رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 26 - 1 الجمعة 7/6/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل السادس والعشرون
1
تم النشر يوم الجمعة
7/6/2024
❈-❈-❈
انتهت أخيراً مراسم التتويج وما تبعه من احتفال ورعمسيس يشعر بغبطة من السعادة ومن يراه يظن أنها بسبب تتويجه، ولكن حقيقة الأمر أنها بسبب رؤيته لوالده.
جلس على العرش يتحين الفرصة لترك عرشه وربما الركض صوب والده واﻻرتماء بحضنه، ولكنه فطن أنه ﻻ يراه أحد سوى عائلته فاضطر أن ينتظر اللحظة المناسبة للتحدث معه.
شرد رعمسيس قليلاً باللحظات الأخيرة التي سبقت وفاة والده عندما كان طريح الفراش يلفظ أنفاسه الأخيرة والأطباء يلتفون حوله ولا يستطيعون معرفة سبب مرضه المفاجئ أو إيجاد علاج بالرغم من تقدمهم الكبير بالعلاج والتداوي بالأعشاب وحتى بالتعاويذ السحرية عن طريق الكهنة والسحرة.
اقترب رعمسيس من فراش والده وجلس بجواره هاتفا بأسي:
-مولاي.
لم يجد استجابه منه فرفع صوته قليلاً:
-أبي.
فتح سيتي عينيه وابتسم له قائلاً:
-ولي عهدي.
انحنى رعمسيس يقبل راحته وتوسله قائلاً برجاء:
-أرجوك مولاي وافق على التدواي بالسحر رئفةٍ بنا.
ابتلع سيتي ريقه بصعوبة وأجاب بصوت خافت:
-إنه وقت الرحيل عزيزي وابني الوحيد، وكم أتوق للرحيل ولقائها أخيراً.
بالطبع يعلم رعمسيس التفاصيل الكاملة لتلك العلاقة التي جمعت ابيه بالكاهنة التي ألقت بنفسها من أعلى المعبد وكان حادثها حديثا تحاكى به العامة لوقت لا باس به، فهو إن استمع لبعض الأمور من اخته الكبرى أو والدته التي تم نفيها وهو لا زال بالخامسة من عمره إلا أن معظم معلوماته يعرفها من الفرعون ذاته.
كان رعمسيس يسافر لزيارة والدته بمنفاها بصفة منتظمة منذ أن أتم عامه العاشر، وبعدها عندما تم عامه الرابع عشر وقرر سيتي تزويجه حتى يوطد ويثبت قدميه بالحكم بتلك الزيجة كما فعل والده معه سابقا.
انتهز رعمسيس الفرصة التي سنحت أمامه بحفل زواجه أن يطلب من والده أن يعفو عن والدته الملكة تويا ويعيدها للعاصمة لحضور حفل زواجه وأيضاً البقاء بالقرب منه ولم يرفض له والده طلبه آنذاك ووافق فقط على حضورها حفل زواج نجلها.
كانت تويا دائما ما تنتهز أي فرصة عندما يقوم ولي العهد بزيارتها بمنفاها أن تخبر رعمسيس بشأن قصة العاشقان التي تسببت بنفيها، ودائما ما كانت تنسج القصة لتخرج هي كضحية وهما الجناة، ولكن حتى بهذا الشكل لم ير ولي العهد أي خطأ فعله والده من وجهة نظره كحاكم للبلاد وله الحق بتعدد الزوجات والمحظيات وحتى بالعلاقات المحرمة، فلم ير أي مانع لعلاقته بكاهنة ألقت نذور بالعذرية ووجد ذلك الأمر سخيفا إلى حد كبير بصفة الفرعون واتخاذه لصفة الألوهية كما فعل أسلافه من قبل.
استمع أيضاً للجهة الأخرى من القصة من اخته الكبرى الأميرة تيا التي أخبرته عن طيبة وعذوبة بنترشيت، وعن وقوعها بحب الملك الذي فرض نفسه عليها حتى أحبته وأصبحت تعيش لأجله حتى أنها أخبرته بشأن جنينها الذي لم يولد ومات معها حفاظاً على مُلك والده وحكمه.
ولكن أكثر ما يعلمه بهذا الشأن هو ما قصه عليه والده بنفسه أثناء قيادته للحملات وإشراكه معه بالحكم ومرافقته لحملات النوبة بصفته قائداً للجيوش، فقد آثر سيتي على أن يخبره حقيقة الأمر من ناحيته حتى يعلم تماماً ما فعلته أمه ويحذره من الوقوع بتلك الأخطاء من بعده.
معرفته بكافة التفاصيل جعلته يجلس متوسلاً له:
-أتوسل إليك أبي أن توافق على العلاج بالسحر، انا لست مستعدا بعد لتولي حكم البلاد بمفردي.
