-->

رواية جديدة لعبة قلب لعلا السعدني - الفصل 29 - 1 - السبت 8/2/2025

  قراءة رواية لعبة قلب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر

رواية لعبة قلب 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة علا السعدني


الفصل التاسع والعشرون

1

تم النشر السبت

8/2/2025

نظر (حاتم) إلى (أسما) وهو يشعر بإمتنان لوجودها بجانبه فى ذلك الوقت تحديدا فهو كان بحاجة ماسة لها ولوجودها فأبتسمت له واردفت قائلة وهى تحثه على المواجهة 

- أنا عارفة أنه صعب عليك أن تواجه اونكل (شريف) بس انت فى الناحية الصح والناحية الكسبانة لازم تكمل لأنك لو اتخليت عن (حمزة) و (ليلى) فى الوقت ده انت كده بتشمت ابوك فيهم

هز رأسه نافيا تلك الفكرة وقال بوضوح

- أنا مش ممكن اتخلى عنهم فى وقت زى ده .. بس صعب عليا صعب عليا جامد اقف قدام والدى بس عارف انى مش بعمل حاجة غلط وأنه اختار طريق ملوش راجعة واختار سكة مش سكتى أنا وأخواتى

شعرت (أسما) بالفخر من (حاتم) ليكمل حديثه قائلا

- عارف ان الكلام اللى هقولوا دلوقتى هيضايقك بس استحملينى لأنى عاوز اتكلم

هزت رأسها إيجابا كى تحثه على الحديث دون خوف وقلق هو حديثه فأردف قائلا

- يمكن علاقتى ب (حور) ظبطت فيا حاجات مكنتش موجودة يمكن هى دلتنى على الطريق الصح أنا كنت محامى كل همه انى مخسرش قضية بغض النظر موكلاينى عندهم نزاهة ولا لا بس من ساعة ما عرفت اد ايه اتسببت فى اللى حصل ليها وحصل ل (كريم) وانا مش عاوز اكرر المأساة دى تانى .. (حور) صحت فيا حاجات مكنتش موجودة 

رغم شعورها بالضيق لأنه يذكر (حور) ويخصها بتبديل حياته للأفضل لكنها جاهدت نفسها لتظهر ابتسامة خفيفة على ثغرها وهى تقول

- أنا فخورة بيك وبالتغيير ده يا (حاتم) .. انت تستاهل كل خير

ولأنه يعلمها ويعلم ما فى قلبها كأنه مرآة تعكس له شعورها الداخلى فشعر بحزنها الدفين لذا تابع بنبرة صادقة

- ومش هنسى ابدا وقفتك جنبى فى عز ضعفى لو (حور) كانت سبب فى تغيير حياتى فانتى اديتينى دفعة لقدام لما نصحتينى انى اترافع عن (كريم) لولا وجودك مكنش (حاتم) اتغير للأفضل يمكن كان هيبقى اسوء .. لولا كلامك ووقفتك معايا كنت بقيت نسخة اسوء من اللى فاتت

شعرت بسعادة بالغة من حديثه ذاك ونظرت فى عينيه لتتلاقى رمادتيها بعيونه البنية فقد كانت لغة العيون كفيلة بقول ما تكنه فى قلبها اخذ هو نفس عميق ثم استطرد قائلا ليرمى فى جعبتها كل المشاعر السيئة التى يشعر بها فلن يجد غيرها تحتويه

- مستغرب اوووى ابويا .. كل اللى همه فلوس عمرى ما شفت منه حنان ومفتكرش ابدا ان حد من اخواتى شاف حنان منه حتى أمى الله يرحمها مسلمتش من أنانيته ماتت بدرى من تبلد مشاعره .. ادينى كبرت وبقيت راجل واصريت ان شغلى يبقى منفصل عن والدى و (حمزة) عشان اعمل فلوس وأشوف ايه اللى فيها مغرى اوووى كده ولاقيت انها متشتريش حاجات كتير ولا بتعوض حاجة الفلوس معوضتنيش عن موت امى ولا غياب ابويا

منع تلك الدمعة من ان تسقط على وجنته ليظهر بقوته التى طالما كان يتقن اظهارها عكس الهشاشة التى بداخله فشعرت (أسما) بالحزن من اجله ومن اجل المشاعر المضطربة التى بداخله لكنها ارادات ان تخفف عنه بمزاحها وأن تزيح ذلك الألم الذى بقلبه

- يعنى مش كفاية انى كنت بحبك ومش حاسس بيا كمان لما اخدك تبقى معقد من ابوك وخارج من علاقة توكسيك زيك هدواى انا ايه ولا ايه ؟!

