رواية جديدة تعويذة العشق الأبدي لسمر إبراهيم - الفصل 23 - 1 - الخميس 17/7/2025
قراءة رواية تعويذة العشق الأبدي كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية تعويذة العشق الأبدي
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة سمر إبراهيم
الفصل الثالث والعشرون
1
تم النشر يوم الخميس
17/7/2025
تجمد مكانه وتجهمت ملامحه فور سماعه صوتها مما جعل عهد تلتلفت لترى من التي تتحدث فوجدت فتاة في منتصف العشرينات بالرغم من جمال ملامحها إلا أن علامات التكلف ظاهرة عليها بسخاء تنظر إليها من أعلى لأسفل باستعلاء ثم بدلت نظرها نحوه متحدثة بابتسامة مصطنعة:
- فينك من زمان يا يونس I miss you so much
أجابها باقتضاب:
- موجود.
غضت الطرف عن حديثه المقتضب والتفتت نحوها وهي تسأله بتكبر:
- مش هتعرفني؟
اتسعت عيناها بدهشة وجف حلقها وهي تسمع كلماته التي نزلت عليها كخنجر مسموم:
- أقدملك عهد خطيبتي.
لم تكن صدمة عهد من حديثه تقل عن صدمة سيلين ولكنها حاولت تمالك نفسها أمامها وبسطت يدها لمصافحتها وهي تتحدث برسمية:
- أهلًا، بس معرفتش انتي تبقي مين؟
أجابها يونس بمضض:
- دي سيلين بنت عمي.
قال ذلك وهو ينهض ويمسك بيد عهد مردفًا وهو يغادر مسرعًا لا يريد التواجد معها أكثر من ذلك:
- معلش يا سيلين مضطرين نمشي علشان ورانا حاجات كتير.
لم يمهلها فرصة للرد وتركها تتآكل من كثرة الغيظ لتخرج هاتفها من حقيبتها وقامت بطلب أحد الأرقام وفور الإجابة عليها تحدثت بغضب شديد:
- مبتردش علطول عليه يا حيوان انت، يونس ابن عمي خارج دلوقتي من النادي ومعاه واحدة ساعة بالكتير وتكون جايبلي كل حاجة عنها.
لم تنتظر أن ينطق بشيء وقامت بإغلاق الهاتف بوجهه وهي تتوعد لعهد عازمة على إنهاء علاقتها معه بأي طريقة ممكنة فهو لها وحدها ولن تتركه لأنثى أخرى مهما كلفها الأمر.
❈-❈-❈
تنظر لنفسها في المرآة بنظرات راضية تمسك ثوبها الحريري بإحدى يديها لتضيقه مبرزة مفاتنها واضعة مساحيق التجميل باليد الأخرى لتتحدث وهي تنظر لنفسها بإعجاب متشدقة بقطعة علكة بفمها:
- يخربيت جمالك وحلاوتك يا بت، بقى الجمال والحلاوة دي كلها تندفن بالحيا مع الكُهنة اللي اسمه عادل ده، دا حتى يبقى حرام كويس إني خلصت منه وعرفت أوزعه الساعتين دول بلا هم.
انتبهت على صوت طرقات على باب الشقة فهرولت لتفتح سريعًا قبل أن يلاحظ أحد الجيران.
فتحت الباب ووجدته واقف أمامها ينظر إليها من أعلى لأسفل باشتهاء فأمسكت بيده لتدخله سريعا وهي تنظر في كل اتجاه خارج الشقة للتأكد من أن لا أحد يراهما وأغلقت الباب بحرص وهي تنظر إليه بعيون ناعسة مليئة بالرغبة:
- اتأخرت ليه.
مسح جسدها بعينيه وحدثها بصوت رخيم وهو يقترب منها حتى ألصقها في الحائط وألصق جسده بها:
- وهو أنا أقدر اتأخر عليك برضه يا بطل.
لم يكد ينهي جملته حتى التهم شفتيها بقبلة محمومة خارت معها لكل ذرة مقاومة لم تكن لديها من البداية فلقد عزمت على الخيانة وخططت لها جيدًا غير مبالية بأي من العواقب.
