-->

رواية جديدة لعبة قلب لعلا السعدني - الفصل 28 - 1 - الخميس 6/2/2025

  

  قراءة رواية لعبة قلب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر

رواية لعبة قلب 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة علا السعدني


الفصل الثامن والعشرون

1

تم النشر الأربعاء

6/2/2025



تجمد (حمزة) في مكانه وكأن الزمن قد توقف فجأة .. قلبه الذي كان ينبض بقوة أصبح كحجر ثقيل يسقط في أعماق البحر .. الكلمات التي نطق بها الطبيب كانت كالسكاكين التي تغرس في صدره ..

تجول ببصره في أرجاء المستشفى كأنها أصبحت جدراناً من الزجاج تعكس له صوراً متقطعة من ذكرياته مع (ليلى) تذكّر ضحكته  عينيها اللامعتين والأمل الذي كان يملأ قلبه حينما كانا يتحدثان عن مستقبلهما معاً ولكن كيف وصلت إلى هذه الحالة؟!

تذكّر كل مل مرت به الفترة الماضية من تغيرات وحالتها التى كانت تزداد سوءا وفكرة واحدة طغت على عقله والده

كيف لم يتوقع ذلك؟ كان والده هو من دفعها إلى تلك الحالة بتلك الدعوى التي استلمتها بالحجر عليها كانت تلك الحبوب مجرد أداة في يده للسيطرة على حياتها بدم بارد جعلها تعاني في صمت ..

شعر بحمل العالم كله على كاهله وكأن كل نبضة من قلبه كانت تصرخ .. تملكه الغضب ولكنه كان يشعر بالعجز نظر إلى الطبيب عينيه مليئتان بالدموع لكنه حاول التماسك فحتى البكاء لم يكن له مكان في قلبه الممزق ..

- هي كويسة صح؟

 سأله بصوت مكسور بينما كانت أحشاؤه تتلوى من الألم

أجابه الطبيب بهدوء محاولاً بنبرة يغلفها التعاطف

-أحنا عملنا كل اللى علينا بس حالتها حرجة للأسف

لم يستطع تحمّل المزيد فوالده كان السبب وراء كل هذه المعاناة ..

أغمض عينيه لفترة وكأنما يحاول جمع شتات نفسه أدرك أنه بحاجة إلى القوة ليست له فقط بل ل (ليلى) ليكون بجانبها مهما كانت الظروف تمنى لو كان بإمكانه أن يأخذ مكانها لو كان بإمكانه أن ينقذها من هذا الكابوس ..

❈-❈-❈

بعد مرور ساعتين كان (حمزة) يشعر وكأن زمن كامل مر عليه حيث كان يشعر بالقلق عليها ومن أنها لم تستفيق بعد جلس بجوارها على مقعد أمام الفراش يتأملها وكيف وصلت لذلك بسبب والده وجدها تستفيق ببطء شعرت بثقل جسدها وكأن الحياة تُعيد الانسياب تدريجيًا في عروقها فتحت عينيها بصعوبة ورأت ضوءًا خافتًا يتسرب من النافذة ويعكس وجهًا مألوفًا يجلس إلى جانبها يحدق فيها بقلق لا تخطئه العين

كان (حمزة) هناك يمسك بيدها بقوة كأنما يخشى أن تفلت منه كانت عيناه متعبتين لكنها رأت فيهما لمعة رجاء وأمل ..

مال نحوها وهو يُمسك بوجهها برفق عيناه تلمعان ببريق يشوبه القلق والحنان ثم همس لها بصوت متأثر

- حمد لله على سلامتك يا حبيبتى كنتى هتموتيني من الخوف عليكى يا (ليلى)

شعرت (ليلى) بيد (حمزة) وهو يربت عليها بلطف فكانت لمسته تُعيد الطمأنينة لروحها ابتسمت له بابتسامة باهتة،

 وهى تغلق عينيها للحظة شعرت بدفء حضوره بجانبها يغمرها ويخفف عنها الألم ثم سألته وهى تنظر حولها كأنها بدئت تفطن اين هى الآن وكيف وضعها 

- ايه اللى حصل ؟! ايه اللى جبنى هنا

صمت (حمزة) للحظات لم يكن يعرف بماذا عليه أن يجيبها هل يخفى عليها الأمر ولكنه مازال يتجرع مرارة أنه أخفى عليها أمر ما بالتأكيد لن يكررها ضغط على يدها بقوة

- استنى لما انده دكتور يجى يفحصك الأول

نهض عن مقعده وذهب نحو الخارج ثم قام بجلب الطبيب معه ..

دخل الطبيب إلى الغرفة بخطوات هادئة فيما وقف (حمزة) جانبًا يراقبه بقلقٍ صامت ثم بدأ بإخراج أدواته من حقيبته بينما عينا (حمزة) تتابعان كل حركة ..

رفع الطبيب يد (ليلى) برفق واضعًا إصبعيه على معصمها ليتحسس نبضها وعيناه تركزان في هدوءٍ يراقب بتمعن كأنّه يقرأ ما بين سطور جسدها الهش شعر (حمزة) بقبضة من التوتر في قلبه حاول أن يبقي نفسه هادئًا لكن عينيه كانتا تفضحان شعوره المتنامي بالخوف ..

بعدها استعمل الطبيب السماعة الطبية بلطف ووضعها على صدر (ليلى) ليستمع إلى ضربات قلبها ثم على ظهرها ليطمئن إلى تنفسها ..

كانت (ليلى) تتابع حركات الطبيب بنظرات شاحبة تشعر بالتعب يغلبها لكن وجود (حمزة) بجانبها منحها شعورًا بالأمان أخيرًا ابتعد الطبيب قليلاً ونظر إلى (حمزة) قائلاً بصوت مطمئن

- الحمد لله حالتها مستقرة محتاجة ترتاح وتأخذ سوائل وتعوض الدم اللي فقدته

تنفس (حمزة) الصعداء وشكر الطبيب بحرارة عاد للجلوس بجوار (ليلى) يمسك بيدها وكأنما يتعهد ألا يتركها أبدًا طالما كان بجانبها مطمئنًا لوجودها بسلام ..

خرج الطبيب من الغرفة فاقترب (حمزة) منها وجلس على المقعد المقابل لفراشها فسألته مرة آخرى

- ايه اللى حصل يا (حمزة) أنا مش فاكرة حاجة خالص 

اخذ (حمزة) نفس عميق ثم قال بهدوء وهو يربت على يدها كأنه يطمئنها أنه بجوارها ولن يتركها ابدا

- كنتى حامل يا (ليلى) وحصل أجهاض

ظلت (ليلى) تنظر إلى (حمزة) بذهول تحاول استيعاب كلماته كأنما كل حرف منها ينزل عليها كقطعة من الجليد تجمد مشاعرها في مكانها تخلخل صوتها وهي تسأل بضعف

- أجهاض؟... أنا... كنت حامل؟

لم تتمكن من استيعاب الأمر فورًا فارتجفت يداها في يد (حمزة) وبدأت دموعها تنساب على وجنتيها دون أن تدرك .. تغيرت ملامح وجهها بين الصدمة والألم وعيناها تائهتان تبحثان عن إجابة أو عزاء شعرت كأن الأرض تهتز تحتها وأن ثِقل الحزن يخنق أنفاسها ..

حاولت أن تسحب يدها من يد (حمزة) ببطء كأنها تريد التعامل مع الألم وحدها لكن (حمزة) أمسك بيدها بحنان وقربها منه ليُطمئنها أنه لن يتركها تمر بهذه اللحظة وحدها لكنها لم تستطع كتم بكائها فاستسلمت له وهي تهمس بمرارة

- ليه حصل كده يا (حمزة) ؟

شعر (حمزة) بعجزه أمام ألمها وكأن الكلمات تعجز عن مواساتها فاكتفى بأن يبقى بجوارها يمسح على كتفها محاولاً منحها بعض القوة كي تتجاوز هذا الألم فكيف سيخبرها بما فعله والده فكل مدى يزداد سوءا وشرا قاطعت أفكاره المتخبطة ثم سألته مجددا

- ليه حصل الأجهاض ده ؟!

ابتلع ريقه بصعوبة شديدة وقرر مصارحتها بكل شئ وقال

- أنا مش عاوز أخبى عليكى تانى عشان ثقتك فيا متفقديهاش تانى بس اللى هقوله صعب وبتمنى انك متحملنيش الذنب لأنك زى ما اتأذيتى أنا اتأذيت كمان زيك واكتر اتأذيت فيكى وفى ابنى وفى ابويا 

نظرت له بعدم فهم فتابع هو قائلا

- كنتى بتاخدى حبوب هلوسة يا (ليلى) وده سبب الاجهاض 

- أنا عمرى ما خدت حاجة زى دى أنا ..

توقفت عن الحديث وهى تربط الخيوط بعضها ببعض حالتها التى أصبحت لا تفهمها مؤخرا كما قضية الحجر الذى رفعها عليها عمها والأجهاض الذى حدث فانهمرت الدموع من عينيها دون صوت كأن الألم الذى بداخله صوته أعلى بكثير من اى صوت ممكن أن تخرجه يهون عليها ما حدث فهم (حمزة) أنها فهمت كل شئ فهى شخص واعى وذكى فربت على يدها بحنان وهو يقول

- مش هسيب حقك يا (ليلى) ولا حق ابنى .. ومحدش هيمس منك او من فلوسك شعرة طول مانا عايش

اشتدت قبضة يدها فى الأمساك بيده وهى تقول بصوت خافت 

- متسبنيش يا (حمزة) .. انا مليش غيرك

ربت بيده الآخرى على يدها وقال بنبرة حنونة

- أنا جنبك متخافيش

ظل معها إلى أن نامت وذهبت فى سبات عميق نظر لها وسحب يده ببطئ وقرر مواجهة والده فهو لن يمر ما حدث بتلك السهولة لابد من مواجهة والده نهض عن مقعده وذهب نحو الخارج ثم بدء فى قيادة سيارته وهو يفكر فى ماذا عليه أن يقول لوالده وصل إلى المنزل ودلف نحو الداخل وصعد إلى غرفة أبيه وقام بفتحها دون استأذن حتى ليجد والده جالسا بالشرفة ..

فتح (حمزة) باب الغرفة بعنف لدرجة جعلت والده يلتفت من الشرفة بدهشة دخل (حمزة) بخطوات بطيئة وعيناه تلمعان بالغضب وكأن شيئًا يشتعل في صدره لا يستطيع كتمانه تقدم ببطء ثم قال بصوت حازم لكنه مكسو بالألم

- ليه يا بابا؟ .. ليه توصل الأمور للدرجة دي؟

تطلع إليه والده بوجه محايد كأنه لا يدرك بعد عمق الجرح الذي سببه له

- أنا عملت اللي لازم يتعمل الفلوس دي حق العيلة ومكنش ينفع تخرج من إيدينا

أخذ (حمزة) نفسًا عميقًا ليكتم غضبه ثم قال بحدة

-عارف إنها كانت حامل؟ عارف إنك اتسببت في إنها تفقد ابنها؟ اللى هو ابنى بسبب حبوب الهلوسة اللى كنت بتديها ليها

صمت والده للحظة تجمدت ملامحه للحظة قبل أن تتلون بنظرة من التوتر ربما شعر بندم أو صدمة خفيفة لكن وفي محاولة للحفاظ على مظهر القوى قال بصوت بارد

- مش ذنبي اللي حصل اللي بيحصل للواحد قدَر وأنا كنت بحمي مصلحة العيلة

هز (حمزة) رأسه بمرارة كأن ما يسمعه يزيد من نار غضبه وقال بصوت خافت لكنه حاد

- مصلحة العيلة؟ دي حياة بني آدمة حياة ابني .. (ليلى) فقدت ابنها وحياتها تدمّرت وإنت لسه بتتكلم عن الفلوس؟

فلوس ايه اللى بتفكر فيها دى

بدأت ملامح والده تتغير فربما بدأت بعض مشاعر الندم تظهر عليه لكنه لا يزال مصرًا على تبرير أفعاله الحمقاء تلك فقالل بلهجة دفاعية

- مكنتش أعرف إنها حامل  ولو كنت أعرف ..

قاطعه (حمزة) وهو ينظر إليه نظرة حادة ومليئة بالعتاب

- لكن اللي كنت عارفه هو إنك ظلمتها وإنك عملت أي حاجة علشان تتحكم فيها وتسيطر على فلوسها

وقف والده واقترب من (حمزة) محاولًا فرض هيبته لكنه ادرك أن أثر كلماته بدأ يضعف بينما شعر (حمزة) في تلك اللحظة أن الندم ليس كافيًا وأنه لا يمكن إصلاح ما تم تدميره بهذه السهولة أكمل بصوت منخفض لكن مليء بالإصرار

- أنا مش هسيب حق (ليلى) ولا حق ابني وهفضل جنبها مهما حصل ولو مصلحة العيلة هتيجي على حسابها يبقى العيلة دى ملهاش قيمة عندي

فى تلك اللحظة استمع كلا من (چايدا) و (حاتم) إلى صوت (حمزة) المرتفع فأتى إلى الغرفة وسمعت (چايدا) كل ما فعله والدها ب (ليلى) ولم تكن تصدق أن ما سمعته حقا فمهما كان لا تصدق أن والدها ملئ بكل تلك الشرور وذلك التفكير الشيطانى فأرتمت فى أحضان (حاتم) الذى لم يكن يعلم ايهون عليها ام يهون على نفسه فقال (حمزة) بغضب شديد

- مش هقعدلك فى البيت لحظة واحدة اعتبر أن ملكش ابن اسمه (حمزة)

فقال (حاتم) بهدوء وهو يربت على كتف (چايدا) محتضنا إياها

- ولا أنا ولا (چايدا) هنقعد معاك 

ثم نظر إلى (چايدا) قائلا

- روحى لمى هدومك أنا عندى شقة خاصة هنروح نقعد فيها أنا و (چايدا)

جلس (شريف) على مقعده بالشرفة  وعيناه تجولان في المكان كأنه يحاول أن يجد شيئًا ينقذه من الأثم الذي وقع فيه لأول مرة شعر بوطأة أفعاله وبحجم الأذى الذي تسببت به قراراته الظالمة .. بدأت مشاعر الندم بالتسلل إلى قلبه ..

ثم تحدث بصوت منخفض لنفسه كأنما يحاول إيجاد مبرر لما فعله

- هما كده هيبعدوا عني؟ عشان أيه؟ أنا عملت كل ده عشانهم وعشان مستقبليهم ..


الصفحة التالية