-->

رواية جديدة تمر د عا شق الجزء الثالث (عشق لاذع) لسيلا وليد - الفصل 39 - 1 - السبت 6/7/2024

 

قراءة رواية تمرد عا شق

الجزء الثالث (عشق لاذع) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية تمر د عا شق 

الجزء الثالث

(عشق لاذع)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد 



الفصل التاسع والثلاثون

1

تم النشر السبت

6/7/2024 

نحن لا نكبر عندما يشير التاريخ بسبابته الى يوم ميلادنا البعيد 

نحن نكبر حينما يمر عزيز علينا ومايلبث الموت ان يسرقه منا

نكبر حين تستغيث آذاننا مطالبة بسماع كلمة هاربة منه ولو بالصدفة الى مجرى سمعنا

نكبر حينما يعصف الخريف بعلاقاتنا ويتساقط البشر من حولنا

نكبر حينما تشرق الشمس وتغيب دون أن نجد من نشاركه تفاصيلنا الساذجة

نكبر حينما تهرم قلوبنا

فرفقا بنا أيتها الحياة

رفقاً بحالنا ف والله لم نعد كسابق عهدنا..رفقاً بنا فنحن بقايا روح..

أكل منا الزمن وشرب من أرواحنا

..فلا الصوت صوتنا ولا ضحكاتنا بقيت كما كانت

ما أبعدنا اليوم عنّا وما أقرب الأمس من أنفسنا ..

وكأن الموت قد غيب أرواحنا..

ف إليك ياهذا...

أريد أن أشكو نفسي إليك قليلاً..

ثم أبكي كمن يفارق روحه..

ولا يدري أحي هو أم قتيل!!

أريد أن أشكو إليك ثم أنسى وتنسى ما أقول...

ألم يكن ذلك الحب فصلاً ؟! وهذا الفراق فصلاً؟!!

فلماذا الفراق ثابت ؟!!

ألا تتوالى الفصول؟!!

أليس بعد الشروق غروب ثم شروق ثم غروب ..؟؟!

لماذا بقيت في الغروب...

فإني والله لأبقيك هناك في يسار صدري..

حيث الكدمات والندبات تنعي بعضها بعضاً..

ثم إني والله لأنعي قلبي ..أليس الحزن مباح ثلاث ...

لا والله لأنعيه فوق الثلاث مائة عام



❈-❈-❈



قبل شهر من موت جاسر وخاصة اليوم التالي من زواج ابنة عمه سيف


اتجه لغرفة الرياضة بعد صلاة الفجر، قام بأداء تمريناته اليومية كما اعتاد، ثم تحرك إلى شرفة الغرفة ينظر إلى منازلهم الجديدة التي اُسست بجوار منازل اعمامه ..جلس يرتشف من زجاجة المياه وذهب بخيالاته بذاك المنزل مع حبيبة الروح ..ابتسامة خلابة ظهرت برماديته وهو يتخيل أطفاله بحديقة المنزل...حدث حاله 

"ترى كم عددًا من الأطفال سينجب،  مسح على وجهه ومازال يحادث نفسه

مجنون، دي لو عرفت هتقطعني وترميني للكلاب، استمع إلى خطوات هادئة بالغرفة، استدار وجد مجنونته الصغيرة 

"صباح العشق يامعشوقة القلب"..قالها وهو يجذها لتجلس على ساقيه

كان يبدو على وجهها اثار النوم..وضعت رأسها بصدره وتحدثت بنبرة متحشرجة بالنوم:

-جاسر بتعمل ايه ؟!  قومت مالقتكش..أخرجها من أحضانه يحتوي وجهها حلو التقاسيم لقلبه العاشق

-وحشتك، ولا مجرد مكاني بارد 

لفت ذراعيها حول جسده تدفن نفسها داخل أحضانه 

-وحشتني قوي، وزعلانة علشان سبتني وجيت تعمل رياضة، ودا اخر يوم هنا وبعد كدا هتسافر وتسبني وياعالم المرة دي غيابك هيكون قد ايه 


