-->

رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 34 - 1 الخميس 27/6/2024

  قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الرابع والثلاثون

1

تم النشر يوم الخميس

27/6/2024

لم تصدق أنها قد تستعين بمن تسبب لها بما هي عليه اﻵن من الأساس ولكنها لا حيلة لها بعد أن أصبحت وحدها لا تجد حتى من يساعدها لدرجة أنها لم تستطع توفير قوت يومها بعد قرار إمام بتطليقها وتركها تعيش بمفردها وذهب بصغيره ليعيش برفقة والديه.


فبالرغم من تواجد منزلها بنفس المنطقة السكنية التي يعيش بها طليقها إﻻ أنها لم تستطيع رؤية صغيرها لرفض عائلة إمام ومساعدة الجيران لهم بنبذها بعد أن شاع صيتها باستخدامها للسحر، وبالطبع رغم أن ما حدث لم يصدقة عقل أحدا جاهلاً كان أو متعلما إﻻ أن الطبيعة البشرية جعلت البعض يضيف من الأحداث الشيقة ليزيد من حلاوة روايته للقصة -من وجهه نظره- فأصبحت منبوذة من الجميع.


وجدت صعوبة كبيرة مع تقدم حملها أن تجد عمل أو مسكن جديد بعيداً عن ذلك الحي الذي أصبح سجنا لها فذهبت لمنزل والدي إمام عازمة تلك المرة على التحدث معه لمساعدتها ولو على اﻻقل حتى أن تضع مولودها وبعدها يفعل ما يريده.


صعدت الدرج وطرقت على الباب ففتحت لها عزيزة التي فور أن رأتها حاولت إغلاق الباب بسرعة بوجهها ولكنها أوقفتها برجاء:

-استنى ماما، انا عايز إمام.


نظرت لها بغل وقالت بغضب:

-بس متقوليش ماما.


قوست بنترشيت وجهها واعتذرت بضعف:

-حاضر، ممكن اكلم إمام.


صرت عزيزة على أسنانها وقالت بجمود:

-إمام مش هنا.


عادت لتسألها بتوتر بعد أن اخترقتها نظراتها الكارهة:

-هو يرجع امتى من شغل؟


ردت بصوت حاد:

-لأ مش راجع.


رمقتها بنظرة حائرة وتعجبت من ردها ورددت بتعجب:

-مش راجع !


أومأت لها ورفعت شفتها العليا بشكل متقزز وقالت:

-بسببك وبسبب اللي عملتوه فيه هجك وساب البلد.


لم تفهم ما تعنيه فسألتها بتوتر:

-تقصد ايه؟


أجابتها وهي تهم بإغلاق الباب:

-سافر العراق يشتغل هناك، و يلا من هنا بقى.


أوقفتها عن غلق الباب وصرخت تسأل بلهفة:

-يعني ايه؟ راح عراق وابني سيتي فين؟


ردت متجهمة الوجه:

-اخدو معاه، هو انتي متعرفيش اني جوزته لبنت اختي واخدها وسافر العراق؟


ابتلعت غصتها بداخلها ولم تهتم لأمر زيجته، ولكنها اهتمت فقط بفلذة كبدها الذي فقدته فصرخت بها بحدة اجتمع على إثرها الجيران:

-ابني فين؟ ازاي إمام يعمل كده؟ حرام ده ابني أنا.


وقفت الجارات تحاول إبعادها عن مدخل الشقة وقالت إحداهن:

-ادخلي انتي يا أم إمام وسيبنا عليها واحنا نتصرف معاها.


بالفعل أغلقت الباب وبدأن بزجرها ودفعها بغلظة وهي تصرخ والأخريات كل واحدة منهن تلقي بكلماتها اللاذعة بوجهها:

-روحي يا اختي من هنا وابعدي عنهم بقى.

-سبيه يربي الواد اللي رمتيه عشان العفريت اللي مخاوياه.

-بقى واحده ربنا يرزقها براجل زي إمام وتروح تخاوي عفريت وتعمل عملتك دي؟

-يا شيخه اتقي الله وابعدي بقى.


لم تسلم من دفعهن لها ولا كلماتهن الحادة حتى خرجت تماما من البناية وهي تبكي وتنظر لأعلى لتلك التي تنظر لها من النافذة بتشفي وترتسم على وجهها ابتسامة فرحة وسعيدة.


عادت منزلها كما ذهبت بخفي حنين وهي لا تجد ما تفعله ولكنها جلست تفكر وتفكر حتى استقر بها الأمر للذهاب له، هو نفسه الذي ساعدهم على أاذيتها فقالت بصوت مسموع:

-شيخ حسب نبي، انت من ستساعدني.


