-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 14 - 1 - الأربعاء 9/10/2024

  

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل الرابع عشر 

1

تم النشر يوم الأربعاء

9/10/2024 


الفصل الرابع عشر « عن عمد ... »


حينما يرفع الستار وتسرق أبصارنا بعذوبة المشهد لكننا لا ندرك بعد ما يدبر خلف الكواليس ، تلك قصة لا يدركها إلا من يُسدِل الستار نفسه ...

خداع يجذبنا بلطفه وإدعاء المحبة يخفى خلفها شروره الخبيثة ، حتى الأذى نظن أنه صدفةً لكن عن تعمد يظهر للعلن ...


❈-❈-❈


أقوى الصراعات تلك التي تتصارع داخل نفس واحدة ، تخبط بين جانبين متناقضين تمامًا ، فها هي "عهد" تعود لطبيعتها الشرسة الغير مكترثة بما يدور حولها ، تجبر نفسها ألا تبالي ، جانب طالما إعتادت عليه وأتقنته ببراعة حتى ظهر هذا الجانب الدخيل عليها ، جانب مضئ بدأ يتسلل لداخل قلبها الذى تناست وجودة حتى أعلن أنه مازال حي بداخلها يتضارب بدقات مسموعة لا تستطيع السيطرة عليه لكنها إستطاعت وببراعة عدم إظهار الأمر ...

فرض قوتها على إظهار مشاعرها كان له الغلبة لكن هذا الصغير الذى ينبض بداخلها مازال يصارع ويراوغ عقلها للوصول وإثبات أحقيته بالحياة ...

جلس "معتصم" يعبث بهاتفه باحثًا عن إشارة جيدة للوصول لشبكة الإنترنت فيما أخذت "عهد" تبحث عن صخرة مناسبة للجلوس عليها حين لاحظت حركة غريبة خلف أغصان الأشجار الكثيفة ، أخذت تتمعن بعسليتيها الحادتين لإكتشاف من هو بالقرب لكنها لم تجد شيئًا فيبدو أنها لم تنتبه جيدًا وتوجست بلا سبب لذلك ..

وجدت جذع شجرة مقطوع تستطيع الجلوس عليه لتحمله تجاه البئر لتجلس بروية فوقه ممسكة بهاتفها للبحث عن طريق شبكة القمر الصناعي عن الكوخ ..

إستطاعت بمهارة شديدة التوصل إليها وتحديد موقع الكوخ بشكل متقن عن طريق الولوج إلى الخرائط المحفوظة به ...

كان "معتصم" منهمك أيضًا بالبحث عبر هاتفه بتركيز شديد حتى أنه لم ينتبه لـ"عهد" التى رفعت رأسها تطالعه منذ بعض الوقت ..

وللمرة الثانية شعرت بأن هناك من يحوم حولهم من خلف الأشجار ، تمعنت مرة أخرى حتى تتأكد من ذلك وأن الأمر ليس من وحي خيالها تلك المرة أيضًا لتدقق نظرها بصوب معين لتلاحظ حركة غريبة ...

فاجئتها رؤيتها لـ"كاتينا" ، تلك الشقراء التى يبدو أنها لن تتخلص منها ، ثبتت مقلتيها بتلك الباهتة التى بالتأكيد عادت لتسترد ما تظنه حقها بـ"معتصم" ...

مكان ساحر وسط الطبيعة يبعث على الرومانسية وتلك العاطفة التى لابد وتتجلى بأعين الشقراء فهي بالتأكيد على وشك رؤية مشهد عاطفي جياش الآن ...

ضغطت بأسنانها بقوة فوق شفتها السفلى وهى تزداد حنقًا لتلك المشاعر التى عصفت بها ، إنها مشاعر الغيرة التى دبت بقلبها ، لكن عقلها أخذ يحفزها بالثبات وأن تتعامل مع الأمر بقوة وعقلانية فما عليها سوى الصمت والترقب ..

تقدمت "كاتينا" بخطوات خفيفة متعجلة صوبهم لكن "عهد" لاحظت نظرة مغايرة بأعينها الزرقاء ، لم تكن نظرات تلهف وعاطفة كما كانت تظن ، بل هي نظرات يملؤها الكراهية والشر ..

من خِفة خطواتها ظنت أنها تحلق فوق الأرض دون لمسها لتتسع عينا "عهد" بفزع حين أشهرت "كاتينا" سلاحها الناري تجاه "معتصم" الغافل عما يحدث ...


❈-❈-❈


بيت النجار (شقة فريد النجار )...

دلفت "حنين" على عجالة تاركة باب شقتها مفتوحًا من خلفها فهي لا تغلقه في العادة لتراقب القادم والمغادر من البيت تحت أبصارها حتى لا يغيب عنها أمرًا تجهله من خلف ظهرها ، حين سألها "فريد" متثائبًا بنعاس وهو يقف بمقدمة الصالة بشعر أشعث ومنامة غير مهندمة ...

- إيه ده ...؟؟! إنتِ كنتِ بره يا "نونه" ...؟!!

زمت فمها بإستياء من مظهره المنفر لتزفر بقوة قبل أن تجيبه ...

- أه ... كنت عند أمك ...

- ليه على الصبح ...؟؟؟

سألها بنوع من التقليدية لا أكثر وهو يجلس غير عابئ بمظهره المغثى للنفس ، لتحرك "حنين" رأسها بنفور قائله ...

- يا أخي قوم غير هدومك دى وروح الوكالة زى الناس ... قاعد تسأل رايحة فين وبتعملي إيه ... يا ستااار ... أنا طهقت ... شوف حتى منظرك فى المراية ... أعوذ بالله ...

إعتدل بجلسته وهو يفتح عيناه الناعستان بذهول قائلًا بنبرة مهتزة ..

- حاضر يا "نونه" ... أنا كنت قايم أهو ... متزعليش إنتِ بس ...

دلف "فريد" للداخل لتتشدق "حنين" برأسها تتطلع بذات الإتجاه الذى دلف إليه وهي تخرج حقيبة بلاستيكية من حقيبة السوق خاصتها قائلة بإستمتاع ...

- وأدى كمان شوية هدوم ومكياج من بتاع حماتي ... حاجة كدة أتروق بيهم ...

(مصمصت شفاهها وهي تحلل لنفسها سرقة أغراض والدة زوجها دون علمها كما تفعل بالعادة من وقت لآخر) .. 

- هي يعني حتعمل إيه بده كله ... دى عندها هم ما يتلم ... دى عمرها حتى ما أخدت بالها إن فيه حاجة ضاعت منها ... من كتر إللي عندها ...

( نظرت لإنعكاس صورتها بالمرآة بتحسر وغرور بذات الوقت ) ..

- حسرة عليا ... بقى قمر زيي تندفن كدة مع واحد زي "فريد" ... أه يا ميلة بختي ...

تنهدت بتحسر وهى تخبئ الحقيبة البلاستيكية بأحد الأدراج قبل أن تدلف للداخل لتعطي أوامرها لـ"فريد" قبل توجهه للوكالة ...


❈-❈-❈

خرجت "زكيه" لشراء بعض من مستلزمات البيت التى تحتاجها اليوم خاصة بغياب إبنتيها للعمل ..

تتوقت عيناها بسعادة وهي تلتقي بمحض الصدفة بجارتها "أم يوسف" لتتجه صوبها بوجه بشوش ..

- صباح الخير يا "أم يوسف" ..

زاغت عينا السيدة وهي تجيب ببعض الحرج ...

- صباح الخير يا "أم شجن" ...

- دايما كدة نتقابل صدفة ...

قالتها "زكيه" تبدأ به حديثها لتدفع رفيقتها بمجاراتها للحديث عن موضوع الطبيب المتقدم لزواج إبنتها دون أن تظهر أنها تود التحدث عنه حتى لا تقلل من قيمة إبنتها ..

لكن خاب ظنها حينما وجدت "أم يوسف" تتحدث بأحاديث مشتتة دون التطرق للأمر لهذا إضطرت "زكيه" بأن تلجأ لسبيل واحد ، سؤالها مباشرة ...

- صحيح ...بقولك يا "أم يوسف" ... كنت حنسى ... إبقي قولي للدكتور يروح يكلم عم شجن بقى ...

بهتت السيدة وهى توارى عيناها عن "زكيه" بحرج شديد لكنها بالنهاية وبعد تلعثم وتردد أجابتها بما تستطيعه من لباقة لإخبارها برفضه الزوج من إبنتها ...

- والله ما عارفه أقولك إيه والله ...ده أنا وشي منك فى الأرض ... بس أقول إيه ... هو الخسران ... أكيد هو الخسران ...

دقات قلبها المتوجسة و غصة علقت بحلقها وهى تردف متسائلة بشك ..

- خير يا حبيبتي ؟!! ... قولي على طول ...

بللت "أم يوسف" شفاها بإضطراب لتصمت لوهلة تستجمع كلماتها المتحشرجة قبل أن تبتلع ريقها قائله ..

- أصل اااا ... متزعليش مني إنتِ عارفة غلاوتك وغلاوة بناتك عندي ... بس ... الأمر لله بقى .... حقولك وخلاص ... أهل الدكتور صرفوا نظر عن جواز إبنهم من "شجن" ...

برودة إجتاحت جسد "زكيه" لتعلو الدماء الثائرة برأسها لتشعر ببعض الدوار وألم برأسها من أثر إرتفاع ضغط الدم به ، بهت وجهها بصدمة لتجاهد بسؤالها المنكسر ...

- ليه يا أختي ... إيه السبب ... ده هو اللي كان مستعجل ...؟؟!!!!

ضغط ينافي حدود اللياقة بأن تجيبها بما سمعته منهم لتحاول التملص من إجابتها رغم إصرار "زكيه" ...

- خلاص بقى يا "أم شجن" ... مفيش نصيب ... هو يلاقى زى إسم النبي حارسها ...

- قولي بس ... عايزة أعرف إيه إللي حصل بين يوم وليلة ...

إكفهرت ملامح "أم يوسف" بإمتعاض لتجيبها مضطرة ...

- أستغفر الله العظيم ... والله ما أنا إللي بقول ... ده كلامهم هم ... لكن أنا عارفه إنتوا أحسن ناس يا أختى وأنا قلت لهم الكلام ده ... بيقولوا ... يعنى ..أااا ... من غير ما تزعلي مني ... بيقولوا إن "شجن" ماشيه أستغفر الله العظيم فى البطال ...

شهقت "زكيه" بقوة وهى تضرب صدرها من هول ما تسمع ...

- إخص عليهم ... بنتي أنا ....!!!!!!! ده أنا بناتي الشرف كله ... هو فيه زيهم فى الحته ...!!!

مصمصت "أم يوسف" شفاهها وهى تربت بكتف "زكيه" المنفعلة لتكشف عن الأمر كافة لتهون عليها مصابها بسمعة سيئة تنال بناتها ...

- والله وما ليكِ عليا حلفان قولت لهم كدة ... هو فيه فى كمالهم ولا أخلاق بناتك ... بس تقولي إيه ... هي مرات عمهم العقربة .. هي إللي راحت للست أم الدكتور وفهمتهم كدة ... 

( ثم إستكملت بتصحيح وإخلاء ضميرها من شهادة حق ) .. لكن أنا والله مسكتش وقلت لهم اللي يخلص ضميري من ربنا ... بس هم قالوا وعلى إيه ... نبعد عن الشر ونغنى له ...

نكست "زكيه" عيناها بإنهزام فهي كانت متيقنة أن ذلك سيحدث فتلك ليست أول مرة يطالهم إفتراء "صباح" عنهم ونشر أكاذيب عنها وعن بناتها ..

حاولت "أم يوسف" ترميم خاطرها المنكسر قائله ..

- والله بكره يجيلهم عدلهم ويجازيكم على صبركم ده كله ... إنتوا طيبين وتستاهلوا كل الخير ... سامحيني يا أختي أنا مكنتش عاوزة أقولك ...

منعت دمعة إنهزام من السقوط من عيناها وهى تردف قبل مغادرتها على الفور ...

- وإنتِ ذنبك إيه ... كتر خيرك يا "أم يوسف" ... بعد إذنك يا أختى ...

تركتها "زكيه" عائدة للبيت بحيرة وغصة فهل تنجو ببناتها وتترك بيتها وصية زوجها أم تبقى وتتحمل ما فاض الكيل به ، لترضخ بإستسلام لما حدث فليس لها القدرة على مجابهة "صباح" وجبروتها وظلمها لتتؤثر البقاء وإخفاء الأمر عن بناتها فلا داعي لتزيد همومهم وكرههم لهذا البيت بمن فيه ...


الصفحة التالية