انحنى برأسه يدفنها بعنقها..مغمض العينين منتشيًا يستطعم رائحتها الندية العبقة المسكرة..داعبها بأنفها وكأن عشق العالم تزاحم بها داخل قلبه ليخصها وحدها بعد ما استرجع ذكرياته بها ليلة أمس ..فهمس اسمها بنغمات تخرج من شفتيه وهو يرسمها :


-قولي لي ليه مابترحميش قلبي ياجنى، استولتي على روحي بفتنتك الخلابة ياروح جاسر 

خللت اناملها بخصلاته واقتربت تنظر إليه بهيام مأخوذة بطلته العاشقة لقلبه..ابتسمت عيناها كحال قلبها الآن من لمسته الخجلة حينما حرك أنامله على جسدها متلاعب بمشاعرها 

لتضحك بصوت مرتفع ليجعل قلبه مضخة 

-وبعدين معاكي..اهدي على الصبح وقولي صباح الخير

لمست وجنتيه قائلة:

-زي ماعملت فيا بالظبط، دوق من اللي بدوقهولي

ثبت رأسها لينثر ترانيم عشقه عندما أشعلت دقاته بعشقها اللاذع ..لا يعلم كم مر من الوقت وهو يحتضتن تلك الكريزة لتبث لروحه الانعاش 


تراجع برأسه متوقفًا بعدما فقد سيطرة مشاعره واقترب من السياج الحديدي يبعد بنظراته عن تلك الجنية ..


نهضت بعدما استعادت نفسها، وخطت تتوقف بجواره وتشابكت أناملها الرقيقة بأنامله الحادة 

ثم استندت برأسها على ذراعه 

-جاسر هتفضل في الشغل دا كتير، رفعت رأسها تتعمق بعيناه

-حبيبي كنان بيكبر وانت مش موجود، شوف امبارح اول مرة يتمتم بحروف بابا، اهو هو مقالهاش بالظبط بس كفاية بب دي طالعه منه تخليك تنسى أي حاجة 


التفت اليها واحتضن وجهها بين راحتيه ونظراته تخترق كل انش بها 

-وعد الشهر دا اخر شهر..اسمعيني عايز أكدلك اللي بعمله دا مهم جدا علشان ابننا لما يكبر، ومش ابننا بس اطفالنا كلهم، عارف اتظمتي معايا بدون ذنب بس دا شغلي وواجبي الديني قبل الوطني ياقلب جاسر 


-يعني ايه!! تسائلت بها وقلبها يزداد دقاته ..وضع جبينه فوق جبينها وحاول يسحبها لعالمه حتى لا يرهبها بما يفعله، وهمس لها 

-يعني جاسر بيعشقك ياروح جاسر، مش أنتِ بتحبيني ياجنجون، قالها بنبرة متحشرجة عاشقة مما اختل توازنها لتستند عليه تهمس له

-جنى عاشقة حتى الممات يابن عمي 


هنا تدفق الحب بجميع معانيه، ولم يخلو من معاجمه بجميع اللغات ل تتقابل الأرواح وتمتزج نبضات القلوب بعضها ببعض ..ليفوق النبض ويجذب قلب المحب ليجعل قوته أضعاف مضاعفة لقوة الجاذبية الأرضية 


انحنى بعد وصلة غرام داعبتها الشفاة لتنتقل إلى ماهو أسمى من التعبير ليحملها ومازال يبعثر كيانها بترانيمه الخاصة بها ليصل لغرفتهم التي يحاوطها دفئ مشاعرهم بذاك الفصل قاسي البرودة، ولكن كيف لبرودة فصل الشتاء أن تقتنص ذاك الحي الذي يشعه الدفء والحنان عامة، وتلك الغرفة خاصة 


بمنزل صهيب 

دلفت لمرحاضها وقامت بالتقئ لعدة مرات لما يسببه ذاك المرض اللعين بجسدها الضعيف، خارت قواها لتجلس على الأرضية بعدما أنهكت صحتها، استيقظ صهيب على صوت آلامها ..نهض متجها إلى الحمام، توقف متسمرًا عندما وجد انهيارها بذاك الشكل، خطى إليها ومازالت علامات الصدمة تتجلى بعينيه، انحنى بجسده ليرفعها بين ذراعيه متسائلا بلهفة:

-نهى ايه اللي حصل، أشارت إلى الخروج 

-وديني السرير ياصهيب مش قادرة اقف ..هز رأسه وحاوط جسدها ليصل لفراشهم ..ساعدها بالتسطح، ودثرها جيدًا، وجلس بجوارها يمسد على رأسها 

-مالك يانهى، وليه وشك عامل كدا، إنتِ تعبانة..أطبقت على جفنيها وهمست بصوت مرهق :

-اتصل بغزل، جسمي وجعني هتديني حقنة مسكنة..اومأ برأسه سريعًا ونهض متحركًا إلى هاتفه، لحظات واجابته غزل بصوتٍ ناعس :

-صباح الخير ياصهيب..!!

اجابها على الجانب الآخر وحاول أن يكون رزين بحديثه حتى لايثير إليها الرعب 

-معلش ياغزل صحيتك من النوم، شكل نهى واخدة برد شديد، ومش مبطلة ترجيع وجسمها بيرجف، لو تقدري تيجي تديلها اي مسكن، مش عايز انزل بيها دلوقتي 

هبت من مكانها وتحركت لغرفة ثيابها تخرج اسدالها 

-لا انا جاية، هلبس واجي لك فوراً..فتح جواد عيناه ونظر لارتداء ملابسها 

-حبيبتي رايحة فين دلوقتي الساعة لسة سبعة ..قالها بعدما نظر بساعته 


اعدلت حجابها واتجهت إليه تطبع قبلة على جبينه:

-صهيب كلمني، شكل نهى تعبانة، جرعة امبارح كانت تقيلة عليها، وللأسف نسيت اتابعها بسبب الفرح 

اومأ لها متفعهًا، ثم اعتدل على فراشهما يمسح على وجهه ..طالعته بعدم رضا

-جواد قومت ليه، نام لازم ترتاح يعتبر منماش غير ساعتين، نام وانا هطمن عليها واجي ..نزل من فوق السرير

-لا هقوم اصلي الضحى، واتمشى شوية في الجنينة، عايز اشم الهوا بتاع الصبح دا 

ابتسمت له ثم ألقته بقبلة عبر الهواء وتحركت للخارج 


بغرفة ياسين..كان يقف أمام المرآة يغلق سترته الصوفية، ويرتدي ساعته، بالخلف تضع عاليا اشيائه بحقيبته، اغلقتها وتحركت تقف خلفه ثم همست بنبرة متقطعة:

-خلصت شوف لو فيه حاجة ناقصة


استدار بعدما شعر بنبرتها الحزينة، وتحرك حتى توقف أمامها، رفع ذقنها بانامله: 

-ليه الحزن دا، لازم ارجع ، بقالي اسبوع اجازة، وأنتِ شايفة حالة البلد ، بدل ماتشجعيني توجعي قلبي 


انبثقت دمعة تسيل على خديها لترتجف شفتيها قائلة:

-ربنا يرجعك بالسلامة، المهم تاخد بالك من نفسك، والجو في العريش دلوقتي بارد قوي، دفي نفسك حلو علشان متتعبش 

امال برأسه ليطبع قبلة مطولة على وجنتيها ثم همس بجوار أذنيها :

-طول مادعواتك ملزماني، هرجع لك بسرعة، ادعي لي بس إنتِ..رفعت عيناها التي تزينت بطبقة كرستالية ونظرت بداخل عيناه 

-بدعيلك كل وقت، ربنا مايحرمني منك 

تحرك إلى حقيبته بعدما ضعف أمامها 

لازم امشي حالا علشان متأخرش

"لا إله إلا الله"

