-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 14 - 2 - الأربعاء 9/10/2024

  

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل الرابع عشر 

2

تم النشر يوم الأربعاء

9/10/2024 





سويسرا ..

هل ترى أعيننا ما نراه حقيقة أم أننا نرى ما نود رؤيته ، بأى عين كنا نراهم فالآن فقط رد إلينا بصرنا ...

ركضت "كاتينا" صوب "عهد" و"معتصم" المنشغل بتركيز تام بمحاولة الوصول بهاتفه لشبكة الإنترنت ليغفل عمن تتقدم صوبه بسرعة جنونية كما لو كانت الأرض بساطًا ينطوى تحت أقدامها الخفيفة المتسارعة ..

رفعت سلاحها الناري بوجه "معتصم" توجهه نحوه بأعين يملؤها الشر والدقة بذات الوقت ، لم تكن تلك الفتاة الناعمة البريئة الآن بل كانت تتحرك بخطوات مدروسة تعلم تمامًا ما هي مُقدمة عليه كما لو كانت تدربت على ذلك من قبل فثقتها بحمل السلاح واضحة بدون شك ..

حينما وقعت عينا "عهد" على "كاتينا" أدركت بفراستها أنها ستغدر بـ"معتصم" لتسرع بدون تهاون تطلق ساقيها الطويلتان بركضها السريع وجسارة لا حدود لها ، كانت قوية مهيبة لم تخشى هذا السلاح المصوب تجاههم وربما كانت لتتلقى الرصاصة دون خوف أو خشية من الإصابة أو الموت ...

أطلقت صيحة صارخة وهي تركض لتعود لتلك الشخصية الشرسة المتوحشة التى كادت تضمحل منذ مجيئها لتلك البلدة ، صيحة أفزعت "معتصم" المنهمك بجهازه دون الإنتباه لما يجري حوله ..

رفع "معتصم" رأسه بإندهاش تجاه "عهد" المندفعه ليظن أنها تندفع تجاهه لكنه سرعان ما أدرك أنها لا تقصده حينما عبرت من جواره ليتبع الإتجاه الذى ركضت نحوه ليحاول إدراك ما يحدث دون أن ينتبه ..

كانت "كاتينا" تركض بإتجاههم بينما قابلتها "عهد" بالإتجاه المضاد ، كلًا منهما تركض بقوة وشراسة نحو الأخرى حتى أصبحت المسافة الفاصلة بينهم أمتار قليلة ، أثنت "عهد" جذعها بقوة مستكملة إندفاعها نحو "كاتينا" لتزيد من سرعتها بقوة كفهد أسود وجد ضاريته ، إقتحمت حيز "كاتينا" بكتفها لتدفعها من بطنها تجاه الأرض وهي تتشبث بكلتا زراعيها حول خصرها بأعصاب قاسية من فولاذ ..

تلك الصدمة أسقطت السلاح من كف "كاتينا" قبل أن ترتطم أرضًا بالأرض الموحلة و "عهد" معها حيث طبقت بجسدها الطويل فوقها وبالطبع كانت لها الغَلبة في الجسم والقوة ..

حاولت "كاتينا" الدفع بجسد "عهد" المستقر فوقها تحاول التخلص من ثقل جسدها القوى فهي لم تكن تظن أنها تتحلى بهذه القوة مطلقًا ..

إحتدت زرقاوتيها بلؤم وحقد تجاه "عهد" وهى تنهرها بقوة ظهر بها عدوانية وغضب كما لو أنها تبدلت بإنسانة أخرى تمامًا ..

صرخت بها "كاتينا" بحدة ...

- إبتعدي عني أيتها البلهاء ...!!

كيلت لها "عهد" لكمة قوية وقد عقصت بوجهها بملامحها الغاضبة مستنكرة من أين تأتي بهذه القوة وهي ملقاة أسفلها بهذا الشكل ، من أين لها تلك الجرأة والمناكفة ، ألكمتها "عهد" بكامل قوتها قائله ..

- إخرسي يا متخلفة ... بقى أنا هبله ...!!!!