ابتسم له سيتي وأخبره بصوت مبحوح:
-لقد اضطررت أن انتظر خمسة عشر عاماً حتى تصبح بالعشرين من عمرك وتستطيع أن تتولى قياده البلاد بشكل حازم، وصدقني ابني الملك أنني لن استطيع اﻻنتظار أكثر فقد اشتاقت روحي لها وللقائها.
تعجب رعمسيس من مشاعر والده المؤججة ولا تزال بنفس قوتها لتلك الكاهنة بالرغم من مرور كل هذا الوقت على فراقهما؛ فسأله بحيرة:
-ما هذا العشق الذي لا ينتهي مولاي؟ هل يمكن أن يقع المرء بالعشق إلى هذا الحد لدرجة أن تضحي بحياتك وملكك وحكمك فقط لتجتمع بمن أحببت.
أومأ له مؤكداً بإطناب:
-بالطبع ابني الملك، فهذا هو الحب الحقيقي الذي تجده بصعوبة، فليس من السهل على الإنسان أن يفرق بين الحب الحقيقي والمخادع كحب والدتك لي والذي يبدو حقيقياً للبعض ولكنها بالحقيقة تطمع فقط لأن تكون الملكة زوجة الملك وأم الملك، لكن بنترشيت قد أحبتني دون مطالب أو مطامع وضحت بحياتها فقط لأجلي ولخاطر سمعتي ومُلكي، هذا هو الحب الحقيقي الذي أتمنى أن تجده بيوم من الأيام.
ابتلع ريقه وأكمل بإجهاد:
-ولا تكف أبداً عن البحث عنه ما حييت، وإياك واﻻكتفاء بزوجة واحدة تنصبها فرعون فتستخدم ذلك ضدك فيما بعد، وإياك يا بني من اﻻكتفاء بإنجاب طفل واحد كما فعلت أنا فقد منت الحياة علي أنك كفؤ ومؤهل للحكم فتخيل لحظة إن أنجبت ذكراً واحدا ومات بالحرب أو حتى كان ضعيف الشخصية لم يستطع الحفاظ على نسل عائلتنا أو اسمها.
مسح وجهه وأضاف:
-فأنا لا أريد أن تنتهي أسرتنا بحكمك أو حتى من يليك، بل أريدها أن تستمر لتحكم لآلاف الأعوام القادمة كما تنبأ لنا الكهنة ويعلى شأن تلك العائلة على سائر العالم وتُذكر اسمائنا بالتاريخ.
ابتسم له رعمسيس وأومأ مؤكداً:
-لا تقلق أبي، فسوف أفعل كل نصائحك كما هي.
عقب عليه موضحا:
-هذه ليست نصائحي فقط يا بني بل هي وصيتي وأرثي الذي أتركه لك حتى تكون أنت المؤسس الحقيقي لتلك الأسرة.
وافقه مؤكداً:
-لا تقلق فأنا أهلٌ لها.
رد عليه سيتي بسعادة:
-أعلم، وأعلم أنك مستعدٌ لذا اتركني حتى أجتمع بقلبي الذي ينبض بعيداً عني وأشتاق لرائحته يا بني.
مسح رعمسيس على رأس والده وابتسم له موافقا ووضع راحته على عينيه يغلقها له وقال بصوت حنون:
-أغلق عينيك يا والدي واتبع صوت نبضاتك البعيدة أينما تكون.
أغلق سيتي عينيه فرأها أمامه وكأنه بحلم جميل؛ فاتسعت بسمته وهمس بصوت مسموع:
-قيثارتي، قيثارة الحب لقد اشتقت لكِ حبيبتي بنترشيت.
لحظات ومالت رأسه للجانب بعد أن توقف عن التنفس وخفتت نبضاته حتى اختفت تماماً، فارتمى رعمسيس عليه يبكيه بحزن متمتماً:
-سأفتقدك أنا اﻵخر أبي.
عاد من شروده وهو يلاحظ ابتسامة والده ناظراً للفراغ بجواره ويتحدث، فأيقن بفطنته وذكائه أنها معه.
وقف تاركاً عرشه فانحنى الجميع له احتراماً حتى والده وبنترشيت فعلا المثل فاقترب منه وهمس له: ابي، اتبعني لغرفتي فقد اشتقت للتحدث معك.
وافقه وتبعه حتى غرفته الملكية وفور أن أصبحا بمفردهما بكى رعمسيس بفرحة هاتفاً:
-أبي، اشتقت لك ولا أصدق عيني أنها تراك اﻵن.
ضحك سيتي وقال مازحاً:
-ظننتك علمت أنني قادم.
