رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 14 - 3 - الأربعاء 9/10/2024
قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظننتك قلبي
« لكن بعض الظن إثم »
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة قوت القلوب
الفصل الرابع عشر
3
تم النشر يوم الأربعاء
9/10/2024
حي النعماني (المستوصف) ..
كما جرت العادة جلست "شجن" تتجاذب أطراف الحديث مع صديقتها "رؤى" فالعمل غالبًا اليوم كبقية الأيام الماضية لا يوجد بها ما يذكر مما يسمى بضغط العمل فأغلب سكان المنطقة يلجأون للمستوصف في بعض الحالات الخفيفة بينما يتجهون لأقرب مستشفى لأي أسباب أخرى ..
تفاجأت الفتيات بصوت هتاف عالٍ جذب إنتباههم لوجود بعض الضجيج الآتى من خارج المستوصف ، تقدم نحوهم المسعف الخاص بالوحدة الصحية وقد إمتلأت نبرته بالإضطراب والقلق حين قال ...
- بسرعة ... قوموا بسرعة ... في حادثة عربية والناس متبهدله بره ...
أسرعتا تجاه المصابين لمساعدتهم ليقع عين شجن على رجل و إثنين من الشباب قد أصيبوا بحادث تصادم خارج المستوصف وتم نقلهم إلى الداخل ..
حاول المسعف مساعدة أحد الشباب المصابين بينما إتجهت رؤى لمساعدة الشاب الآخر ، لم تجد "شجن" سوى إضطرارها للإتجاه فورًا نحو الرجل المسن ، رجل تخطى الستون عامًا ذو وجه مستطيل وشعر خفيف باللون الأبيض الناصع أصيب إصابة بالغة بساقيه وزاده النزيف المنهمر من جرحه الغائر ..
حاولت "شجن" وقف النزيف قدر الإمكان وهي تطمئنه بهدوءها الذي يطفي على شخصيتها القوية ...
- ما تخافش حضرتك .. إن شاء الله حتكون كويس ... ما تقلقش خالص ..
نظر إليها الرجل ثم تطلع نحو ساقيه الممددتان الملطختان بالدماء ثم أجابها بنبرة مهتزة ..
- رجلي ... رجلي يا بنتي ...
ضغطت بقوة على الجرح وهي تبتسم نحوه بذات الهدوء ..
- ما تخافش خالص اهدى بس ..
نظرت "شجن" لرفيقتها والمسعف بنظرة قليلة الحيلة فليس لديهم الأدوات المناسبة ولا المواد الطبية التي تساعدهم لمساعدة المصابين تود النطق (ماذا سنفعل ...؟!!) أعادت بصرها نحو الرجل المسن لتتسع إبتسامتها المطمئنة تجاه الرجل ..
- متقلقش حضرتك أنا معاك ...
هذا أقصى ما تستطيع فعله بهذا المكان فقير الإمكانيات (المساندة) ...
- الموضوع بسيط خالص ... ما تقلقش ..
تشبس بها الرجل بقوة وهو يسحبها من معصمها بترجي ...
- أنا تعبان يا بنتي ... أنا عندي السكر والضغط ... أنا ما ليش حد خليكِ معايا ..
إحساس مختلف و هي تطالع وجه هذا الرجل المسن الذي يشبه إلى حد بعيد والدها الذي فارقهم منذ سنوات بعيده لتشعر بالحنين لفقيدها الغالي ، سندها الذي كانت تعتمد عليه والذي من يوم رحيله أصبحت كورقة هشة بمهب الرياح ، تتلقى العواصف التى تتخبط بها من كل الجهات ..
نظراته المترجيه وصوته الحنون أرجفا قلبها المشتاق لوالدها وسندها لتردف بتأثر نابع من قلبها حقيقة ...
- ما تخافش خالص ... أنا مع حضرتك مش حسيبك خالص ..
إزداد تشبثًا بذراعها وهو يعيد توصيته إليها كمن يؤكد عليها ، ليظهر طبعه المتخوف ...
- بالله عليك يا بنتي ما تسيبيني ...
إبتسمت "شجن" برفق وهي تربت فوق كتفه ...
- حاضر ..
لم يكن بيدها حيلة سوى إنتظار سيارة الإسعاف لنقل المصابين لأقرب مستشفى مجهزة للتعامل معهم ، إلتفتت "شجن" نحو هؤلاء المتطفلين الذين إلتفوا حولهم ينهرونهم لتراخيهم بإسعافهم ...
- ما تشوفوا الناس دى ... إنتوا إيه مفيش فى قلوبكم رحمة ...!!!!
أخذت تدافع عن نفسها وعن زملائها فليس لهم حيلة بهذا المكان محدود الإمكانيات ، و لن تقبل أي ضغط آخر فيكفيها الضغوطات التي تمر بها ...
- لو سمحت بلاش تتكلم في الحته دي ... إحنا هنا مستوصف صغير مش مجهز لحادثة كبيرة زي دي ... وبعدين إحنا عملنا إللي نقدر عليه لحد ما تيجي عربية الإسعاف ....
وبرغم ضآله إمكانياتهم ومساعدتهم للمصابين قدر المستطاع إلا أنهم تلقوا توبيخًا شديدًا من قبل هؤلاء المتطفلين ...
ومع الشد والجذب بينهم كان الرجل مازال متشبثًا بـ"شجن" بصورة غريبة للغاية حين أردف وسط تألمه الشديد ...
- إنتِ وعدتيني مش هتسيبيني ..؟!
أجابته بوعد ...
- ما تخافش حضرتك أنا معاك .. ولو عاوزني أروح معاك المستشفى كمان أنا ممكن آجي معاك كمان بجد والله ...
تهللت أسارير هذا الرجل وهو يطالعها ببعض الشك ...
- إوعي تسيبيني يا بنتي .. ده أنا ما ليش حد ... خليكِ معايا ...
بشعورها المتعاظم للمسؤولية شعرت بأن هذا الرجل يحتاج إلى أحد يطمئنه ويقف إلى جواره فيبدو أنه وحيد للغاية ، يتمنى أن يرافقه أحدهم ويهتم به ، لتجيبه بصدق ...
- أنا معاك ما تقلقش ..
رد بإمتنان شديد ...
- يا ريت يا بنتي يا ريت ...
وعدها له لم يكن وعد عابر تنهي بها تعلقه بها إلى هذا الحد بل كانت على إستعداد تام لمرافقته حتى يأتي بقية أهله أو يطمئن على حاله ...
بعد مرور بعض الوقت حضرت سيارات الإسعاف للنقل الثلاث مصابين إلى المستشفى لتصر "شجن" على مرافقتها هذا الرجل إلى المستشفى كما وعدته بعدما أرسلت رسالة إلى أختها "نغم" أن عليها العوده اليوم للبيت بمفردها وأن تطمئن والدتها عليها ...
❈-❈-❈
شركة بيكو للأدوية ...
يتشابه "رؤوف" مع إخوانه بأنه محب أيضًا للعمل ومجتهد به بالفعل ، خاصةً بهذا المجال الذي يُظهر تفوقه وتميزه ، وحينما يبدأ بالعمل يتناسى كل ما حوله مثله مثل والده وأخويه ...
بيوم عمل جديد تناسى "رؤوف" نفسه أثناء إستلام إحدى الطلبيات الخاصة بالأدوية لينهمك للغاية بكل تفاصيلها ، دنا بقُربه صديقه "حمدي" يسأله ....
- ما قلتش يا "رؤوف".... إنتوا خلصتوا موضوع العفش ...؟!!
إتسعت عينا "رؤوف" بتفاجئ كما لو أن الأمر مُحي تمامًا من رأسه ، ليضرب جبهته بكفه قائلًا ....
- يا خبر !!!! ... ده أنا نسيت موضوع العفش ده خالص ... من آخر مرة نزلت أنا و"نيره" ما إتفقناش حتى إن إحنا نكمل لف على المعارض إمتى ....
ضحك"حمدي" ساخرًا منه ليردف بإستهجان للامبالاة "رؤوف" ....
- دي زمان "نيره" هتولع منك هي هتعديها لك بالساهل ..
بهتت ملامح "رؤوف" حينما إنتبه للأمر ليقوس شفتيه للأسفل قائلًا ...
- طب كمل إنت بقى ... ورايا مكالمة تليفون من الآخر ... ألحق أشتري نفسي ...
ضحك "حمدي" لتخوف "رؤوف" من غضب "نيره" الذى لا ينتهي ...
- ماشي يا حَبُوب ...
أسرع "رؤوف" لخارج مقر الشركة لمهاتفة "نيره" التي لابد وأنها غاضبة للغاية لتناسيه الأمر إلى الآن ، بدأ حديثه معها بمزاح ليتخطى طبعها القاسي وغضبها الغير محدود حينما يخطئ ...
- "نيرو" حبيبة قلبي ... إنتِ فين يا عمري ..؟!! وحشتيني ...
حتى وإن كان يصطنع التودد واللطافة إلا أنها قابلته بإشمئزازها المستمر وتهكمها اللاذع ...
- إنت لسه فاكر ...!!! ده أنا قلت إنك خلاص ... صرفت نظر عن الجوازة أصلًا .. !!!!!
قالتها بسخرية من تأخره حتى الآن ، لكنه أجابها بلطافة و حديثه المعسول ...
- وهو أنا أقدر أعيش من غير "نيرو" ... أنا بس كنت بشوف أنا غالي عندك قد إيه يا روح قلبي ...
- لا والله ...!!!!!!!
خرجت منها بتعجب ساخر ثم أردفت مستكملة ...
- بقول لك إيه يا "رؤوف" ... إتعدل معايا بدل ما أعدلك ... علشان طريقتك دي ما بقتش تجيب معايا ...
- تجيب إيه بس حبيبتي .... ده أنا بتصل أطمن عليكِ ... وأقول لك يلا بينا ننزل و نكملوا مشوارنا علشان نختار العفش بتاعنا ....
تنهدت "نيره" بتملل ثم نطقت ببطء شديد ...
- ماشي يا "رؤوف" ...
شعر "رؤوف" بأنه في معضلة كبرى لتناسيه الأمر ليحاول تداركه باسلوبه اللطيف ....
- خلاص بقى يا "نيرو" أشوفك بالليل تمام ...؟!!
- مستنياك ...
قالتها بعجالة لتنهي المكالمة سريعًا ، بينما وضع "رؤوف" هاتفه بجيب سترته وهو يتساءل بغرابة ، لما قد تناسى هذا الامر الذي لابد وأنه هام بحياة أي شاب ؟!! لم ليس مهتمًا من داخله بهذا الأمر ...؟!! لم يصطنع الإهتمام بخلاف ما يشعر به من داخله ...؟!! فكل ما يتعلق بحياته مع "نيره" يتسم بالفتور ، لا يشعر بالحماس بالمرة للبحث عن أثاث مناسب لبيتهم السعيد ... لماذا ليس متشوقًا .. سعيدًا لوجوده مع "نيره" بذاتها .. ؟!!! ، لم يشعر بأنه متخوف من رد فعلها عن كونه يحبها ويسعى لإرضائها ...؟!!
هكذا تساءل بداخل نفسه ليطلق زفيرًا قويًا قبل أن يعاود عمله لكن من دون إجابة مقنعة بداخله ....