رواية جديدة راهبات الحب لهالة محمد الجمسي الفصل 43 - الخميس 7/10/2024
رواية رومانسية جديدة راهبات الحب
من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية جديدة
راهبات الحب
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل الثالث والأربعون
تم النشر الخميس
7/11/2024
ود وضعت الاطباق على المائدة، وفتحت نافذة المنزل، كانت تنظر عبر النافذة إلى البيت الخشبي الذي لا يزال إلى تلك اللحظة مغلق بالقفل التي وضعته عليه ، لم يعد سليم ليلة أمس، وهذا أمر حمدت الله عليه، كانت تشاهد عنان في الصباح يتفقد البيت الخشبي من الخارج، جلس على العشب أسفل الأرجوحة مدة ساعتين ثم عاد مرة ثانية إلى المنزل، فكرت ود قليل أن عنان ربما يستعيد بعض من ال ذكريات هناك، أنه يعلم جيداً أن سليم ليس هناك، لم يسألها هل هي من أغلقت البيت بالقفل؟ أو هو سليم؟ لم يغادر عنان المنزل، اكتفى بالتحدث مع طارق في عدد من أمور الكافيه، قامت ود بالنداء عليه:
ـ تعال يا بابا الغدا جاهز٠
ألقى عنان نظرة على الطعام، كانت معدته لا تشتهي الطعام، بعض الأفكار المزعجة تغلق الشهية إلى وقت غير معلوم، ثم قال وهو يجلس على مقعد إرضاء ل ود:
ـ كان نفسي اوي في شوربة خضار٠
ود نظرت له في شفقة وجهه كان شاحب، واسفل عينيه ارق، هذا يعني أنه لم ينال قسط من النوم الوافر الليلة الماضية أو ربما الليالي الأخيرة الماضية، لقد انطفيء جزء كبير من البيت، هذا ما تشعر به ود، الحزن يظلل المنزل،
والنفوس كذلك، ولعل كل منهم قد اكتسب من الآخر الكآبة ، راقبت ود عنان الذي اكتفى عنان بتناول ثلاث ملاعق من الشوربة ثم نهض من مكانه مسرعاً وقال:
ـ هاقعد في الجنينه شوية٠
رفعت ود الاطباق من المائدة، هي أيضاً فقدت شهيتها، قالت في صوت منخفض:
ـ هاخلص غسل الصحون واجي اقعد معاك٠
التقط عنان الجريدة اليومية وغادر في إتجاه
الحديقة، ود وضعت الاطباق في الحوض
وغسلتها جيداً مرات ومرات، ثم جففت يدها
بمنشفة وخرجت إلى الحديقة حتى تنضم إلى عنان، صرخة فزع ألقتها
ود وهي تشاهد عنان ملقى على وجهه أعلى العشب المبلل والجريدة بعيداً عنه، أنها لم تسمع صوت الارتطام كيف حدث ومتي؟ اغلب الظن أن عنان فور خروجه حدث هذا، لملمت شتات ذاتها ثم اتجهت
إلى جسد عنان وهي تتحدث له:
ـ بابا بابا اي اللي حصل؟
رفعت رأسه قليلاً عن العشب ثم قالت وهي تحاول أن تجعله يستعيد الوعي:
ـ بابا أنا ود رد عليا٠
وضعت أذنها على قلبه استمعت إلى النبض الذي يخفت، ثم ضمته إلى صدرها وقالت:
ـ علشان خاطري يا بابا رد عليا٠
لحظة أدركت أنه لن يستجيب ويجب تسابق الوقت، قامت على وضع عنان جانباً ثم أسرعت الخطى إلى الداخل التقطت الهاتف المحمول، وركضت مرة ثانية إلى عنان، ضغطت على رقم الإسعاف الخاص بمستشفى خاص قريب منها وجلست إلى جواره، وضعت رأسه على قدمها، وحين استجاب الرنين لها صرخت في عنف:
ـ حالة حرجة في شارع الزهور نمرة ستة٠
ظلت تتحدث الى عنان وهي تبكي في شدة وجسدها يرتعش:
ـ علشان خاطري يا بابا أنا ماليش غيرك٠