ابتسم وفهم انها تحاول ان تخرجه من تلك الحالة التى بها واغمض عينيه لثوان ثم نظر لها بحب وهو يقول

- لو عشت عمرى كله اقولك بحبك ابقى كداب لأن شعورى اكبر من كده بكتير .. بكتير يا (أسما)

توردت وجنتيها لتزداد جمالا فى عينيه لم يكن يهتم بما يدور حولهم ود لو طوقها بين احضانه امتنانا لها على وجودها فى حياته ولكنه يعلم جيدا ان دوره هو حمايتها حتى من نفسه ..

❈-❈-❈

داخل قاعة المحكمة وقف (حاتم) أمام القاضي بهدوء يحمل المزيد من الثقة بداخله رغم صراعاته الداخلية .. كانت (ليلى) تجلس على مقعدها وبجوارها (حمزة) مربتا على يدها بحنان يطمئنها بإن تلك المحاكمة ستمر عيناها معلقتان عليه وكأنها تستمد قوتها من حنانه البالغ معها ..

بدأ (حاتم) حديثه بصوت ثابت

- سيادة القاضي أود تقديم دليل هام يُثبت براءة موكلتي (ليلى) وعدم أهليتها لاتخاذ القرارات التي أُدينت على أساسها

ثم أخرج من حقيبته ملفًا يحتوي على تقرير طبي وسلمه للقاضي وأكمل قائلاً

- هذا التقرير الطبي يوضح أن موكلتي كانت تعاني من أعراض غير طبيعية أثرت على حالتها الذهنية وقدرتها على التمييز بسبب تناولها حبوبًا غير موصوفة لها وعلى الرغم من أن شهادة الشهود صحيحة بأنها لم تكن بوعيها ولكن هذا بسبب تبديل الدواء

رفع القاضي نظره عن التقرير ونظر إلى (حاتم) باستفهام فسارع (حاتم) بالشرح

- بناءً على تحقيقاتنا وجدنا أن علبة الدواء التي كانت تستخدمها (ليلى) للصداع قد استُبدلت عمدًا بحبوب تحتوي على مواد مهلوسة هذا التلاعب أدى إلى تغيرات كبيرة في حالتها العقلية جعلتها غير قادرة على اتخاذ قرارات سليمة والتصرف بطريقة غير ملائمة وقد استغل هذا الوضع من قِبل الأطراف التي تسعى للسيطرة عليها

نظر القاضي إلى التقرير الطبي ثم إلى (ليلى)  التي كانت تبدو متأثرة  استطرد (حاتم) مؤكدًا بنبرة جادة

- سيادة القاضي ما تعرضت له موكلتي هو عملية احتيال وخيانة واضحة لثقتها بهدف إقناع المحكمة بأن حالتها تستدعي فرض الحجر عليها نرجو من عدالتكم أخذ هذه الأدلة بعين الاعتبار وإعادة النظر في الحكم

التفت القاضي نحو المستشاريين  الآخرين ثم نظر إلى الأوراق التي أمامه ليقطع الصمت في القاعة بإيماءة تدل على اهتمامه الشديد بما سمع

بعد المداولة  وضع القاضي التقرير جانبًا ونظر إلى (ليلى) ثم إلى (حاتم) وقال بصوت حازم

- بعد مراجعة الأدلة الجديدة وتأكيد الخبراء الطبيين على أن موكلة الدفاع (ليلى سليم الدالى) لم تكن في حالتها الطبيعية نتيجة تناولها حبوبًا مهلوسة والتي تم استبدالها عمدًا بغير علمها تقرر المحكمة إسقاط دعوى الحجر عن السيدة (ليلى)

تابع القاضي كلامه بنبرة صارمة وعيناه مثبتتان على (شريف) 

- سيتم فتح تحقيق جنائي مستقل للنظر في الشبهات المحيطة بتورطك في استبدال دواء السيدة (ليلى) بحبوب مهلوسة مع العلم أن هذا الفعل يعد اعتداءً صارخًا على حقوقها ويهدد سلامتها النفسية والعقلية

نظر القاضي حول القاعة ثم ختم بحزم

- على النيابة العامة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة في أسرع وقت لضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق السيدة (ليلى) ..

