-->

رواية جديدة أنا لست هي مكتملة لبسمة بدران - الفصل 26 - 2 - السبت 18/1/2025

  قراءة رواية أنا لست هي كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية أنا لست هي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران


الفصل السادس والعشرون

2

تم النشر يوم السبت

18/1/2025

"بابي وحشتني يا بابي" 


قالتها سيلا وهي ترتمي بين ذراعي والدها وكالعادة عيني رائف تقدحان شررًا.

بادلها والدها العـ ناق باستغراب وهمس في أذنها: "إيه الأشواق دي كلها يا بنتي ما أنا لسه شايفك الصبح! ولا إنتِ بتغيظي نونة؟"


ضمته إلى صـ درها أكثر فهي حقًا اشتاقت له كثيرًا ذلك الرجل الحنون الذي أغدقها بالكثير من الحب. 

تعجب والدها من احتـ ضانها له بتلك الطريقة لكنه ما لبث أن بادلها العناق بقوة.


في تلك الأثناء كان رائف يقف في منتصفهما وهتف بحدة: "هو في إيه يا جماعة أنا قرطاس لب واقف؟"


ضحكت سيلا بقوة بينما هتف عمه بخشونة: "جرى إيه يا واد إنت غيران على البت مني؟"


ضمها رائف إليه بقوة وقال مازحًا: "تصدق يا عمي  أنا بغير عليها من نفسي! وهي حسابها معايا بعدين."


لم تعلم سيلا لماذا شعرت بالسعادة وهي بين أحضـ انه بتلك الطريقة ورائحة عطره تتغلغل في أعماقها هل حقًا اشتاقت لرائف واهتمامه الشديد بها؟ أم أن غرورها هو الذي دفعها إلى فعل ذلك لأنها غير معتادة أن يأخذ أحد منها شيئًا؟ لا تعرف السبب لكنها تشعر الآن بالسعادة فحسب.


ضمت نفسها إلى رائف أكثر لكنه سرعان ما قطب حاجبيه بدهشة وهمس في أذنها: "هو إنتِ غيرتِ برفانك يا سيلا؟"


أجابته بهدوء: "لأ بس قررت أستخدم البرفيوم القديم بتاعي أصلي مليت من الجديد."


شعر بعدم ارتياح من نبرة صوتها لكنه لم يُبدِ أي رد فعل.



على الجانب الآخر دنت نهال من زوجها وطبعت قبـ لة على وجنته كعادتها وهتفت بنعومة جعلته يفتح عينيه بعدم تصديق: "حمد الله على السلامة يا حبيبي."


اتسعت حدقتاه دهشة ثم احتـ ضنها بقوة وهتف بسعادة: "نهال! حبيبتي إنتِ اتكلمتِ أخيرًا الحمد لله يا رب"


ضمته هي الأخرى بسعادة وهي تحمد الله لأنها ستستطيع التحدث معه بأريحية كما كانت تفعل سابقًا.


أما حسن فقد جلس بجوار زوجته التي كانت تراقب ما يحدث بعينين لامعتين.

 هتف بوقاره المعتاد: "عاملة إيه دلوقتي وابني أخباره إيه؟"


أجابته بنعومة: "نحنا مناح الحمد لله إنت كيفك يا حسن؟ وكيف كان يومك؟"


رد بإرهاق: "كان صعب شوية كله اجتماعات المهم إيه رأيك في عصافير الحب اللي في بيت نصار  ده."


همست في أذنه بمشاكسة: "هذا الشبل من ذاك الأسد يا بيبي."


تنهد بحرارة ولم يعقب

 شعرت هيام بالإحراج وأنها عزول وسط هذا التجمع  

 استعاد الجميع تركيزهم حين تنحنحت هي بقوة لإزالة الحرج. 

لاحظ حسن ما يحدث مع شقيقته فدنا منها واحتـ ضنها بقوة وطبع قبـ لة عميقة على جبينها متسائلًا بصوت هادئ: "ما رديتيش علينا بخصوص طلب فريد المنصوري؟"


احمرت وجنتاها خجلًا ولم تجب فهتف ماجد الذي كان يقف بجوارها: "يبقى السكوت علامة الرضا يا حسن ونقول مبروك"


❈-❈-❈


استلقى فضل على ظهره فوق الفـ راش وهو يتحدث عبر الهاتف مع خطيبته قائلاً بحب: "وحشتيني اوي يا جميلتي بقالنا يوم ما شفتكيش الحضانة شغلتك عني يا هانم."


أجابته على الطرف الآخر بمشاكسة: "ما هو أنا قاصدة بصراحة قلت عشان أوحشك وأسمع منك الكلمتين دول."


أطلق ضحكة رنانة ثم قال بسعادة: "أنا بحبكا اوي يا جميلة ومبسوط اوي إنك في حياتي ما تعرفيش أنا قبلك كنت عامل إزاي."


سألته بدلال شديد التقطته أذنه: "كنت إزاي؟"


تنهد بحرارة مستطردًا: "كنت كئيب الضحكة كانت بحساب وكمان كنت انطوائي وقليل الكلام وحياتي كانت ناقصة حاجات كتير

 بعد ما شفتك كل حاجة اتغيرت وكأنك سحرتيني."


ابتسمت بهيام وقالت بمغامرة: "وأنت إيش عرفك إني ما سحرتلكش؟"


قال بدهشة مصطنعة: "معقولة! وأنا أقول برضو إزاي حبيتك بالسرعة دي! يلا اعترفي عاملة لي السحر فين وعند مين؟ ويا ترى عاملاه لي في بوق  سمكة ولا على جناح طير؟"


قاطعته بسرعة: "بس بس انت عرفت الحاجات دي كلها منين؟ يا بابا أنا أصلاً واحدة عندي سحر رباني مش محتاجة أروح عند حد أنا نفسي سحر"


ضحك قائلاً: "مغرورة اوي أنتِ يا حبيبتي."


أجابته بابتسامة واسعة: "عارفة يا حبيبي."


شعر بسعادة غامرة وحمد الله بداخله لأنه سيتزوج فتاة مثل جميلة. 

فهي مثالية بالنسبة له تحمل من الجمال والأنوثة ما يجعل أي رجل يفخر بأن تكون زوجته بالإضافة إلى شخصيتها الجادة والمرحة التي جعلتها فتاة مميزة ومختلفة في عيون الجميع كأنها مزيج متناغم بين كل شيء ونقيضه.


❈-❈-❈


تتقلب فوق فـ راشها وكأنها تتقلب على جمـ رات من نيران فهي ستعود إلى موطنها غدًا لقد أنهت كل شيء يتعلق بها هنا في هذا البلد وستعود.

 لكن سرعان ما تجهم وجهها عندما تذكرت زوجة والدها تلك الحسناء التي استحوذت على قلوب الجميع في المنزل عداها هي وشقيقها رائف.


زفرت بقوة؛ فالوقت لا يمر والأفكار السيئة تراودها من وقت لآخر وما من شيء يهون عليها ما تمر به سوى خطيبها وحبيبها رحيم خفيف الظل الذي تحبه كثيرًا لكنها ليست من الشخصيات التي تعترف بمشاعرها بسهولة ففي وجهة نظرها الاعتراف بالحب يجعل الشخص ضعيفًا وربما يستغل هذا الضعف الطرف الآخر لذا نادرًا ما تظهر مشاعرها لأحد.


وعند ذكر خطيبها لاحت ابتسامة خفيفة على شفـ تيها تلقائيًا أمسكت بهاتفها وبحثت عن رقمه عازمة على التحدث معه ريثما تنام فهو سلوتها الوحيدة في هذا البلد الكئيب والغريب.


❈-❈-❈


أمام الخزانة الضخمة وقفت تنتقي ثوبًا ترتديه فهتفت بسخرية: "ذوقها بلدي اوي وهي ليه بيجامتها واسعة كده؟ مش عارفة والله يا رائف عجبك فيها إيه؟ كل ده عشان شبهي يعني غلطان يا ابن عمي سيلا نصار ما فيش حد شبهها!"