ولكن عنان لم يفتح عينيه، لم يجيب نداء ود، لم يستمع إلى صوت ود، مما جعلها تشعر بقلة حيلتها وضعفها وهزيمتها أيضاً في تلك اللحظة، ولم يكن هناك ما تملكه سوى الدموع والدعاء مع الانتظار
كانت هي شاكرة إلى سيارة الإسعاف التي لم تتوانى في الحضور في خلال ثلاث دقائق فقط، تم وضع عنان على السرير المعدني الصغير، ورغم تحفظ الممرضين على وجود ود في سيارة الإسعاف، و لكن الطبيب الذي حضر كان يقوم بالسؤال عن بعض الأمور الخاصة بالحالة الطبية التي عليها عنان:
ـ هو مريض ضغط؟! في اي امراض مزمنة عنده؟؟
ود وهي لا تتوقف عن البكاء:
ـ لا، لا، بابا مكنش بيشتكى من أي حاجة٠
ثم أمسكت اصبع يد عنان، وتنظر إلى وجهه، قال الطبيب وهو يضع السماعة على صدره ثم نظر إلى ود قائلاً وهو يضع جهاز التنفس على صدر عنان:
ـ متقلقيش٠
فور أن وطأت سيارة الإسعاف المستشفى، حتى تحدث الطبيب إلى بعض الممرضين أن يتم تجهيز غرفة العمليات، في حين أسرعت ود خلفهم، توقفت أمام غرفة العمليات حين تحدث لها أحد الموظفين التابع إلى المستشفى قائلاً:
ـ لو تكرمتي، اتفضلي على الاستقبال علشان في اجراءات اللي لازم تتعمل، بياناتك وبيانات المريض والتأمين و الفيزا بتاعت اي حد فيكم لازم تكون موجودة ف الاستقبال٠
نظرت ود إلى الموظف دقيقة، قبل أن تستوعب كلماته جيداً وتفهم ما هو المطلوب منها، ثم هزت راسها في استسلام تام، ضغطت جهاز الهاتف المحمول على رقم هاتف طارق، حين لم يجب تركت له رسالة قالت في صوت به لهجة توسل:
ـ طارق أنا دلوقت في مستشفى الشفاء اللي في تقاطع واحد قريب من البيت، بابا عنان هنا، محتاجة مبلغ كبير، مش عارفة هو كام، بس مبلغ يكون كبير، علشان احطه في خزنة المستشفى، أنا عايزاك تيجي اول ما تسمع الرسالة٠
أغلقت الهاتف ثم نظرت إلى الموظف وقالت:
ـ أنا مش هقدر اروح البيت غير لما أطمن على بابا، في حد هيجي دلوقت ويجيب المبلغ بزيادة كمان ٠
الموظف قال في أسلوب تفهم:
ـ أنا مقدر والله ظروفك وأنت في أي، بس لازم بياناتك تتملى هناك في الاستقبال، علشان لما يجي الشخص دا يقول دا في حساب حالة المريض::::
انهمرت الدموع من عين ود في غزارة وهي تقول في صوت يملئه الحزن والحسرة :
ـ عنان، حالة بابا عنان، ٠
أشار لها الموظف في رفق:
ـ دقيقة واحدة بس املي البيانات فيها، هو كدا كدا في العمليات يعني مش هيخرج في الوقت دا، والاستقبال مش بعيد،
عايزك تطمني الدكاترة هنا كفاءة وان شاء الله خير٠
ليت
ليت العمر يقتسم
بيني وبينك
فأعطيك نصفه
ونتقاسم العمر
أو فلتاخذ أنت عمري
فلتأخذ أنت كل شيء
فلقد أعطيتني مسبقاً
العمر السعيد والعطاء الكبير
أعطيت لي كل شيء
وجعلت بيني وبين
الحرمان سد
أتكئت على ساعديك
في ضعفي
ومنحت لي من السعادة
زخات وزخات
وجعلت لي قصور من بهجة
وأمطار سعد
خلقت لي حياة
بعد أن كنت هناك
في طرقات الحياة
أتخبط مع روح شاردة
فجعلت لي من الرشد
طريق وكنت لي عون
اذا كسر جناح طائر
كيف يحلق في سماء
الكون
كيف؟؟
من قال لك ؟
اني سوف احيا بعدك
هل بعد الأب يحي عزيز النفس؟!
