-->

ليلة مصالحتي - قصة قصيرة



أحببته ولكن لم أتوقع أن يبكيني يوماً ...
 ولكنه حبيبي الذي سيعود ليجعل ضحكاتي تملأ أذنيه ... ❤
 هو لن يتحمل الفراق وكذلك أنا .. ❤
هو زوجي ... ❤
قصة قصيرة جداً .


كانت تجلس علي ذلك الكرسي المنجد الذي يحتويها بغرفتها بمنزل والديها ، تضم ركبتيها لصدرها وتحيطهم بكلتا ذراعيها ، تنظر إلي تلك النافذة الذي اعتاد هو علي رمي الأحجار الصغيرة عليها وتسلقها ليراها ليلاً أثناء خطبتهما ، تتذكر كيف لتلك اليد التي اعتادت علي مداعبة وجنتيها برفق وحنان أن تكون مصدر لآلامها وحزنها ، تلك اليد الحنونة الأن تترك أثارها الحمراء علي وجنتيها الرقيقة أثر صفعاته التي انهال بهم عليها في لحظة غضب ومشاجرة بينهم لتحمل كرامتها وكبريائها لتغادر لمنزل والديها وهي ترمقه بتلك النظرات الكسيرة المعاتبة والتي لم تخلو من بعض الكره التي أظهرته بصعوبة لتشعره بذنبه ، لم تأبه لتوسلاته ورجائه لها بالسماح والبقاء وتركته ، وكم كان فراقه صعباً ..
تحسست بيدها وجنتيها ثم فرت دمعه من عينيها لتنفجر باكيه بعد ذلك ، لتضع وجهها بين كفيها وهي تحاول إخفاء صوتها لكي لا تهرع إليها والدتها بقلق .

هي ليست غاضبة منه أو حاقده عليه بمقدار جرحها وحزنها ، هو ظابط وهي تعلم أنه لربما يستعمل العنف في عمله ولكن لم تظن لوهله أنه سيستعمل هذا العنف معها في أول شجار بينهم . نظرت للهاتف الذي كان حتي أمس لا يتوقف عن الرنين باسمه ، ولكن اليوم أين هو ، هل مل !! ،، ازداد بكائها في هذه اللحظة هي لا تعرف كيف تسامحه ولكن فراقه صعب للغاية ، هو ملاذها ومأمنها ، هو أبيها وأخيها وصديقها ، هو كل شيء ، هو هوائها واكسجينها وهي لا تقوي علي التحمل كونها بعيده عنه ، لا تقوي علي الاستيقاظ صباحاً دون مداعبة يدهُ لوجنتيها واللعب بخصلاتها .

وبينما هي تائهة في حزنها ، استحوذ علي مسامعها صوت رنين جرس الباب الذي يدق بسرعه متواصلة والذي عقبه صوت ضوضاء في الخارج ، وقفت لتدخل الحمام وتغسل وجهها لتداري أثار البكاء ظناً منها أنه هو ، خرجت من غرفتها وبكبرياء نزلت درجات السلم المؤدي للدور الأسفل وهي عازمة علي مواجهته أخيراً ، لتنكمش ملامحها بتعجب وعدم فهم وهي تري هؤلاء الظباط والذي يترأسهم صديقهُ في العمل والذي تعرفت عليهِ جيداً ، نظرت لوالدتها لتجدها تضع يديها علي فاهها وكأن هناك أمرٌ خطير ، دق قلبها بعنف وتسارعت نبضاتها التي كادت تخرج من ضلوعه وهي تظن أن لربما أصابهُ مكروه . نظرت تجاه ذلك الضابط صديق زوجها لتجده يرمقها بتلك النظرات الحزينة لتتنفس بثقل وهي علي وشك سماع حديثه والذي تحدث بكلامه الذي كان بمثابة خنجر طعن قلبها في الصميم لتتوقف كل حواسها ،، وبحدة نطق هو : لقينا الضابط ' باسل محمد ' مقتول في شقته والتحريات اثبتت إنك أخر شخص كنتي معاه في الشقة قبل ما يختفي عن الانظار وإن كان في خلاف بينكو .

 ثم تقدم لها ليخرج تلك الأصفاد الحديدية من جيبه ويلتقط يديها ليضمهم معاً ويحاوط يديها بتلك الأصفاد ، بينما كانت هي متسمرة بملامح مدهوشة خالية من الحياه ولم تسمع قوله الأخير وهو يهتف بخشونة : إنت متهمة بقتل جوزك الضابط ' باسل محمد ' .

