-->

رواية جديدة على سبيل الألم لرانيا ممدوح - الفصل 11 - الخميس 9/1/2025

  

 قراءة رواية على سبيل الألم كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية على سبيل الألم 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رانيا ممدوح 

الفصل الحادي عشر


تم النشر الخميس

9/1/2025



عندما صعدت سبيل على السلم، شعرت بارتجاف قلبها. كانت تفكر في والدتها التي كانت دائمًا تعتني بحديقة منزلهم، حيث كانت تزرع الأزهار وتعتني بالأشجار برفق. تذكرت لحظات الهدوء في منزلهم، كيف كانت الأم تدير كل شيء بحب ورعاية، بينما كانت هي تساعدها في العناية بالنباتات. لكن الآن، في هذا المكان المظلم، ومع السلم الذي يبدو غير آمن، شعرت بالوحدة وكأن العالم كله ضدها.


سقطت من عينها دمعة مؤلمة أثناء عملها ، فجأة انكسر السلم تحت قدميها، وسقطت سبيل بقوة على الأرض. ارتطم جسدها بالأرض بشدة، وألم شديد غذا جسدها من كل ناحية كانت تنفس بصعوبة، بينما كانت الصدمة تسيطر عليها. حاولت أن ترفع نفسها، لكن الألم كان يفوق قدرتها على التحمل. عرفت أن هذا لم يكن حادثا عاديًا، بل كان جزءًا من خطة جليلة لتضعفها أكثر، لكنها كانت مصممة على الصمود.


❈-❈-❈

صرخت سبيل بألم شديد، لكن لا أحد في المكان كان ليهتم. كان الألم يسيطر على جسدها، وكل عضلة فيه تشعر وكأنها تمزق. حاولت أن تستجمع قوتها لكي تنهض، لكن جسدها كان يستجيب بصعوبة. كانت تتنفس بصوت متقطع، ولكن رغم كل شيء، كانت عينيها تحدقان بعناد في السلم المكسور، وكأنها تدرك تمامًا أن هذا ليس سوى جزء من خطة جليلة القاسية.


❈-❈-❈

كانت جليلة تراقب سبيل من بعيد، ابتسامتها الخبيثة لا تفارق وجهها بينما كانت تستمتع بمعاناة الفتاة. ومع كل لحظة تمر، كان قلب سبيل يزداد ألمًا، لكن جليلة لم تُبدِ أي اهتمام. كانت تؤمن أن ما فعلته كان كافيًا لتدمرها.


لكن فجأة، وقع نظر الطبيب سيف على سبيل وهي على الأرض، تصرخ من الألم. ترك مكانه بسرعة وركض نحوها، أصبحت نظرات جليلة حادة  و سرعان ما اختفت ابتسامتها.


سيف، وهو يركع بجانب سبيل: "إيه اللي حصل؟! إنتي كويسة؟"


سبيل، بصوت ضعيف، تحاول أن تبتسم رغم الألم: "السلم... وقع... أنا... مش عارفة."


سيف، بتوتر واضح: "هدي نفسك، هشوفك دلوقتي."

جاءت جليلة مدعية أنها رأتها الآن

 نظر سيف إلى جليلة بنظرة حادة. "مفيش حد ييجي جنبها غيري، ابعدي.. علشان مش تأذيها"


جليلة كانت تتظاهر بعدم الاهتمام، لكن في داخلها كانت تشعر بشيء من الغضب، خاصة أن سيف كان يظهر لسبيل اهتمامًا أكثر من اللازم.


سيف، وهو يساعد سبيل على النهوض: "إنتي محتاجة لعناية طبية، لازم تروحِ المستشفى فورًا."



ثم حمل سيف سبيل برفق، وهو يحاول تهدئتها ويطمئنها على حالها. كانت عيناه مليئة بالقلق وهو يراها تعاني من الألم الشديد، لكن في داخله كان يشعر بشيء غير مريح تجاه ما يحدث.


❈-❈-❈

جليلة، التي كانت تراقب الموقف عن كثب، كانت تشتعل غيظًا. لم يكن بوسعها أن تفعل شيئًا أمام سيف، لكن شعرت بأن الأمور بدأت تخرج عن سيطرتها. قلبها كان يغلي من الغيرة والغضب، لكن لم يكن بإمكانها إظهار ذلك بشكل واضح.


سيف، وهو يحمل سبيل بعيدًا عن مكان الحادث، قال لها بلطف: "مفيش داعي للقلق، هتكوني بخير، بس محتاجة علاج."


سبيل، رغم الألم، حاولت أن تبتسم قليلًا وقالت بصوت ضعيف: "شكرًا... على مساعدتك."


بينما كانت جليلة تراقبهم عن بُعد، أدركت أن كل محاولاتها لإيذاء سبيل لم تُؤتِ ثمارها كما كانت تأمل. كانت الغيرة تتصاعد في قلبها، لكن في نفس الوقت، كانت تعرف أن هذا الموقف لن ينتهي بهذه السهولة.



سيف حمل سبيل بعيدًا عن المكان الذي سقطت فيه، وسار بها بسرعة نحو غرفة العلاج. كانت عيناه مشغولتين بمراقبة حالتها، وعقله يعمل على إيجاد أفضل طريقة للعلاج.


سيف: "طمنيني عليكي، فيكي ألم في مكان معين؟"


سبيل حاولت أن ترفع رأسها قليلاً، رغم أنها كانت تشعر بدوار شديد، وقالت بصوت متألم: "كل جسمي... بس مش قادرة أتحمل الألم في ركبتي."


سيف: "خليكي معايا شوية، هنبص عليها. مش تقلقي، هاتكوني كويسة."


دخلوا غرفة العلاج، ووضع سيف سبيل على السرير وأخذ يفحصها بعناية. في هذه الأثناء، كانت جليلة تراقب الموقف من بعيد عبر النافذة. كانت غاضبة لكنها في نفس الوقت كانت تشعر بشيء من القلق. لم يكن من السهل عليها أن ترى سيف يهتم بسبيل بهذا الشكل.


سيف: "محتاجين نتأكد من عدم وجود كسر، ولو في تورم أو نزيف، هنعرف. بس لازم تريحي شوية."


سبيل كانت تحاول أن تسيطر على ألمها، وأجابته بصوت ضعيف: "ممكن... بس مش مهم... لازم أرجع للشغل... مش عايزة أكتر من كده."


سيف: "لا، لازم تهتمي بنفسك شوية. ده مش هينفع. لو استمريتي كده، هتزيد إصابتك و تكون أسوأ."


بينما كان سيف يعالجها، كانت جليلة تتابع عن كثب من الباب المفتوح قليلاً. في داخلها كان التوتر يزداد، فهي لا تستطيع تحمل رؤية سيف يهتم بسبيل. كانت تفكر في طريقة جديدة للانتقام، لكن كان يجب أن تكون حذرة.


جليلة همست لنفسها: "مش هتخليها تكون أفضل مني ياسيف... مستحيل."


سيف، وهو يضع الكمادات على ركبتي سبيل، سمع همسات جليلة عبر الباب. فرفع رأسه ونظر إليها بتحدٍ.


سيف: "هعتبرك انتي المسئولة عن اللي حصل يا جليلة ."


جليلة، شعرت بالصدمة من رده، حاولت أن تخفي غضبها وأجابت بسرعة:" و أنا مالي هركب كاميرا مراقبة لكل واحدة هنا ،و بعدين هي كويسة بلاش تهتم بيها كده لتدلع علينا ، خليك شديد معاهم ليفتكروك ضعيف."


سيف نظر إليها ببرود وقال: "أنا طبيب، ومش هخلي حد يعاني هنا. لازم تعرفي إن العطف على المرضى مش ضعف."


جليلة انفجرت غضبًا في قلبها، لكنها حاولت أن تسيطر على نفسها، وقالت بابتسامة مغلقة: "أنتَ متأكد؟ ده شغلنا هنا... إن احنا نكون طيبين"


❈-❈-❈

في تلك اللحظة، كانت سبيل تستمع إلى الحوار بصمت، وهي تشعر ببعض الراحة من اهتمام سيف بها. ورغم الألم الذي كانت تشعر به، كانت تشعر أيضًا بأن أحدهم أخيرًا يهتم بها.



