رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 26 - 4 الأحد 21/7/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل السادس والعشرون
4
تم النشر يوم الأحد
21/7/2024
استشاطت نظرات معاذ وغليت الدماء في عروقه، لكنها رغم ذلك لم تتوقف عن الشكوى واستمرت كأنها ترغب ان تخرج كل ما بداخلها من مخزون لسنوات عديدة، زمت شفتيها قائلة بنبرة مقهورة
= كل حاجه عندك بالسهل من غير تعب ولا مجهود، كل حاجه عندك موجوده وقت ما تطلبها في ثانيه تبقى تحت رجليك ومش عاوز تتعب عشان حاجه
مسحت عبراتها المنمهرة بغزارة من على وجهها بأناملها المرتعشة وهي تتابع قائلة بحسرة
= هو انت ليه مستصعب احلامي ومش قادر تفهمني ايه يعني لما تشتغل ان شاء الله يا سيدي ثلاث ساعات في اليوم.. إيه يعني لما اتفشخر بجوزي وابقى فخوره ان عنده احلام وطموح بيسعى ليها، واعرف اقول للكل وانا فخوره ومن غير كسوف أن جوزي ناجح و بيتعب ويشتغل مش بيستنى المصروف من أبوه.. هو انت خدت بالك ليه انا قطعت مع كل اصحابي فجاه بتاعوا الجامعه من ساعه ما اتجوزتك رغم ان دي الحاجه يعني الوحيده اللي وافقت عليها وقلتلي شوفيهم براحتك انا كده كده معظم الوقت بره مع اصحابي.. عشان كنت بتكسف ان حد يسالني جوزك بيشتغل ايه؟ وبتكسف كمان أن كدبتي تتكشف
لما كنت بقول لهم ان انت بتشتغل مع والدك واخوك فعلا في الوكاله!
صمت مجبرًا أمام صياحها المتواصل، عاجزًا عن إيجاد إجابة مقنعة لها فكيف يبرر أسبابه وهو نفسه لا يستطيع تفسير ردات فعله الغير عقلانية فيما يخصها، لكن عليه ان يعترف منذر أخيه كان محق فوالده و والدته هم السبب في ازمه الاخين والسبب في تقصير كلا من!
والآن كل منهم يحصد نتيجه تلك التربيه
تجمدت عيناه عليها، وظلت تعابيره خالية من أي إشارات متأثرة رغم ثورته المستعرة بداخله ضجرت من صمته المريب، فهتفت بصوت متعباً
= يا اخي انا تعبت من كتر المسؤوليه اللي شايلاها لوحدي وكل واحد عايش مع نفسه، ياما كنت بحاول معاك واقول لك تعالى نعمل اي حاجه مع بعض ننجح عارف النجاح و
الخساره والمكسب دول لو بتشتغل فعلا هتفهمهم بجد بس كان نفسي نعمل اي حاجه سوا ونشاركها مع بعض.. انا كان نفسي احس بيك.. احس ان انا متجوزه راجل بيشتغل ويسعى.. وابقى مطمنه وانا حاطه راسي على المخده جنبه ان بكره مش هتحوج لحد لما ابوه يقطع عنه المصروف فجاه لاي سبب
لم يعد قادر على تمالك أعصابه أكثر من هذا، فتحفز للانقضاض عليها قائلاً بجموح عدواني خطير
= نفسك جوزك يبقى راجل! ممم ملاحظه عدتي الكلمه دي بطريقه مباشر وغير مباشره كم مره في كلامناه .
تراجعت للخلف متحاشية اندفاعه الأهوج، و ردت عليه بتوجس طفيف
= هو ده اللي ركزت فيه بكل كلامي هو انت هتفضل كده دايما تمسك في الهيافه وتسيب المهم.. نفسي احل المشكله دي بجد تعبت من كتر ما بتكلم وما فيش اي حاجه بتتغير انا بقيت بعدي بمراحل صعبه أوي و وحشه أوي بسبب الضغط اللي انا بقيت فيه
اغتاظ من أسلوبها الهمجي في التطاول عليه، فصاح مهددها بهجوم ساخط
=وأي مشكله فيهم يا هانم بقي نفسك تتغير وتتحل! اصل مشاكلك معايا طلعت كتير اوي.. أن جوزك يبقى راجل مش كده.. يعني انا بالنسبه لك مش راجل يا بسمة !. شايفه كمان ان موضوع تعايري وتهني جوزك هايف وعادي
بعد ما عشتي معايا سنين واتمتعتي بخيري معايا .