ترددت كلمات القاضي في أرجاء القاعة وساد الصمت لثوانٍ قبل أن تنطلق ابتسامة عريضة على وجه (حاتم) ودموع الفرح تلمع في عيني (ليلى) التي نظرت إليه بامتنان ..

بعد سماع كلمات القاضي القاسية شعر (شريف) بأن الأرض تسحب من تحته وأن عالمه الذي كان يتحكم فيه بيد من حديد قد انهار تمامًا تملكه شعور بالذل والإحباط وأدرك في تلك اللحظة حجم الخسائر التي تكبدها بسبب أفعاله نظر حوله ليشعر بأن نظرات الحاضرين مليئة بالاستنكار والاحتقار ولم يعد يرى أي مخرج من هذا الموقف

شعر (شريف) بغصة في صدره حيث لم يكن يتخيل يومًا أن يصل به الحال إلى الوقوف في قفص الاتهام مجردًا من احترامه وهيبته أمام أولاده الذين لم يعودوا يثقون به ولا يرونه كما كانوا في السابق خسر احترامهم وحبهم وتحولت نظراتهم له إلى خليط من الخيبة والخجل ..

شعرت (ليلى) بمزيج من الارتياح والانتصار كانت تقاوم طوال الوقت شعور الخوف الذي تملكها بسبب ما تعرضت له من تلاعب وظلم لكنها الآن ترى العدالة تتحقق أخيرًا عيناها امتلأتا بالدموع ليس فقط بسبب فرحتها بالنجاة ولكن أيضًا بسبب المرارة التي خلفها خيانة عمها لها الذي كان بمثابة الأب الثاني ..

أما (حمزة) فكانت مشاعره متداخلة ومؤلمة وقف يشاهد والده الذي لطالما كان بالنسبة له رمزًا للقوة يتحول في لحظة إلى شخص ضعيف ومذلول أمام أعين الجميع شعر بحزن عميق وخيبة أمل جارفة إذ لم يكن يتخيل أن والده قادر على فعل شيء بشع كهذا في حق (ليلى) ..

لم يكن شعور (حاتم) أقل من (حمزة) بل كان يشعر بإنه المتسبب الرئيسى فيما حدث لوالده ولكنه لم يكن يستطيع التخلى عن شقيقه وابنة عمه يعلم أن ما فعله هو الصواب ولكنه خسر والده للأبد ..

❈-❈-❈

فى المساء ..

بعد أن علمت (چايدا) ما حدث لوالدها شعرت بحزن شديد حتى انها لم تخرج لتناول الغداء او العشاء معهم حيث كانت تشعر بالشفقة على والداها فبالنهاية هو والداها ولا تريده مسجونا ولا تعلم بما ستكون نهاية تلك التحقيقات معه ابدا استمعت إلى صوت هاتفها ينبئ بوجود مكالمة فوجدت ان المتصل هو (مروان) شعرت بالخجل من نفسها فلا تعرف بماذا تجيبه ولكنها التقطت الهاتف بيدها واجابته على الفور

- ايووة يا (مروان)

شعر من صوتها أنها ليست على ما يرام فشعر بغصة فى قلبه فهو قد اتصل بها صباحا لكنها لم تجيب ولم يرد ان يضغط عليها بإتصالاته كان يريد أن يعطى لها مساحة خاصة بها فاجاب ليطمئنها انه بجانبها ولن يتركها وحدها فى تلك المحنة

- عاملة ايه يا حبيبتى ؟!

اخذت نفس عميق ثم اجابت ببرود

- مش كويسة يا (مروان) .. بابا اتحول للتحقيق بسبب اللى عمله مع (ليلى) 

احس بضيقها على والداها ود لو كان بقربها الآن ليبث فيها الطمأنينة ولكن ليس بيده شئ يقدمها لها فأردفت هى قائلة

- حاسة انى كمان ممكن اعملك مشاكل وفضايح فى شغلك و ..

