-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 20 - 4 - الخميس 27/6/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل العشرون

4

تم النشر يوم الخميس

27/6/2024 


في الاعلي بمنزل منذر، كانت تجلس ضحي فوق الفراش وبنفس الوقت كان يندفع هو مباشرة في اتجاهها ليضع قبضتيه على ذراعيها متساءلًا بتلهف وهو يضغط عليهما


= عمال أدور عليكي وفي الآخر طلعتي فوق

اوعي تقوليلي انك زعلتي من كلام أمي، معلش يا ضحى ما انا قدامك اهو قلت لها ما تدخلش  


زادت ألمها الموجعة حينما سمعته يلفظ من بين شفتيه تلك الكلمات المتكررة في حياتهما اليومية، فبات كأنها نصل حـاد يخترق جلدها بقوة وهي تردد 


= ولحد امتى؟ هتسكتها النهارده وبكره وبعده وطول السنين اللي هنعيشها مع بعض كمان؟ و اخرتها ايه يا منذر والدتك من غير حتى ما تخليني اكشف ولا تسمعني اتهمتني ان انا عقيمه وكل ده ليه عشان انت اصلا كاتب طفل ما لكش علاقه به باسمك ومفكر انك كده بتستر على واحده عماله تتمددي بغلطها ومش فارقه معاها اصلا سمعتها


عقد حاجيبة باستغراب وهو يقول باستفسار


= مالك يا ضحي ايه اللي فتح موضوع غاده دلوقتي.. وبعدين انا وانتٍ فاهمين ان انتٍ مش عقيمه ولا حاجه 


نظرت له و هي على وشك البكاء و رديت بصوت منخفض 


= أنا مضايقة أوي يا منذر.. وانت لازم تصلح اللي بوظته، لازم ابن غاده ما يفضلش مكتوب باسمك والكل مفكر ان ابنك او حتى اهلك بس يعرفوا الحقيقه دي! فكره ان في طفل مكتوب باسمك وانا احق بده مجنناني ومش قادره اتقبلها 


كان طلبها مصيبة عند قوله، فدومًا أي شجار عنيف ما بعائلته يكن طرفًا فيه ينتهي ضده مهما كانت النتائج والخسائر ورغم هذا حاول أن يسيطر عليها، فأردف قائلًا بحذر


=ضحى انتٍ فاهمه نفسك بتقولي ايه عاوزاني بعد السنين دي كلها وبعد ما استحملت ان هم فاكرني اب جاحد ومش بسال على ابني افضحها وافضح نفسي معاها، وبعدين حتى لو سمعت كلامك وعرفت اهلي بس، مش هخلص من كلامهم ولومهم طول الوقت ان انا ازاي عملت حاجه زي كده وهسمع كلام ومعايره مش هخلص من هنا لبعد ١٠ سنين دول لما يصدقوا يمسكوا لي غلطه 


نظرت له بيأس وإحباط ثم صاحت به بصرامة حادة


= هو انا كل ما اطلب منك حاجه تقولي مش هينفع عشان كلامهم إللي هفضل اسمعه، ما هو الوضع ده مش هستحمله اكتر من كده يا منذر

وانت لو مفكر نفسك بتعمل عمل بطولي تبقى غلطان عشان ما ينفعش طفل مش من صلبك يتكتب باسمك، وبعدين انت بتفكر تستر واحده هي مش فارقه عليها نفسها اصلا و هتفضل تستغلك طول ما هي عارفه نقطه ضعفك.. وهي ما عندهاش اصلا دليل على كلامها لكن انت عندك .. بس طبعا كالعاده عامل حساب ناس ما لهمش داخل انهم يدخلوا في حياتك كانك لسه عيل صغير مش راجل كبير ومسؤول عن نفسك وتقدر تحط حد لكل واحد هنا


نظر لها شزرًا وهو يعقب بنبرة عنيفة


= ضحى خلي بالك من كلامك وشوفي انتٍ بتقولي ايه؟ 


وضعت كفيها على ذراعيه قائلة برجاء خفيف


=حقك عليا وما تفهمش غلط انا مش بعمل زيهم بس كده كتير عليا بجد وكل ما اطلب منك حاجه عشان خاطري تعملها اجابتك بتنرفزني أكثر لما تقول لي خايف من كلامهم لما يعرفوا يجرحوني مع ان هم كده كده مش ساكتين وخلال الفتره اللي قعدتها معاك اتاكدت ان انت كل اللي قلتهلي صح.. طب مستني اكتر من كده إيه مش فاهماك