جمد تعابير وجهه، يضيف بفتور متعمد
= بقيت راجل وحش دلوقتي.. بقيتي مش عاوزه فلوسي.. ويا ترى بقى في حد غيري مالي عين مراتي اللي بقت شايفه جوزها مش راجل ما تردي عليا سكتي ليه.. طالما بقيتي شايفاني ضعيف ومش مالي عينك يبقي مين بقى اللي كان بيصبرك على العيشه معايا الايام اللي فاتت
عقدت حاجيبها للاعلي قليلاً بحذر وتعجب فلم تفهم هل رآها مع ذلك الشاب حتى يتحدث معها بنبرة الشك تلك ام أنه يخمن، بينما أضاف يتحدث بوعيد مخيف
= عشان لو طلع اللي في بالي صح صدقيني هخليكي تتمني الموت ومش هتطوليه عشان مش انا يا روح امك اللي هركب قرون على آخر الزمن.. مش عماله تطلعيلي كل عيوبي ومطلعاني وحش وانتٍ ملاك ونازله جلد فيا وكل حاجه انا السبب، وانا الواطي الزباله اللي مش بساعد في اي حاجه وسايب الحمل كله على مراتي.. يلا انت كمان وريني عيوبك ولا مفكره نفسك ملاك بجد..انطقي تعرفي واحد غيري
توترت قليلاً لكنها بسرعه رسمت الثبات و
انطلقت في اتجاهه صارخة بهياج في وجهه
= لا طبعا ما تحترم نفسك وتحاسب على كلامك انا إللي كان مخليني مكمله و صابره السنين دي كلها فعشان كان عندي امل انك تتغير وكنت دايما بحاول معاك تنكر ده !؟
❈-❈-❈
كانت ديمة تجلس بجانب آدم الذي كان صامت منذ سماعه خبر حملها، ضغطت على شفتيها بتوتر ثم أفلت شفتيها لتقول لعل أن يتوقف قلبها من الخفقان
= آدم هو انت زعلان عشان انا حامل ؟ انا فكرتك هتفرح ولا ما كنتش عاوز تخلف مني
نظر لها بعمق وهو يقول بصرامة حاده
= ما تقوليش كده تاني، انا بس مصدوم ومش مستوعب كمان أن ممكن اكون اب بعد السنين ده كلها من تاني، حاسس نفسي كاني نسيت الابوه اصلا.. بس في نفس الوقت خايف عليكي دي مسؤوليه كبيره وانتٍ بتدرسي لسه.. مش عاوز احس ان انا بستغلك يا ديمة عشان احقق كل رغباتي اللي كنت محروم منها في الحياه
ابتسمت بارتياح بعد ان فهمت وجهه نظره وقالت محاوله بث الطمأنينة داخله
=اوعي تحس كده تاني مره عشان انا فرحانه بفرحتك وفرحانه ان انا هخلف عيل منك مش انت كان نفسك برده في كده انا سمعتك وانت بتكلم ابن عمك عن كده، و ما رضيتش اخد اي موانع.. ودي رغبتي زي ما هي رغبتك، انا نفسي اكون أم
نظر آدم لها بحنان كبير قبل أن يقول بشغف
= انا بحبك أوي
هزت رأسها بالايجاب عده مرات بابتسامه مشرقه ثم أضاف وهو يقول بحُب
= هو ينفع أحضنك؟ عاوز أحس بيكٍ انتٍ وابني اللي في بطنك واللي لسه ما شفتوش .
أخفضت رأسها هي بضحكة خجل هاتفه
= هو في إيه يا آدم؟ هو إنهاردة يوم حظي !
عيناه كانت تلمع بعشق وإقترب منها وهو يضمها بين يديه بقوة ثم حاوط عُنقها بيديه و قربها منه بهدوء، ليلتهم شفتيها بنهم مما جعلها تغمض عينيها وتحاول تبادله، ليوقفها هو و يبتعد عنها برقي وهو يشير بيده علي هاتفه الذي يرن ويقول بقلق
= ثانيه واحده يا ديمة ده منذر، غريبه مش عارف بيتصل في وقت زي ده ليه؟! أكيد في حاجه حصلت.
❈-❈-❈
بعد فتره هبط معاذ إلي عائلته وزوجته خلفه حتى تاخذ أبنها وتصعد علي الفور، و لاحظت حاله شاهين الغريبه فكان صامت مكانه كما تركه منذر ورحل! فلم تفهم جمود تعبيره هل هو نادم علي أفعاله أم غاضب ولم يتغير كعادته بعد.
وفي ذلك الأثناء جلست مايسه إلي أقرب مقعد وهي تقول بوهن
= الحقيني بسرعه بكوبايه ميه يا بسمه، و شوفيلي اي حاجه مسكره واعملي فنجان قهوه لعمك يظبط دماغه من الصداع ده.. اه يا دماغي الواحد مش قادر.. اتحركي يلا يا بسمه هتفضلي تتفرجي علينا.