أومأ له مؤكداً:
-لقد ظننته حلما لا أكثر أو ربما أمنية كما كنت أفعل معك بصغري عندما تمنيت أن تحضر حفل تتويجي، أتذكر؟
أومأ له مؤكدا:
-بالطبع بني، ولماذا أنا هنا اﻵن إن لم أكن أذكر.
ضحك رعمسيس وأوضح ناظرا صوب بنترشيت وكأنه يحدثها:
-لقد أخبرته أنني أريده أن يحضر حفل تتويجي ولكنه أخبرني أنها لم تحدث بالتاريخ أن حضر الفرعون حفل تتويج ابنه الملك وتوليته للعرش بحياته سوى مره واحده وهي معك أبي.
أومأ له وقال:
-لقد أشركتك بالحكم وكنت أنتوي فعلها كما فعلها أبي قبلا، ولكن الوقت لم يسعفني، ولكنني وفيت بوعدي لك وها قد حضرت حفل تتويجك وتنصيبك على العرش.
أومأ مبتسما بفخر:
-أعظم ملوك الأرض سيتي مر إن بتاح الذي يفي بوعده، هذا يكون أبي.
قالها وهو ينظر ناحية بنترشيت مجدداً فتعجبت هي للمرة التانية فهل يراها! فسألت بصوت هامس:
-هل يراني؟
استمع لها سيتي ورد بحيرة:
-لا أعلم، ولا أظن ذلك ولكن...
قاطعه رعمسيس قائلاً:
-لا أراها وبكن أشعر بوجودها مولاي وكم أود رؤيتها والتعرف عليها تلك التي سرقت قلبك.
ضحك سيتي وهتف وبسمته تكاد تصل لأذنيه:
-تريدني أن أصفها لك؟
وافق رعمسيس مبتسما فالتفت سيتي ناظراً لها بهيام وقال بغزل:
-جميلة كالقمر ولونها كالشمس، خمري بل ذهبي وخيوط شعرها السوداء تضيئ كنهر النيل بالعتمة فتتلئلئ عيناها بضوء خافت بلون العسل النقي، وشفتيها المكتنظة بلونها الوردي كفاكهة شهية جاهزة للأكل ، ورائحتها كالمسك تثمل من عبقها، جميلة كالخمر تعشق مذاقها بريئة كالطفل تعشق بهائها وطلتها الساحرة، تريد ضمها وإدخالها بصدرك حتى ينتهي العالم إلا عشقنا.
وصفه لها وتغزله بها بهذا الشكل جعلها تحلق بالسماء عاليا، وتتنهد بصوت مسموع تهمس له بسعادة تخللت وجدانها:
-مولاي، أنا أعشقك.
انحنى ليقبلها وبالطبع ذلك الواقف بجوارهما فهم من حركة جسد والده أنه يفعلها، فتنحنح بحرج وقال متجها للخارج:
-سأتركما وحدكما قليلاً مولاي، استمتع بوقتك وحجرتي الملكية رهن إشارتك.
غمز له سيتي فخرج الآخر وأغلق وراؤه الباب فعاد سيتي لتقبيلها قبلات حارة وعميقة وهي تتجاوب معه فهي لم تعد قادرة عن اﻻبتعاد عنه بعد وصلة غزله المشبع لحواسها التي ألقاها منذ قليل، و اﻵن دور وصلة غزله بجسدها وإشباعها وجداناً وعاطفةً وجسداً.
تحرك بها صوب الفراش الملكي وهو يهمس بأذنها:
-اشتقت لمضاجعتك وأنتِ بتلك الهيئة قيثارة الحب.
قبلها من عينها وأنفها ومال بجسده حتى تسطحت أسفله وأضاف متغزلا:
-اشتقت لجسدكِ أسفلي وأنا أنظر لملامحك الأصلية وشعرك الأسود المجعد هذا.
قضمت شفتيها وهي تنظر له بتلاعب وهمست بجانب أذنه مما دب القشعريرة بجسده كله:
-قد يرانا أحدٌ يا مولاي، تعقل قليلا وأرجئها حتى نعود أدراجنا.
رفض بحركة من رأسه وانقض على شفتيها يلعقهما بنهم وكأنه ابتعد عنهما لآلاف السنوات وقال بحب:
-لا أستطيع اﻻبتعاد فعشقك قد غزا كياني.
بدأ مضاجعتها بقوة مفرطة فأخرجت آهة عالية وترجته بخفوت:
-مولاي، تمهل قليلاً.
لم يعيرها أي اهتمام بل همس مؤكداً بصوت مثير وشبق:
-سأضاجعك بقوة حتى يستمع الموتي لصراخك حبيبتي.