رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 32 - 1 الخميس 20/6/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الثاني والثلاثون
1
تم النشر يوم الخميس
20/6/2024
أحضر توا يا سيدى يا من ذهبت بعيدًا...
أحضر لكى تفعل ما كنت تحبه تحت الأشجار...
لقد أخذت قلبى بعيدًا عنى آلاف الأميال...
معك أنت فقط أرغب فى فعل ما أحب...
إذا كنت قد ذهبت إلى بلد الخلود فسوف أصحبك...
فأنا أخشى أن يقتلنى طيفون (الشيطان ست)...
لقد أتيت هنا من أجل حبى لك...
فلتحرر جسدى من حبك...
ترنيمة نفتيس إلى أوزوريس.
❈-❈-❈
استيقظا على صوت طرقات الباب العالية والتي أفزعتهما، فهرع سيتي بسرعه يفتحه فوجد أمامه عبد المجيد وعزيزة وبرفقتهما غرباء لم يعلم من هم فجحظت عيناه وصاح بحدة:
-في ايه يابا؟
ردد الآخر رافعاً حاجه لأعلى وصرخ به:
-يابا مش كده؟
فهم الأول على الفور أنه أصبح محاصرا ممن حوله وباﻻخص ذلك الرجل الذي يبدو عليه الغرابه وينظر له بتدقيق، فحاول أن يتمالك نفسه وقال بتعجب مصطنع:
-في ايه يابا اللي بيحصل هنا؟
دلفوا وراؤه بعد أن أبعده عبد المجيد عن طريقه فتنفس سيتي بقلق وتوتر وصرخ بحبيبته فور أن خرجت حاملة رضيعهما تسأل:
-في ايه؟
صاح بها بغضب:
-ادخلي جوه.
على الفور وقف ذلك الرجل الغامض الذي يرتدي عباءة سوداء وأنزلها فوراً من على كتفه ليظهر أسفلها مرتديا ملابس غريبة والسلاسل تحاوط جسده بشكل مخيف فحاول سيتي الهرب ودخل بسرعة لغرفته وأغلق بابها عليه برفقة زوجته ورضيعه.
صرخت بنترشيت تهتف بانهيار:
-ماذا يحدث؟
استمعا لمن بالخارج وذلك الرجل يردد تلك التراتيل التي يعلمها جيداً فبدأ جسده باﻻرتعاش فأمسكت راحته تسأله بتوتر:
-ماذا على أن أفعل؟
صر على أسنانه وقال لها:
-اهربي.
لم توافق ونظرت له ترجوه بحزن:
-مولاي، إياك أن تتركني.
أمسكها بقوة ورمقها بنظرة حادة وقال لها:
-تماسكي وإياك أن تظهري ضعف إن حدث وفلحوا بمسعاهم! فلابد أن تبحثي بمعبدي بأبيدوس عن التعويذة التي يمكن أن تعيدني مرة أخرى للحياة.
رمقها بنظرة حب وقال:
-حياتي اﻵن بيدك قيثارة الحب.
حاولوا من بالخارج أن يكسروا الباب والصغير سيتي يبكي بذعر وذلك الرجل لا زال يردد تلك الترنيمة التي يتردد صداها بأرجاء المنزل.
تم كسر الباب أخيراً ودلفوا بقوة رجل واحد وحاولوا أن يكبلوه، ولكن قوته كانت أعتى وأقوى فدفعهم جميعاً وصرخ بالهيروغليفية:
-اهربي الآن بنترشيت.
صرخت هي الأخرى ترد عليه:
-لن أتركك أبداً مولاي.
حاولوا مجدداً الإمساك به فانقضوا عليه وكبلوه وأمسك الشيخ حسب النبي طرف السلسلة الحديدية التي تلتف حول جسد ذلك الرجل ولفها حول قدمه وسأله بحيرة:
-أعمل ايه تاني يا شيخ فؤاد؟
أجابه الشيخ فؤاد موضحا:
-شد الطرف التاني من على بطني واربط ايده.
كل هذا وهو يصرخ بصوت عالٍ وبنترشيت ترجوهم بذعر:
-سيبوه، ارجوكم سيبوه.
أمسكتها كل من عزيزة وابنتها آلاء وقيداها بحبل قطني، فصرخ سيتي يزمجر عالياً:
-اهربي أيتها الحمقاء بعيداً.
حاولت التحدث ولكن عزيزة صرخت بحدة:
-خلصوني بقى وهاتولي ابني.
كبلوه بالسلاسل الحديدية من يديع و قدميه وجلس الشيخ فؤاد بجواره على اﻻرض وأطراف تلك السلاسل التي تقيد جسد سيتي تلتف حول خاصرته وبدأ بترديد تلك التعويذة وهو يحفز إمام:
-يلا يا إمام اسمعني وشوف النور.
صرخ سيتي بصوت مزدوج فأحكم الرجال قبضتهم عليه وعاد الشيخ فؤاد يهتف بالهيروغليفية:
-«عين حورس هي حاميتك، أوزوريس إله الغربيين هو حارسك، سيهزم كل أعدائك، وكل أعدائك هم جزء منك».
