-->

رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش - الفصل 14 - 3 - الجمعة 31/1/2025

  

قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية طُياب الحبايب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رضوى جاويش



الفصل الرابع عشر

3

تم النشر الجمعة

31/1/2025

❈-❈-❈

الرسلانية ١٩٩٠.. 

كان سراج بين ذراعي حبيب ينزف، وما كان لحبي أن يتحرك من ذاك الموضع المستتر لحد كبير عن أعين الجماعة التي نزحت من الجبل لسرقة أهل النجع، لتوفير المؤن لأفراد عصابتهم المتسترة خلف ستار من دعاوى دينية لا أساس في الدين لصحتها، إلا حين يتأكد له، أن الوضع أصبح آمنا، وأن تبادل إطلاق النيران قد توقف بالفعل.. 

همس حبيب في قلق: سراچ بيه! خليك معاي، هسحبك دلوجت بعيد.. لازما نلحجوا چرحك.. 

فتح سراج عينيه في صعوبة، هامسا بوهن: بلغ العساكر يبلغوا القيادة من النجطة، لازما تعزيزات لجل.. 

قاطعه حبيب هامسا: متتكلمش كتير، واللي رايده هيكون، بس نخرچك من هنا الأول.. 

تحرك حبيب في خفة نحو دار نجية التي كانت هي الدار الأقرب لموضع اختباءهم، طارقا على أحد نوافذها الخلفية، لتهتف نجية في نبرة ترتعش رعبا: مين! 

هم حبيب بالرد، لكن ظهور مدثر أخرسه، وقد رد نيابة عنه: إنتي بخير يا أم سالم! 

وعت نجية لصوته فاطمأنت مؤكدة: نحمده، تسلم يا سي مدثر.. 

تطلع حبيب نحو مدثر متعجبا، ما جعل مدثر يهمس في اضطراب، رادا على سؤال لم يسأله حبيب لفظا، لكن نظرات المتعجبة قامت بالواجب: ايه! مش لازما يكون فيه راچل چارها يحميها وهي بيتها فالطل وضرب النار فوج راسها!..

لم يكن هناك من وقت للمزيد من الحديث والأخذ، فقد أشار حبيب لمدثر كي يساعده في إبعاد الضابط سراج عن مجال ضرب النار لعلاج جرحه النازف.. 

تسلل حبيب ومدثر نحو موضع سراج وبدأ كلاهما في محاولة جذبه بعيدا عن مجال النيران التي يمكن أن تطالهم، والتي يطلقها رجال من الجماعات قد تُركوا خلفها قبل أن تصعد البقية صوب الجبل متخفية، هؤلاء الرجال يعملون كتأمين لمسارهم، ومن أجل ضمان عدم لحاق رجال الشرطة بهم، كانت نيرانهم العشوائية تلك مجرد وسيلة إر..هاب لإبعاد أي من كان عن السفح الذي يفضي لموضعهم.. 

ما أن اطمأن حبيب ومدثر أنهما ابتعدا عن أي أخطار حتى حمل حبيب سراج فوق كتفيه مندفعا نحو السراي، أمرا مدثر أن يحضر الدكتور سرور ويلحق به.. 

نفذ مدثر في عجالة، تاركا حبيب وقد أصبح على بعد خطوات من مدخل السراي حيث كان يقف شبل متأهبا بسلاحه، وما أن وعى لحبيب حاملا الضابط سراج مصابا، حتى هتف صارخا في ذعر: واااه، حضرة الظابط.. يا وجعة مربربة.. 

هتف به حبيب أمرا في عجالة: أفتح الاوضة الجديمة إجري.. هِم.. 

اندفع شبل لداخل السراي، ومنه صوب ذاك الرواق المتوسط الطول الذي قطعه حبيب خلفه، وما أن دفع شبل باب الحجرة المعنية، حتى أصبح حبيب ينحني في رفق حتى يضع جسد سراج على الفراش، أمرا شبل: ساعدني يا واد، بالراحة، مدده زين، نزف كتير، ربك يسترها.. 

ما أن أنهى حبيب كلامه حتى ظهر الدكتور سرور على أعتاب الحجرة، وخلفه جاء مدثر مهرولا.. 

ليهتف حبيب وقد اندفع سرور نحو سراج دون مقدمات يفحص جرحه، بعد أن علم من مدثر ما جرى، كان النجع كله قد أدرك أسباب تبادل النيران القائم في طرفه القبلي، وما جرؤ مخلوق على الخروج من داره، لكن إصابة الضابط ما علم بها  مخلوق خارج عن الأفراد المجتمعين بهذه الغرفة.. 

هتف سرور في قلق: نزف كتير فعلا، ولازما نخرچ الرصاصة، ويمكن يحتاچ لنجل دم ضروري، أني هروح الوحدة أچيب اللازم، واللي يجدر ممكن يحتاچه فحالته..

هتف مدثر مقترحا: طاب ما ننجله على هناك، ولا لأجرب مستشفى أحسن! 

هتف سرور ساخرا: مش ناجصة زكاوة هي! الراچل مينفعش يتحرك من مكانه، فيه خطر عليه، كده دمه هيتصفى.. اوعى من وشي خليني أچري عشان ألحجه.. ولا أجولك! هِم معاي ساعدني في مچايب الحاچة.. 

اندفع سرور مهرولا لخارج السراي، يتبعه مدثر، تاركي سراج وقد بدأ العرق يتفصد عن جبينه، زيه الميري ممزق جانبه العلوي، حيث يقبع موضع إصابته بالجزء الأيمن من صدره، وحبيب يجلس على أحد مقاعد الحجرة في تيه، نظره معلق بذاك الجريح الذي يتأرجح ما بين الموت والحياة، لا يستطيع أن يبرح موضعه حتى يطمئن أنه قد نجا، وعقله مشغول الفكر، مهموم الخاطر بتلك التي رحلت، ولا يعرف حتى اللحظة لها طريقا حتى تهدأ نفسه وتطمئن روحه على حالها.. عساها بخير! يتعشم أن تكون وصلت للقاهرة، أو حتى في طريقها لهناك آمنة!.. وأنها ما خرجت في خضم هذه الحرب الضروس التي اشتعلت على أطراف النجع في نفس الطريق الذي يسلكه المارة حين يكون لزاما عليهم الخروج للطريق الرئيسي ليستقلوا عربات الأجرة المتجهة نحو موقف السيارات المتجهة لعدة محافظات، أو لمقر محطة القطار التي تجاوره.. 

آه من هذه العنيدة التي ما أن حلت على حياته، حتى انقلبت أحواله رأسا على عقب.. حضورها طاغِ، وغيابها موجع، وقربها مسهد، وإعراضها مشقي، وايتسامها مهلك، وعبوسها مقلق.. وأنت معها في ورطة كبيرة.. لقد تورطت يا حبيب.. تورطت حتى النخاع.. 

انتفض حبيب موضعه، بعد أن ناداه سرور ربما للمرة الثانية، متطلعا نحوه في تيه، قبل أن يستيقظ من أحلام يقظته، مبتعدا عن مجال حركة سرور الدؤوبة لإنقاذ ذاك الذي بدأ يخترف ببعض الأحرف المتقطعة.. مؤكدة على سوء حالته.. 


الصفحة التالية