ضغطت على شفـ تيها السفلى بأسنانها وراحت تتلفت حولها خشية أن يستمع إليها رائف الذي ولج المرحاض منذ لحظات.


 تنهدت بارتياح عندما أبصرت الغرفة ما زالت فارغة فالتقطت أول شيء أمسكته بيديها وشرعت في ارتدائه.


ثم جلست فوق الفـ راش وأمسكت بهاتف ليلى وبحثت عن اسم "نورسين" لتستكمل خطتها كي لا ينفضح أمرها. 

ثوانٍ وأتاها الرد من الطرف الآخر: "لولي وحشتيني اوي يا قلبي"


كزّت على اسنانها من غيظها؛ فيبدو أن ليلى أخذت منها صديقتها الوحيدة أيضًا.

 لكنها سرعان ما سيطرت على غضبها ورسمت ابتسامة كذبة على شفـ تيها قائلة: "والله لو كنتِ وحشتيني كنتِ حسيتِ بي وعرفتِ إن أنا جاية لكِ النهاردة مش أروح لحد عندك وأفضل أرن الجرس وفي الآخر ما ألاقيكيش في البيت! يلا خسارة فيكِ علبة الشوكولاتة اللي أنا كنت جايباها لكِ."


ضحكت نورسين بقوة على تذمر صديقتها هاتفة بمرح: "طب ما أنا كنت هعرف منين بس يا لولي إنك جاية لي؟ حتى فاشلة في المفاجآت مش معقول كده! نفسي تفلحي في حاجة.

 المهم ما تزعليش مني حقك علي عموماً أنا خلاص خلصت الامتحانات وفضيت وكله بقى تمام خلينا نتقابل بكرة إيه رأيك نقضي اليوم مع بعض؟"


"أوكي خلاص هستناكي تعدي علي."


"مالك يا بت يا ليلى؟ إنتِ بتتحولي ولا إيه؟ هو في حد جنبك؟"


تنحنحت سيلا بقوة هاتفة: "أيوة أيوة."


تفهمت نورسين وأغلقت الهاتف بعد أن اتفقت معها على أن تمر عليها بالغد.


في تلك اللحظة كان رائف يقف يتابع حديثها مع صديقتها لكن شيئًا ما بداخله يخبره بأن ليلى تخفي أمرًا غريبًا. 

دنا منها حتى بات قبالتها مباشرة ثم مدّ إليها يده وتلقائيًا وضعت يدها بيده وهبّت واقفة.


فضمها رائف إليه بقوة مسلطًا ناظريه على شفً تيها مما جعل "سيلا" تشعر بالارتباك.

 أغمضت عينيها قليلًا وهي تشعر بحرارة تحـ رق وجهها.

 ثوانٍ وشعرت بشـ فتيه تقتنص شفـ تيها بعذوبة ونعومة أعجبتها كثيرًا.

 أحاطت عنقه بذراعيها وراحت تبادله القبـ لة بجنون وجموح شديد استغربه رائف بشدة.


فصل قبـ لته وابتعد عنها والشكوك تتزايد بداخله فالتي كانت بين يديه الآن ليست ليلى لكنه قرر أن يتريث ويفكر قبل أن يتخذ أي رد فعل.


استدار إليها راسمًا ابتسامة مطمئنة فوق محياه هاتفًا وهو يداعب وجنتها:"تعالي ننام علشان أنا مرهق شوية من الشغل طول اليوم."


أومأت بابتسامة خفيفة ظنًا منها أنها استطاعت خداع ابن عمها وارتسمت على ثغرها ابتسامة نصر.


❈-❈-❈


عبر الهاتف كان يتحدث معها وهو يكاد يطير من فرط سعادته فلقد أخبره حسن نصار للتو بأن شقيقته موافقة عليه فهتف ممازحًا: "أيوة كده ناس ما بتجيش غير بالعين الحمرا كان لازم أهدد يعني عشان يوصلني الرد النهارده!"


أجابته بعناد طفولي: "على فكرة بقى هم اللي سألوني مش أنا اللي رحت من نفسي وقلت لهم إني موافقة"


" والله! "


أيوة والله."


