رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 27 - 1 السبت 15/6/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل السابع والعشرون
1
تم النشر يوم السبت
15/6/2024
❈-❈-❈
فتحت عينيها فوجدت نفسها بغرفتها وبمنزلها المتواضع بمصر وهو بجوارها ينظر لها مبتسما، فزمت شفتيها عندما سقطت خصلاتها الذهبية على وجهها، فأمسك خصلاتها ووضعها خلف أذنها فقالت بامتعاض:
-لقد عدنا.
داعب ذقنها هامساً بحب:
-ألم تشتاقِ لسيتي؟
ردت مبتسمة:
-أنت معي دائما مولاي وحبيبي.
ضحك بصوت عالٍ ومسموع مصححاً لها:
-أقصد سيتي الصغير، ابننا حبيبتي.
ضحكت على نفسها وسخرت قائلة:
-أظن الأمر بات غريبا ولابد أن نوضح أولاً إن كنا نتحدث عنك أم عن الرضيع.
أومأ لها مؤكداً وقبلها برقة وابتعد يخبرها وهو يترك الفراش متحركاً للخارج:
-سأذهب اﻵن لبيت الجدة عزيزة حتى أستعيد ما هو لي وبحوزتها.
غمز بعينه بآخر كلماته، فضحكت بفرحة ولملمت خصلاتها تداعبها وهي تشعر بالسعاده فكم اشتاقت لحياتها السابقة و كم فرحت لرؤية صديقتها الوحيدة و المقربة الأميرة تيا.
نزل الدرج وخرج من البناية متجها لمنزل والدي إمام، ولكن فور وصوله لأسفل بنايتهم اقترب منه شخصاً يبدو عليه الوقار وسأله بحيرة:
-من فضلك ممكن سؤال؟
وقف سيتي وأومأ له مجيباً:
-اتفضل.
سأله الشخص:
-كنت عايز أعرف بيت واحده ساكنه هنا اسمها بلبل!
انعقد حاجبيه بشده وقوس فمه ممتعضاً واخشوشن صوته وهو يسأله:
-أنت مين؟ وعايزها في ايه؟
رد موضحا:
-عايزها في شغل، فلو تعرف بيتها هكون شاكر ليك جداً.
حك رأسه وقال بحدة:
-مين حضرتك الأول؟
تعجب الشخص من حدته فعرف نفسه قائلاً:
-أنا الأستاذ سليم حسن عالم آثار مصري وخبير في التاريخ، وكنت سمعت عنها من اكتر من شخص وعايز اتعرف عليها يمكن يكون في بينا شغل مشترك.
حرك رأسه للجانب بضيق وقال بحدة:
-معتقدتش هقدر انفعك.
تضايق سليم منه فبعد أن أخذ من وقته كل هذا وقام باستجوابه بهذا الشكل تركه بالأخير وذهب دون مساعدته؛ فحرك رأسه بامتعاض وخطى للأمام بحثا عن شخصاً آخر ليقوم بمساعدته.
أما سيتي فقد صعد منزل والدي إمام وطرق طرقات خفيفة على الباب، ففتحت له آلاء الأخت الصغرى لإمام فابتسم لها فورا ورحب بها:
-ازيك يا آﻻء؟
احتضنته باشتياق وربتت على ظهره:
-الحمد لله يا إمام، ازيك أنت يا اخويا ؟ تعالى ادخل.
دلف وسألها باهتمام مزيف:
-جيتي امتى من السفر؟
أجابته وهى تدلف معه للداخل:
-من شويه، وفرحت اوي لما شوفت ابنك هنا والعيال لعبوا معاه كتير اوي.
ابتسم لها وانحنى يقبل راحة عزيزة هاتفا بحبور:
-ازيك يا امه؟
ربتت على كتفه:
-الحمد لله يا حبيبي.
سألها مجدداً:
-الواد سيتي عامل ايه معاكي؟
ابتسمت وقبلت الصغير من رأسه وناولته لابيه قائلة بحب:
-ده زي العسل، لعب مع عيال اختك لما شبع لعب بس ابقى قول لبلبل تقعده وتسنده بالمخدات كده زي ما انا عملت معاه عشان يتعود يقعد.
أومأ لها موافقا فأشارت له باﻻقتراب ففعل وانحنى بالقرب منها لتهمس بأذنه:
-ها، نقول مبروك؟
لم يفهم مقصدها فغمزت له هامسة:
-هتخاوي الواد ده امتى؟
ضحك بانهيار بعد أن فطن مقصدها وجلس بجوارها على اﻻرض يقبلها بمزاح:
-آه منك انتي يا ام إمام ومن دماغك دي!
اعتدت بنفسها وهي تشير لنفسها بزهو قائلة:
-ده أنا امك يا ابني واكتر واحده تفهمك، هو انت لما تجيلي في نص الليل وتقولي خلى الواد معاكي يا امه وهرجع آخده منك يبقى عشان ايه؟ هتعتكف في الجامع مثلا!
ضحك عاليا وهمس لها بحذر:
-طيب يا امه بلاش فضايح قدام اختي وعيالها.
ربتت على ظهره تدعو له:
-ربنا يفرحك ويسعدك يا إمام يا ابني ويوسع رزقك وتخاوي الواد اللي مبعرفش اقول اسمه ده، واهو نسميه احنا اسم له معنى.
قبلها من راحتها ووقف من مكانه قائلا بامتنان: ربنا يخليكي ليا يا امه.
سألته بلهفه:
-رايح فين بس؟ اقعد افطر معانا.
ابتسم لها وأخبرها بتعجل:
-يا دوب على ما اودي سيتي لبلبل عشان ترضعه وأنزل اروح الشغل يا امه عشان متأخرش.
قالت بدعاء:
-ربنا يجعل لك في كل خطوه سلامه يا إمام ويرزقك ويبعد عنك الشر.
❈-❈-❈
استمعت لطرقات على الباب فتوجهت للخارج تفتح ظنا منها أنه حبيبها، ولكنها تفاجئت بذلك الشخص الغريب الذي لم تتعرف عليه فحركت رأسها بحيرة وسألته:
-مين انت؟
ابتسم لها سليم وسألها:
-حضرتك بلبل؟
أومأت مؤكدة وكررت سؤالها:
-أيوه، مين أنت؟
أجابها مبتسما:
-أنا سليم حسن، عالم آثار.
مد ساعده ليسلم عليها فبادلته التحية بحيرة:
-أهلا.
رمقته بنظرات متفحصة وسألته:
-أنا عرفاك، أنت فتحت مقبرة ملك توت عنخ آمون؟
أومأ لها مؤكداً:
-ايوه يا فندم، انا اللي لقيتها وليا الشرف.....
قاطعته بضيق:
-ده حاجه مش كويس، ملك توت كان لازم مش يوافق على ده.
رفع حاجبه وسألها بسخرية:
-هو الملك توت في ايده يقبل أو يرفض؟
اخرجت زفرة اعتراض وقالت بالإنجليزية:
-أنت لا تعلم بما تورط نفسك به!
رد عليها بنفس اللغة:
-لا تقلقي فأنا أعلم الأصول الواجب اتباعها عند فتح المقابر الملكية، فلا تخافي.
حركت رأسها بامتعاض وهدرت بغضب:
-ملك توت مش لازم يوافق على ده، ملك توت صغير ومش عارف إن ده غلط.
سألها بحيرة:
-مش فاهمك، المقبره واتفتحت وكل حاجه فيها سليمه، ده يمكن دي اكتر مقبره كانت محفوظه كويس ومحدش قدر يقرب منها.
ابتسمت وأومأت قائلة:
-بالظبط، دي مقبره ملك عنده كل اسرار فراعنه، لانه مات صغير ومش لحق يتعلم ... كهنه حطوا كل علم بتاع فراعنه معاه عشان يروح عالم اﻵخر ويتعلم هناك وعملوا تعاويذ كبير اوي عشان محدش يقدر يفتحها، وانت كده عملت حاجه غلط.
سألته بضيق:
-في حد مات لما فتحت مقبره؟
أومأ لها مؤكداً:
-ايوه، بس ده طبيعي وكل مره بتحصل حاجات زي دي منها اللي كان صدفه، ومنها اللي كان بسبب الغاز اللي بيحطوه الفراعنه داخل المقابر، ومنها بسبب التعابين أو الجراد والخنافس و......
امتعض وجهها وحركته بضيق:
-لأ، غلط كبير.
حاول فهمها ولكنها صاحت:
-أنت ليه جاي هنا، في حاجه؟
قال بحرج بعد أن انتبه أنهما لا زالا على الباب: هنتكلم على الباب؟
بالطبع ابتعدت عن المدخل وأشارت له بالدخول وتبعته، ولكنها تركت الباب مفتوحا فابتسم لرؤيته مدى اكتسابها العادات المصرية الأصيلة ناهيك عن إتقانها للغة العربية.
جلس بالصالة المتواضعة وبدأ حديثه مطنبا:
-أنا سمعت عنك كتير من وقت ما كنتي عايشه في لندن وكان ليا أصدقاء كتير هناك بيتكلموا عنك وعن الأساطير الخاصه بيكي، بس الحقيقه كل الكلام ده يمكن مشدش انتباهي اوي لحد ما عرفت انك بتعرفي سحر التعابين ودي الحاجه اللي كان بيتقنها الكهنه ايام الفراعنه، ولحد دلوقتي مش قادرين نفك طلاسم البرديات بتاعتهم، بس بعد كلامك معايا دلوقتي فهمت وعرفت ليه الناس في لندن مبهورين بيكي بالرغم من انك معملتيش أي اكتشاف أثري.
ابتسمت له بصمت وهي تستمع له يسهب بالحديث:
-الحقيقة أنا جاي محتاج مساعدتك ويمكن تكون دي الحاجه اللي هتساعدك تأكدي للناس ان الحكايات اللي كنتي بتقوليها في لندن حقيقة مش كدب.