تطلعت بسمة فيها عده لحظات تستوعب ما هي قالته رغم ما حدث و ما زالت تطلب منها
و تتعامل معها كانها خادمه بذلك المنزل و تامرها بخدمه الجميع أيضا، شعرت بسخرية الموقف فابنها قبل قليل واجهه باسوا افعالها هي وزوجها.
وعندما ظلت مكانها كثيرة دون استجابه هز رأسه زوجها محتجًا وهو يقول بشراسة
= ما تتحركي انتٍ كمان اتطرشتي ولا إيه.
حذرتها حماتها تحاول تخفيف حدة الموقف
= تلاقيها مش سمعانه كويس يلا يا بسمه اتحركي .
كزت بسمة على أسنانها كاظمة غيظها في نفسها، وفكرت للحظة في أن جاء الأوان لتعترض وتخرج من جحر جحود تلك العائلة مثل منذر وتتحدث عما بداخلها، فهتفت بنزق
مظهرة ابتسامة متشفية
= لا سمعت كويس يا حماتي! معلش انا كمان حاسه نفسي تعبانه من اللي حصل وطلعي شقتي استريح، واللي عاوز حاجه يتفضل يجيبها لنفسه المطبخ مش بعيد عليكم.
اتسعت عينا مايسة بذهول وهتف معاذ المصدوم ليقول بلا تصديق
= انتٍ واعيه لنفسك بتقولي ايه؟ اتجننتي ولا ايه يا بسمه بتقولي لحماتك لا واللي عاوز حاجه يقوم يعملها لنفسه .
رغم خوفها لكنها لم تكن تتراجع عن حديثها ولم تندم، فحتى في أعز المشاكل حماتها لا ترحمها بطلباتها! وتطلب منها أن تعمل فوق طاقتها دون أن تهتم براحتها، بل وأحيانا تتذمر وتتأفف إذا ما تأخرت بالاستجابة لطلباتها رغما عنها دون تقدير بأنها زوجة الابن الوحيدة التي تخدمها! لكن ماذا استفادت من كونها الزوجه المطيعة و الوحيدة هنا غير الإجهاد النفسي والجسدي، عليها أن تعيد حساباتها من جديد وتتغير معهم جميعا.
رمقت زوجها وحماتها بنظرات أكثر ضيقًا وهي تقول مفسرة
= ايوه سمعت نفسي كويس و بعيدها تاني انا مش خدامه هنا في البيت عندكم، بقيلي سنين طويلة بخدمكم اظن كفايه أوي لما اقول تعبانه وعاوزه استريح تقدروني زي ما انا قدرتكم و ان انتٍ ست كبيره وزي امي وبعمل اللي عليا وزياده ليكي ويوم ما اتعب ما بلاقيكيش.. وانتٍ بصحتك ما شاء الله عليكي فتقدري تخدمي نفسك وجوزك.. وابنك لو لازم الامر كمان، عن اذنكم.
أزعجها حماتها ردها ومع ذلك لم تعترض، و بضجر صمتت، بينما زفر معاذ بحنق قبل ان يقترب منها قائلاً بغموض مريب
= استنى عندك هو انتٍ مالك النهارده انا لسه لحد دلوقتي ما حسبتكيش على عملتك،و انتٍ بتزيديها اكتر تكونيش واخده حبوب الشجاعه
استشعرت هي تهديد معاذ الخفي وكشف سرها أمام عائلته، فكانت عيناه عكست نواياه السيئة، لكن مع كل ذلك لم تتحرك وظلت مكانها رافضة الانصياع لأوامر أحد من بعد ذلك، وقد وجدت مايسة حجه لتنفعل عليها وأسرعت تتساءل بفضول كبير
= هي عملت ايه؟ انا كنت شاكه ان في حاجه حصلت من اول ما دخلتوا هو يوم مش فايت فرحني السنيوره مراتك عملت ايه هي كمان
ربعت يدها أمام صدرها ثم ردت بفتور متعمدة استفزازها
= اقول لك انا يا حماتي اكتشف ان انا كنت بكمل تعليمي من وراكم! خذي بقى الصدمه التانيه كنت في وقت الفراغ بسيب ابني عند اي حد منكم عشان اخرج مع صاحبتي شويه وارتاح من الغم والنكد اللي كنت بشوفه منكم يلا بقى.. ما هي خربت على الكل.
تطلع الجميع نحوها بذهول وصدمه حتي زوجها وشاهين الذي كان سارح في ملكوت بمفرده! كانوا مصدومين من جرأتها بالحديث وكانها لم تفعل شيء خاطئ وستحاسب عليه، فلم ينكر معاذ عندما قال وكانها تناولت حبوب الشجاعه بالفعل.