❈-❈-❈


جلس يرتدي زيه الملكي ونظر أمامه لذلك الكاهن الذي يركع أمامه باحترام فقال بصوت جاد وأجش:

-انهض .


وقف الكاهن على الفور فاستمع لملكه وهو يقول:

-لقد علمت مدى قوتك باستخدام سحر المعبود حورس، لذا قمت باستدعائك.


ابتسم الكاهن ونظر لذلك الجالس بجواره وانحنى مجدداً باحترام وتوقير فانعقد جبين رمسيس وسأله بحيرة:

- لمن تنحني؟


اعتدل بوقفته ونظر لسيتي مجيبا:

-أنحني لمولاي وفرعوني سيتي مر إن بتاح، والدك يا مولاي.


اتسعت حدقتي سيتي وابتسم فقد تأكد من قوة سحره كما أشيع عنه فقال بصوته المسموع له:

-هل تستطيع أن تراني؟


أومأ ورد مبتسما:

-وأسمعك بوضوح أيضاً مولاي.


التفت رمسميس لوالده وقال بفرحة:

-ألم أقل لك مولاي، هو من سيساعدنا.


سحب سيتي نفساً عميقا بداخله وزفره بتمهل وقال مستطردا حديثه:

-حسنا فلنبدأ إذن فأنا على عجلة من أمري.


حرك الكاهن رأسه معترضا على حدثه وقال موضحا:

-لا يمكنني التعجل بذلك الأمر مولاي؟


سأله رمسيس:

-وهل تعلم ما نريدك أن تفعله حتى تقول ذلك؟


رد مؤكداً:

-بالطبع، تريد أن تعيده للحياة، ولكن هذا الأمر لا يمكن أن يحدث دون مساعدة كل كهنة المعبود حورس.


ترك سيتي مقعده وتحرك صوبه وعين الكاهن مسلطة عليه حتى اقترب منه ووقف أمامه قائلاً:

-أنا لا أريد العودة للحياة بذلك العصر، لذا فإن مهمتك أسهل من أن تحتاج لكل كهنة المعبد، كل ما هنالك أن انتقل للمستقبل لحقبة معينة كنت أعيش بها كزائر لفترة من الزمن.


حاول الكاهن شرح معضلته فقال توضيحه بتوجس:

-مولاي، أرجو أن تفهمني جيداً، أنا أخدم المعبود حورس وجميعنا نعلم العداوة التي بينه وبين معبودك المفضل سيت، لذا من الصعب أن اقوم بخدمتك دون موافقة الكهنة، وأيضاً عليك دفع الثمن الذي سيطلبه منك المعبود حورس.


سأله وهو يكاد يهشم فكيه من الغيظ:

-ثمن! أي ثمن؟


رد موضحاً:

-إن وافق الكهنة على مساعدتك فسيكون هناك ثمن لابد أن تدفعه، هكذا يعمل الأمر.


وقف حائرا والتفت ينظر لنجله الذي أومأ له برأسه قائلا:

-أبي، عندما أبرمت اتفاقك مع كهنة المعبود ست قاموا أيضاً بجعلك تدفع الثمن، وكان ثمنا باهظا لتجتمع بها، فهل أنت مستعد لدفع ذلك الثمن مرة أخرى من أجلها؟


رد بحيرة:

-لقد وافقت على دفع نصف عمري لأجتمع بها، ولكن هل أملك شيئا اﻵن لأدفعه فأنا مجرد طيف لا أكثر لا استطيع أن أنفع أو أضر أحد وحتى وجودي هنا معك يستهلك الكثير من طاقتي. 

*ومن هنا جاءت المقولة المصرية الشهيرة (ادفع نص عمري واعمل كذا)


رد الكاهن فوراً ودون إطالة:

-بل لديك مولاي، وهذا سيحدده المعبود حورس ويبلغه لخدام المعبد وكهنته إن وافقوا على مساعدتك.


انتفض رمسيس على الفور صارخا به بحدة أجفلته: 

-بل تقصد بعد أن يقوموا بمساعدته، فهم لا يملكون خيارا آخر ولن أجد الرفض شيئا مقبولا بل سيكون سببا لعدائي ويا ويل من يعاديني.


ابتلع الكاهن ريقه بتباطئ وخوف وأومأ له بطاعة فلمعت عين رمسيس بالتوعد والغضب وقال بصوت مخيف:

-اذهب وأخبر كهنة المعبد وخدامه بأمر الملك (رمسيس الثاني من اسمه وابن الفرعون سيتي مر إن بتاح ملك الأرضين) حتى يتحضروا لمراسم تنفيذ التعويذة لعودة والدي للمستقبل.


الصفحة التالية