تحركت خلفه إلى أن وصلت لباب الغرفة 

"محمد رسول الله"

ظلت تتابعه بعيناها حتى وصل لآخر الدرج ثم استدار يشيعها بابتسامة قائلًا:

-ادخلي ياله..هزت رأسها ولم تتحرك سوى بعدما اختفى عن  نظرها


دلفت للداخل تستند على باب غرفتها وعيناها تزرف دموعها التي أصبحت كالشلال إلى أن هوت خلف الباب تبكي بشهقات تدعوا الله أن يرده سالمًا إليها ويبعد عنه الأذى ..لا تعلم كم من الوقت مر عليها وهي بتلك الحالة إلى أن بكت ابنتها تناديها 

-ما..ما..نهضت بجسد حزين حتى وصلت إليها وجدتها جالسة بمخدعها، رفعتها تحملها ثم قبلتها على وجنتيها لتتناسى حزنها 

"صباح الخير على رسولة مامي، يالة علشان نجهز ونروح بيت جدو نادر النهاردة..صمتت متذكرة زوجها واكملت حديثها :

-ونقعد يومين هناك، بدل بابي مش موجود ..تحركت بها إلى الحمام الملحق بالغرفة لتقوم بتحميمها قبل خروجهما بفترة 


بغرفة غنى. ..شعرت بأنامل صغيرها على وجهها فتحت عيناها مبتسمة 

" قُصي" صباح الخير على عيون مامي 

مامي..تمتم بها الطفل، فاعتدلت جالسة وأشارت بذراعيها ليصعد إلى فراشها 

صعد إليها وحملته تضعه فوق بيجاد النائم بجوارها ..ظل يضرب بكفيه الصغير على وجه والده حتى فتح بيجاد عيناه وهو يتمتم باسم والده 

-"بابا"..جذبه حتى سقط أمامه وهو يداعبه وصوت قهقهاته بالارتفاع 


-يعني بدل ماما اللي تعاكسني انت  ياصغنن اللي تصحيني ، زمت شفتيها بعبوس متراجعة على تختهما 

-انسى بعد كدا اصحيك تاني، استدار إليها وتنهيدة عميقة زفرها على عدة مراحل قائلا:

-غنى ماتحاوليش تستعطفيني، علشان هنسافر يعني هنسافر، ودا اخر كلام 

قالها وتحرك وهو يحمل ابنه فوق عنقه 

-مين هينزل يلعب مع جدو جواد شوية قبل مانسافر ..رفعت غنى رماديتها الحزينة إليه وتمتمت بحزن:

-يعني زعلي مش فارق معاك..توقف لدى الباب ينادي على مربية ولاده، التي هرولت إليه: 

-نعم يااستاذ بيجاد..انزل قصي إليها 

-نزلي قصي لجده جواد تحت وجهزي "تِيا" ..اومأت برأسها بطاعة وتحركت وهي تحمل قصي ..توقفت غنى متجهة إليه وعيناها عبارة عن فوهة بركانية:

-ممكن اعرف ازاي توقف قدام النانا كدا وانت من غير هدوم 

جذبها بقوة حتى اصطدمت بصدره العاري غامزًا لها بطرف عينيه:

-ام سفيان غيرانة ولا ايه ..حاولت التملص من بين أحضانه وتحدثت بغضب من غيرتها التي تسللت لداخلها كالشيطان الذي يهمس لمؤمن بالبعد عن صلاته ..

-اشش اهدي ياروحي ، ليه العصبية بس على الصبح ...انكمشت ملامحها وتزمرت عابسة 

-بيجاد وسع كدا، سيبك من حركاتك دي ..انحنى ليحملها واكمل وصلة غرامه :

-هو انا لسة عملت حركات، لسة هنشوف الحركات ياقلبي دلوقتي، حركت ساقيها بالهواء معترضة، إلى أن انزلها بهدوء:

-ممكن اعرف مالك ياغنى من وقت مارجعنا من الفرح وانتِ مكشرة في وشي..

الصفحة التالية