-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 31 - 3 - الثلاثاء 30/7/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الواحد والثلاثون

3

تم النشر يوم الثلاثاء

30/7/2024

ابتلعت ريقها بتوتر وضغطت علي شفتيها بضيق وهي ترد عليه بصراحه


=طول ما انت بعيد عني مش هعرف اذاكر ولا اعمل حاجه ولا انام حتى! آدم انت ليه بتعمل معايا كده .


نظر نحوها مجدداً بنظرات مختلفه ثم دون حديث ضمها اليه يشعر كأن روحه عادت اليه من جديد، أربع أيام يعدهم بالتمام والكامل كانت بعيده عنه أربع أيام عرف فيهم أن ضحكتها و حضنها أثمن شئ حصل عليه بالحياه..و أدرك انه ما يقوده نحوها ليست مرهقة متأخرة كما يُسميها الرجال او لحظة اندفاع قادته لها انما هذه سعادته المُقدرة.


حينها بدى بتحريك وجهه بين ثناني رقبتها يتحسسه بفمه برقه، انفجرت مشاعرها على حين غفله منها، بينما ارتفعت وتيره انفاسها.. هل يفعل ذلك متعمداً ام انه يحاول استفزازها! لأنها لن تحتمل تلامسا آخر منه حتى مع انها من بدأ أولا في الإقتراب. 


بعد بوقت لاحق، في غرفة النوم اتسعت ابتسامته وهو يضمها بقوه داخل احضانه و كأنه يخشى فقدانها، ثم تحدث بخبث 


= ما طلعتش لوحدي اللي بعاقب وبحرم اللي قدامي، انتٍ كمان طلعتي حرماني منك .


توردت وجنتيها من مغزى كلماته لتدفعه عنها وارتفعت عيناها نحوه وهي تقول 


= عايزه اعترفلك بسر


عقد حاجيبة بقلق وقد بهتت ملامحه، لتقول بصوت مطمئن


= مالك اتخضيت ليه كده؟ ما تخافش حاجه كويسه


تنهدت بقوه واردفت بأنفاسها الهائجة من تلك المشاعر التي لم تختبرها يوماً مع أي شخص تعرفت عليه قبل منه


= أنا كنت هتجنن الأيام اللي فاتت وانا شايفك بعيد عني وحرماني من ابتسامتك حتي.. آدم انا ما ليش غيرك وانت عارف كده كويس فبلاش تعاملني بالطريقه دي لو في حاجه مضايقك مني تعالى قولي واحنا نتناقش و نحل الموضوع بس بكره عقاب الصمت ده.  


هز رأسه بالايجاب وانخفض بشفيته يلثم خديها مرددًا بحب 


= وأنا كمان اكتشفت اني بقيت احب ارجع البيت عشانك مخصوص... وما ليش حد غيرك رغم كل اللي حواليا ما برتاحش مع حد إلا حضنك


كلماته كانت الفيصل بل مسك الختام، الذي جعلتها تنام أخيراً بسلام وعلى وجهها ابتسامة.


❈-❈-❈


استفاقت ضحى بحذر بعد أن التفتت ورأت منذر يدخل من باب الجناح بينما كانت تجلس على حافة السرير تحاول أن تجعل أوليندا تنام ارتعشت وهي تضع يدها برفق تحت الطفلة الصغيرة ثم قالت بتوجس 


= منذر انا والله سبتها الصبح مع المربيه واخذتها انيمها دلوقتي بس.


تنهد الآخر بضيق مُجيباً أياها بنبرة مطمئنة


= ضحي في ايه؟ هو انتٍ مفكراني عاوز امنعك من بنتك مثلاً انا عاوز اريحك مش اكتر يا حبيبتي ومش عاوزك تعملي حاجات كتير .


هزت رأسها بالايجاب رغم عدم اقتناعها التام ثم طالعت الصغيره بين ذراعيها تنظر لملامحها بسعاده قائلة 


= اوليندا قلبت شبهك خالص .