أبعدها عنه بحده وسألها منذر بلهجة خطيرة


=رجعتي تاني لموضوع الدكتور صح؟ ما تفهمي بقى وتحاولي تتقبلي الفكره انا ما ليش علاج ولو الموضوع سهل كده كان اللي زيي انحلت عقدته من زمان!  


نهضت ضحي عن الفراش وهي تقول بعد تنهيدة مطولة


=انا مش عارفه ليه مصمم ما تكشفش عند دكتور وتشوف حالتك إللي إحتمال تكون ليها علاج وانت مصر تدفن نفسك بالحياه، هتخسر إيه لو رحت كشفت يعني 


مـــر بباله مقتطفات سريعة وومضات خاطفة من مواقف عديدة ثم أغمض عيناه بانكسار  وتحدث بنبرة منفعلة بصوته الموجعة


=هخسرك انتٍ يا ضحى؟ ما تفتكريش انا مش فاهم انتٍ ايه اللي مسكتك عليا لحد دلوقتي رغم اللي عرفتيه ومخليكي مكمله عشان عندك امل ان اروح للدكتور ويديني علاج و أخف إنما لو قال نفس كلامي وانا ما ليش علاج هتسيبيني أكيد طبعا! 


تنهدت بتعب وحدقت في بنظرات لامعة  وتمتمت بحزن


=غلطان انا في الحالتين مش هسيبك بس مش عاوزاك تفضل كده عاوزاك تحاول بدل المره عشره كمان! مش عاوزاك يائس للحياه ومستسلم لتعنيف أهلك، وصدقني لو الدكتور قال بنفسه ان ما فيش امل في حالتك هوعدك مش هفتح الموضوع ده تاني ومش هسيبك وهرضي واعيش بنصيبي معاك كده


رد عليها بعدم اقتناع وهو يشير بعينيه المجهدتين بحذر 


=بتتكلمي بجد ولا بتضحكي عليا انتٍ خلاص فعلاً هتكملي حياتك معايا وهترضي بالامر الواقع ومش هتسيبيني.. طب احلفي انك هتعملي كده 


رمشت بعينيها وهي تسبلهما نحوه، ثم همست بنعومة


=والله العظيم يا منذر هكمل معاك حياتي طول ما انت بتحاول وتعافر تتغير ومش شرط يكون التغير انك تخف وتكون سليم انت نفسك تغير في شخصيتك 


رفع سبابته في وجهها بشك بينما صائحًا بغلظة


= طب طالما هتتقبليني كده عاوزاني ليه اروح للدكتور هو انا وحش للدرجه دي ولازم اتغير ولا بتحاولي تجمليني في عينك عشان انتٍ زيهم شايفاني عديم الشخصيه ومش راجل


اقتربت أكثر منه ثم أومأت بعينيها هاتفه بنبرة رزينة


= منذر الراجل هو الأمان و السند و الضهر وكل حاجه، ولو مكنش سند ولا ضهر يبقى مش بيمثل حاجه في حياه الست! وانا بقول لك كده عشان ما تفتكرش ان الرجوله يكون معاك فلوس ولا أنك تعرف تقيم علاقه مع واحده! لا إلا على كده اللي بيغتصب واحده وياخدها غصب عنها المفروض نقول عليه راجل هو كمان! بس هو مش راجل صح .


