-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الخاتمة - 3 - الخميس 8/8/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الخاتمة

3

تم النشر يوم الخميس

8/8/2024

عاد معاذ إلى منزله وهو يحمل عدة أكياس كثيرة ووضعها في المدخل بنفاذ صبر وضيق فلم تتوقف زوجته عن طلباتها واستغلاله عندما يكون في الأسفل ليحضرها. ثم نظر نحو زوجته ليجدها جالسة على الأريكة وقد اختطفت الكيس الكبير وأخرجت الفطيرة التي طلبتها وبدأت تتناولها. عقد حاجبه بغضب وهو يشاهد زوجته وهي تأكل الفطيرة بشهية ولذة. هتف مرددًا بصوته الحانق


= ما براحه وخدي نفسك وانتٍ بتاكلي وبعدين انتٍ بتاكلي نصيبي ونصيبك كمان؟ ما تسيبي حاجه للغلابه اللي معاكي في البيت


نظرت إليه بضيق ثم عقبت بغضب مصطنع 


= نعم واللي في بطني ده ملهوش هو كمان نصيب .


اتسعت عينا معاذ بدهشة ثم قال بعدم تصديق


= ايه ده هو انتٍ حامل بالسرعه دي؟؟ بس احنا لسه راجعين من عند الدكتور امبارح وشيلتي الوسيله لحقتي ولا انا اللي جامد أوي كده 


تجهمت ملامحها بزيف لتصحح قولها الغير مقصود من باب المرح مردده


= اكيد طبعا لا ما لحقتش، ما انت قلت بنفسك لسه شايلاها امبارح بس انا بدرب نفسي مش اكتر عشان لما يحصل، وبطل تبصلي في اللقمه وروح شوف حالك.


لم يجيبها إنما ألقا نظرة طويلة على شفاه زوجته الملوثه بفتات الفطيرة ولم يستطيع البقاء مكتوف الأيدي ويبقيها كذلك لذا اقترب منها وقام بلعق الفتات من فوق شفتيها لتتوقف بسمة على الأكل لتنظر إلى زوجها بصدمة ولكن هذه صدمة تحولت فوق وجه معاذ أيضاً، حقا لا يعرف تلك المشاعر التي بدأت تتحكم فيه رغم نفوره منها الذي لم يفارقه حتى الآن.. لكن أحيانا يشعر بأنه يريد فعل العكس دون السيطره على نفسه مثل سابقآ !.


تلبكت ملامحه ثم تنحنح يحاول رفع الحرج عنه قبل أن يصحح بلهفة 


= كان في حاجه بمسحها لك، صحيح نسيت اقول لك أمي طلبت مني ان احنا نرجع تاني الشقه بتقول ابويا قال ما فيش مانع لو رجعنا، إيه رأيك.


انتفضت بسمة باعتراض وهي تهتف بحنق 


= مش موافقه طبعا و لو نسيت كان من ضمن شروطي اني مش هرجع البيت تاني وامك لما تصدق تعمل عمايل زمان، تقدر تديني وعد انها مش هتيجي جنبي و تنكد علينا هي لحد دلوقتي لسه ما اتغيرتش وخليك صريحه مع نفسك .


لم يتفاجأ من رده فعلها فهو أيضاً متردد في فعل ذلك، فالحياه بينهم قد تصالحت كثيراً عندما أبتعد عن أسرته ولا يستطيع إنكار ذلك، حرك معاذ شفتيه بامتعاض ثم عاد يؤكد هاتفا لها 


= عارف بس اكيد مش هفضل هنا ده مش بيتي برده يا بسمه، وممكن اختك تظهر في اي وقت وتطالب بحقها.. غير انك لازم تعيشي في بيت يكون انا اللي صاحبه عشان انا الراجل.


أعجبها تفكيره ثم نهضت لتقف أمامه وهي تقول باقتراح 


= و هو حد قال غير كده؟ بس انا عندي حل إيه رأيك لو اجرت الشقه هناك لحد كويس ومنها تطلع فلوس ونستفاد احنا الاثنين.. و اعتبر نفسك بتدفع ايجار هنا وانا هاخد النص من غير ما اعرف هتاجرها بكام.. لكن لو عاوزين حياتنا تمشي معلش في الكلمه نبعد عن أمك احسن وكفايه كل فتره بنروح نشوفها لكن سكن جنب بعض من تاني المشاكل هترجع.


رفع حاجيبة باستغراب وهو يقول بتفكير


= ااجر الشقه مش عارف؟ ما فكرتش في حاجه زي كده.. بس تفتكري ممكن يوافقوا!. 


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوعين، في منزل شاهين حرك منذر صوابعة بخفه فوق ذلك المقعد الذي يجلس فوقه بتوتر مبالغ فيه، فكلما نظر الى شبر في ذلك المنزل يتذكر مأساته والمعاناه الكبيره التي كان يعانيها منذ الصغر! دون ان يرف به احد؟ لذلك يجد صعوبه في تجاهل كل ذلك والنسيان ولا يستطيع التعامل معهم كأن شيء لم يحدث، يعلم جيد بانهما نادمون لكن ذلك لا يكفي حقا.


فكيف يستطيع النسيان وكلما نظر في و جوههم يشعر بتلك الانتفاضة المخيفة تنعش ذاكرته من جديد وتذكر قسوه والده وابتسامته الشامته التي كانت تبرز بثقة من خلف أنيابه وهو يخبره بانه ليس رجل ولا يستطيع النجاح بشيء، انكمش على نفسه في كريسي لا يصدق حاله ذلك حتى بعد مرور تلك السنوات وعمره الكبير ما زال يخشى منهم، أبتسم بألم وسخرية فلو احد يعلم حالته ليعرف كيف الأمر صعب عليه التجاوز حتي.


صمت ثقيل كان بين الجميع لبعض الوقت، ثم تحدث أخيراً هاتفا بصوت متردد 


= معاذ لما كان بيوصلني هنا المره اللي فاتت قالي على كل حاجه الوكاله اللي ضيعها و الشغل اللي كان في النازل! وانا وعدتك ان هتولى الأمور دي واتفضل ده عقد الوكاله انا عرفت اخذه من الولد اللي نصب على معاذ واديتله قرشين.. و تقدر تفتحها من تاني 


شعر باحتمالية رفضه لمساعدته فأردف قائلاً


=وبالنسبه لعمليه رجلك خلاص ما تشيلش هم انا وديت التحاليل لدكتور كبير هنا في مصر وقالي العمليه نسبت نجاحها كبيره و هتقدر تمشي من تاني عادي.. وعلى اخر الاسبوع هتعملها ان شاء الله ومن فضلك مش عاوز اي اعتراضات! 


رآه شاهين إبنه وهو يقاوم الألم الشديد فزاد وخزات قلبه نحوه، أليس ابنه البكري؟ أليس قطعة من روحه؟ والاهم من كل ذلك هو السبب في حالته، لذلك لم يضغط عليه و أبتسم بمرار قائلاً 


=مش هرفض طالما دي رغبتك ان الوكاله ترجع تاني تتفتح واعمل العمليه! بس برده هتفضل حاجه وحيده نفسي فيها وانت مش قادر تعملها لي.


كان صوت نبضاته المتلاحق تصم أذنيه من شدة توتره و ارتباكة، لكنه مع كل ذلك رد مصرًا


=انا فاهم كويس انت عاوز ايه؟ بس صدقني مش هقدر ومش عاوز اكذب عليك ولا اجبر نفسي على حاجه خارج ارادتي فده اللي اقدر اقدمهلك دلوقتي! واحاول اوصل الود حتى من بعيد.


لاحظ والده حدته معه فاستشفي سريعًا سببه دون حاجته للتخمين، لذا أجابه بلا تردد قائلاً بألم 


=خلاص يا أبني زي ما تحب وأنا قلتلك مش هغصبك على حاجه مش عاوزها، لما حكيتلي اللي حكيتهلي المره اللي فاتت فهمت ان ده اخر الطريق وعمرنا ما هنرجع زي زمان.. او احنا زمان ما كناش حاجه من الاساس وانت تستاهل تعيش حياه بعيد عننا افضل.


شحب وجه مايسة سريعًا، فهتفت بعناد ممتزج بخوف صادق 


=هو في ايه مالك مستسلم كده ليه يا شاهين معاه وكل ما ابنك يقول لك حاجه تقول له حاضر وانت يا منذر خلاص ده آخر الطريق فعلا ومش هتسامحنا ولا هترجعلنا؟ طب ليه يا ابني ما احنا اعتذرنا لك.. يا ابني انا نفسي ترجعوا حوالينا زي زمان اخوك رافض يرجع وانت كمان.. عارفين اني غلطنا كبير معاكوا بس سامحوا وخليكم احسن مننا. 


قطع عليها أحلامها الوردية هاتفا باقتضاب 


=انا لما اتكلمت مع معاذ قالي انه كل يوم تقريبا بيعدي عليكم ويجيلكم بس هو حابب هو ومراته ينفصلوا عنكم وانا بصراحه مش شايف دي حاجه غلط سنه الحياه بقى معلش

وكمان كده افضل منعا للمشاكل.


دفعتها غريزتها الأمومية للسؤال بصوت حزين مقهور 


=طب وانت يا منذر! بعدك عننا عشان منعا للمشاكل برده؟ ولا انت اللي عاوز تبعد.


استشعر قصدها من كلماتها المتوارية، فتنحنح بخفوت ليرد بجمود زائف


= طب ما انا قلت إني هاجي كل فتره والتانيه عاوزاني اكدب عليكي واقول لك ان سمحت ولا نسيت؟ بصراحه حتى الكذب مش هقدر اعمله! خلينا كده احسن وده اللي في ايدي اقدر اعمله صدقيني


هز شاهين كتفيه بقلة حيلة وهو ينظر نحو زوجته الذى أشار لها هاتفا ببطء 


=وبعدها لك يا مايسه سيبي الواد في حاله خلاص! قال لك هيودينا فين وفين هنعوزي ايه اكتر من كده ما تضغطيش عليه.. وادعيله ربنا يوفقه في حياته.


رحل منذر بهدوء بينما يئست من إقناعه بالعكس فهزت رأسها مستسلمة لبكائها الذي يحرك القلوب وخطت نحو زوجها محاولة فهم الأمر سريعًا في حجة مقنعة لتبرر سبب رفضه واستسلامه في محاوله الصلح، نفخت بصوت مسموع مرددة


=انا عاوزه اعرف بالظبط المره اللي فاتت قال لك ايه خلاك من ساعتها حالك متشقلب و بقيت خلاص مستسلم وحاسس فعلا ان عمره ما هيسامحنا.. هو قال لك ايه يا شاهين.


تنهد بتعب و رد عليها بلا تردد 


=مش لازم تعرفي يا مايسة وصدقيني ده لمصلحتك سيبيني شايل الهم والندم لوحدي، بس يكفي اقول لك ان احنا عيشنا ابنك من ساعه ما اتولد لحد دلوقتي في ظلم وعذاب كبير لدرجه انا مش مسامح نفسي عليه عشان كده عارف انه مش هيسامحني.. ولي حق ما يبصش في وشنا وكفايه أوي أنه قال هيسال علينا كل فتره والثانيه. 


شعرت أن الأمر صعب بالفعل وهناك الكثير كان مخفي عن معاناته، فبكت بشدة مرددة


=للدرجه دي اللي عرفته صعب! سامحنا يا رب وحنن قلبه علينا.


❈-❈-❈


في الأسفل عند رحيل منذر لاحظ مرور معاذ امامه لكن الآخر توتر وأسرع في خطواته يهرب منه، هتف منذر بصوت مرتفع


=معاذ استنى تعالي عاوزك، عامل نفسك مش شايفني ومش عاوز تسلم عليا ليه


تقدم بخطوات متردده وهو يقول بحرج


= آآ انا لا، خالص بس توقعت ان انت اللي مش هتبقى عاوز بعد ما عرفت ان انت رفضت تسامح امك وابوك او مش قادر يعني بمعنى اوضح.. لكن انا نفسي نرجع زي زمان

الصفحة التالية