لمس طرف السلسله الحديدية فشعر ذلك المكبل على الارض كأن أصابه تيار كهربي عالٍ وأكمل فؤاد التعويذة صارخاً:
-«أحضرت لك عين حورس لكي تبث السعادة إلي قلبك وتعيدك إلى ديارك».
تحرك سيتي بقوة فانتفض جسده لدرجه ابعدت هؤلاء الرجال عن إمساكه فصرخ بهم فؤاد:
-امسكوه كويس.
ثبتوه وكل هذا ولم تكف بنترشيت عن البكاء المكتوم بعد أن كبلتها عزيزة وكممتها وأخذت منها الرضيع تحمله وتهدهده حتى يكف عن البكاء.
عاد الشيخ فؤاد يقول تعويذته بصوت عالٍ اجتمع على إثره الجيران ليشاهدوا ما يحدث بصمت وتعجب شديدين:
-«أنا عين حورس المشوهة والتي فُقدت بطريقة مرعبة ولكنني أقوى التعاويذ المحافظة للأجساد فسأقوم بحفظ هذا الجسد حتى يسترده صاحبه».
عاد جسد سيتي للارتعاش فأضاف فؤاد:
-«أترك روح إمام أيها الطيفون لتعود لجسده واسترد خادمك سيتي الذي يسكن جسده».
تحرك جسده بعنف أكثر وأكثر وزمجر بشراسة صارخا:
-اتركوني أيها اللعناء.
زم الشيخ فؤاد شفتيه وقال:
-«أبطل أيها المعبود حورس هذا السحر وامحي كل أثر له، أبطله من زمان ومكان مهما كان واحفظ هذا الجسد وأعد له روحه المفقودة وقم بحبس روح خادم المعبود الشرير ست لمكانه الذي ينتمي إليه».
في تلك اللحظة انتفضت بنترشيت وتحرك جسدها بعنف صارخة بأصوات غير مفهومة فتعجب الجميع من حالتها وفهم الشيخ فوراً أن حالتها لا تختلف كثيراً عن حالته فقال بحدة:
-امسكوها كويس، هي كمان ملبوسه وواضح جداً إن السحر ده قوي أوي.
استعان بالشيخ حسب النبي وقال له:
-السحر قوي أوي يا شيخ، و محتاجين آيات من القرآن للتحصين عشان تساعدنا.
بدأ الشيخ حسب النبي بترتيل الآيات القرآنية حتى يساعده على إبطال ذلك السحر القوي بعد أن أخبره الشيخ فؤاد:
-ده سحر أسود ملعون والقرآن هو حله الوحيد.
{قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ (78) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (79) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (80) فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82 )} (سورة يونس).
❈-❈-❈
فتح سيتي عينيه فوجد نفسه بذلك العالم الذي بناه وأمامه بنترشيت التي اقتربت منه بلهفة تقول له باكية:
-ماذا حدث مولاي؟ وكيف أتينا إلى هنا؟
اتسعت عيناه بالذعر ورد بغضب:
-لقد فلحت تعويذتهم وأصبحنا حبيسا هذا المكان، ويبدو أن إمام قد عاد لجسده.
سألته بحيرة:
-وماذا عني؟
صرخ بها بحدة:
-أخبرتك أن تهربي حتى تستطيعين بعدها أن تلقي تعويذة لإعادتي، ولكنكِ كعادتك قمتِ بعنادي واﻵن أخبريني كيف سنخرج من تلك الورطة؟
بكت ونظرت حولها بتيه وقالت له:
-ابني، الصغير سيتي ليس بحوزتنا مولاي.
ضغط على أسنانه بغل ولكنه عاد لذهوله عندما رآه أمامه، فابتسم إمام بتشفي وقال ببسمة سعيدة:
-اديك أنت اللي جيت لحد هنا وأنا اللي هخرج.
فكر سيتي قليلا فناداه بجدية:
-إمام.
استمع له بعدم اكتراث فقال الأول:
-لما ترجع هتلاقي دورثي ماتت، ولازم تعرف إن وضعها مختلف عن عن وضعك ووضعي، بنترشيت لو فضلت هنا دورثي هتموت هناك.
ضحك ساخراً فقال:
-آه وبعدين!
حاول إقناعه فهدر بغضب:
-لو رجعت ولقيتها ميته هتصدقني، بس ساعتها لازم تخلي الراجل اللي صوته خرم وداني ده يرجعها، أنت فاهم؟
رمقه إمام بنظرات غير مكترثة فتوسله سيتي بعد أن جثى على ركبتيه في سابقة لم تحدث له كفرعون:
-إمام، دورثي كده هتموت، أرجوك رجعها وأنا مش هقرب منك تاني بس أرجوك رجعها.
اختفى فجأة من أمامهما فصرخت بنترشيت:
-مولاي، أتوسل إليك أنا خائفة حد الموت فماذا سيحدث لي ولمن ينمو بأحشائي؟
مسح على كتفها وقال بطمأنة:
-لا تقلقي حبيبتي، إمام مهما حدث لا يمكن أن يتسبب بموتك وإن تأكد من حديثي فسيفعل المستحيل لأجلك ووقتها يجب أن تكملي أنتِ المهمة وتحاولي إعادتي بأي ثمن.
أومأت وقالت بتمني:
-أتمنى ذلك.