❈-❈-❈
يجلس على المقهى مهمومًا يفكر بطريقة يحصل منها على مزيد من النقود فلقد قاربت نقوده على النفاذ ليصل في النهاية أن الطريقة الوحيدة التي تمكنه من الحصول على الأموال التي يريدها هي الوصول لزوج ابنته فمن المؤكد أنه لن يبخل عليه بمزيد من النقود فهو والد زوجته في النهاية.
ضرب جبهته بغيظ لاعنًا غباؤه فهو إلى الآن لا يعلم عنوان سكنهما فأمسك بالهاتف مقررًا محادثة ابنته عازمًا على التودد إليها ومعاملتها بلطف حتى يصل إلى مراده فهي ابنته وعليها تنفيذ ما يأمرها به فهذا حقه عليها.
ما لبث أن يهم بمهاتفتها حتى وصل إليه إشعار بقدوم رسالة على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي تقول:
" يا مرحب بالدُهل اللي مراته ملبساه العمة، ومركباله قرون، أنا لو منك أروح البيت دلوقتي فيه مفاجأة حلوة مستنياك هأو"
أنهى قراءة الرسالة بعينين تقدحان شرًا وهرع للوصول إلى منزله ليرى ما الذي يحدث وما يقصده مرسل هذه الرسالة.
وصل إلى شقته وهو يلهث فوقف أمام الباب يسترد أنفاسه لبضع ثواني وهم بفتح الباب والجًا بحذر حتى لا تشعر به وما كاد أن يصل إلى غرفة النوم حتى استمع لصوت ضحكات زوجته ومعها صوت ذكوري فتدفقت الدماء بداخل عروقه ودفع باب الغرفة بيده دون تردّد، وما إن وقع بصره عليهما متلاصقين على الفراش، حتى تجمّد مكانه للحظات لا يستطيع استيعاب ما تراه عيناه هلى تخونه حقًا بعد ما فعله لأجله؟
لم يلبث أن استعاد وعيه وتملك منه الغصب القاتل فانفجر صوته غضبًا كالصاعقة، وعيناه تقدحان شررًا، كأنما القيامة قد قامت في قلبه:
- يا خاينة يا بنت الكـ..
قال جملته وهو ينقض عليها يخنقها بيديه حتى كادت تفارق الحياة ليفر مرزوق هاربًا وهو يرتدي ملابسه بعجالة في غفلة منه فلقد كان تركيزه منصب عليها هي.
كان يضغط بيديه على رقبتها ليبدأ الأكسجين في الانقطاع عنها وكادت قواها أن تخور وتستسلم لقدرها ولكن في لحظة يأس وتمسك بالحياة استطاعت الوصول إلى المصباح ذو الغطاء الموضوع بجوار الفراش ونزلت به فوق رأسه بكب ما استطاعت من قوة حتى ارتخت يداه عنها فدفعته بعيدًا ولم تشعر بنفسها إلا وهي تنهال على رأسه بضربات متتالية حتى تهشمت رأسه وفارق الحياة لتستعيد وعيها مدركة لما فعلته فأخذت تلطم خديها بجنون لقد ضاع مستقبلها في لحظة طيش لم تكن تحسب حسابها.
❈-❈-❈
يُقال إن الشيطان أستاذُ الخديعة، لكنّه ما إن جلس عند قدميها حتى طأطأ رأسه، يعترف ولو بصمت أن مكيدته ما عادت الأولى، فالأنثى إذا أرادت، نسجت من الكلمات شِباكًا، ومن النظرات سهامًا، ومن الهدوء عاصفة لا تُدرَك.
ضحكت، فارتجف إبليس، وغضبت، فاختبأ في الظلّ.
هي لا تغوي فحسب بل تُربّي الغواية.
مسحت دموعها بعنف عازمة على النجاة مما حدث بكل ما أوتيت من قوة فاستقامت وبدأت بإزالة أي أثر لمرزوق بداخل الشقة ثم بعثرت محتوياتها لتظهر أن ما حدث كان بغرض السرقة لا أكثر وقامت بلكم وجهها بقوة ثم أخذت تجمع ملابسها في حقيبة سفر ووضعت بداخلها الأموال والمصوغات الموجودة بالشقة وتحركت بهدوء بدلت ملابسها حاملة الحقيبة متجهة نحو باب الشقة بعد أن قامت بخفض درجة حرارة الغرفة باستخدام مكيف الهواء حتى لا تتحلل الجثة سريعا.
