رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش الفصل 2 - 3 - الجمعة 29/11/2024
قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية طُياب الحبايب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رضوى جاويش
الفصل الثاني
3
تم النشر الجمعة
29/11/2024
أشار حبيب لها ولمرافقها، الذي لم ينطق حرفا واحدا تاركا لها زمام الأمر، ليتبعاه صوب باب السراي، سارت خلفه في توجس تتطلع نحو خطواتها تارة، وعيونها تجول في المكان برهبة تارة آخرى، سقطت عيناها على الزوايا وذاك المبنى العتيق المسمى سراي وناسة.. تطلعت لنوافذه المميزة الشكل وأعمدته الفخمة، وقبته الفريدة من نوعها.. لا تعلم لما خبت نيران حنقها فجأة ما أن وطأت أقدامها أول خطواتها داخل هذه البوابة الحديدية العتيقة، التي كانت أشبه ببوابات القلاع القديمة، شيء ما تسرب نحو دواخلها في بطء حذر، حتى احتلها تماما، شعور عجيب بأمان مطلق جال في براح صدرها، وراحة مفرطة عمت روحها، وكأنها زارت هذا المكان سابقا، ولها فيه من الذكريات، ما جعلها تستشعر ذاك الاحساس الغامر بالألفة، وهي على يقين تام أن قدميها ما وطأت هذا المكان من قبل، ولا زارته حتى في أحلامها.. فهي في الأصل، لم تكن تعلم من أسبوع واحد خلى بوجود هذا المكان، ولم تعرف بوجود مكان يدعى نجع الرسلانية من قبل..
انتبهت حين هتف حبيب مرحبا: شرفتوا، بس أني لسه معرفتش مين حضراتكم، حتى نعرفوا مع مين بنتكلم..
أكدت في نبرة واثقة: هنتعرف أكيد يا حبيب بيه، بس يا ريت نكون في مكان مقفول ولوحدنا..
رفع حبيب حاجبيه متعجبا لجرأتها، ما دفعها لتصحح ما وصله، مفسرة في غيظ: أنا وممدوح..
طلت ابتسامة خفيفة على شفتي حبيب لمحتها دون جهد، وزاد غيظها من ذاك الرجل القادر على إشعال غضبها دون جهد يذكر، وهو يتطلع صوب ممدوح مؤكدا في نبرة مرحة: شرفتنا يا أستاذ ممدوح، أهو اتعرفنا على واحد، يا مسهل..
وتطلع صوبها مشيرا نحو باب المندرة الخارجي الذي يعفيهم من الدخول لقلب السراي، ليجتمعوا أخيرا تحت سقفها مغلقا حبيب باب المندرة حتى لا يقاطعهم مخلوق، قبل أن يعرف كنه هؤلاء الغرباء الذين يستشعر بحدسه أنه سيكون لهم شأنا خاصا معه..
جلسوا متحلقين حول مائدة خشبية صغيرة من الارابيسك القيم المتقن الصنع، وتطلعت في أرجاء المندرة مدركة أن ذوقها راق على الرغم من وجودها في مكان كهذا، سراي قديمة تكاد تكون أثرا معماريا في قلب الصعيد!! داخلها هذه الغرفة التي تنضح بأصالة وذوق رفيع قلما يجتمعا في مكان واحد! أي عبث ذلك!
تطلع حبيب نحوهما، وقد جلس كلاهما صامت غارق في خواطره الخاصة، حتى أنه ابتدرهما متسائلا: ها، أدينا بجينا لحالنا، ممكن أتشرف بحضراتكم!
هتفت في صوت ثابت النبرة، تتطلع لحبيب بنظرة ثاقبة في محاولة لقراءة ملامحه حين اعلانها اسمها: أنا الدكتورة أُنس الوجود نجيب الحراني..
انتفض حبيب داخليا، رافعا رأسه متطلعا بنظرة ثاقبة نحو تلك الجالسة في هدوء ظاهري، وقد كانت تدرك تماما ما قد يفعله ذكر اسمها أمامه، ما جعلها مترقبة لردة فعله، ظنه ذاك دفعه ليبدو لامباليا، متظاهرا بالسيطرة على دواخله المضطربة، هاتفا في ثبات يُحسد عليه: يا مرحب..
استطردت أُنس في هدوء، وهي تشير لممدوح: وده الباشمهندس ممدوح علام، صديق العيلة..
همس حبيب ساخرا: صديق العيلة!؟ تشرفنا..
تطلعت إليه والحنق يغمر نفسها، فقد توقعت ردة فعل أكثر من تلك، وكأنه ما أقام لحضورها وزنا، لكنها ما أبدت إلا اللامبالاة .. استطرد حبيب لتتنبه: شرفتي يا أُنس هانم! و...
قاطعته أُنس مؤكدة في نبرة متغطرسة: تقدر تناديني ب دكتورة..
سأل حبيب في فضول ساخر: داكتورة! ما شاء الله، في تخصص ايه بجى!؟
أكدت في فخر: لا أنا مش دكتورة بشرية، أنا دكتورة جامعية، لسه بحضر ماجستير في الفلسفة.. بس تقدر تناديني بدكتورة باعتبار ما سوف يكون..
هز حبيب رأسه متفهما، متجاهلا طلبها عمدا، هاتفا في هدوء: ع العموم شرفتي يا أستاذة أنتِ وصديج العيلة..
ضايقها تجاهله لطلبها، ولفظة أستاذة تلك، متعمدة ذكر سبب زيارتها هاتفة: أنا جاية عشان..
قاطعها حبيب في حزم: برضك يا أستاذة يبجى فيه كلام على أي حاچة من جبل ما ترتاحوا، الراچل الغريب ده يجول علينا ايه! مبنفهموش ف الأصول!
نطق ممدوح للمرة الأولى مؤكدا: لا أبدا، إحنا جايين لهدف محدد، يا ريت ننجزه بسرعة ونمشي لأننا سايبين ال...
قاطعته أُنس قبل أن يسرد له جميع الظروف، التي لا ترغب في ذكرها قبالة ذاك المتغطرس الذي يحدثهم وكأنه حكم الأرض ومن عليها، هاتفة في عجالة: أيوه الصراحة إحنا مستعجلين وجايين لهدف محدد وماشيين على طول..
نطق حبيب في هوادة: ماشي، بخاطركم، بس على الأجل غيروا هدومكم المصمغة بالسواد دي، واغسلوا وشوشكم المهببة، وكلوا لكم لجمة زينة وبعدين نشوف...
اندفعت أُنس صوب إحدى الواجهات العاكسة لإحدى النوافذ، متطلعة لصورتها وقد راعها ما رأت، كانت أشبه بامرأة خارجة لتوها من قلب الدمار بهذا الشعر المشعث، على الرغم أنه ولله الحمد ما زال محتفظا بربطته المحكمة على هيئة كعكة خلف رأسها، ووجهها المصبوغ بالسواد بعدة مناطق متفرقة، لحظتها أيقنت أنه على حق، لكن ما كانت لتعترف بذلك وخاصة حين صدر منها نظرة جانبية صوبه، مدركة أنه كان يمسك ضحكاته على حالها هي وممدوح، وتعجبت أنه على الرغم من وجوده بقلب الحريق إلا أنه ما كان بذاك السوء مظهرا، فهي ما كانت تدرك أنه غسل وجهه وكفيه من أثر الدخان والرماد قبل أن يعتلي صهوة جواده ويعود أدراجه حتى لا تراه جدته بهذه الحالة فتجزع، كان يريد أن يدلل لها على أن الأمر بسيط لا يستحق الجلبة، وأنه انتهى بلا خسائر تذكر.. وكانت هذه الحقيقة لحد كبير، فلولا الإسراع في إخماد النيران قبل انتشارها لكانت الشونة بكل محتوياتها في خبر كان..
هزت أُنس رأسها موافقة إياه الرأي دون أن تنبس بحرف، ما دفع حبيب ليشير لباب جانبي آخر، مؤكدا في نبرة اختلفت كليا، تحمل في طياتها ترحيب ظنته سخرية لولا ذاك الصدق الذي نضح منه: اتفضلوا، هوصلكم المضيفة ترتاحوا فيها، وبعدها يبجالها يا أستاذة.. وكمان يكون چه الميكانيكي ونشوفوا العربية ايه فيها!
هزت رأسها موافقة، وهي تتبعه وممدوح لخارج الباب الذي لم تنتبه له من موضعها، ليجدوا أنفسهم بمنطقة ما من خلف السراي تفضي لبراح واسع، نادى حبيب بصوت جهوري على شبل، ثم تذكر أنه أرسله لإحضار الميكانيكي، ما دفعه ليبدل النداء هاتفا باسم امرأة حضرت في عجالة من غرفة بعيدة متطرفة بآخر الحديقة، كانت تهرول وهي تمسح كفيها من بعض الدقيق العالق بهما، بجلبابها الأسود الفضفاض، ملبية في عجالة : ايوه يا حبيب بيه، آمر!
أمر حبيب: طلعي شنط الأساتذة من العربية اللي بره السراي على أوض المضيفة، وخليكي مع الأستاذة لو عازت حاچة تاچيها طوالي..
هزت نبيهة رأسها في طاعة، وهمت بالتحرك وهي تبرطم ببعض الكلمات المعترضة على كل تلك المهام الشاقة التي يوكلونها إليها، بجانب الاهتمام بالاعداد لحفل عقد القران ومتطلباته، ما دفع حبيب لسؤالها في نبرة تهديدية: إيه في يا نبيهة!؟
تنبهت مؤكدة، وقد استحالت سحنتها المقلوبة إلى آخرى بشوشة في لمح البصر، هاتفة في سعادة: فيه السعد كله يا بيه، أكيد البيه والهانم من معازيم الفرح، ربنا يكتر الأفراح..
ثم أطلقت زغرودة عالية مجلجلة، واندفعت تلبي أوامر حبيب مهرولة، ما دفع الضحكات لتعلو من ممدوح وكذا حبيب على أفعال نبيهة المجنونة، بينما ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجه أُنس في رزانة، قبل أن تعود نبيهة حاملة الحقائب، ليتبعها أُنس وممدوح في هدوء.. ونظرات حبيب في أعقابهما تحمل الكثير من التساؤلات..
❈-❈-❈
الطرق على الآنية النحاسية جذب انتباهه لينظر صوب موضع وقوف زفراني، الذي كان يدق على أنيته المدلاة من رقبته بخيط سميك في عشوائية محببة، وهو يشدو بصوت جهوري:
نفدت من الرصاصة وصابني كحل العين..
عشطان يا صبايا، دلوني على السبيل..
ابتسم لكنه امتعض قليلا حين رأي أحد الصبيان الذي بالكاد بلغ الثانية عشرة، يرقص على الطرق مهللا، فما كان منه إلا مناداته: واد يا سالم، خد تعال!
انتفض سالم ما أن وعى للنداء، واندفع متوجها صوب موضع حبيب ملبيا: نعم يا حبيب بيه!
سأله حبيب معاتبا: ايه اللي بتعمله ده!
أكد سالم مضطربا: مفيشي، اهو بتحنچللي شوية.
أكد حبيب في حزم: مفيش راچل بيتحنچل.
هتف سالم معترضا: اهو بنرجصوا ونسلوا نفسينا شوية يا بيه!
تطلع حبيب صوبه متسائلا في حزم: وهو اللي بتعمله ده اسميه رجص، ده رجص غوازي ميلجش بك وأنت راچل، ما هو كلنا بنرجص بالعصا ساعة الفرح، بس رجص ميجلش من هيبة الراچل، واعي للي بجوله يا واد.
هز سالم رأسه متفهما، ما جعل حبيب يربت على رأسه في محبة متسائلا، وقد بدل نبرة صوته لتصبح أكثر رخامة وودا: وأنت بجى فايت أمك وحدها ورايح على فين الساعة دي!
أكد سالم: رايح ع السرايا للشيخ محمود، عشان ألحج أحفظ على يده الربع اللي لازما اسمعه ع الشيخ محروج..
ضرب حبيب قفا سالم بخفة معاتبا: اتكلم زين عن شيخك يا واد، برضك ده كلام يتجال على اللي بيعلمك كلام ربنا!
هتف سالم حانقا: ما هو أصلك أنت مدجتش طعم الفلكة بتاعت الشيخ معتوج يا حبيب بيه، معلوم، إحنا بنتعيروا بِك، چنابك وأخوك الشيخ محمود، وانكم على طول حافظين، واحنا ولاد الصرم اللي مخاخنا كيف البهايم..
قهقه حبيب رابتا على كتفه: معلش، لازما برضك تحفظ، ومهما عمل ده شيخك، فاهم!
هتف سالم بعدم اقتناع: حاضر، أما ألحج أروح للشيخ محمود معدش فيا حيل للفلكة، والله بتنزل على رچلي نار كنها چهنم..
اتسعت ابتسامة حبيب، وهو يدفع سالم في رفق: طب روح لمحمود يحفظك يا خفيف، لتبجى جهنم دنيا وآخرة..
اندفع سالم مهرولا صوب السراي وهو يهتف فزعا: يا حفيظ.. أرحمنا يا رب..
قهقه حبيب على أفعال سالم المشاغبة وهو يقفز مبتعدا محاولا تفادي عقاب الشيخ معتوق المحمدي، شيخ نچع الرسلانية، والذي حفظ القرآن الكريم على يديه، كل أبناء الرسلانية لأجيال متعاقبة..
❈-❈-❈
سارت خلفه الممر المرمري الطويل في صمت لم يقطعه إلا خطوات أقدامهما الرتيبة على الأرض الرخامية الأنيقة، وصلا إلى باب المصعد لتضغط هي في سرعة زر استدعائه، تطلع هو نحوها متعجبا لفعلتها، هامسا بذاك الصوت الرخيم الذي يثير دواخلها: الاسانسير هنا..
تنبهت لصدق ادعائه عندما فُتح باب المصعد في الثانية اللاحقة، لتدرك مدى حمقها حتى تتوه في خيالاتها وهي بقربه، تلك الخيالات التي قدر توردها مورد التهلكة وهي بحضرته..
لم تعلق إلا بالصمت الخجِل، ليدخل المصعد وهي في أعقابه، لحظات مرت شعرت فيها بحضوره الطاغِ يشمل كل حواسها، ويسيطر على كل خواطرها، هي تذوب حرفيا في حضرة ذاك الرجل البارد كما الثلج، والمتقد كما نار الجحيم.. والغافل عما يفعله وجودها بقربه، كغفلة أصحاب الكهف..
لحظات يومية، تتكرر بشكل أصبح أقرب للملل والرتابة، لكنها أبدا ما ملت ولا شعرت لحظة في قربه بتلك الرتابة، بل على العكس تماما، في كل يوم تتعلق أكثر بحبال هوى ذاك الرجل الذي ما أدرك ولو صدفة، كم تهيم به تلك الحمقاء، التي تتبعه كظله كل تلك السنوات!
دخل لمكتبه وكعادته الصباحية طلب فنجان قهوته المضبوطة، جالسا على كرسيه موليا ظهره لها ولكل تلك الدفاتر على سطح المكتب، متطلعا نحو المجهول عبر تلك النافذة الزجاجية الضخمة التي تكشف له المدينة بكل معالمها من هذا الارتفاع الشاهق، مشعلا غليونه، سارحا عبر دخانه إلى اللاشيء، أو ربما محدقا في سطور الماضي إلى أمر لم يكن لتعلم به، وكيف لها ذلك وهذا الرجل الذي يملك القلب ويأسر الروح يغلق سراديب حياته بكل ما يمكنه من قوة، مخافة عثور أحدهم على مفتاحه، فتكون في ذلك عواقب لا يحمد عقباها..
دخل الساعي بزيه الرسمي واضعا فنجان القهوة موضعه المعتاد وغادر بلا كلمة واحدة.. أما هي فظلت على حالها، جالسة بركنها حيث اعتادت في انتظار أوامره التي ما تأخرت.. فقد هتف دون أن يستدير نحوها أمرا: هاجر، استدعي رؤساء الأقسام لاجتماع عاجل كمان ساعتين..
هتفت في نبرة رسمية، تخفي باحترافية اكتسبتها طوال سنوات عملها معه، كل ما تضمره من مشاعر تجاهه، مؤكدة: اعتبره تم يا نصير بيه..
خرجت من حجرة مكتبه من الباب الجانبي لتصبح في غرفة مكتبها الصغيرة الملحقة بغرفته مادة كفها نحو سماعة الهاتف لتبلغ رؤساء الأقسام بالاجتماع الموعود، وقد بدأت تزيح عن فكرها كل تلك الخواطر الشاعرية نحوه في محاولة للتركيز على عملها، فهي مع شخص حازم لا يقبل التهاون أو التقصير فيما يخص عمله مطلقا..
❈-❈-❈
جذبها ذاك الصوت الشجي المرتل للقرآن الكريم من موضعها على الفراش المرتب والنظيف على عكس ما توقعت، فقد جاءت إلى نجع الرسلانية وفي ذهنها أفكار مسبقة عن مكان موحش غير قابل لسكنى المتحضرين.. لا يسكنه إلا بعض الهمج فاقدي الأهلية الذين لا يحملون من القيم والمبادئ ما قد يرقى بهم لمرتبة التعامل المتحضر.. وعلى الرغم من ذاك الصدام مع كبير السراي منذ اللحظة الأولى.. إلا أنها تعترف أن المكان الذي تتطلع صوب ملامحه النضرة من نافذة حجرتها المنظمة مخالف تماما لذاك التوقع، وأدركت أن نظرتها للمكان وأناسه كانت بها الكثير من التحامل..
أرهفت السمع من جديد للصوت العذب، وتشجعت لتفتح باب حجرتها قليلا ليعلو الصوت القادم من مكان قريب.. سارت في خطوات مترددة نحو الموضع الصادر منه صوت التلاوة حتى وصلت عند باب إحدى الغرف، ترددت قبل أن تقترب من الباب في حذر، أدخلت رأسها في فضول لم يكن من عاداتها لتتعرف على صاحب الصوت.. كانت تعتقد في البداية أن الصوت قادم من إذاعة القرآن الكريم التي يفتحها أحدهم من المذياع، لكن ما أن اقتربت حتى أدركت أن الصوت الذي تسمع صوت حي لشخص موجود داخل هذه الحجرة التي وقفت على أعتابها مشدوهة من جمال التلاوة، حتى إذا ما انتهى هتفت في استحسان: الله.. ايه الجمال ده! صوتك يسحر..
انتفض محمود من موضعه، متسائلا في اضطراب: مين!؟...