قالتها بلهجة طفيفة جعلته يبتسم رغمًا عنه فتلك المرأة تصيبه بالجنون ولقد اكتشف للتو أنها تحمل جانبًا طفوليًا رغم عمرها الذي تجاوز الخمسين.


ظلّا هكذا يتبادلان أطراف الحديث لوقت لا يعرفان مداه حتى شعرا كلاهما بالنعاس. 

أغلقا الهاتف معًا وكل منهما يحمل بداخله الكثير والكثير من الأحلام السعيدة بالحياة الجديدة التي تنتظرهما.


❈-❈-❈


"بتقولي إيه يا نهال؟ إيه الكلام الفارغ اللي أنتِ بتقوليه ده؟"


أجابته نهال مؤكدة: "صدقني يا ماجد اللي بقوله لك ده حقيقة النهارده لما حضـ نت سيلا شمّيت ريحتها دي كانت ريحة بنتي اللي أنا عارفاها طول عمري واللي ما شمتهاش لما رجعت من أمريكا أنا مش مجنونة صدقني أنا مش مجنونة!"


صمت ماجد يفكر قليلًا فهو لاحظ أن ابنته مختلفة خاصة عندما احتـ ضنته بقوة وكأنها اشتاقته أو لم تره منذ فترة طويلة.

 أغمض عينيه بقوة محاولًا استيعاب ما يحدث بينما تراودته أسئلة كثيرة.


أمسكت نهال بيده عندما لاحظت شروده واسترسلت قائلة: "ده حتى نبرة الصوت صوت سيلا اللي سمعته النهارده مش اللي كان قبل كده فاهمني يا ماجد؟ أنت كمان ما لاحظتش حتى البرفيوم اللي بتستخدمه سيلا هو اللي كانت مستخدمّاه النهارده. 

حتى رائف لاحظ وسألها قدامنا كلنا وهي قالت إنها رجعت للبرفيوم القديم.

 إزاي يا جماعة صدقني أنا أكتر واحدة تحس بحاجة زي دي أنا أمها"


ربط ماجد جميع الخيوط ببعضها واستشف أن زوجته محقة لكنه قرر تهدئتها كي يتسنى له التفكير بأريحية أكثر فضمّها إلى صـ دره وراح يملس فوق خصلاتها وهو يهتف بجدية: "كل ده طبيعي يا حبيبتي جايز صوتها اتغيّر... ما تنسيش إن حسن قال إن الدكتور بلغه إن ده لوقت مؤقت بسبب الصدمة اللي مرت ببها وكمان منطقي إنها تغيّر البرفيوم لما ما ترتاحش للجديد ترجع للقديم تاني. أنتِ بس اللي مكبّرة الموضوع."


ابتعدت عن مرمى ذراعيه وكادت أن تعترض إلا أن ماجد هتف بجدية ممزوجة بالتعب: "كفاية بقا صدقيني أنا تعبان مش حمّل مجادلة خلينا ننام والصباح رباح."


أومأت له علامة على الموافقة لكن عقلها لم ولن يتوقف حتى تجد ما يريح أفكارها المذبذبة.


❈-❈-❈


راقبته حتى تأكدت من أنه قد نام ثم تسللت على أطراف أصابعها بعدما أخذت الهاتف.

 ولجت إلى غرفة الملابس وبحثت عن رقمه في الهاتف ثم ضغطت على زر الاتصال ووضعته على أذنها تنتظر الرد.


لم يتأخر الرد كثيرًا فجاءها صوت الطرف الآخر سريعًا: "أيوة يا سيلا."


تساءلت بحذر وبصوت خافت: "إيه اللي بيحصل عندك؟"


صمتت تستمع لما يخبرها به ثم أجابته بهدوء: "ما تقلقش كله تمام وكل حاجة عدّت على خير. 


لا لا ما تقلقش... رائف ما شكّش في حاجة."


كانت تتحدث بخفوت غافلة عن رائف الذي كان قد استيقظ دون أن تشعر.

 استمع إلى كل حديثها  وصوت كلماتها كان كالصـ اعقة التي زلزلت كيانه.


يتبع..

إلى حين نشر فصل جديد للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة