رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش الفصل 20 - 4 - الجمعة 21/2/2025
قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية طُياب الحبايب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رضوى جاويش
الفصل العشرون
4
تم النشر الجمعة
21/2/2025
اضطربت هاجر لا تعرف على أي أوراق يتحدث، استأذنت ومدت كفها نحو الملف متطلعة للأوراق محل الخلاف، لتدرك فداحة الأمر وصدق عتابه.. أما أين كان عقلها وهي تراجع هذه الأوراق!.. فقد كان غائبا يحل تلك المعضلة التي ما لها من حل.. حبيبها يحب صديقتها التي لا تحبه، بل لا تؤمن بالحب من الأساس، وهي تقف كالبلهاء لا تحرك ساكنا تحترق وجعا وصمتا وقهرا في ذاك المنتصف القاتل، ما بين حبيب لا يحبها، وصديقة بمنزلة الأخت..
أكدت في نبرة رسمية: آسفة يا نصير بيه، هراجع الأوراق دي تاني واسلمها لحضرتك مظبوطة، بعتذر مرة تانية..
هز رأسه متفهما، وهمت هي بالانصراف، لكنها ولسبب مجهول توقفت لتسأله وقد فاض فضولها لمعرفة إجابة هذا السؤال: نصير بيه! هو حضرتك تعرف أنس الوجود منين!.. اقصد يعني شفتها فين قبل كده!..
سأل نصير في تعجب: ليه!..
أجابت هاجر: أصل مش قادرة استوعب إن يوم عيد ميلادي كان أول مرة تشوفها فيها، وفجأة تطلبها للجواز!..
أكد نصير على صدق شكوكها: أيوه فعلا، مكنتش أول مرة، شفتها قبل كده.. أو بمعنى أصح.. شفتها مرة واتكلمنا فالتليفون مرة..
هزت هاجر رأسها تدعي التفهم، وما أن همت بسؤاله عن مكان المقابلة الأولى، حتى رن هاتفه الداخلي مذكرا إياه بعد أن رن على مكتب هاجر ولم ترد، أن عليه التوجه لغرفة الاجتماعات.. فقد حضر الجميع وعليه البدء.. ما دفعها لتبتلع اسئلتها، وقد أدركت أن هناك الكثير الذي تدين لها صديقتها بمعرفته..
❈-❈-❈
الرسلانية ١٩٩١..
رأت أنس وهي بنافذتها سالم يدخل باب السراي، فهبطت الدرج نحو باب المضيفة تناديه، فلبى ندائها في عجالة، لتسأله أنس في محبة: ازيك يا سالم!
هتف سالم في ود: الحمد لله يا أستاذة، حمدا لله بالسلامة، ربنا ما يطول غيبتك..
هتفت أنس باسمة: تسلم يا سالم، بقولك! أنت فاضي توصلني لبيتكم، عايزة اطمن على نجية.. مشفتهاش قبل ما أسافر المرة اللي فاتت..
هتف سالم مؤكدا: أني كنت طالع للشيخ محمود، لكن نفضالك يا أستاذة، اوصلك لحد دارنا، وأبجى أرچع للشيخ محمود..
هتفت أنس الوجود في مودة: طب ياللاه بينا.. أنا جاهزة..
خرجا معا من باب السراي، كانت قادرة على الذهاب لنجبة أم سالم بمفردها، لكنها ولسبب غير معلوم، أسرت أن تتبع تعليماته هذه المرة، وعلى غير عادتها المتمردة، فقررت أن يكون معها رفقة إذا ما قررت الخروج بعيدا عن اسوار السراي، ففي المرات التي خالفت تعليماته حدث ما لم تكن تتوقعه، كاد الأمر أن يتحول لكارثة تلو الآخرى، أدركت بعدها أن حبيب هو ذاك الرجل الذي لا تجد في طاعته ما يعببها، بل على العكس، الازعان لأوامره أصبح إلى حد كبير مبعث للراحة..
كانا قد قطعا شوطا قصيرا من الطريق، وقبل أن يتخذا الدرب الترابي المفضي إلى بيت نجية، ظهر سراج فتوقف ملقيا التحية: السلام عليكم، حمدا لله ع السلامة يا آنسة أنس..
ابتسمت أنس مجيبة في أريحية: المفروض حمدا لله ع السلامة دي تتقال لحضرتك.. أخبار الاصابة، مش أحسن!..
