-->

رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 23 - 2 السبت 1/6/2024

  

قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الثالث والعشرون

2

تم النشر يوم السبت

1/6/2024


ارتمت عزيزة أرضاً تبكي حال نجلها فربت عبد المجيد على ظهرها يواسيها: 

-متزعليش نفسك يا أم إمام، انا خلاص اتفقت على كل حاجه مع الشيخ حسب النبي ويا يعقل ويرجع ابننا إذا كان فعلاً معمول له عمل زي ما بتقولي، أو يبعد عننا وننسى إن لينا ابن اسمه إمام ده لو صمم على حاله ووضعه ده.


عادت للبكاء وظل هو بجوارها يربت على ظهرها ويلمس شعرها بحنان يقرأ آيات من الذكر الحكيم حتى هدأت وغابت بنوم عميق ولكن هادئ وساكن جعلها تشعر وكأنها مستيقظة تسمع كل ما يدور حولها.


فتحت عينيها لتجد نفسها بنفس المكان الذي رأته بأحلامها المتكررة، وإمام يقف ناظراً أمامه عاقداً ساعديه فابتسمت له بحب وهتفت تناديه: 

-إمام يا حبيبي.


ابتسم لها بدوره واقترب منها، ولكن كان هناك حاجز زجاجي بينهما فلم يسعه اﻻقتراب أكثر ولكنه وقف ناظرا لها ببسمة بشوشة وقال بصوت هادئ وضعيف: 

-وقتي بيخلص يا امه، يا تلحقوني يا هفضل في العالم ده للأبد.


لم تعِ تماما ما قاله فسألته بحيرة وخوف في آن واحد: 

-وقت إيه وعالم ايه اللي تفضل فيه؟ أنا مش فاهمه حاجه يا إمام ابوس ايدك فهمني بالراحه.


رد بوجوم وحزن: 

-أنا محبوس هنا يا أم إمام، واللي عايش مع مراتي ومعاكم مش أنا.


لمعت عينيها وقاطعته تقول بلهفة: 

-ازاي الكلام ده؟ ايه اللي بتقوله ده يا بني بس؟


ترجاها متوسلا بحرقة: 

-ابوس ايدك يا امه افهميني مفيش وقت، ده مش حلم ده حقيقه ولازم تفهمي إن الوقت بيروح.


رمقته بنظرة حائرة فقال أخيراً وكأنه لجأ لملاذه الأخير: 

-أسأليه يا امه على أي سر بيني وبينك ومحدش يعرفه غيري أنا وانتي، اسأليه على نتيجة التوجيهيه اللي خبناها عن ابويا عشان يوافق أكمل تعليمي بره واسافر للبعثه.


نهج بأنفاسه وأكمل: 

-اسأليه يا امه وأنا متأكد انه مش هيعرف يرد، لان اللي عايش معاكم ومع مراتي ده مش أنا ده واحد تاني مسيطر على جسمي وعلى عقلي وعلى حياتي.


حاولت أن تستفسر منه عن أي شيئ آخر ولكن صورته ابتعدت من أمامها وبدأت تسمع للأصوات بالخارج وكأنها ما بين اليقظة والنوم وإمام يصرخ لها بصوت خافت وضعيف: 

-متنسنيش يا امه، الحقيني يا أم إمام.


استيقظت بفزع تهتف عالياً باسم نجلها صارخة: 

-إماااام.


انتفض زوجها بعد أن غفى قليلاً بجوارها محاولا تهدئتها وتهدئة نبوتها المرتعدة ولكنها ظلت تصرخ بانهيار وكلمات مبعثرة فربت عبد المجيد على ظهرها بود وقال بروية: 

-مش كده يا عزيزة، اهدي شويه.


بكاؤها وعويلها يوقظ الموتي بقبورهم، فصرخت توضح: 

-بقولك ابني مش كويس ومحبوس في مكان وحش أوي والتاني ده مش إمام يا عبده، ده واحد لابسه.


زم شفتيه قائلاً برفض: 

-ايه التخريف ده بس يا ام إمام؟ ربنا محدش شافه عرفوه بالعقل.


أكدت حديثها مفسرة ببعض الأدلة: 

-لا يا عبده، إمام لون عنيه مش كده وأنا و انت عارفين وعاملين نفسنا مش واخدين بالنا وطريقته وكلامه وأسلوبه ... لا لا لا ده مش ابني انا...


قاطعها عبد المجيد قائلا باستنكار: 

-يعني خلاص اتبريتي منه! مش هنحارب لحد ما نرجع ابننا زي ما كان؟


ردت بتأكيد: 

-أيوه هحارب وهعمل المستحيل عشانه، بس عشان إمام نفسه مش أي حد تاني.


أومأ لها معقبا: 

-طيب كويس، يبقى نفكر صح ونسيب التخاريف دي ورا ظهرنا، قولتي السحر ومذكور في القرآن وأنا وافقتك إنما توصل للجنان اللي بتقوليه ده!


صمت  قليلا ليفكر وحك لحيته بأطراف أنامله فنظرت له زوجته تسأله باهتمام: 

-سكت ليه يا أبو إمام؟


رد واجماً: 

-مش عارف، حسيت إن بلبل قلقت لما اتكلمنا معاها ومجي إمام هنا وخناقه معانا كأنه عمل مشكله بينهم.


زم شفتيه واستطرد: 

-التغيير اللي هو فيه ممكن يبان عادي لواحد عاش في بلاد بره وزي ما انتي شايفه ولاد جرانا اللي سافروا كلهم راجعين عاملين خواجات، بس إمام مش كده.


ضربت بكفها على فخذيها بحيرة وسألت: 

-طيب أنت ناوي على إيه؟ هتجيب الشيخ يشوفه؟


زفر بحيرة وقال: 

-مش عارف، سبيها على ربنا وهو هيحلها من عنده.


❈-❈-❈


استمعت لطرقات على باب منزلها فظنت أنه عاد بعد مشاجراتهما المستمرة منذ زيارة عبد المجيد وزوجته اللأخيرة، ولكنها تفاجئت بجارتها التي تقطن بالشقه المجاوره تبتسم لها وتقول بود: 

-ازيك يا ست بلبل؟


أومأت لها مرحبة: 

-أهلا أميرة انت ازيك؟


ردت بحبور وهي تدلف للداخل: 

-الحمد لله يا حبيبتي فضل ونعمه من عند ربنا.


جلست على الأريكة بصالة المنزل وربتت على فخذها: 

-كنت قصداكي في خدمه كده يا ست بلبل وخصيمك النبي ما تكسفيني.


ابتسمت لها الأولى وردت مؤكدة: 

-اي خدمة أميرة، انت حلو وأنا بحبك.


ربتت على صدرها بامتنان وهتفت مطرية: 

-والله انتي اللي عسل وتتحطي على الجرح يطيب، المهم الواد ابني بيتعب كتير اوي وكانت أم اسماعيل قالت لي انك عملتي لابنها أعشاب كده خلته خف وبقى عال العال، فلو تقدري تعمليلي حاجه تخلي ابني كويس بدل يا حبيبي ما هو مقضي معظم الوقت عيان في السرير.


وافقت دون تردد وأخبرتها موضحة: 

-حاضر حبيبي، هات ولد اشوفه عشان أعمل أعشاب كويس.


حركت الأخرى ساعدها بشكل عفوي وهي تخبرها: 

-يا ختي ده احنا الباب جنب الباب، ما تيجي انتي تبصي عليه ينوبك فيه ثواب احسن ده راقد في السرير يا حبة عيني.


وافقت وهي مبتسمة بسمة رقيقة ووقفت من مكانها تقول: 

-هشوف ابني نايم وأجيلك على طول أميرة.


وقفت الأخرى بدورها وسألتها ببسمهة لطيفة: 

-وعامل ايه المحروس ابنك؟ 


ردت مجيبة: حلو، جميل بس ابني مش اسمه محروس.


ضحكت أميرة وسألتها بحيرة: 

-بنسى اسمه دايما، أصله صعب أوي يا اختي.


ضحكت وأخبرتها: 

-سيتي، اسمه سيتي.

الصفحة التالية