لكن يبدو أن الطبيعة هذه المرة ساعدت "كاتينا" وتحالفت ضد "عهد" لتنزلق ركبتها التي كانت تستند عليها فوق الوحل لتهبط أرضًا لتسنح الفرصة لـ"كاتينا" بالتملص من أسفلها و الإعتدال وقد إعتلت عيناها نظراتها الشرسة تتطلع نحو "عهد" و قد تهدجت أنفاسها بقوة فـ"عهد" بالفعل خصم قوي أقوى منها وأكثر حدة وشراسة .

نهضت "كاتينا" بسرعة وقد تلاحقت أنفاسها لمصارعتها مع "عهد" التي تفوقها قوة وجسمًا لم تكن تظن أن تلك البلهاء ستتصدى لها مطلقًا فقد أساءت بتقدير قوتها ولم تتوقع أن تواجهها خاصة وهي من تحمل السلاح .

دفعت "كاتينا" بـ"عهد" وهي تحاول نهرها بقوه لتبعدها عنها مردفة بغيظ ...

- إنك لمجنونة بالفعل ...!!!

- أنا مجنونة ... طب أنا حوريكِ الجنان على أصوله ...

لم تعطي "كاتينا" نفسها فرصة لإلتقاط أنفاسها حتى ، فسارعت تستدير نحو "معتصم" الذي يبدو أنه هو هدفها الذي تسعى إليه ، وقبل أن تتوجه نحوه جذبتها "عهد" بقوة من ساقيها نحو الخلف لتقع على وجهها مرة أخرى لتزجر "كاتينا" بنفور ...

- يا إلهي ...ألن أتخلص منكِ أبدًا ...!!!

عقصت "عهد" ملامحها بضراوة و هي تجيبها بإستهزاء ...

- تتخلصي من مين يا روح ماما ... ده أنا "عهد مسعود"....!!! 

رفعت "كاتينا" وجهها تبعده عن الوحل وهي تلتفت جانبًا لتتفاجئ بلكمة أخرى من قبضة "عهد" أفقدتها توازنها وتشوشت رؤيتها في الحال لتسقط غائبة عن الوعي .

إستقامت "عهد" تنفض يديها وهي تتأكد من تلك الساكنة بأنها قد غابت تمامًا عن وعيها ولا تدري بما يحيط حولها ...

- مش ناقصة غير الصُفر كمان ...

قالتها "عهد" ساخرة من "كاتينا" وهي تحاول الإتزان حتى لا تنزلق بالأرض الموحلة بفعل بقايا مياه الأمطار ...

إشرأبت بعنقها وهي ترفع رأسها بشموخ لإنتصارها عليها ، لكن لكنه إنتصار ملطخ بالوحل ...

هذا الصراع ما كان إلا بضع دقائق أمام أعين "معتصم" وهو يتابع إنقاذ "عهد" له من بين أيدي "كاتينا" وشجاعة ساحقة لم يرها مثلها بأي فتاة على الإطلاق ، لكن ذلك لم يمنعه من التهكم على رؤيتها ملطخة بالوحل ..

رغم إثارتها له بشكل ملفت فحتى تلطيخها بالوحي كانت جذابة فريدة من نوعها كفرسة برية لا يملك حجام لجامها أحد ، إنها إستثناء عن العالم بأسره ..

هتف متهكمًا وقد إرتسمت فوق ثغره بسمة ساخرة ...

- ده بقى إللي بيقولوا عليه نهارك طين ...صح ..؟!!

توسطت خصرها بكفيها وهي ترفع حاجبها الأيمن ناظرة نحو بتهكم وهي تميل برأسها للأمام قليلًا ، هل هذه هي طريقته لشكرها على إنقاذها لحياته لتردف مستهزئة ...

- وحياة .. اااا ....

توقفت عن التوبيخ وهي تراجع نفسها ولسانها السليط ، فعليها ألا تترك العنان للسانها مره أخرى ...

تملكت غيظها بصعوبة حين علت ضحكته الجذابة والتى أظهرت بياض أسنانه مشرقة عن إبتسامة مريحة سلبت به قلبها المختلج فيكفيها أنه بخير ..

لكنه إستطرد يثير مشاكستها ...

- عارفة لسانك ده لو يتلم شوية ...!!

منعت إبتسامتها من الظهور لتجيبه بجمود مصطنع ...

- يعني إنت إللي بتنقط عسل .... ما هو الحال من بعضه ...

إبتسم إبتسامة جانبية فبهذه اللحظة أدرك تمامًا أنهما وجهان لعملة واحدة ، فكلاهما يشبه الآخر و لا يختلف عنه مطلقًا ...

- تصدقي صح ...

وبتلك اللحظة الغريبة على نفسها وجدت ملامحها ترتخي دون تفكير لتنفرج عن شفتيها إبتسامة ساحرة ، إبتسامة حقيقية سعيدة من قلبها لتشق طريقها دون أن تمنعها من الظهور ، بل تركت العنان لنفسها لتبتسم نحوه تلك الإبتسامة التي أشعرتهُ بأنه قد أنجز عملًا بمهمة شاقة لم يشعر مثلها من قبل ، كما لو أن إبتسامة "عهد" هي غايته التي يسعى إليها ...

ما أجمل أن يصبح الحلم واقعًا فربما حان وقت تحقيق الأحلام ، تبادلهم تلك الإبتسامات التى دق لها قلبيهما تناسا بها ما يحيط بهما بهمزة وصال عجيبة بين نظرات عيونهم ، لكن دوي إطلاق نار صدح بالأفق كان له رأي آخر ...

❈-❈-❈


للصمت شفاه وكلمات فحتى الصمت له من الكلمات حكايات تنسج دون النطق بها ، لكن لا شيء أجمل من الصمت عندما تخيب الظنون ، الصمت هو نوعًا آخر من الهروب حتى لو كان وسط الضجيج ...

إتسم هذا المطعم الشعبي بجودة مأكولاته وأصنافه المميزة ليعج بالزحام طيلة الوقت ، لكن هذا الزحام لم يلفت إنتباه هذا الشاب الحنطي الوسيم ذو الوجه المدبب والأعين الغائره المميزة بلونها الأزرق المتوهج يكسو رأسه شعر أسود كثيف بخصلات متهدله بعشوائية فوق جبهته تكسبة وسامة وحُسن ، إنه "رشيد درويش" ...

وقفت إحدى الفتيات الملفتات للنظر داخل المطعم لتسترق نظر جميع متواجدين به إلا "رشيد" الذي لم يلتفت ولم يكترث بوجودها على الإطلاق ، حتى أثار عدم إنتباهه تعجب صديقه "محمد حميده" ليردف بتعجب ...

- غريبة أوي ...!!! إيه يا عم إللي واخد عقلك ... مش عوايدك يعني تسيب الصاروخ من غير كلام ...!!!! 

رفع "رشيد" رأسه تجاه "محمد" الذي يميل بوقفته نحوه وهو يجلس خلف الطاولة الخاصة بتلقي الطلبات ليتساءل بعدم فهم ...

- صاروخ إيه ...؟!! 

أجابه "محمد" وهو يأشر إليه برأسه ...

- إيه يا عم مش واخد بالك ... مش شايف إللي قدامك دي ...؟؟؟

زم "رشيد" فمه جانبيًا مجيبًا بملامح حزينة للغاية ...

- خلاص يا "محمد".... إللي في القلب في القلب ...

عقد "محمد" جبهته مستنكرًا رد فعل صديقه الغير معتاد ...

- جرى إيه يا "رشيد"...؟!؟ من إمتى يعني ...؟!! إيه إللي غيرك كده ...؟؟؟

تنهد "رشيد" بقوة ثم زفر ببطء لما يحمله قلبه من ثقل ..

- مش عارف حاسس إن الدنيا كلها قفلت في وشي ...

دفعه "محمد" بأصابعه ليفيقه من حالته العجيبة التى تملكته ...

- يا عم فكك بقى ... عيش حياتك إنت هتفضل واقف زي ما إنت ... ؟؟! خلاص إللي باعك بيعه ...

تطلع إليه "رشيد" بزرقاوتيه يلومه بإستنكار ...

- حاسس بندم ....حاسس إن أنا إتسرعت ... قلب الشاب شفته السفليه بتهكم وهو يحدث نفسهم مبتعدًا عنه ..

- ده حيعمل لنا فيها مستقيم ... !!!!

تابع "رشيد" عمله دون الإلتفات لتمتمة صديقه أثناء مغادرته ، فهو بالفعل لم يكن بهذه الإستقامة وبهذا الشعور بالندم من قبل ، لكنه لم يدرك خسارته إلا الآن فقط ، فلم يكن يظن أنه سيندم إلى هذا الحد ...



الصفحة التالية