أكد سراج باسما: آه أحسن كتير الحمد لله..
هتفت أنس: طب تمام.. عن إذنك..
همت أنس الوجود بالتحرك مع سالم، إلا أن سراج وبلا سابق تخطيط هتف متسائلا، فقد لا تتاح فرصة مواتية كهذه لمقابلتها: آنسة أنس، ممكن بس سؤال ضروري..
توقفت أنس وانتظرت أن يسأل، لكن نظراته انبأتها أنه يتحرج من وجود سالم، فهتفت بالأخير معتذرة: طب بص يا سالم، ارجع أنت السرايا، وأنا هشوف سراج بيه، ونبقى نتفق نروح لوالدتك في وقت تاني..
هز سالم رأسه طائعا في سلاسة، وتركهما وحيدين وعاد للسراي مجددا.. ابتعد سالم فعرضت أنس في تباسط: ممكن نتمشى لو الموضوع هياخد وقت بدل وقفتنا كده..
هز سراج رأسه موافقا، ليسود الصمت لبرهة، قبل أن يسأل بلا مواربة: هي الآنسة منيرة اللي كانت معانا في إسكندرية، تبقى جريبة حبيب بيه!..
أكدت أنس باسمة: لا دي مش قريبته..
انتفض سراج متسائلا في ذعر: اومال إيه!..
أكدت أنس وقد اتسعت ابتسامتها: دي أخته..
تنهد سراج في راحة، وما أن أدرك أن أنس تتبسم لأفعاله المفضوحة، حتى سيطر على نفسه، وتشبث بالثبات وهو يسألها في مواربة: وحبيب بيه مكنش يعرف إنكم ف اسكندرية! يعني روحتوا من وراه مثلا، عشان كده معرفتهوش موضوع توهيتها دي!
تنهدت أنس مفسرة: بص يا سراج بيه، الموضوع طويل شوية، بس هو باختصار، أنا عرضت على حبيب بيه أخد منيرة بعد أزمة نفسية شديدة حصلت لها بعد طلاقها قبل الفرح بحوالي يومين..و
قاطعها سراج في فضول: من عزت ابن العمدة! صح..
هزت رأسها إيجابا، ليستطرد: وايه اللي يخليه يعمل كده قبل الفرح بكام يوم، واضح إن الآنسة منيرة مهذبة وملتزمة وبنت أصول.. و..
استشعر أنه استفاض في ذكر محاسن منيرة ما دعاه ليصمت، لتجذب أنس منه طرف الحديث حتى تجنبه الحرج، مؤكدة: هي كده فعلا، ومحدش يعرف ايه السبب الحقيقي اللي خلاه يطلقها بالشكل ده.. قبل فرحهم بيومين.. طبعا ده دخل منيرة في صدمة، وكان لازم تبعد عن هنا شوية عشان أعصابها تهدى، وعلى الحظ نزلنا محطة سيدي جابر فاسكندرية من هنا، وضرب النار والخناقة حصلت من هنا، ولولا حضرتك لحقتها، مكنتش عارفة ايه ممكن يحصل من حبيب بيه لو وصل له خبر ضياع أخته في بلد متعرفش حد فيها!.. كان ممكن يعمل فيا ايه سعادتك! تخيل كده..
قهقه سراج مؤكدا: لا، مش محتاچ اتخيل، بعد اللي شفته هنا، كان ممكن يعمل كتير.. ربنا نچاكي..
ساد الصمت مجددا، ليسأل سراج في تردد: بس هي بجت كويسة! مش كده!
هتفت أنس ممازحة: هي مين!
أكد سراج في نبرة مهتزة: الآنسة منيرة.. بجت تمام، ولا لسه تعبانة!..
أكدت أنس باسمة: لا بقت تمام أوي، أصل الصراحة هو اللي خسران، حد يسيب واحدة زي منيرة!.. وبعدين ما هو حضرتك شفت بنفسك، ده جه يصرخ وكان عايز يرجعها لعصمته، وسمعت رد حبيب بيه عليه.. ولولا وجودك ساعتها، كان اتجنن وضربه بالنار..
همس سراج متسائلا: طب ما يمكن الآنسة منيرة عايزة ترچع له، ما هو محدش عارف ايه سبب اللي عمله، وطلاجه لها بالشكل ده!..