قاطعها قائلا

- ايه اللى بتقوليه ده يا (چايدا) .. احنا على الحلوة والمرة سوا وبعدين انا ميهمنيش غيرك انتى وبس .. فاهمة ده ولا اعيد انا لو مش عارف اكلم .. مش عارف بس اقول ايه عشان اواسيكى بيه .. عارف ان اى كلام هقولوا ليكى مش هيسكن الوجع اللى جواكى

شعرت بدفء حديثه فظهرت على شفتيها شبح ابتسامة خافتة وقالت بهدوء

- كفاية عليا انى احس انك جنبى وبتدعمنى ولسه عاوزنى رغم كل اللى عرفته

- ولا عمرى افرط فيكى .. لو فرطت فيكى ابقى بفرط فى نفسى يا (چايدا)

شعرت بسعادة تتسلل إلى قلبها رغم الحزن المحيط به فقالت بهدوء

- ربنا يخليك ليا

- ويخليكى ليا يا حبيبتى ..

❈-❈-❈

بالأسفل كانت (ليلى) تشعر بجوع شديد بعد ان انتهى ما مرت به من صعاب فى الإيام الماضية كانت تجلس على طاولة الطعام وهى تتناول طعامها التى افتقدته منذ ايام مضت رغم انها مازالت تشعر بنفس الغصة التى فى قلبها ولكن فوزها بالقضية اعطها دفعة للأمام ولو قليلا كان (حمزة) بجانبها شارد فيما حدث لوالده اليوم ولكنه يحاول ان يتناول طعامه مع زوجته حتى لا تشعر بالوحدة مرة آخرى يكفى ان شقيقته رفضت تناول الطعام .. نظرت له (ليلى) وهى تشعر بالضيق فهى تفهم ما بداخل (حمزة) جيدا رغم محاولاته ان يبدو طبيعيا بالنسبة لها لكن ذلك الشرخ الذى فى قلبه هى تراه وتشعر به تركت طعامها ثم نظرت إليه وقالت بثبات عكس الصراع النفسى الثائر بداخلها

- انا هتنازل عن حقى فى التحقيقات لوالدك

تجمدت اللحظة بينهم وكأن الوقت توقف نظر إليها (حمزة) بصدمة وكانت ملامح وجهه تعكس مشاعر متضاربة من الدهشة والقلق ..

- ليه هتتنازلي؟ ده حقك! 

- أنا عارفة إن القرار صعب لكن أنا مش هبقى مبسوطة وانا شايفاك بالحالة دى انت واخواتك .. كفاية اووى اللى عملتوه عشانى ووقفتكوا معايا ضد والدكوا

ارتبك (حمزة)  ولم يعرف كيف يجيب شعر بشيء يعتصر قلبه وأراد أن يُفهم (ليلى) أنه يقدّر مشاعرها لكنه كان يخشى على ما ستعانيه في المستقبل

- بس يا (ليلى) ده حقك مش عاوزك تحسّي إنك بتتخلي عن حقك عشانى انا واخواتى أنا مش عاوزك تعملى حاجة ممكن تندمى عليها بسببى

تراجعت (ليلى) قليلاً وابتسمت بحزن عرفت أنه يخشى عليها ويوليها الأهمية رغم كل ما يعانيه فى قلبه فهى تعلم جيدا وتعلم ما بداخله حتى لو لم يبوح لها لذا كانت واثقة من قرارها

- عشانك يا (حمزة) ممكن اعمل اى حاجة

تنهّد (حمزة) وظهرت عليه علامات الحيرة لم يكن يعرف كيف يتصرف فبالنهاية يهمه ايضا امر والداه ايضا

- أنا مش عاوزك تتنازلي عن حقك .. بس أنا مش عارف أعمل إيه هو برده بابا

شعرت (ليلى) بتوتره وأمسكت بيده بلطف محاوِلةً تهدئته

- يمكن اكون ظلمتك فى يوم من الأيام معاه بس انت سبت كل حاجة عشانى .. آن الأوان اعمل انا كمان حاجة عشانك

 شعر حينها (حمزة) بيعض الأمل يدق فى قلبه وأن قرارها نابع من حب عميق

- أنا مقدر مشاعرك وفعلاً أنا بشكرك من قلبى بس .. أنتى متأكدة؟

ترددت لحظة ثم ابتسمت (ليلى) وهى تهز رأسها إيجابا 

- أيوة أنا متأكدة 

شعر (حمزة) بسعادة بالغة وربت على يدها بحنان وهو يقول

- ربنا يخليكى ليا يا حبيبتى

- ويخليك ليا ..


الصفحة التالية