فتحت الباب قليلًا وأخذت تنظر في كل اتجاه لتطمئن أنه لا يوجد أحد ثم ابتعدت عن الباب قليلا وهي تصيح بملئ فيها:
- بقى كدا يا راجل يا ناقص بتمد ايدك عليا والنبي منا قاعدالك فيها هو أنا ماليش أهل ولا إيه أديني ماشية وسايباهالك مخضرة، أوعى كدا متمسكنيش وديني وما أعبد منا بايتة فيها بيت أهلي أولى بيا.
أنهت جملتها التمثيلية وخرجت صافعة الباب خلفها بقوة لتبتسم بخبث فور سماعها لصوت بعض من جيرانها يقبلون عليها من أعلى ومن أسفل ليروا ما بها كعادة الأحياء الشعبية في قاهرة المعز.
اقتربت منها إحدى جاراتها وهي تربت على كتفها وحدثتها بقلق:
- مالك يا سماح يا بنتي كفى الله الشر حصل ايه؟
دخلت في نوبة بكاء متقن وتحدثت بنشيج وهي تشير نحو الكدمةالتي حول عينها:
- شوفتي يا خالتي أم فاروق الراجل الخسع عمل فيا إيه؟
خبطت المرأة على صدرها وهي تعقب بأسف:
- يا ندامة يا بنتي جاته شكة في إيده بقى الناقص يمد ايده عليكي بدل ما يبوس إيده وش وضهر عالنعمة اللي هو فيها قال على رأي المثل رضينا بالهم والهم مرضاش بينا.
أنهت حديثها وهي تلوي فمها بسخط لتستمر سماح في البكاء وهي تعقب بصوت متقطع:
- قصره يا خالتي الكلام لا هيجيب ولا هيودي أنا رايحة لبيت أهلي ومش قاعداله فيها.
اقتربت منها المرأة ومعها اثنتين من جيرانها يهدآنها في محاولات منهن لإثنائها عن الذهاب لبيت عائلتها:
- استهدي بالله بس يا بنتي واخزي الشيطان متسيبيش بيتك احنا هنخليه يراضيكي ويحب على راسك كمان.
لم يعطينها فرصة للحديث وبدأت إحداهن تطرق على الباب وهي تتحدث بصوت مرتفع أمام نظرات سماح المرتعبة:
- افتح يا أسطى عادل واخزي الشيطان مينفعش تسيب أهل بيتك يمشوا في وقت زي ده، يا أسطى، يا أسطى رد عيب مش كدا.
كانت تتصبب عرقًا تخشى افتضاح أمرها فأخذت حقيبتها وهرعت بالمغادرة وهي تتحدث بصوت مختنق ببكاء مصطنع:
- خلاس يا جماعة متذلوش نفسكم ليه أكتر من كدا أنا ماشية بيت أهلي أولى بيا.
لم يستطعن منعها لتعود كل واحدة منهن لشقتها وهي تمصمص شفتيها وتضرب كف بآخر بامتعاض على حال تلك الفتاة الشابة التي جمعها القدر مع هذا العجوز وبدلًا من أن يقوم بتدليلها يقوم بالاعتداء عليها بهذا الشكل.
❈-❈-❈
بعد مرور اسبوع
رائحة كريهة تفوح من الشقة منذ بضعة أيام زادت اليوم مما دفع سكان العقار إلى كسر باب الشقة والدخول ليروا ماذا هناك خاصة وأن صاحب الشقة لم يظهر منذ بضعة أيام تحديدًا لم يره أحد منذ أن غادرت زوجته المنزل غاضبة الى بيت عائلتها.
تجمدت الأقدام في أماكنها، كأن الهواء نفسه انحبس عن الدوران، التصق الصمت بالجدران، ولم يعد يُسمع سوى أنفاس متقطعة، متسارعة، كأنها صادرة من صدور تبحث عن مهرب.
ارتفع شيء غامض من المعدة، مزيج من الغثيان والرعب، وامتلأت العيون برعب خام، صادم، كأن الزمان توقف لحظة رؤيتهم لهذا الجسد.
تراجعت إحدى النساء خطوتين للخلف، ووضعت يدها على فمها تكتم شهقة مكتومة. بينما شهق أحد الرجال شهقة خشنة، لم يدرك أنه أطلقها إلا حين شعر بمرارة حلقه.
رائحة الموت، ثقيلة، تخترق الأنف بلا استئذان، كأنها تغرس أظافرها في العقل مباشرة، فتطلق سيلًا من الصور والتخيلات التي لا تُمحى.
بعضهم لم يقدر على النظر أكثر من ثانية، وبعضهم ظل يحدّق، مذهولًا، كأنه لا يصدق أن هذا الشكل الذي يشبه الكوابيس كان يومًا إنسانًا.
هرع الجميع إلى خارج الشقة وقاموا باستدعاء رجال الشرطة الذين جاءوا على الفور ومعهم رجال المعمل الجنائي والطب الشرعي ليبدأوا من فورهم بفحص مصرح الجريمة ونقل الجثة لتشريحها ومعرفة سبب الوفاة.
قام ضابط المباحث المكلف بالقضية باستجواب سكان العقار خاصة من اكتشفوا الجثة فأجمعوا على أن المتوفي قد تشاجر مع زوجته قبل أسبوع والتي غادرت على أثر تلك المشاجرة منزل الزوجية وتوجهت إلى منزل عائلتها ولم تعود منذ ذلك الوقت ولم يره أحد منذ ذلك الحين، كما قالوا بأنهم حديثي العهد بالمنطقة ولا يوجد أي نوع من الاختلاط بينهما وبين سكان المنطقة أو حتى العقار ولم يستمعوا لصوت مشاجرات تحدث بينهما من قبل فهذه المرة الأولى التي يحدث بها ذلك وأشاروا بأن هناك فارق عمري كبير بين الزوجين ليخيل لمن يراهما للوهلة الأولى بأنه أب وابنته وليس زوج وزوجة.
جمع عمر المعلومات من السكان وقام بفحص مسرح الجريمة مع فريق البحث الجنائي ليدرك للوهلة الأولى وحود بعثرة لمقتنيات الشقة ودماء متجمدة على الفراش أسفل الجثة ليتيقن بأنه أمام جريمة قتل وليس ميتة طبيعية كمل لاحظ انخفاض درجة حرارة الغرفة بفعل مكيف الهواء وفور انتهائهم من الفحص أمر بتشميع الشقة ووضع أمام بابها الشريط الأصفر الخاص بمسرح الجريمة كما أمر باستدعاء زوجة المجني عليه وعمل التحريات اللازمة حولهما.
❈-❈-❈
جلستا متقابلتين، تتبادلان النظرات والضحكات الخافتة، وبين أيديهما تتشكل خيوط مؤامرة خبيثة، تنسجانها بصبر وتشفٍّ، وكل تفصيلة في خطتهما كانت تُصاغ ببرود لا يعرف الرحمة، وكأن مصير ضحيتهما لا يعدو كونه لعبة بين أصابعهما.
ابتسامة خبيثة ارتسمت على وجهها فور اكتمال خطتها، ارتشفت قهوتها بتلذذ شديد وهي تستمع إلى التسجيل الصوتي وتحدثت وهي مشبعة بنشوة الانتصار:
- كنت متأكدة إنك انتي اللي هتقدري تساعديني ونظرتي فيكي مخيبتش برافو عليكي يا سلوى.
بادلتها الابتسامة وعقبت بتشفي:
- أنا تحت أمرك يا سيلين هانم انتي تؤمري.
أخرجت أحد الدفاتر المصرفية ودونت به مبلغ ما وأعطته لها معقبة بجدية:
- اتفضلي دا أكتر من اللي اتفقنا عليه مش خسارة فيكي أهم حاجة الفويس ده يوصل ليونس.
لمعت عيناها وابتسمت بسعادة بالغة فور رؤيتها المبلغ المدون أمامها وتحدثت بتأكيد فبالنسبة إليها الإيقاع بتلك المدعوة عهد هو هدف تمنت الوصول إليه منذ سنوات:
- متقلقيش هيوصله النهاردة.
ابتسمت بتشفي وهي تتخيل ردة فعله فور سماعه لمحتوى التسجيل الصوتي فهذه الفتاة لن تنتصر عليها مهما حاولت ذلك فإزالتها من طريقها كانت أسهل مما اعتقدت لم يستغرق منها الأمر أكثر من بضعة أيام وستحصد نتيجة ذلك في أقرب وقت، فـ يونس سيكون لها هي فقط ولن تستطيع أنثى أخرى أن تنافسها مهما حاولت ذلك.
❈-❈-❈
منهمكًا في مراجعة وتوقيع بعض الأوراق الخاصة بالعمل ترتسم على وجهه ابتسامة بين الفينة والأخرة كلما تذكرها لا يصدق أنها وافقت على الزواج منه بل وصارحته بمشاعرها تجاهه أيضًا سعادته لا تضاهيها شيء فلقد وجد أخيرًا وبعد طول انتظار نصفه الآخر وتوأم روحه التي طالما بحث عنها كثيرًا.
خرج من شروده على صوت صادر من هاتفه معلنًا عن قدوم إشعار برسالة من إحدى التطبيقات.
نظر إلى هاتفه بعدم اهتمام خاصة عندما وجد المرسل رقم مجهول غير مسجل عنده في قائمة الهاتف، فتح الرسالة بغير اكتراث ولكنه عقد حاجبيه وانتابه الفضول فور قراءته لمحتوتها.
"أستاذ يونس:
يمكن متفتكرنيش بس أنا أعرف حضرتك شوفتك مرة قبل كدا وصعب عليا أشفك مخدوع في أقرب الناس إليك دا فويس نوت بيوضح لحضرتك الحقيقة وعملية النصب اللي انت بتتعرضلها."
أنهى القراءة وقام بتشغيل التسجيل الصوتي المرفق بالرسالة لتتسع عيناه فور سماعه لصوتها المألوف وهي تقول بنبرة ساخرة:
"حب إيه يا بنتي وبتنجان إيه انتي تعرفي إني بتاعة حب برضه؟ كل الحكاية إنها فرصة متتعوضش علشان أخرج من حياة الفقر اللي أنا مزروعة فيها طول عمري هو أو غيره مش هتفرق المهم مين هيدفع أكتر.
- يعني لو لقيتي واحد أغنى منه ممكن تسيبيه.
- وأسيب أبوه أنا مش بتاعة عواطف أبجني تجدني سواء يونس أو غيره المهم ال mony."
تأجج غضبه حتى كاد يكسر الهاتف الذي بيده ما إن انتهى التسجيل، ساد الصمت، صمت ثقيل كأن الهواء تجمد في صدره. تجمّدت ملامحه للحظة، لا يعرف أكان ما سمعه حقيقة أم كابوسًا بصوت مألوف.
عيناه اتسعتا، ثم ضاقتا غضبًا، وانقبض فكّه كأنه يحبس بركانًا على وشك الانفجار، قلبه يخبط صدره بعنف، ليس من الحزن فقط، بل من الغدر، لم يصدق أن التي أحبها، التي ظنها نقية كالندى تقول تلك الكلمات في غيابه.
صدمته لم تترك له مساحة للبكاء، فقط الغضب كان حاضرًا، جارحًا، صامتًا، لكنه يلتهمه من الداخل.
بداخله العديد من المشاعر المتناقضة قلبه يكذب أذنيه وعقله يسخر من طيبته التي جعلته محط سخريتها هل حقًا استطاعت خداعه باحتراف كل ذلك الوقت لتخفي وجهها القبيح وتظهر له وجه البراءة؟ أعاد التسجيل مرات ومرات وكأنه يريد التأكد أن ما سمعه صحيح وليست مجرد خيالات وهواجس يفتعلها عقله المشكك في كل النساء ليخبره بأنها أكثرهن قبحًا على الإطلاق.