-->

رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 37 - 1 الثلاثاء 9/7/2024

    قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري


الفصل السابع والثلاثون

1

تم النشر يوم الثلاثاء

9/7/2024

حاول أن يقترب أكثر حتى يستطيع أن يستمع لحديثهم بتركيز بعد أن شاهد تأديتهم لتلك المراسم والتعاويذ الغريبة فتحرك للأمام قليلاً واستمع لها تقول باكية:

-هل يمكن أن يوافق شخص عاقل بأن يقدم نفسه قربان للمعبود حورس؟


تجهم وجه هانده وهي تسألها بعدم فهم:

-ما معنى هذا ابنتي؟ هل ستقتلوه؟


نفت ووضحت فوراً:

-بالطبع لا أمي، كل ما هنالك سنقوم بعملية استبدال، هذا الشخص إن وافق فسيعود للماضي ويعيش بخدمة المعبود حورس ويصبح أحد خدامه وبالمقابل سيعيش مولاي سيتي بجسده هنا بالحاضر.


لمعت عينيه باندهاش لما يسمعه واستمر بالمراقبة والتلصص واستمع لدان يسألها بحيرة:

-لا اعتقد بوجود متطوع لهذا اﻻمر دورثي، الأمر صعب ولا يمكن تقبله.


أومأت مؤكدة وهي تعقب:

-هذا ما أخبرت به الملك رعمسيس ولكنه سخر مني وأخبرني أن لا انتظر وجود متطوع و....


قاطعها والدها بذهول:

-ماذا تقولين؟ هل يريد منك إجبار شخص على الموافقة بهذا العرض الغير مغٍر؟


تنهدت واعتدلت بجسدها وهي تهم بالتحرك قائلة بحيرة:

-لا اعلم و لا أجد حلا وروحي تتألم كثيراً لابتعاده عني.


ربت أيدي على كتفها وبدأوا بالتحرك للخارج فلم يسعفه الوقت للهروب فاستطاعت هانده أن تراه وهو يتحرك محاولا النزول من على درجات المعبد ليهبط لأسفل فلمعت عينيها خوفا وهلعا وهي تتمتم بصوت مسموع لمن حولها:

-لقد استمع لحديثنا ، إلهي.


نظرت بنترشيت لوالدتها ولملامحها المذعورة وسألتها:

-عن ماذا تتحدثين أمي؟


أجابت وهي تشير للأمام ناحية الظلام الدامس بالمعبد:

-هناك ، رأيته.


سألها أيدي بحيرة:

-من تقصدين؟ من رأيتِ؟


أجابت وهي تحاول البحث بعينيها عنه بكل الأرجاء:

-المرشد السياحي، بيتر فورد.


❈-❈-❈

هرع سريعاً محاولا الهرب ولكنه تأكد أنها رأته بل وتلاقت أعينهما فأسرع بخطاه ناحية سيارته وركبها وأدار محركها بسرعة متوجها للفندق الذي يقيم فيه.


دلف للبهو وتحرك صوب اﻻستقبال وملابسه متسخة ومعفرة بالرمال وأخذ مفتاح غرفته وتحرك لأعلى دالفا إياها وارتمى على فراشه يستلق بجسده ناهجا أنفاسه بعد أن كان قاب قوسين من أن ينكشف أمره.


فتح عينيه لحظة وهو يتذكر حوارهم وتعجب بداخله قائلا بهمس:

-السفر عبر الزمن! هل هذا متاح حقا؟


اعتدل بجسده وجلس يفكر بعد أن راجع ذاكرته جيدا وتمتم:

-ذاع صيت تلك الفتاة بلندن ولم يستطع احد تصديقها ولا تكذيبها، وبالغرم من اعتبارها مريضة نفسية إﻻ أنها نجحت بجعل كل علماء الآثار بلندن أن يصدقوها وباﻻخص السير فادچ استاذي ومعلمي الذي أخبرني عنها الكثير من الأساطير.


سكب لنفسه كوبا من الماء ووضع الدورق مكانه وارتشف بضع قطرات ليروي ظمأه وعاد يحدث نفسه:

-هل يمكن أن ينتقل اﻻنسان للماضي والمستقبل؟ لابد أن أعلم الحقيقة.


زفر بضيق وهو يضيف:

-وماذا عن لعنة الفراعنة؟ هي حقيقة وكل من يعمل بتلك المهنة متأكد من صدقها، وهل ذكرت الملك رمسيس؟


حك ذقنه بطرف إصبعه وقال:

-هل تقصد رمسيس الثاني؟ أيعقل! أعظم فرعون على مر العصور ومن خلف وراؤه تلك اﻵثار التي لا نستطيع أن نفك شفرتها حتى اﻵن!


تنفس بهدوء بعد أن فكر مليا وقال بإقرار:

-لابد أن أتحدث معها وأعلم منها الحقيقة كاملة، فإن كان ما سمعته صحيحا فلابد أن أكون مشاركا معهم بما يحدث ليخلد اسمي بالتاريخ.


❈-❈-❈


نزلت وتبعها والديها والمعالج الروحاني الذي أصبح صديقا للعائلة ودلفوا اربعتهم للمطعم الملحق بالفندق الذي يمكثون فيه، جلست على المقعد وبدأت بتناول الإفطار بدون شهية فتحدثت هانده بقلق:

-ابنتي، انتِ لا تأكلين جيدا وقد يضرك هذا وأنتِ بهذه الحالة، لذا اهتمي قليلا بتغذيتك من أجل جنينك.


رفعت وجهها ونظرت لها بحزن وأطرقت رأسها تفكر بداخل عقلها فهل تستطيع إخبار والدتها أنها على وشك التضحية بفلذة كبدها حتى تستطيع استرداد قلبها النابض والذي يبعد عنها آلاف السنين؟


تنهدت ببطئ ودمعت عيناها حتى استمعت لصوته المألوف هاتفا:

-صباح الخير.


انتبهت هانده لتواجده المفاجئ فابتسم بهدوء وسحب مقعدا وهو يقول:

-هل تسمحون لي بالجلوس؟


أشار له أيدي ليجلس:

-تفضل.


ابتلعت هانده ريقها وهي تنظر له بتوجس ولكنها صمتت تستمع له يتحدث مع زوجها وابنتها:

-تعرفنا أمس ببهو المعبد، هل تذكرون؟


أومأ له أيدي وسأله:

-هل نستطيع خدمتك بشئ؟


أومأ وأجاب:

-نعم، أريد التحدث مع ابنتكما.


رفعت رأسها عن طبقها ورمقته بنظرة فاترة وقالت:

-ماذا تريد؟


ابتسم لها وقال بهدوء:

-أظنك تعلمين جيدا ماذا أريد.


سحبت أنفاسها بداخلها وزفرتها باختناق وحركت رأسها نافية:

-بالتأكدي لا أعلم  فأنا لا أقرأ الطالع.


ضحك وعقب:

-ولكنك تستطيعين السفر عبر الزمن.


حاولوا جميعا التحدث ولكنها أشارت لهم بالصمت وتفرست ملامحه ورفعت حاجبها عاليا تسأله بحيرة:

-ماذا تريد؟ اخبرني سبب تلك المحادثة حتى لا أفقد صبري معك.


أسند مرفقيه على الطاولة واقترب منها قائلا:

-أريد أن اكون جزءً مما تفعلوه، أي ما كان ما تفعلوه!


صمتت قليلا وهي تنظر له بتفكير وتحدثت أخيراً بجدية مفرطة:

-وهل أنت على استعداد أن تخوض تلك التجربة وما يتبعها من عواقب ومخاطر؟


أومأ لها مؤكدا وأضاف:

-نعم، فأنا قد استمعت لبعض من حديثكم أمس وأعلم القليل مما تحاولون فعله.


استندت بظهرها على المقعد ووضعت راحتها على بطنها فهل يمكن أن تترك تلك الفرصة التي قدمت لها على طبق من ذهب حتى تضيع هباءً؟ زمت شفتيها معا وتسائلت:

-ما الذي تعرفه بالظبط؟ حتى أكمل لك النقاط الفارغة.


شعر بالفرحة واﻻنتصار فهو قارب على تحقيق مراده فأطنب بحديثة:

-أنا احد تلامذة السير فادچ الذي كان دائما يتحدث عنكِ وعن معجزتك وأخبرني كثيرا عن تعلمك للغة الهيروغليفية بسهولة وكأنك تستعيدينها من ذاكرتك، وأخبرني أيضاً عن أحلامك وارتباطك بتلك الكاهنة من عصر الأسرة التاسعة عشر ومدى صدق بعض المعلومات التي أخبرته بها والتي من المتسحيل أن تعرفها طفلة كانت بعمر التاسعة وقتها، بل الأكثر من ذلك ما جاء بالصحف عنكِ وقت حفل عيد مولدك وموتك المؤكد الذي سجل على أجهزة التسجيل واستيقاظك من جديد الذي أذهل العالم، كل هذا ومعه ما عرفته من عالم آثار مصري تقابلت معه بأحد المواقع الأثرية وأخبرني عن مساعدتك للفريق الذي يعمل معه بفتح أحد المقابر بسهولة ومعرفتك التامة بالتعاويذ التي لم نستطيع فك شفرتها إلى اﻵن وإتقانك أيضاً للغة وسحر الثعابين.


صمت ونظر لها بلمعة بعينيه وقال:

-هل تريدين معرفة المزيد سيدة دورثي؟


ابتسمت وصححت له:

-بل بنترشيت أو قيثارة الحب.


تعجب من نعتها لنفسها بهذا اﻻسم فبللت شفتيها بطرف لسانها وعقبت على حديثه مطنبة هي الأخرى:

-معظم ما تفوهت به صحيحا عدا اسمي، فأنا لست بدورثي لويز ايدي بل أنا كاهنة فرعونية أدعى بنترشيت وكنت ومازلت عشيقة الملك سيتي مر ان بتاح أو ما تطلقون عليه الآن سيتي الأول المؤسس الحقيقي للأسرة التاسعة عشر.


الصفحة التالية