-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل الأخير - 4 - الأربعاء 7/8/2024

 

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الأخير

4

تم النشر يوم الأربعاء

7/8/2024

يالله، على الرغم من أنه كانت مواجهة لا بد منها إلا أنها كانت مؤلمة وقاسية للغاية للطرفين! وبالتأكيد، كان منذر هو الأكثر ألمًا وحسرةً. فكيف يمكنه أن ينسى طفولته التي ضاعت في تضحيته ليعيش أخيه؟ وكيف يمكنه أن يجبر نفسه على التسامح والنسيان وهو ليس بيده ولا يستطيع ذلك؟ فلا يفهم أحد ما يمر به حقًا طالما أنه ليس في مكانه. ولهذا السبب، يحكم الجميع بسهولة على الوضع.


أخفض الأب رأسه بانكسار حاضرًا لِمراسم

عذاب ابنه كأنه بصمته ذلك يبارك له أوجاعه بحرارة، هو ذاته الذي ظلمه أكثر من مرة لسنوات عديدة، إنه الظالم المتجبر الذي طغى

على أيامه و ادخل عليه التعاسه، تحيطه من كل الجهات وترافقه أينما كان حتي بعد زواجه و إنجابه وجد تلك المشاكل مازال يعاني منها وترافقه...


تحرك الآخر بخطى متعجلة إلى بعيد بالغرفة ليضبط انفعالاته لم يبتعد كثيرًا، بل استند بظهره على الحائط القريب. فلقد أوشك على فقدان أعصابه أكثر، فهتف بصوت حزين للغاية


=انت وصلتني لساعات كنت بخاف انام من كثر الظلم اللي كنت بشوفه منك ولما انام بخاف اصحى برده وانا مش عارف ايه اللي مستنيني منك هتضربني وتهني قدام مين المره دي؟ هتطلب مني تضحيه ايه اعملها! هتحرمني من ايه بحبه عشان خاطر ابنك؟ كل دي افكار كانت بتدور في دماغي وانا طفل صغير؟؟ انت متخيل اذيتك كانت واصله معايا لحد فين، ما كنتش بعرف أنام وأنا حاسس بوجع في قلبي و لو نمت كده مؤكد هتحصلي حاجة، و إنا قلبي بيغلى بجد


أدمعت عين شاهين بتأثر وهو يقول بصوت متعباً 


= حقك تعمل اكتر من كده مش هلومك خصوصا بعد كل اللي عرفته عنك وقد ايه كنت بتعاني وانا ولا كنت شايف ولا حاسس، انا راجل ظالم يا منذر وظلمتك كتير وما استاهلش اكون ابوك.


لم يعبأ بتلك الصيحة الذكورية المذبوحة، لم يعبأ اطلاقا ان يري جانبه الضعيف.. من لا يرحم ظل يرددها في ذهنه قبل أن يهتف بصوت متهكم


= طب كويس إنك عارف إنه حقي، بس برده بعد ما اعترفت ما فيش حاجه هتتغير ما هو يا ريت الواحد يقدر ينساه اللي عاوز ينساه..او يسامح اللي عاوز يسامحه.. تعرف حتى المواجهه اللي حصلت واللي كنت مستنيها سنين طويله تحصل و انك تعترف بخطاك برده ما ارتحتش... انت وجعتني كتير أوي وظلمتني كتير أوي؟؟ 


نظر له بتجهم كبير ظاهر على محياه وعلى قدر المستطاع جاهد ألا يثور من جديد و تمتم بازدراء وكراهية 


=عرفت بقى انت عملت فيا ايه؟ عرفت ليه مش طايقك ولا طايق كلمه اسامح! و جاي تقولي اسف وتعالى نفتح صفحه جديده، يا رايتها سهله كده عليا زي ما كلكم فاكرين... ياريت كل حاجة بتضيع مننا نقدر نرجعها بالسهوله دي.


تنهد باستسلام بقله حيله وهو يقول بندم 


=انا اسف...اسف یا ابني على كل اللي عملته

فيك...اسف اني جرحتك بكلامي...واسف برضه على اللي عملتيه امك و طليقتك غاده و كنت السبب في برده..وانت مش مضطر

تضغط على نفسك وتسامح حد ما تعملش

حاجة غصب عنك.. ما تسامحش حد غصب

عنك؟ لو طول السنين اللي فاتت كلها ما قدرتش اعلمك حاجه فيبقى هي دي الحاجه اللي عاوز اعلمها لك سامح لما تقدر!! 


شعرت بأن نيرانه المستعرة قد هدأت قليلًا، رد إليه جزءًا مما يستحق لذلك أردف قائلاً بجفاء كبير 


= مش مستنيك تقولهالي! عشان الزمن علمهالي.. وانا فعلا مش هسامح الا لما احس بكده ولا هضغط على نفسي ولا هقول عشان خاطر أن دول اهلي ولازم انسى! لان بكل بساطه هم اصلا ما فكروش في كل ده عشان أفكر أنا.. 


هدأ من أعصابه الثائرة وأضاف بصوت جاد


= انا ماشي وبالنسبه لموضوع عمليتك و الوكاله ما تشيلش همهم انا هتكلف بيهم! و قبل ما تعترض وترفض انا عارف انك مش عاوز حاجه بس اللي انت عاوزه مش هقدر اديهلك زي ما انت شايف! وفي نفس الوقت لازم اعمل اللي ربنا امرني بيه وابرك حتى لو مش قادر اسامح. 


أحيانا يظن الأب أن أطفاله سيسامحون كما تفعل زوجته يظن الوالدين أن لهم الحق في كثير من التعدي بإعتقاد أهمية مصلحة

الأبناء ويعتقدون أنهم بيوم ما يسامحونهم.. ظلم الآباء لا يغتفر لأنه كسر لا ينجبر


استمع شاهين بعدها إلى صفع باب غرفته حدق في الباب بعيون دامعة ومقهورة. لقد خسر، كان يعتقد أنه لم يخسر أبدًا في مسيرته المليئة بالنجاحات، لكنه خسر ابنه إلى الأبد. كان مخطئًا من البداية، مخطئًا عندما دار ظهره في الوقت الذي كان ابنه في حاجة إليه وعامله بقسوة. لذا، لا يوجد مجال للبكاء على اللبن المسكوب.


❈-❈-❈


أبعدت رانيا عنها الصينية بعد أن وضعت بها صحن حساءها الفارغ مبتسمة لها بعاطفة واضحة. شعرت بالارتياح لعودتها إلى هدوئها وتوقفها عن البكاء، جلست إلى جوارها وبقيت أنظارها عليها تراقبها عن كثب، ثم رددت

هاتفه بجدية


=يعني على حسب اللي فهمته انك خبيتي عليه انك لو حملتي تاني هتحصلك مشاكل مش كده؟ هو ما كانش يعرف حاجه عن الكلام ده خالص الا لما خبى البرشام أو بدله و خلاكي تحملي عشان ما تبعديش عنه زي ما هو كان فاكر انك مكمله عشان الاولاد! ما تزعليش مني الغلط جايه منكم انتم الاتنين .


لم تتمكن من ضبط انفعالاتها الهائجة، فقالت بنبرة عدوانية


= بس انا غلطي كان عشان مضايقوش ولا احسسه طول الوقت بالخوف عليا، او ده اللي كنت فاكره اصلا اني اهمه! انما انتٍ مستوعبه هو عمل فيا ايه؟ ولا تفكيره انا مش عارفه هكون ببالغ ولا لاء لو قلت عليه انه شخص مريض! 


هتفت الأخري بصوت هادئ لتخرجها من حالة الغضب المشحون العارم


=احنا كلنا عارفين ان ادم عاش كتير فتره لوحده وما كانش بيحب يدخل حد حياته و وقته كله ضاع في المحاكم عشان يرجع بنته باي طريقه وفي الآخر خسر وما كسبش حاجه غير الوقت اللي ضاع منه! وكل الناس كانت بتعاتبه انه ما اتجوزش وعمل اسره تاني وفين وفين لما عرف ان تفكيره كان غلط، كان العمر عدى بيه! وبدل ما يحاول يصلح اللي فات استسلم تاني وكمل باقى عمره على كده.. لحد ما جيتي انتٍ وما كنتيش علي البال اصلا


هزت رأسها باعتراض ونظراتها مالت للاحتقان 

وهي تهتف بحده 


=عاوزه تقولي ايه يا ابله رانيا وليه اصلا بتدافعي عنه كده، ده انا فكرتك اول واحده هتقوليلي ان ياما قلتلك وانتٍ إللي مشيتي بدماغك اطلقي بقى احسن! وانه ما لوش أمان.


أجابت رانيا قائلًة بتأكيد على أهمية فض النزاع قبل تطوره بينها وبين زوجها


=عشان انا اتغيرت عن زمان في تفكيري في الموضوع ده وفي حاجات كتير حصلت أجبرتني على كده، ذي أنك خلاص اتجوزتي و خلفتي منه بدل العيل إثنين ومش بقول لك كده عشان ترجعي عشان العيال ولا حاجه لا عشان انا عارفه ان انتٍ بتحبي واستسلمت لكده خلاص.. ومش عاوزه ابقى خرابت بيوت

صدقني الموضوع ممكن يتحل لما يطمن ان انتٍ عمرك ما هتسيبيه ولا مكمله عشان خاطر العيال! وانك بتحبي فعلا.


استشاطت غضبًا، وتحول وجهها لكتلة ملتهبة من الدماء الغاضبة وابتسمت بلا تصديق وهي تسائل دون تريث


=هو انا كل ده ولسه ما خليتهوش يحس بالامان من علاقتنا؟ انتٍ مش عارفه انا عملت ايه عشان يبطل يفكر بالطريقه دي ويثق فيا

شوية؟ اي حاجه كان بيطلبها مني حتى لو مش عاوزاها كنت بعملها طالما شايفه انها ممكن تأثر على علاقتنا وبسببها حاسس بالاحراج او الخوف! ما كنتش بحب احطه في المواقف دي، عشان كده كنت بسمع الكلام و بعدت عن الناس عشانه حتى اهلي اللي بعد ما صلح علاقتي بيهم خاف ورجع وقالي ابعدي عنهم والجيران واصحابي والجامعه كل حاجه وبرده ما كانش بيثق فيا وراح استخدم طريقه تانيه .


هزت رأسها متفهمة وهي تربت على كتفها مدعمة إياها وهي تشير بيدها 


=يا حبيبتي انا فاهمه كل ده! بس هو لي ظروف خاصه من ناحيه السن والسنين اللي قضاها لوحده سببتله خوف من المستقبل دايما، انك هتسيبيه والحياه اللي ما كانش يحلم بيها دي هتروح منه عشان كده كان عاوز أمان اكتر.. او بلاش انا معاكي ان انتٍ عملتي حاجات كتير عشان تحسسي انك بتحبيه بس برده بسبب ان ما كانش صريح معاكي في الحته دي خليته سامع اكتر للناس اللي بره ومتلخبط.


ابتسمت ديمة ابتسامه باهته وهي ترد بصوت متألم 


=اديكي جبتي المفيد فعلا رامي ودنه للناس اللي بره ومن اقل موقف يقلب الترابيزه و بيتلكك ويمنعني! انا عمري ما كنت بعند قصاده وكنت بقول حاضر.. و بدل ما كان يسمعني ويطمن مني أنا أو يصارحني عشان نلاقي حل والافكار دي يشيلها من دماغه خالص.. كان بيسمع ويصدق ليهم اكتر مني و دايما مسيطر عليه فكرتين ان في يوم هندم ان اتجوزت واحد في سنه؟ أو هشوف اللي حواليا شبابهم وحيوين قد ايه وهنجذب ليهم واطلق منه عشان عجز وكبر..

الصفحة التالية