اقترب منها يُحاوطها بذراعيه سعيداً لسعادتها

واردف بحب


= بس انا شايف انها شبهك انتٍ


التمعت عيناها وهي تنظر للصغيره مجدداً، ثم همست له بصوتٍ أنثوي رقيق


= لا هي واخده منك اكتر ولسه ماما بتقول هتقلب اكثر لما تكبر.. وبعدين هو انا حلوه كده؟


قام بوضع كفها على فكه الحاد سامحاً لها بالعبث بلحيتهُ المهملة، وحينها أبتسم مُردفاً

بصوتاً أجش


= طبعا يا حبيبتي حلوه، واحلى واحده شافتها عيوني كمان. 


تعلقت عيناها به ونظرة واحده كانت تحمل كل ما داخل قلبه برجلاً أمات داخله من الحكايات لتأتي هي تعلمه كيف يكون الحب، أغمضت عينيها تشعر بيديه تُداعب وجنتيها ثم بعدها لم تعرف كيف خطف اوليندا و أصبحت بين ذراعيه ليجعلها تنام في غرفتها الصغيرة رغم اعتراضها عندما إبتعد قليلاً عنها تُخاطِبَهُ راجية


= ما تخليها تنام هنا النهارده .


هز رأسه بنفي وهو يتحدث بصوت ماكر 


= لا واستنيني لحد ما ارجعلك عشان عاوزك في موضوع مهم 


رحل للخارج قبل أن يغمز إليها بطرف عينه و أرسل إليها قبلة في الهواء، بينما أخفضت عينيها بخجل وسعادة وهي داخلها متعجبه من اهتمامه الزائد وأصراره علي قضاء وقت ممتع مع بعضهم البعض.. فكرت ربما يحاول تعويض ما فات بسبب الأمور الصعبه التي منعته عن اكمال مـ.ـمارسه حياتهم بشكل طبيعي.


لكن لماذا يحدث ذلك الآن بالذات؟ لا تعرف و لم تفكر بأنه قد يكون هناك سبب آخر تمامًا؟


عاد مجدداً بالفعل، كانت المسافة بينهما أمتار قليلة تحرك تلك الأمتار وهو يفكر إن قطعها سيلمس بشرتها وسيحيط بجسدها و سيقبل شفتيها، وسيغرق في بحر عيناها كسفينة التايتنك وسينعم باستنشاق رائحة الورد المنبعثة منها... اقترب حقا ليخطف أنفاسها دون شعور منها لتسلمه مفاتيح حصونها. 


بعد وقت لاحق وهم بالفراش، كان يمرر أنامله على ملامحها وبأعين ناعسة تحدق به حتى كادت تغلق عينيها لتنام لولا تحدث بصوتاً كالهمس


= ما تقفليش عينك! ما شبعتش من النظر فيها 

لسه.


انسحبت عن حضنه بخفة لتحدق به وأجابت بصوتاً متعب مرتجي


= حاسه نفسي مرهقه ونعسانه وعاوزه انام .


لم يتحدث إنما أخذ كفُها بين شفتاه يقبل أناملها واحدة واحدة وهو يغلق عيناه والذُّبول يزين ملامحه الحادة وحين أكمل تقبيل أنامِلُها قبل باطن كفُها قُبلة طويلة دافئة جعلت منها تشعر بالمشاعر التي كانت تفتقد الشعور بها، وهو الأمان... 


إبتسم بجانبية وسارت يده على خصرها ليقربها منه مُردِفاً بذات النبرة مشيراً لصدره


= ماشي، قربي وتعالي نامي هنا.. في مكانك الأساسي.


راقبت حركته والى أين يشير لتجد الى صدر وبالتحديد الى قلبه مررت كَفُها عَلَى شعرها  تعيده خلف إذنيها، ليحدق في أناملها وهي تشتت عنه خجلها ولا تعلم بأن حركتها تلك

فضحت خجلها أكثر، قهقه عليها بخفة وهي ابتسمت بأعين بالكاد تجاهد للبقاء مستيقظة..

وإقتربت منه حتى أراحت رأسها على صدره

وأحاط بها بكلتا ذراعيه وقبل رأسها قبل

متقطعة حتى سرعان ما نامت.. 


حينها حقاً تمنت أن يعيشوا في عزلة عن العالم بأكمله ويبقيا معًا في هدوء ودفء دون تدخل من أي شخص، لا حتى عائلتها أو حتى عائلته، أي شخص على الإطلاق وإذا كان بوسعهما، فليظلوا في أحضان بعضهما البعض لما تبقى من الليل.


❈-❈-❈


وخلال تلك الفترة ذهب معاذ إلي بسمة في منتصف الليل وهو متردد من أن تطرده هي الاخرى ولا تستقبله فهو لا يعرف احد غيرها بذلك الوقت يذهب له لكن لم تعترض وبكل صمت تركت له الباب مفتوح من دون حديث يدخل و نام في غرفة والدها. 


في الصباح، التفتت للخلف نحو باب غرفتها الذي تم فتحه دون استأذن معتقدة أنه طفلها الذي أخبرها أنه سيخرج ويجلس مع والده بعد أن ملّ من الجلوس هنا، لكن ما أن رأت الدخيل حتى شحب وجهها وتراجعت خطوات للخلف..رمها معاذ بنظرات ازدراء هاتفا بحده


=هو انتٍ مش سامعاني عمال انده عليكي بره

ما بترديش ليه.


قالت بسمة له بنبرة جفاء وهي تتوجه للغرفة الأخرى للخارج 


=عشان زي ما انت شايف كده مش فاضيه وبروق البيت، فأي كانت الحاجه اللي مش مهمه اللي هتقولهالي مش فارقه.


ارتعد معاذ غضبا من ردها فاقترب منها يجذبها من يديها لتقف أمامه متحدثاً بامتعاض 


= لا اللي هقوله لك مهم ومن ضمن ترتيباتك و عملك في البيت برده، اتفضلي اعمليلي حاجه اكلها قبل ما انزل


تراجعت خطوة للوراء مفلتة يدها منه لتقول بغل نابع من حرقتها


= ايدي مش فاضيه المطبخ عندك روح اعمل لنفسك حاجه تاكلها ولا انزل خفيف خفيف احسن برده 


ليرفع معاذ سبابته يحذرها بسخط


=بسمة اتلمي واتكلمي مع جوزك باحترام هو انتٍ ناسيه ان انا رديتك و بقيتي على ذمتي يعني انا من مسؤولياتك و واجب عليكي تخدمي جوزك وتعمليله اكل كمان وتسمعي كلامه.. 


برق في عيناها الغضب وهي تقول ببرود ظاهري


=يا حبيبي تصدق صعبت عليا، بقول لك ايه يا معاذ قصر في يومك.. انت مش من واجباتي ولا حاجه ولا عليا اخدمك ولا اخدم اهلك اللي يا ريت في الاخر تمر فيهم ومن اول غلطه كلهم علقتوا المشانق.. وما قلتلكش رجعني فلو كنت فاكر بسمة بتاعه زمان اللي كانت بتكبر دماغها وتعمل غصب عنها.. لسه زي ما هي تبقى غلطان .


تطاير الشرر من مقلتيه من الكلمات التي وجهتها له فقال بجمود قاصداً أن يؤلمها بالصميم


= ولله! هو انتٍ كمان ليكي عين بعد ما استغلتينا كلنا وفضلتي سنين تكدبي علينا اكثر من كدبه، واحده غيرك تحمد ربنا ان انا رجعتها تاني بعد كل اللي عملته ده انا بسببك ابويا طردني وامي اتبرت مني! ولسه بعد كل ده بتاوحي بجحه صحيح 


توقع أن تخجل من فعلتها وتصمت لكنها ردت بتحدي لا تقبل هزيمته 


= لا يا بابا ما تجيبش غلطاتك فيا! انا سامعاك من صباحه ربنا وانت بتتخانق مع اصحابك عشان تعرف ترجع الوكاله اللي نصبه عليك فيها وقلت لهم أن ابوك ضربك وطردك بسبب كده مش موضوع جوازنا إللي هتعلق عليه شماعه اخطائك.. ولو انا بجحه زي ما بتقول عشان بس كملت تعليمي من وراكم! فيا ريت تلاقي لنفسك برده وصف على واحد ضيع شاقي ابوه وجاي يقعد عال على مراته من غير شغله ولا مشغله 


