-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 26 - 5 الأحد 21/7/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل السادس والعشرون

5

تم النشر يوم الأحد

21/7/2024

❈-❈-❈

دلف منذر وضحي إلي منزل ديمة القديم فقد أعطاهم آدم المنزل لمكثوا فيه تلك الفتره بعد ان استاذن زوجته بالطبع! فلم يجد منذر غيره بذلك الوقت أن يساعده ولم يفهم آدم كثيراً ما حدت معه لكن لم يضغط عليه وفي الصباح اخبره بأنه سيأتي ويتحدثون.


دخلوا بهدوء و وضع الحقائب جانب ليجد الردهة فارغة والهدوء يعم اشعل الأنوار واغلق الباب، ثم اتجه إلي اقرب كرسي ليجلس عليه وتقدمت خلفه ضحى.


أخذ نفساً طويلاً مرتجفاً بينما عينيه مسلطة على الفراغ وهو يراجع مقتطفات مما حدثت فلا يصدق أن واجه والده وأسرته بكل ما بداخله ولم يعطف شاهين ويشفق عليه بل استمر يعامله بتلك الطريقة القاسية.. امتلئ قلبه بالألم شاعراً لأول مرة في حياته معنى انه يكون يتيم رغم ان دائماً كانت والدته تغرق معاذ بحنانها و لين قلبها وتتركه هو ولم تهتم به كأنها رافضة وجوده بحياتها اصبحت عينيه ضبابيبتين ممتلئتين بالدموع ثم همس بصوت متحشرج ملئ بالألم


=ما كنتش عاوز الأمور توصل ما بينا لكده

بس انا خلاص ما بقتش قادر استحملهم هو انا مش من حقي اقول حتى ان انا تعبت واشتكي منهم، انا بقيلي سنين طويله كاتم في قلبي

لحد ما خلاص ما بقتش قادر استحمل حاسس ان انا آآ بكرههم ما كنتش عاوز اقول كده بس هم وصلوني للاحساس ده.


رغم الالم و الحزن اللذان يعصفان بداخلها الا انها تصنعت الثبات قائلة باقتضاب 


=جايز تكون الواجهه دي لصالحك انت.. كان لازم تعمل كده من زمان عشان ما تتعبش كان لازم تطلع كل اللي جواك ناحيتهم وتعرفهم هم بياذوك لاي درجه، بصراحه على قد النتيجه اللي حصلت في النهايه بس انا فرحانه ان انت عرفتهم هم كانوا بيعملوا فيك ايه وانت قد ايه شايل منها 


حاول مكافحة الدموع و نهض بتثاقل وهو يقول بصوت متعباً


=مش هنكر أني مرتاح شويه بعد اللي حصل، بس برده في خسائر زي ان انا بقيت عاطل دلوقتي ومش عارف هصرف منين؟ لاني اخذت قرار ومش هرجع تاني اشتغل معاه زي ما قلت له... بس ما تقلقيش هدور على شغل بكره و كمان هروح اسحب من البنك فلوس عشان نصرف منهم عقبال ما اشتغل


نهضت خلفه وهزت رأسها هاتفة بصوت مرتجف مختنق بينما تقاوم حتى لا تنهار امامه

فيجب ان تكون الدعم والسند له في تلك اللحظه بالأخص 


=انا مش قلقانه من حاجه ومتاكد ان انت هتنجح سواء والدك موجود او لا انت اصلا كنت شايل كل حاجه وهم وجودهم كان زي عدمه! يبقى معقول مش هتنجح وانت لوحدك

بس هو انت مش هتكمل المشروع اللي كنت طول الوقت بتكلمني عنه ومجهز كل حاجه؟ 


ألتفت ببطئ إليها لترى الألم المرتسم داخله مما جعلها ترغب بسحق شاهين وباقي العائلة على ما تسببوا به و تخريب لحياتهم! آه لو يعلموا كم المعاناه التي كان يعانيها بسببهم وكان يحاول بكل الطرق الخروج من تلك الدوام الذي اوقعه بها، هتف مرددًا بيأس وإحباط كبير 


=مشروع ايه بس يا ضحى هو انتٍ ما سمعتنيش كويس.. ابويا الله يسامحه ضيع كل حاجه عشان يجيب عربيه للبيه ابنه يتمنظر بيها مع صحابه.. خلاص بقى خليني احلم على قدي اصل هجيب فلوس منين؟ مش لما اكفيك انتٍ بس يا ضحى والاقي شغل جديد


مررت يدها برفق فوق خده تزيل تلك الدموع الخفية ولم يشعر بالحرج منها ابدأ، ثم قالت بجدية شديدة 


=هو انت مش كل اللي ناقصك الفلوس تمام يبقي خلاص اعتقد جي وقت ان انا لازم ابيع الذهب ولازم توافق المره دي! اعتبره يا سيدي سلفه وهو ما شاء الله كتير يعني هيجيب مبلغ حلو ومتاكده ان انت اول ما ربنا يكرمك هتعوضني بالاحسن منه