سيف نظر إلى سبيل بحذر، ثم قال بصوت هادئ: "هنعمل فحص شامل علشان نتطمن على حالتك، وأشعة عشان نعرف إذا كان في كسور أو إصابات داخلية. خليكي هادية، ده عشان صحتك."


سبيل، التي كانت تشعر بدوار وألم شديد، أومأت برأسها بصعوبة، وقالت بصوت منخفض: "تمام... بس لو سمحت، بسرعة."


سيف ابتسم قليلاً، محاولًا أن يطمئنها، وأضاف: "هكون معاكِ طول الوقت، مفيش داعي للقلق. هتعامل مع كل حاجة. دلوقتي، هنبدأ بالفحص، وبعدها نعمل الأشعة."


في تلك اللحظة، دخلت إحدى الممرضات وقالت: "الأشعة جاهزة، يا دكتور."


سيف أخذ نفسًا عميقًا ثم نظر إلى سبيل وقال: "هنتحرك دلوقتي للأشعة، هتكون كل حاجة جاهزة. خليكي معايا."


سبيل حاولت أن تكون هادئة، رغم أنها كانت في حالة من الألم والضياع، لكن كلمات سيف التي بدت مشجعة جعلتها تشعر ببعض الاطمئنان.


ثم نزلوا معًا إلى قسم الأشعة حيث استلقت سبيل على السرير المتحرك  قال سيف بهدوء: "خليكي هادية، هنخلص بسرعة"


بينما كانت الأجهزة تُعِدُّ لإجراء الفحص، ظل سيف يتحدث معها بهدوء، متابعًا حالة جسدها. وفي تلك اللحظات، كان يراقب جليلة عن كثب، التي كانت تراقب كل شيء بصمت.


سيف، أثناء الفحص، قال لسبيل: "قربنا نخلص بلاش توتر."


سبيل ردت بصوت ضعيف: "أشكرك... مش عارفة من غيرك كنت هعمل ايه ."


سيف نظر إليها بحذر وأجاب: "ده واجبي ، إتاكدي هتكوني بخير."



سيف نظر إلى نتائج الأشعة ثم رفع عينيه إلى سبيل وقال بحذر: "في كسور واضحة في قدمك وكتفك، وهتحتاجي للجراحة والتجبير. لازم تقعدي في المستشفى تلت شهور عشان نتابع حالتك ونتأكد من إنك هتتعافي تمام."


سبيل، التي كانت تشعر بالألم والذهول، حاولت أن تتمالك نفسها، وقالت بصوت ضعيف: "تلت شهور؟! ده وقت طويل قوي..."


سيف ابتسم بلطف، وأضاف: "أيوه، بس ده علشان نضمن إنك هتتعافي بشكل كامل، وهنكون معاك طول الوقت. هيكون عندك العناية اللازمة."


سبيل تنهدت ثم سألت بصوت متوتر: "هل هيكون في ألم؟"


سيف أجاب بثقة: "الألم ممكن يكون موجود في البداية، بس هنقدر نسيطر عليه بالأدوية والعلاج الطبيعي بعد كده. وهنتأكد إنك مش حاسة بالألم ، و ترجعي أحسن من الأول."


ثم أكمل: "أنتِ هتكوني في أيد أمينة، وكل اللي عليكِ تعمليه هو الراحة والمتابعة."


سبيل أغمضت عينيها للحظة، وكأنها تستوعب حجم التغيير الذي سيطرأ على حياتها في الفترة القادمة.



❈-❈-❈

جليلة دخلت الغرفة ووقفت عند الباب، ثم قالت بنبرة غاضبة ولكنها تحاول إخفاء مشاعرها: "أنا شايفة إن احنا نتابع صحتها هنا، ما فيش داعي لنقلها للمستشفى. هي مش محتاجة تلت شهور في مستشفى علشان شوية كسور."