دبت قشعريرة بجسده، و ابتلع ريقه ثم اغتصب ابتسامة غيظ أمام زوجته حتى لا يصلها ارتباكه، ليهمس لها من بين أسنانه


= بتصنتي عليا ماشي! وبعدين مين قال لك ان انا هقعد كده ولا كنت طلبت منك تصرفي عليا 


لوت شفتاها باستخفاف وهي تقول بحزم


= امال هتصرف منين يا سبع الرجال ابوك وخلاص ولا هيبص في وشك تاني ولا هيرجع يديك فلوس لو لسه معتمد على كده و انهم يومين وهيقولوا لك ارجع وحقك علينا، خلاص شغل الدلع بتاع زمان بح والدليل لما 

منذر سابكم غصب عنهم نزلوك تشتغل و دلوقتي بس عرفتوا قمته.. والله حلال اللي بيحصل فيكوا ده ذنبه .


كان معاذ يغلي في داخله لكنه هتف بعبوس


= ما لكيش فيه لما اجي اطلب منك حاجه يبقى ساعتها يبقيلك عين، انما ما تخليش نفسك في اللي ما لكيش فيه دي مشاكل بيني وبين اهلي  


كان عدم التصديق جليا في عيني بسمة وهي تقول ساخرة 


= لا يا حبيبي ليا ونص، عشان البيت ده محتاج فلوس واكل ومصاريف ولازم النهارده قبل بكره تنزل تدور على شغل بدل ما نشحت من الناس ولا هتعتمد على معاش ابويا! مش لسه من شويه قايل مش هاخد منك حاجه 


ابتلع معاذ ريقه بصعوبة وقد غلبته قلة حيلته بالرد ليتمتم بصرامة زائف 


= وانا لسه عند كلمتي مش معاذ اللي ست تصرف عليه، وريحي نفسك يا بسمه عشان مش مستنيك تقوليلي اعمل ايه  


هزت رأسها بالايجاب باستفسار ثم تحدثت مجددًا بحزم


= حلو! هتجيب بقى فلوس منين طالما مش عاوز ست تصرف عليك! مش رجعتني على ذمتك من تاني وبقيت مسؤوله منك وعندك عيل كمان، يلا يا رجل البيت عشان البيت محتاج فلوس وانزل شوف هتجيب فلوس منين، بس تبقى مصيبة لو معتمد على اصحابك انك هتعرف ترجع الوكاله ولا يسلفك حد منهم فلوس . 


جلست بسمة على الأريكة باسترخاء ظاهر وهي تتطلع لمعاذ الذي بدأ أمامها كالأرنب المذعور لانها قد كشفت مخططه هو يسعى الى ارجع الوكاله وذلك شبه مستحيل 

وحاول بالفعل ان يستلف منهم بعض النقود لكنهم رفضوا جميعهن، ثم أضافت باستهزاء 


= عشان يا حبيبي اللي راح مش بيرجع! ولا الحدايه بتحدف كتاكيت واللي زي دول مش هيعملوا اي حاجه إلا لو ضمنين قصادها اللي هياخدوه الضعف، يعني مصلحه قصاد مصلحه مصلحه وانت بقيت على الحديده يعني عمرهم ما هيبصوا في خلقتك.. هم خدوا مصلحتهم وخلاص ما بقتش تلزمهم ودول عمرهم ما كانوا اصحاب ينفعوا والعنوان بان من اوله؟ واحد كتبك وصل امانه وخد الوكاله؟ يبقى الباقين هيعملوا معاك ايه يا حلو.


بقي معاذ واقفا مكانه يفور بالغضب من كلام زوجته وهو يرخي أجفانه ويداه تتقبضان إلى جوار جسده قبل أن يشحب وجهه، انعصرت عيناه بأنين متألم فالجميع يلوم فيه ويعاتبه باشد الطرق، لكن لم يعرف أحد أن يضع إياه على اول الطريق الصحيح..ثم تحرك أخيرا ليرحل للخارج.

الصفحة التالية