفسها بتقضي واجبها وتريح ضميرها وخلاص.. عايز تقول علي نفسك اب فعلا يبقي تعالي شيل مهو اصلوا مش بالكلام


ضربت الأرض بقدمها بقوة وهي تضيف به تفرغ كل حنقها الذي تشع به تجاهه


= وجاي بكل ثقة تقول ابننا؟ ابننا اللي مبتشوفوش غير وهو نائم ابننا اللي بتحضر عيد ميلاده بالعافية! ده لو تعب أنا إللي بجري بيه انا وامك و لو احتاج لبس أخرج بيه برضه.

طب قولي بذمتك انت تعرف مدرسة ابنك فين؟ انت متعرفش عن ابنك حاجة خالص.


رمشت بعينيها بحزن على طفلها وهي تتابع بنبرة متشحة بالمرارة والقهر 


= ده ربنا وحده اللي عالم انا سكت ابنك ازاي بالعافيه بعد ما كان قاعد متعشم ومستنيك  وما فيش حاجه نقذتني الا انه تعب ونام لوحده، ويا حبيبي كل ما ادخل ابص عليه الاقيه بيعيط حتى وهو نايم! وانا كل اللي نازل عليا.. ما تخافش يا حبيبي ابوك وعدنا وطالما قال الكلمه هينفذها رغم ان انا ما شفتش منك حاجه تدل على كده بس اهو بعشم نفسي أنا وابنك وخلاص.. 


رفع عيناه بعيداً رغم توتره الداخلي ثم قال بارتباك وبملامح هادئة


= طب خلاص مش لازم المواشح بتاع كل يوم انا حصل ظرف غصب عني بجد عشان كده  ما جيتش، وما تتضايقش كده انتٍ وابنك بكره ان شاء الله هوديكم.. واذا كان على ابنك اول ما يعرف ان هوديه بكره هينسى كل حاجه وانا هعرف اصالحه 


غامت عينا بسمة بحقد عليه وهي تقترب منه تقول بغل من بين أسنانها


= طب تنكر ان انت كنت قاعد مع اصحابك وطنشتني وما ردتش على تليفوناتي قاصد

هو انت فاكرني هبله ولا مش فاهماك عيب يا معاذ ده انت عشره اسوء خمس سنين في حياتي بدفع ثمنهم 


فغر شفتيه لا يصدق اخر كلماتها وهي تنعي سنوات زواجهم بالتعاسه! اهتزت حدقتي معاذ أثر كلامها وهو يشعر أنها تبالغ بالامر قليلاً فهو لم يقصد كل ذلك أبدا وكان بالفعل سيأتي لولا مر الوقت دون أن ينتبه له، و بالنهايه شعر بالضيق من نفسه مثلها واكثر عندما وجد الوقت مر بسرعه دون أن يشعر به، وقد وعد نفسه وهو قادم بأنه سيخرجهم غداً وقد أعتقد عندما يخبرهم بذلك سينتهي الموقف.


نظرت له زوجته نظره عدم رضا قبل ان تلتفت وترحل وهي تشعر بعدم الفائده منه بأي شئ ولم يمكنه ان يتغير ابدأ ومهماً فعلت يعدها الى نقطه الصفر من جديد.

الصفحة التالية