هز رأسه ببطء دون رد، ثم مدت يدها لوجهه وكورت يدها حوله، و أخبرته بنبرة دافئة في ظل ذلك البرود القاسي، فلمست قلبه وتغلغلت فيه


= الرجولة إللي بجد أحلى من المال والجاه والجمال يا منذر.. تعرف الرجولة دي معناها ايه ؟! الأمان .. أي ست في الدنيا ما تقدرش تعيش من غيره وانت لو حققتلي ده يبقى مش هدور على اي حاجه تاني واقول ناقصاني 


شعر بلمسة رقيقة من أناملها على وجهه فأصابته برجفة بسيطة بالاضافه الى كلامها المعسول الذي بدأ أن يؤثر عليه، أبتعد وفرك طرف ذقنه بكفه دون أن يعقب، وأبعد نظراته عنها نافخًا بتبرم فخفق قلبه بقوة وتسارعت دقاته عندما أضافت قائلة بجدية 


= انت مش وحشه الحياه هي اللي وحشه و الواقع محدش وحش الناس اللي بيخلوا الواحد يحس انه كده بس الحقيقه محدش وحش


تساءل منذر هاتفًا بصوته الخشن


= عاوزاني اعمل ايه معاهم؟ 


ابتلعت ريقها بتوتر ثم أجابته ضحي بتردد


= حاول تتعود و تخلي في تبلد في مشاعرك لغايه ما خلاص مش هتزعل تاني الموضوع مش صح بس مفيش حل تاني للاسف و ربنا معاك.. ومن ناحيه تانيه تعمل اي حاجه في مصلحتك ومن غير تفكير جرب تفكر في نفسك بس بدل ما انت بتفكر فيهم وتشايل همهم وهم ولا في دماغهم.. يبقي أنت كمان ولا تحطهم في دماغك، وبطل توقف حياتك دي عشان بس خايف تسمع كلمتين انت بتسمعهم كل يوم وبيجرحوك والوضع هو هو كل يوم وما فيش تغيير.. لحد امتى يا منذر بس فهمني الوضع ده هيستمر.


ضغط على جرح قلبه الذي لم يندمل بعد بتكرار تلك الحقيقة المريرة، فحاول أن يلملم كرامته المبعثرة وهو يردف بألم 


= احساس اليتيم صعب بس الأصعب ان احس اني يتيم


سألته بحيرة واضحة على محياها


= بس انت مش يتيم


فصاح منذر بصوت متألم


= لا يا يتيم يا ضحى الاسم عندي اهل بس وجودهم زي عدمه، انا نفسي من زمان أوي حد يحبني وكنت بتمنى ده، واديكٍ شايفه اللي حواليا بيعملوا ايه فيا


أشارت بيدها قائلة بقلة حيلة


= بس الحب مش امنيه يا منذر.. الامنيه أن الحب ده يدوم 


صمت لحظة بتفكير ثم أجابها بتنهيدة حزينة


= تفتكري لو اتغيرت ممكن الاقي الحب اللي يدوم! ويبطلوا يقولوا ليا الكلام الوحش ده و يجرحوني 


جمدت هي من تعابير وجهها، ثم ابتسمت ابتسامه بسيطه وأجابته بهدوء حذر وهي ترمش بعينيها


= عارف انا اكتشفت ايه؟ أن شخصياتنا هي اللي بتجبر اللي قدامنا يحترمنا يعني انا لو من اول يوم كان اي حد ضايقني بكلمه عن الجواز والخلفه وكنت رديت عليه بشخصيه عنيفه شويه واحرجته وخليته ما يدخلش نفسه في اللي ما لوش فيه كان غصب عنه عمره ما هيفكر يفتح معايا الموضوع ده تاني والوضع برده ليك.. لو من اول يوم ظلموك وابتديت تشيل الحمل كله عليك اعترضت وقلت لا ده كتير عليا وانا مش هعمل كده؟ كان غصب

عنهم هيشيلوا الحمل معاك..  


نظر لها مطولًا، ولم يعطيها أي رد صريح. 

بقت الأخيره على أعصابها مترقبة قراره النهائي، حبست انفاسها وظلت محدقًة به محاولة تخمين ردة فعله، وبعد أن طــال صمته قرر الرد بصوت مضطرب


= ماشي يا ضحي أنا موافق أروح للدكتور! بس على شرط لو قال حالتي ملهاش علاج ونفس كلامي ما تطلبيش مني الموضوع ده تاني اتفقنا .


ابتسمت ضحي بسعادة من بين عبراتها الساخنة ونظرت في اتجاه منذر الذي كان يطالعها بنظراته الحنونة، ثم قالت بأمل 


= ما فيش حاله ما لهاش علاج أن شاء الله ومع ذلك اتفقنا.


الصفحة التالية