سيف نظر إليها بدهشة قبل أن يرد بهدوء: "جليلة، ده مش قرارك. الحالة بتاعت سبيل تستدعي العلاج والمتابعة في المستشفى. إحنا مش هنجازف بحياتها علشان رأيك اللي مش طلبناه."


جليلة ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت بصوت منخفض:" على فكرة اللي بقوله صح."


سيف رفع حاجبًا وقال بجدية: "إنتِ مش المسؤولة عن اتخاذ القرارات الطبية هنا، وأنا مش هسمح إن حياتها تكون تحت تهديد بسبب عدم الرعاية المناسبة."


سبيل، التي كانت تراقب المشهد بصمت، شعرت بشيء من القلق يراودها. كانت تعلم جيدًا أن جليلة لا تحبها، ولكنها لم تكن تعرف مدى رغبتها في أن تسيطر على كل شيء.

❈-❈-❈

جليلة تحدّثت مجددًا، هذه المرة بنبرة أقل حدة: "أنا مش بقول إننا نسيبها، بس مش شايفة إن الموضوع كبير لدرجة إنها تقعد في المستشفى تلت شهور."


سيف تنهد ثم قال بصرامة: "أنا قررت، وهي هتروح المستشفى. لو عندك اعتراضات، يمكنك التوجه للمسؤولين. أنا هعمل كل حاجة علشان صحتها تكون في أيد أمينة."


خرجت جليلة من غرفة الطبيب، وكانت علامات الغضب واضحة على وجهها. خطت خطوات سريعة إلى غرفة الاستراحة، وعندما دخلت، أغلقت الباب خلفها بعنف. شهيرة دخلت خلفها، تراقبها بصمت، ثم سألت بفضول:


شهيرة: "إيه ده؟ إنتِ مش مبسوطة؟ كنتي متوقعة إنه سيف هيوافق على كلامك؟"


جليلة ربتت على يديها بحركة عصبية، ثم ردت بغيظ: "أنا مش فاهمة ليه دايمًا بيهتم بسبيل قدامنا كده. يعني هو فكر نفسه إيه لما قرر يروح المستشفى؟ هي مش أحسن مننا ولا حاجة."


شهيرة، التي كانت تعرف جيدًا مدى ضيق جليلة من سبيل، حاولت تهدئتها وقالت بحذر: "يمكن هو حاسس إنها فعلاً محتاجة رعاية، مش لازم يكون فيه غيرة، مش معنى إنها هتتعالج  إنها هتأخذ مكانك."


جليلة ابتسمت ابتسامة ساخرة وقالت: "وإنتِ حاسة إن سيف هيفضل يهتم بيها كده؟ أنا عارفة إنه لو شافها أكتر هيتعلق بيها أكتر. لكن مش هخلي ده  يحصل. أنا مش هخليه يضيع وقته مع واحدة زيها."


شهيرة نظرت إليها بحذر، ثم قالت: "إنتِ عارفة إن ده مش هيفيد، صح؟ لو حاولتي تعملي حاجة ضدها، ممكن تأذي نفسك. خليكي حذرة."


جليلة تحركت في المكان بنشاط، ثم قالت بحسم: "أنا هخلي سيف يعرف مين اللي يستحق اهتمامه. وسبيل دي، لو فكرت ترفع رأسها لفوق و تبصله، هتندم."


ثم جلست على أحد الكراسي، وأخذت نفسًا عميقًا، بينما شهيرة توقفت قليلاً قبل أن تجلس إلى جانبها.

❈-❈-❈


جليلة نظرت إلى شهيرة بعيون مليئة بالتصميم، وابتسمت ابتسامة خبيثة. قالت بصوت منخفض، لكنها كان يحمل غموضًا واضحًا:


"بقى أقرر أعملها فخ علشان تختفي من وشه، تقوم تلزقله أكتر. مش هخليها تفضل تحوم حوالينا وتشد سيف ليها. لازم تخرج من حياتنا، وأنا هخليها تدفع تمن كل حاجة."


شهيرة، التي كانت تعرف أن جليلة قادرة على تنفيذ أي شيء، نظرت إليها بقلق وقالت: "إيه الفكرة اللي في دماغك؟ لو حطيتي فخ ليها تاني، ممكن الأمور تتعقد أكتر، سيف مش هيسكت لو اكتشف إنك وراء ده."


جليلة، التي كانت تستعد للحديث بحذر، ردت بتأكيد: "مفيش حاجة هتِخرب الأمور زي ما هي هتخرب لو فضلت على حالها. أنا هخليها تقع في فخ تاني يعرفه سيف. لما تشوف نفسها عايشة في جحيم، هتضطر تبتعد عنه. بس لازم أكون حريصة المرة دي."


شهيرة كانت تشعر بشيء من التوتر، لكنها علمت أن جليلة لم تكن لتتراجع عن قراراتها. قالت في النهاية بحذر: "لو قررت تعملي كده، خلي بالك من كل خطوة. لو اتكشف الموضوع، سيف هيتحول ضدك، وده آخر حاجة إنتِ عايزاها."


جليلة ابتسمت ابتسامة خبيثة وقالت: "مش مهم، أنا عارفة هشتغل إزاي. هخليها تختفي من حياتنا للأبد."



شهيرة نظرت إلى جليلة بقلق، وقالت بصوت منخفض:


"أنا خايفة بعمايلك دي سيف يكرهك. هو مش غبي، ممكن يلاحظ إن في حاجة مش طبيعية. وإنتي لو فضلتِ تعملي كده، ده هيدمر كل حاجة بينكم."


جليلة نظرت إلى شهيرة بحدة، ثم أخذت نفسًا عميقًا، محاولة تهدئة نفسها قبل الرد. قالت بصوت قاسي:


"مش لازم تخافي. سيف مش هيتخلى عني لو عرف الحقيقة. هو لسه ما شافش من اللي أنا قادرة عليه. أنا مش عايزة منه حاجة غير إنه يكون في صفّي. لو حسيت إنه هيتغير بعد اللي هعمله، هعرف أتعامل معاه ، و قلبي اللي بيحبه مستعدة أرميه تحت رجلي و أدوس عليه أموته و لا إنه يسمحله يبص لغيري أبدا."


شهيرة كانت لا تزال مترددة، لكنها سكتت لحظة، ثم قالت بتشكك:


"لكن لو سيف بدأ يشك فيكي أو يلاحظ حاجة غريبة، ده هيغير كل حاجة. مش هينفع تستخدميه وتحسبي إنك هتطلعِي من الموقف ده بسهولة."


جليلة ردت بثقة واضحة، رغم القلق الذي بدأ يلوح في حديثها:


"أنا مش بستخدمه، أنا بس هخليه يشوف إزاي أنا قوية. لو ما فهمش ده، يبقى مش كفاية ليا. أما بالنسبة لسبيل، فمفيش مجال تاني غير إنها تروح من طريقنا. ده الوقت المناسب عشان أخلص منها."


شهيرة، على الرغم من ترددها، كانت تعلم أن جليلة لن تتراجع، لكنها قررت أن تابع الأحداث عن كثب، خشية أن يكون ما تقوم به جليلة سيؤدي إلى نهاية غير متوقعة.

❈-❈-❈

كان ليث يجلس في منزل عمه، عينيه مغرورقتين بالحزن، وكأن الثقل الذي في صدره لا يمكن التخلص منه. لم يكن قادرًا على التركيز على أي شيء؛ لا المدرسة، ولا العمل، ولا حتى تدريباته التي كان يحبها. كانت صورة سبيل، وهي تقع وتصرخ، عالقة في ذهنه طوال الوقت.


في تلك اللحظات، كان يشعر بالعجز، وكأن العالم من حوله يتفتت، وكل شيء يتغير بشكل غير متوقع. كان يتمنى لو يستطيع أن يفعل شيئًا لإنقاذها أو أن يخفف عنها ألمها، لكن عجزه جعل قلبه ينزف.


حاول عدة مرات أن يقنع نفسه بأن الحياة ستستمر، وأنه يجب أن يعود إلى روتينه اليومي، لكن الألم كان أقوى من إرادته.




دخلت ليان إلى الغرفة بخطوات هادئة، تحمل في يدها كوب عصير وبعض الطعام. نظرت إلى ليث بحزن، وكان يبدو وكأن العالم كله قد توقف من حوله. وضعته على الطاولة أمامه، ثم جلست بجواره، تنظر إليه بعينين مليئتين بالقلق.


ليان: "إزيك يا ليث؟ انت مش لازم تقعد كده... لازم تتحرك شوية."


ليث، بنبرة منخفضة: "مش قادر يا ليان... مش عارف أركز في أي حاجة."


ليان، محاولة إراحته: "أنا عارفة إنك مش قادر دلوقتي، بس لو فضلت على حالك كده مش هتقدر تساعد نفسك ولا تساعدها."


ليث، بصوت ضعيف: "مش عارف لو كنت ممكن أساعدها. أنا كنت عايز أكون جنبها... بس مش قادر."


ليان، بحنان: "كلنا بنمر بأوقات صعبة، بس لازم نكون أقوياء. لو عايز تساعدها، لازم تبقى أنت الأول كويس."


نظر ليث إلى الطعام والعصير أمامه، لكنه لم يكن في مزاج للأكل. أغمض عينيه للحظة، وكأن الكلمات التي كانت تقولها ليان تصل إلى قلبه بشكل أبطأ من المتوقع.


ليان، مبتسمة بلطف: "لو مش عايز تاكل دلوقتي، ممكن تشرب العصير. خلينا نحاول مع بعض نخفف عنك شوية."


أخذ ليث نفسًا عميقًا، ثم تناول العصير من يدها، وكأنها كانت نقطة البداية للعودة إلى الحياة الطبيعية، ولو بشكل بسيط.


ليان نظرت إليه بجدية، وهي تلمس يده بلطف، وكأنها تود أن تنقله من حالته هذه.


ليان: "أنا عارفة إنك مش في حالتك الطبيعية، بس لازم تنزل الشغل يا ليث. الحياة مش هتوقف عشان حد."


ليث، بصوت مكتئب: "مش قادر أواجه العالم دلوقتي... كل حاجة باهتة."


ليان، بحزم: "لا يا ليث، مفيش حاجة هتتغير لو فضلت هنا. إنت مش لوحدك، بس لازم تتحرك، وتحاول تلاقي حل. الشغل هو اللي هيشغل عقلك."


ليث، وهو يشعر بتردد: "ممكن... بس مش عارف منين أبدأ."


ليان، بابتسامة صغيرة: "ابدأ من النهارده ، والشغل هيساعدك تنسى شوية من اللي بتحس بيه. هتكون بخير."


كان ليث يشعر بالألم من داخله، ولكن كلمات ليان كانت تحمل له أملًا بسيطًا. بعد لحظة صمت، قرر أن ينهض ويحاول استعادة قدرته على التحمل.



نهض ليث ببطء، وهو يشعر بألم في قلبه وعقله، لكنه كان يعلم أن الحياة يجب أن تستمر. نظر إلى ليان، التي كانت تراقبها بنظرة حانية، فشعر بشكر عميق تجاهها. كانت هي الوحيدة التي تقدمت لدعمه، وأصبح الآن يدرك أنه بحاجة لأن ينهض ويواصل طريقه.


ليث: "شكراً ليكِ يا ليان... ممكن يكون معاكي الحق في كل اللي بتقوليه."


ليان ابتسمت له برقة، وأجابته بحماس: "إنت مش لوحدك، يا ليث. وأنا هكون جنبك مهما حصل. دلوقتي خليك قوي وابدأ."


أخذ ليث نفسًا عميقًا، ثم شكرها مرة أخرى. بعد لحظات، ارتدى ملابسه وقرر أن يخرج.


وفي نفسه، كان يعلم أنه مهما كانت الصعوبات، عليه أن يواجهها ويستمر.



يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رانيا ممدوح، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة