رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 5 - 3 الأربعاء 3/9/2024
قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حارة الدخاخني
للكاتبة أسماء المصري
قراءة رواية حارة الدخاخني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء المصري
الفصل الخامس
3
تم النشر يوم الأربعاء
3/9/2024
❈-❈-❈
جلست بركن المشفى واضعة رأسها بين راحتيها تنتظر خروج الطبيب ليطمئنهم عليه ولكنها لم تستطع إخراج اللحظات الأخيرة من عقلها لما بها من صخب وصراخ وبالأخص حديثه الأخير معها قبيل مغادرته عندما وقف أمامها وسط ذهولها من منظر الدماء والجميع يحاولون إيقاف نزيف دماء حسن ولكنه لم يهتم بأي شيئ سوى التحدث معها وهو رافعا حاجبه لأعلى:
-الاتفاق بينا اتفض يا ملك وحقي هاخده بالشكل اللي يرضيني واللي انتي وكل أهل الحته عارفين هيكون ايه، وبعد اللي حصل انهارده ردي مش هيبقى على يوسف وبس.
صر على أسنانه وتابع:
-هيكون رد لكل واحد افتكر انه يقدر يقف لرشوان الدخاخني.
عادت من شرودها على صوت صرخات سهر وهي تهرع صوب والدة حسن تصرخ بصوت مفزع صم أذنها:
-حسن جراله ايه يا خالتي؟
لم تجبها فالتفتت ترمق ملك بنظرات غاضبة وكارهة بعد أن ذاع الحديث بالحارة وعلم الجميع أسباب المشاجرة وهي طلب رشوان الزواج منها:
-انتي السبب.
هكذا قالت بغل وحقد ووجهت حديثها لحماتها:
-ليه تسبيه يتدخل في حاجه ملوش دعوه بيها يا خالتي حرام عليكي.
استندت برأسها على الحائط تبكي ووالدها يربت عليها:
-اهدي يا سهر، إن شاء الله هيبقى كويس.
لحظات وخرج الطبيب ينظر لهذا الجمع الغفير يبحث بعينيه عن عائلته واقترب منهما وبدأ يشرح حالته:
-الحمد لله الرصاصه جت في كتفه والاصابه خفيفه بس طبعا هيحتاج راحه وتغيير ع الجرح كل يوم، هو حاليا في الإفاقه وأول ما يفوق هيخرج اوضته وتقدرو تزوره.
صمت ليبتلع ريقه وأكمل:
-ألف حمد الله على سلامته وياريت حد ينزل للحسابات.
أومأ أخاه فغادر الطبيب وسط بكاء وعويل سهر الذي لم يتوقف للحظة وهي ترمق ملك بنظرات كارهة.
مال يوسف على والدته يهنس بأذنها فأخرجت من صدرها بضعة نقود وهمست:
-دول اللي معايا دلوقتي.
توجه لحسين ووقف أمامه يناوله النقود التي أخذها من والدته:
-خد دول على ما اروح اجيب فلوس من البيت و...
قاطعه الاول:
-متشغلش بالك أنا هتصرف.
رفض يوسف بشدة:
-امسك بس ونبقى نتحاسب بعدين.
نزل الحسابات فوجد مبلغ التأمين وحساب الجراحة أكبر مما يمتلكه بالوقت الحاضر فسأل الموظفة:
-طيب أنا ينفع أدفع كام دلوقتي على ما ارجع البيت اجيب فلوس؟
ردت تبلغه فصعد مجددا وحدث الجميع:
-محتاجين نلم مبلغ كده على ما اروح البيت بس عشان العملية اتكلفت كتير.
أخرجت والدته كل ما بحوزتها وكذلك اخته الصغرى وعندما اقترب من أنور ووقف ينتظره أن يخرج أي نقود تساعد بدفع فاتورة المشفي عقب الأخير بخجل:
-انا للأسف مش نازل من البيت بفلوس، الخضة خلتني سقطت الحكاية دي من بالي.
ضحكت والدة حسن ساخرة وعندما وجد حسين أن المبلغ غير كاف هتف:
-انا لازم اروح البيت يا امه اجيب فلوس.
هتفت بغل ناظرة لكل من سهر ووالدها:
-وهو البيت فيه مليم أحمر؟ ما الهيصة بتاعة كتب الكتاب خلصت على كل اللي حيلته يا حبيبي وسالف كمان عشان يعرف يجيب بضاعه الصبح.
هز رأسه زافرا بضيق:
-منا هجيب فلوس السمك بتاع بكره يا امه، حسن اهم من الشغل.
بكت وهي تربت عليه:
-ايوه يا بني، ربنا يطمني عليه.
تحرك صوب الدرج فوجده أمامه بطوله وهيبته قاطعا طريقه يهتف:
-ملوش لزوم تروح يا حسين، حساب المستشفى اتدفع.
صاح رافضا فهدر به رشوان:
-بس ياض أنت، هو عشان ما سكت على قلة أدبكم وصوتكم العالي هتسوقو فيها؟ الحساب اتدفع والمحضر اتقفل وفاضل على امضته، وأي هري وحوارات تاني تبقو انتو اللي غاويين تعادوني.
اقتربت منه ملك على الفور:
-خلاص يا معلم، محدش يستجري يعاديك وكتر خيرك انك دفعت الفلوس.
رمقها حسين بنظرة غاضبة:
-اشكريه على الرصاصة اللي جت في اخويا يا ملك مش ع الفلوس.
نطق المعني بحروف غليطة وهو يقرب وجهه منه كأسلوب تحذيري:
-الطلقه أنا قاصد اجيبها في كتفه عشان يتربى وميناطحش في الكبير بعد كده بس لو زودتوها فالطلقة الجايه هتبقى في مقتل.
سحبته من راحته بعيدا فارتعش جسده وابتلع ريقه وهو متعجبا من نفسه فمتى شعر بهذا الكم من المشاعر مع أي من زوجاته قبلا:
-خلاص يا معلم عشان خاطري.
ابتعد معها ووقف يبتسم رغما عنه ولكنه تكلم بحدة:
-الاتفاق اللي بينا انتهى يا ملك، أنا كنت قابل أني اتجوزك وأنا عارف انك مش قبلاني ولا حباني ولا حتى موافقة عليا بس انا كنت مفكر إن قلبك خالي وكنت متأكد اني هعرف أحط نفسي جواه.
نطقت فورا بحروف متقطعة:
-واحنا لسه فيها.
ضحك ساخرا:
-مينفعش، أنا مش عارف ايه اللي بينك وبين حسن! ومستغرب جدا بصراحه ازاي انتو الاتنين حالكم كده وسابك وراح اتجوز بس....
قاطعته نافية:
-انا وحسن! مفيش حاجه بينا أصلا أنت بتقول ايه؟
رد متجهما:
-بقول اللي شايفه بعنيا وحاسه بقلبي ومستنيكي تديني له تفسير.
نهجت بتوتر وردت على الفور:
-حسن زي أخويا يا معلم وحمقته عليا عشان...
صمتت وأطرقت رأسها ﻷسفل فظل يرمقها بنظرات ترقبية وسألها:
-أممم، عشان ايه؟
ردت متلعثمة:
-هي خالتي أم حسن كانت فاتحت امي عشان يخطبوني لحسين، بس والله العظيم ما في بينا حاجه اصلا وحسين ده زيه زي يوسف عندي وعمري ما فكرت فيه.
أرادت ان تبدو صادقه بحديثها لذلك حولت أنظاره عن عشقها الذي أصبح مرئيا للجميع فتنهد رشوان وسحبها ليجلس معها بالمقاعد المتراصة بالمشفى وبدأ حديثه ممسكا راحتها ومبتسما لها:
-بصي يا ملك، انا عارف كويس اني كبير عليكي ولحد من يومين بس كنتي شيفاني عمك وابو صاحبتك.
ابتسم وأكمل حديثه:
-فرق سن كبير بينا وده مخوفك مني، ده غير شكلي يعني اني مش الشاب الحليوه ابو قميص وبنطلون اللي تتباهي بيه قدام صحباتك.
ردت فورا تجامله:
-أنت اي واحده تتمناك يا معلم.
سخر من ردها:
-آااه أي واحده إلا انتي، الجلابيه وفرق السن وحقيقة انك هتبقى الزوجه الرابعه ده ميشجعش اي واحده انها تقبل بس هل انتي فكرتي أنا ممكن أعوضك عن كل ده بايه؟
نفت فأوضح:
-سيبك انتي من السن عشان انا أجمد من 100 من عينة حسن وحسين وبكره تشوفي بنفسك.
انحنى بلفتة رقيقة منه وقبل راحتها فسحبتها على الفور خجلا:
-والشكل أظن اني مش وحش اوي يعني بدليل بناتي كلهم طالعين قمرات ﻷبوهم.
ضحكت وأومأت فتابع حديثه:
-وشغل المَعلمة والجلابية والشيشة ده لزوم الشغل لكن مشوفتنيش انتي بالبدله والقميص والبنطلون وانا واقف وسط رجال أعمال اساميهم يتهز لها جبال.
ابتسمت أخيرا فضحك عاليا وهو يتابع:
-ولا وأنا ماسك السيجار بقى شكلي ايه ولا ابو هشيمه نفسه.
أخرج هاتفه من جلبابه وفتح معرض الصور يمزح معها:
-تعالي تعالي اما اوريكي صوري يمكن تغيري فكرتك عني شويه.
بدأ يريها صوره فابتسمت وعقبت مادحة بعض الصور:
-شكلك هنا حلو اوي.
غمز لها متذمرا مما حدث:
-لولا اللي حصل كان بكره قراية فاتحتنا وكنا قربنا خطوه من الحلم.
ردت بقوة لا تعلم من أين جائتها:
-واحنا لسه فيها، تعالى بكره عادي.
علق عليها:
-بس امك واخوكي وأهل الحارة بعد اللي حصل ممكن...
قاطعته مؤكدة:
-متقلقش، بس المهم إننا نرجعو لاتفاقنا القديم وزي ما هنقرو فاتحتنا بكره فيوسف وورد هم كمان يتقرا فاتحتهم معانا.
وافقها دون جدال ووقف ناظرا للخلف فلم يجد أحدا من ذويها:
-الظاهر دخلو لحسن يطمنو عليه، روحي انتي وهشوفك بكره وطمنيهم إن الحساب كله اتدفع.
ابتسمت ممتنة:
-ربنا يخليك.
تنهد زافرا برومانسية ظن بوقت من الأوقات أنه قد أصبح كهلا عليها:
-ربنا يخليكي أنتي ليا وتفضلي تضحكي في وشي كده دايما.