خفق قلبه أثر كلماتها و دعمها الحنون ذلك، 

لكنه أردف بنبرة مليئة بالبؤس والإحباط 


=يا ضحى الموضوع مش بسيط كده انا عاوز فلوس كثيره للمشروع ده صحيح لو بعت الذهب هيجيبلي مبلغ كويس بس برده هكون ناقصني كتير أوي، وعلى الفلوس اللي معايا في البنك برده مش هيكفي وانا مش عاوز اصرفهم كلهم احسن لا قدر الله تحصل حاجه وانتٍ في رقبتي و انا اللي لازم اصرف واخلي بالي منك، والبيت ده كمان لازم ناجره من آدم مش معنى ان اديهولنا هنسوق فيها وانا هصمم على كده معاه لا إلا اشوف مكان ثاني.. و كل دي مصاريف برده لازم اعمل حسابها 


تابع بصوت مختنق و هو يفرك وجهه بيده التى كانت ترتجف بوضوح


= خليني حتى اجل الموضوع ده لحد ما الاقي شغل.. المشكله حتي لو حاولت اخد قرض برده ما عنديش اللي يضمن وهيترفض وانا مش عاوز بصراحه امشي ورا في الموضوع ده بدل ما اتسجن في الاخر ويجي فوق دماغي

غير أني صرفت كتير في موضوع جوازي على العفش فالمبلغ اللي في البنك مش كتير زي ما قلت لك.


عضت على شفتها السفلى كاتمة توترها وهي تفكر في حل لحالته الجديدة تلك، ثم انتبهت علي كلماته لتقول بخفوت مضطرب


= العفش! هو مش باسمك صحيح وانت اللي شاريه كله حتى الاجهزه و والدك ما ساعدكش فيه، طب ما تبيعه هجيبلك برده مبلغ واهو يساعد .


تصلب جسده بصدمة فور سماعه كلماتها ليفكر بالأمر لكنه هز رأسه بقوة و هو يقول بغضب  


=مشاركش في حاجه ده كان عمال يقطمني وانا بشتري كل حاجه وصعبان عليه الفلوس اللي انا تعبت فيها، بس مش طايق اروح هناك واشوفهم اصلا اول ما يشوفوني هيفكروني ندمت ورجعت استسمحهم.. تغور كل حاجه بس ما اشوفهمش تاني


لم تيأس وهتفت مجددًا متمتمة بجدية أكبر 


=مش لازم تشوفهم ابعت اي حد معرفه عندك في الشارع ولا بلاش استنى يوم يكونوا مش موجودين كلهم وانت اكيد عارف امتى البيت كله بيفضى وروح في الوقت ده وهاته بس خساره ما تسيبوش طالما باسمك وانت محتاجه.. منذر عشان خاطري احسبها معايا فلوس الذهب وفلوس العفش وفلوس البنك هتخليك تعمل المشروع وهتنجح تقف على رجلك وهتعرف الكل انك مش محتاجهم ومش فاشل زي ما هم طول الوقت عاوزين يوصله ليك الفكره دي، واذا كان على مصاريف البيت نحاول نزنق نفسنا الكم يوم دول لحد ما المشروع ينجح 


رفع يدها طابعاً قبلة عميقة براحتها قبل ان يزيح شعرها المتناثر على وجهها الى خلف أذنها، وهو يقسم بداخله انه سيعوضها عن كل هذا أن نجح بالفعل فهي تكون أكبر جزءا داعم بحياته كلها، تنهد متحدثاً بنبرة عاشقة صادرة من فؤاد ذاق لوعة الحب


= ضحي هو انتٍ ازاي كده؟ كل اللي حواليا بيقولوا ان انا عمري ما هنجح ولا هبقى حاجه وانتٍ الوحيده اللي مؤمنه بيا! ومصدقاني و مصممه ان اكمل مش خايفه بعد كل ده افشل فعلا وما توصليش لحاجه معايا وتندمي انك كملتي مع واحد مستقبله ضايع .


طالعت تعابير وجهه بنظرات متيمة، وردت عليه هامسة بصدق


= عشان انت مش فاشل يا منذر واللي بيقول كده هو اللي بيحاول يطلع فشله عليك بص حواليك كده! هما نجحوا في ايه اصلا من غيرك نجاحهم ده عشان هم لجاوا ليك وانت ساعدتهم من غير ما يطلبوا لكن هم من غيرك اللي هيفشله وهيحسوا ساعتها بقيمتك، انت اللي عملت اسم للوكاله وكبرتها و انت اللي طورت نفسك في شغلك.. فيبقى ازاي مش هتعمل كل ده لوحدك! 


تقافزت نبضات قلبه بجنون بصدره و هو لا يصدق أنه حصل عليها وفاز بامرأة رائعه مثلها، 

امسك بيد ضحي الأخري بين يده يضغط عليها بلطف و استجابت له و ضغطت على يده برفق مما جعله يبتسم، ثم تابعت حديثها قائلة بنبرة ثبت فيه القوه والإرادة داخله 


= منذر انت قوي وهتقدر بيا او مش بيا، فكر في الموضوع واحسبها تاني زي ما كنت بتعمل حساباتك على أساس تفتح المشروع في دكان والدك وتطوره.. اعمل ده بقى بس لوحدك مشروع يخصك انت وباسمك بدل ما كنت بتنسب شغلك لحد تاني يجي ياخد على الجاهز شقك وتعبك.


أخذ يتطلع إليها عدة لحظات بتشوش قبل ان يتركها جالس بتفكير جاد ثم قال متردد 


= حاضر.. اوعدك هفكر في كلامك.

الصفحة التالية