وإذا كانت تلك هي النهاية حقاً
فلتأخذ يدك يدي
فلقد زهدت الحياة
منذ تلك اللحظة
التي هجرت فيها الناس
أبي
ابي عنان
أنا حقاً في حاجة إليك
لا تزال الأيام في حاجة إليك
إن العمر كله فداء لك
ود& عنان
أعطت ود بيانات عنان إلى موظفة الاستقبال، ثم عادت مرة ثانية أمام
غرفة العمليات، صوت إحدى الممرضات وهي تنطق اسم عنان جعلها تدرك أن هناك من يسأل عن حالة والدها، لم ترفع رأسها في إتجاه الصوت
ولكنها استطاعت أن تميز الخطوات التي تهرول في اتجاهها إلى أن توقفت أمامها مباشرة
❈-❈-❈
خفق قلب نهال في قوة وهي تستمع إلى صوت منيب وهو يدخل إلى منزلهم حاملاً باقة من الورد مع علبة شيكولاتة
ويهتف في صوت يكاد يكون مسموع
ـ مساء الخير٠
صوت خطواته وهي تدخل الى المنزل، ويتجه إلى غرفة الصالون في حين دخلت توحيدة إلى غرفة نهال وقالت في صوت حاسم:
ـ هندخل أنا وأنت بعد شوية، مش دلوقت خالص، بابا عايز يتكلم معاه٠
لم تجب نهال اكتفت بهزة من راسها وهي
تريد من الدقائق أن تمر سريعاً حتى تستطيع ان تشاهد منيب وهو إلى جوار والدها
( منيب وصفوان)
نظر صفوان إلى منيب ثم قال:
ـ أهلا بيك يا منيب نهال اتكلمت كتير عنك انك شاب مكافح، وراك مسئوليات كتير، وقالت كمان انك شخص كويس جدا ٠
منيب نظر إلى صفوان ثم قال:
ـ كلام نهال عن المسئوليات حقيقي أنا مسئول عن اخواتي البنات وأمي من وأنا في مرحلة اعدادي والدي اتوفى وبقيت أنا رب البيت ومسئول عنهم٠
صفوان في هدوء:
ـ وعمر اخواتك البنات إد اي؟ وعددهم كام؟
منيب في سرعة:
ـ البنتين لسه في التعليم الكبيرة في اولى ثانوي والصغيرة تانية اعدادي٠
صفوان نظر له في مكر ثم قال:
ـ طيب مش شايف أن الخطوبة من نهال عبء عليك ومسئولية زيادة؟؟ وأنت بتقول أن عمر اخواتك البنات لسه في مراحل التعليم٠
منيب قال وهو ينظر إلى صفوان في هدوء:
ـ أنا هتكلم معاك زي والدي لما كنت بتكلم معاه زمان، نهال الحب الوحيد اللي في حياتي، يعني واحد زي لاقى نفسه مسئول عن بيت وأم واخوات من وهو مراهق، خلى الحاجات دي بعيدة عن دماغه مافيش وقت للمشاعر، وقت الجامعة كنت عايز انتهى علشان اشوف وظيفة اخفف بيها الأعباء عني شوية، ولما اتعرفت على نهال منكرش أن وجودها في حياتي كان حافز ليا علشان اعيش وأنا معايا امل، أن كل حاجة هتكون احسن، أنا عارف أن أنا لسه في البداية لسه في أول الطريق، ودا شيء ممكن كل أب يشوف أن بنته تستحق الاغني، ممكن مبقاش اغني واحد، بس هاكون قادر احتويها كويس اوي وأحافظ عليها وعلى بيتي وعلشان هي اختياري عمرها ما هتكون عبء، واوعدك لو تم ارتباطي ب نهال أنها تكون سعيدة معايا٠
طرقت توحيدة الباب في تلك اللحظة،دلفت إلى الغرفة في سرعة دون نهال، نظرت إلى صفوان ومنيب ثم قالت:
ـ نهال كانت عايشة هنا في مستوى معين، وأنا مش عايزاها تقل عن المستوى دا٠
صفوان قال وهو ينظر إلى توحيدة ثم إلى منيب:
ـ الارتباط والجواز ببختلف من جيل ل جيل ، والايام دي كل ام وكل اب عايزن الراحة لأولادهم٠
منيب أعقب في هدوء
ـ ومحدش يقدر يلوم اي أب او ام على تفكيرهم، اكيد افكار الأجيال بتختلف وكمان افكار الشباب بتختلف، أنا جيت النهاردة علشان اثبت حسن نيتي ليكم، وعلشان وعد قطعته على نفسي من اول ما اعترفت ليها بمشاعري، يشرفني اني اطلب اايد نهال، الشقة اللي أنا عايش فيها ملك، وهي دي اللي اقدر أقدمه ل نهال سكن في الوقت الحالي، ووظيفتي هتوفر لي دخل ثابت معقول، اقدر اجيب شبكة متوسطة في خلال كام شهر والجواز بعد سنتين ٠
سادت لحظة صمت بين الجميع في حين قال صفوان:
ـ طيب ادينا فرصة نسأل عليك٠
نظرت له توحيدة في غضب في حين قال صفوان:
ـ فين واجب الضيافة؟
نهضت توحيدة من مكانها، كانت نهال تقف في المطبخ وقد أعدت صينيه فطائر مع عصائر قالت توحيدة في لهجة استنكار:
ـ هو دا اللي انت عايزاه؟
لم تجب نهال فقط قالت وهي تحمل الصينية وتتجه إلى غرفة الصالون:
ـ يا لا ماما علشان ندخل سوا زي ما اتفقنا مع بابا٠
تقابلت عين نهال ومنيب نظرت أعينهم
مثل سؤال وجواب
هل انت بخير؟
أجل إلى جوارك كل الخير
ـ لا تقلق يا عزيزي
إن خسرنا الجولة الاولى
لا يزال هناك الكثير من الطاقة لا يزال هنا الحب في قلوبنا يجعلنا نقاتل، أنها معركتي أنا وأنت٠
ـ أنت إلى جواري، هذا يعني أن النصر جواري وأنا الفائز٠
ـ كن بخير٠
ـ ظلي على حبي وسأكون بخير٠
بعد أن غادر منيب قالت توحيدة:
ـ يعني اي تسأل عليه؟
هتف صفوان في لهجة حاسمة:
ـ توحيدة مش عايز كلام دلوقت٠
صمتت توحيدة بلعت كلماتها وغضبها، دلفت نهال إلى غرفتها وأغلقت الباب خلفها، هي لا تريد مشاحنات مع الام، صفوان جلس في إحدى الزوايا، بعد قليل جلست توحيدة إلى جواره:
ـ يعني اي تسأل عليه؟ انت اقتنعت بالشاب دا؟
صفوان نظر إلى غرفة نهال المغلقة ثم قال:
ـ و الله الواد مكافح ومحترم٠
أعقبت توحيدة في لهجة ساخرة:
ـ طيب ما هو كل اللي اتقدم ل بنتك نهال محترمين٠
صفوان قال في صوت منخفض وهو غارق في التفكير:
ـ بس هو مميز عنهم كمان تعرفي دا؟
شهقت توحيدة في استنكار، ثم خبطت بد على صدرها وقالت:
ـ كمان مميز ؟! هتقولي علشان بيحب نهال؟ مش كدا؟
ابتسم صفوان وتابع:
ـ لا يا توحيدة، علشان أكد لي انه مش هيتخلى عن اخواته وأمه، وأنا لو وافقت على منيب، هوافق علشانك انت قبل ما يكون عشان نهال عايزة كدا ٠
استنكرت توحيدة في غضب:
ـ علشاني أنا؟! لا أنا رافضة و بالثلث كمان، متقلش علشاني٠
نظر صفوان لها في شفقة ثم قال:
ـ اللي يحافظ على الأمانة يا توحيدة، يحافظ عليك، الشاب دا أكد لي انه مش هيتخلى عن اخواته ولا عن امه، شايل المسئولية ومش كالل منها ولا بيشتكي، بالعكس حاطط نهال أنها كمان مسئولة منه لأنه وعدها، جه لحد هنا وهو لسه في أول الطريق علشان يوفى بوعده، بنتك وحدانية وأنا كمان ماليش اخوات ولما اموت محدش هياخد باله منك غير منيب، اللي حوط على أمه وأخواته، يحوط على نهال وعلى كل اللي يخصها واللي من عيلتها، فهمتي بقا أنا بقول عايز منيب علشانك انت قبل ما يكون علشان نهال ليه؟
شعرت توحيدة بالحزن وهي تستمع إلى كلمات صفوان عن الموت وقالت:
ـ بعد الشر عنك يا صفوان، اي الكلام دا بس؟
صفوان قال في لهجة هادئة:
ـ الحقيقة اللي الكل عارفها، وأنا شايف أن بنتك مقتنعة بيه أن هو سعادتها و فرحها، خلاص نسأل عن اخلاقه، نسأل جيرانه وأصحابه وأهل الشارع عنه، لو الواد مستقيم يبقى نفرح ونفرح البنت، هي اللي هتعيش معاه الايام الجاية دي أيامها هي مستقبلها هي٠
توحيدة نظرت له في تردد، فكرت قليل قبل أن تقول:
ـ وأنا مش هكسر كلامك يا سي صفوان، اقول اي بس كان حلمي ل نهال غير كدا، بالعموم اسال على الشاب دا الأول، علشان نكون اطمنا على البنت الوحيدة اللي لينا٠
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية