رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 31 - 4 - السبت 23/11/2024
قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلب نازف بالحب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الواحد والثلاثون
4
تم النشر السبت
23/11/2024
صاحت بصوتٍ مشحون بالوجع، قبل أن تتابع بحدة تكاد تقطع الهواء:
_ "وأيوه أنا اللي موِّت أبنك! وحطيت لها الحباية في العصير."
تجمدت ملامحه للحظة وكأن صدمة كلماتها أحكمت قبضتها على أنفاسه بالرغم من أنه علي علم مُسبق، نطق بعجز:
_"أنتِ أي يا شيخة؟"
ضحكت، لكن ضحكتها كانت مريرة أكثر منها ساخرة:
_"أنتَ اللي أي؟ عاملي فيها دور البرئ المظلوم، وأنا الوحشة الظالمة لي؟ علي فكرة أنتَ تستاهل اللي حصلك، تستاهل؟"
نظر إليها وكأنها لغزٌ عجز عن حله:
_"أنت جايبة الحقد والسواد ده كله منين؟"
ابتسمت ابتسامة شاحبة، عيناها تلمعان بجنونٍ مكبوت:
"هه، حقد وسواد آه، علشان بأخد حقي منك، أبقي حقودة!".
قالتها بتحدٍ، وكأنها تلقي قنبلة وسط الغرفة..
_"حق أي أنتِ هتجننيني؟".
قالها" مراد" بصوت منخفض، كأن الكلمات تتعثر في حلقه. كان يجلس مشدوهًا أمامها، يداه لا تزالان متشابكتين، وعينيه مشدودتين إليها بألم لم يكن يستطيع كبحه، أكمل بغضب:
_"أنت بتوهمي نفسك بتكدبي الكدبة وتصدقيها يا نانسي، فوقي بقا؟"
فجأة، شعرت بطنين في أذنيها، وعيونها كانت تُرى كأنها مليئة بالدموع، لكنها لم تسمح لأي منها أن تسقط، أجابته بنبرة ثابتة:
_ "تعرف أنا مش ندمانة علي أي حاجة أنا عملتها، وبقولك أهو أنا اللي عملت كل ده وكنت مستعدة أعمل أكتر كمان!".
قالتها وهي تتقدم خطوة أخرى نحوه، عينيها بها لمعة جنون، هز رأسهِ نافيًا لا يستطيع التصديق، يهتف:
_"أنتِ محتاجة تتعالجي يا نانسي!"
ضحكت بمرارة، كأن سخريتها تملأ المكان تقول بنبرة عابثة:
"صح أنتَ صح محتاجة أتعالج.... وعلشان أدخل المستشفي أتعالج لازم أدخل لسبب مُقنع، يقدر يقنعهم إني فعلاً مجنونة ومحتاجة أتعالج.... أقتلك مثلاً... أقتلك زي ما قتلتني بدل المرة ألف وبدم بارد، خدعتني وكسرتني وكسرت قلبي، وعادي ماشي مكمل في حياتك ومبسوط، وبتنام عادي مرتاح الضمير، ولا كأن كان فيه كلبة ضحت بكل حاجه ورمت كل حاجه ورا ظهرها علشانك... علشان بتحبك!"
ابتلع ريقه بصعوبة، بينما عينيه تتسعان بدهشة وحيرة، يقول محاولاً تجنب نظراتها الثاقبة:
_ "بس أنا موعدتكيش بحاجة!"
بسُخرية لازعة أجابته تصيح بأنفعال شديد:
_" جُملة خايبة بتنيم بيها ضميرك وبس، لكن من جواك عارف ومُتأكد أنك وعدتني... ".
قالتها بنبرة حادة، والعينان اللتان تراقبان كل حركة منه تتنفس بعمق وتبدأ في الحديث، وكأنها تخرج كل كلمة من صدرها بوجع متراكم، عيونها مليئة باللوم والعتاب:
_" أنك تجي تقولي أنا بعتمد عليكِ فكل حاجة يا نانسي ده مش وعد، أنك تأخد رأيي فالكبيرة والصغيرة فحياتك ده مش وعد، أنك لما تسمع أن فيه حد أتقدملي كنت تتجنن ده مش وعد؟ أهتمامك بيا طول السنين دي ده مش وعد؟ كلامك اللي كله بيلمح إني مهمة في حياتك ووجودي مهم ده مش وعد؟...".
كان يستمع بذهول، يشعر بأن كل كلمة تضربه في أعماقه، يريد أن يبرر، لكن الكلمات لا تخرج من فمه. يقف أمامها عاجزًا، يشيح بنظره بعيدًا كأن نظراتها تحرقه. تابعت بحدة، يعلو صوتها وكأنها تلومه وتلوم نفسها في نفس الوقت.
_"هتقولي أنا كنت بعمل كل ده بحُسن نية وأنك بنت عمي اللي متربيين سوا لازم أعاملها كده... هقولك كداب، أنتَ كنت عارف إني بحبك، على الأقل كنت خلي بينا حدود أكتر من كده، أتعامل معايا زي أي أتنين ولاد عم عاديين، علشان متعلقنيش بيك أكتر..."
كان يحاول أن يجد الكلمات، يفتح فمه لكن لا يخرج أي صوت، يشعر أنه محاصر، تائه، ولا يعرف كيف يواجه الحقيقة. تلتفت بحدة وتتابع، عيناها تمتلئان بالدموع لكنها تتماسك، لا تريد أن تبكي، تريد أن تحافظ على صلابتها أمامه:
_"مجتش في مرة فكرت أن أفعالك وطريقتك معايا دي ممكن أنا أفهمها غلط لأن متزفتة بحبك وبشوف أي حركة منك بصورة تانية علشان بحبك وعلشان أنا عايزة كده، لي علقتني معاك كل السنين دي لي؟ أنتَ أناني أناني أوي يا مُراد..."
شعر بثقل الكلمات عليه، عينيه تتجه إلى الأرض، يشعر بالخجل والذنب في آنٍ واحد، يعجز عن مواجهة نظراتها، يتنهد بصوت خافت ويقول بنبرة ضعيفة، وكأنه يحاول التبرير:
_"بس أنا مكنتش أعرف أنكْ بتحبيني!".
ضحكت بمرارة ومُقتربة منه أكثر، تنظر إليه بنظرات ساخرة تفيض بالوجع، تحرك رأسها بتردد، وكأنها لا تصدق أنه يقول ذلك الآن:
_"كدب! أي تبرير هتقوله دلوقتي كدب، يمكن آه أنا مجتش قولتلك صراحةً أنا بحبك يا مُراد... بس أفعالي، أفعالي كانت بتقولك أنا بحبك..."
تنهدت بوجع، تقبض يدها على صدرها وكأنها تحاول أن تخرج ألمها المكبوت:
_"عمرك جيت سألت نفسك لي نانسي لحد دلوقتي قاعدة من غير جواز؟ ليه بترفض أي حد يتقدم لها من غير ما تشوفه ولا تعرفه أصلاً، وأظن كنت عارف قد أي أنا رفضت ناس كتيرة!.... مسألتش نفسك لي نانسي رامية كل حاجه وواقفة جمبي في كل خطوة؟ سايبة حياتها وسايبة عُمرها بيضيع فالهوا علشان أي؟..."
نظرت إليه بنظرة مليئة بالعتاب، عيناها تلمعان بالدموع، لكن كبرياءها يمنعها من الانهيار تابعت بمرارة:
_"نانسي لي بتهتم بكل صغيرة وكبيرة عني وعن حياتي، وبتعرف وتاخد بالها من تفاصيل أنا نفسي مش باخد بالي منها؟ نانسي ليه بتدعمني وبتساندي؟ ليه بتسعي أنها تكبرني في شغلي..."
رفعت رأسها بتحدٍ وكأنها تلومه على تجاهله لكل ذلك:
_"معقول محستش بأي حاجه من دول، للدرجة مجهودي مكانش باين؟ مكنتش بتشوف لمعة عيني وأنا شيفاك بتكبر وتعلي في شغلك، وأنا شيفاك ناجح في حياتك ومحقق كل حاجه بتتمنها، مكنتش بتشوف قلقي وخوفي عليك لو بس جالك دور برد؟ أنتَ ظلمتني، ظلمتني أوي وأنتَ مش واخد بالك، كسرتني وأنتَ مش واخد بالك، عملت كل حاجه وأنت مش واخد بالك..."
أغلق عينيه لحظة، يشعر بالذنب يتراكم عليه، وكأن كلماته لا تكفي لتبرير ما حدث. بعد صمت طويل، يفتح عينيه ويقول بوهن:
_"أنا ظالم وأبن ستين في سبعين...".
تخرج الكلمات من فمه بصعوبة، يشعر بالوجع والندم يمزقانه، لكنه فجأة ينظر إليها بغضب ويضيف بنبرة يائسة:
_"رضوى، الغلبانة دي ذنبها أي فكل ده؟ أنتِ أذيتيها جامد، أحتمال كبير أنها متعرفش تخلف تاني، أي مصعبتش عليك، طيب أنا وأستاهل وبتنتقمي مني هي مالها؟ ذنبها أي؟"
رفعت كتفيها بلا مبالاة، وتنظر إليه بابتسامة باردة مليئة بالمرارة:
_"أنا عمري مكان في جوايا أي كُره أو شر ليها، ولا مشكلة شخصية... بس ذنبها أنها خدتك مني، خدت حاجه مش بتاعتها!."
تنهد بمرارة، يهز رأسه وكأنه يحاول أن يوصل لها الحقيقة:
_"أفهمي بقا، أنا وأنتِ مكانش في بينا أي حاجة؟ أنتقامك قائم علي أُسس مش موجوده أصلاً؟!".
أخذت تهز رأسها بتحدٍ وكأنها ترفض قبول كلامه، ثم تتحدث بنبرة باردة:
_"ده بالنسبة لك أنتَ بس... تعرف، هي كمان تستاهل، عارف ليه؟ لما تروح ترميني ولا كأني كان ليا وجود في حياتك، وتروح تتجوز حتة عيلة يبقي هي تستاهل، عملتلك أي أكتر من اللي أنا عملته قدمت لك أي أكتر من اللي أنا قدمته، ضحت علشاتك بأي زي ما أنا ضحيت، علشان تفضلها عني..."
تتوقف للحظة، تأخذ نفسًا عميقًا، ثم تنظر إليه نظرة مليئة بالحزن والندم.
_"بعد كل اللي أنا عملته عشانك ده كنت أستاهل فالآخر أبقي معاك...".
نظر إليها بعجز، يحاول استيعاب كلماتها، لكنه يشعر بثقل الندم يجثم على صدره.
_"عملتلك أي يا مُراد؟ فضلتها عني لي؟ لي كسرتني بالطريقة البشعة دي؟..."
تنظر إليه بابتسامة مؤلمة، تكمل حديثها بصوت خافت، لكنه مشحون بالغضب:
_"بس تعرف أنا دلوقتي مبسوطة، مبسوطة وأنا شيفاك بتدفع تمن اللي عملته فيا حزن وقهرة علي أبنك! أنا معملتش كل ده علشان أنتقم منك، لا أنا عملته علشان أنتقم لكرامتي ولسنين عمري اللي ضيعتهم عليك..."