 لم تخرج دمعه واحدة هي فقط متسمرة ومتخشبة ، حواسها توقفت عن العمل لتشعر بذلك السم الذي يسري بداخلها مع كل كلمة تفوه هو بها ، شعرت أنها تغرق بداخل ذلك المحيط العميق لتفقد تنفسها وهي في ذلك العمق الأسود لتحاط بكتلة سوداء ، ظلام ! ظلام ! ظلام! هذا كل ما تشعر بهِ وتراه الأن .
 كيف ! كيف يموت لقد كان البارحة هنا علي باب منزلها ورفضت مقابلتهِ ، يا الله لا يمكن أن تأخذه مني بعد أن وجدتهُ أخيراً ، لم تلاحظ أنها كانت تسير مع ذلك الضابط الذي وضع تلك العصابة علي عينيها وأحني رأسها لأسفل ليدخلها تلك السيارة . الظلام الذي كان يحيط بها الأن ، أصبح ظلام حقيقي ، استعادت جأشها لوهله لتعود لعالم الواقع المرير ، لتتردد كل كلمة بأذنيها مرة أخري " لقد مات باسل " مات زوجها وحبيبها ورفيق دربها ، ولكن هي أبت تصديق تلك الفكرة ما زال قلبها ينبض بحبه ، ولكن أي نبض وهي تساق الأن إلي السجن بتهمة قتل زوجها الذي قيل منذ قليل أنه ميت .
مات حبيبها الذي كانت تقسو عليه و ترفض الخضوع لمسامحته ، حبيبها الذي كان يومياً يطلب مسامحتها وعفوها ، الذي كان يتوسل ويطلب الرجوع لأحضانه ، حبيبها مــــــــات نزلت دموعها واحدة تلو الأخرى ، لتبكي وتنتحب بمرارة وهي في حالة عدم استيعاب لما يحدث حولها ، تريده الأن بجوارها ، تريده أن يضمها لصدره ، تريد أن تستمع لصوته فقط ، تلك العصابة علي عينيها زادت الوضع سوءاً لتشعر بذلك الخوف الذي يتسرب بداخلها ليتشنج جسدها بعنف وترتعش بقوة وهي تهتف مناديه إياه ظناً منها ومن عقلها الصغير الغير قادر علي الاستيعاب أنه سيسمعها ليأتي وينتشلها مما هي فيه ، هي تريد زوجها الأن بجوارها تريد أبيها تريد الحنان بذاته الأن ، وبمرارة وانتحاب وتشنج وبنبرة تشفق القلوب لها وتلين الحجر ، لمن يسمعها أصبحت تردد مناديه إياه ببكاء : باسل ... باسل ... باسل ... باسل .

بينما بجوارها يجلس صديقه الضابط ينظر لها بحزن لا يعرف ماذا يفعل بعد أن رأي انهيارها المفاجئ بعد ذلك الهدوء الذي كان يستحوذ عليها و يحتويها والذي كان قلق منهُ ، ولكنه تنهد موقفاً السيارة ليخرج منها ويدور لناحيتها ، فتح باب السيارة ليجذبها للخارج برفق وهو يهتف : يلا يا مرام انزلي .

 خرجت معهُ بينما يقودها هو لأين هي لا تعرف ، تحدثت ببكاء ونبرة متحشرجة وبتوسل أردفت : باسل ، عايزة أشوفه ، باسل الله يخليك خليني أشوفه .
لم يجيبها وعوضاً عن ذلك تركها واقفة بمكانها وتحدث : استنيني هنا متتحركيش .
ثم تركها واقفة حائرة بمكانها ، بصدمة تعتليها تود أن تفيق من ذلك الكابوس الذي يطبق علي أنفاسها ، تستمع لصوت طراتم الأمواج بالصخور أين هي بحق الله ! ، ظلت تبكي بشده ، فليس بيدها سوي البكاء .

شعرت بتلك اليدين التي فكت ربطة عينيها ، لتغمض عينيها بقوة قبل أن تفتحها مستقبله ذلك المنظر أمامها ، والذي كان عبارة عن جلسة رومانسية أرضية ، مع تلك الشموع التي افترشت علي الأرض بمهارة وذلك القلب المضيء التي كانت تقف بمنتصفه ، انفتح فاهها بدهشة .
 التفتت لتراه يقف مع تلك النظرات المتوسلة ، شهقت بعدم تصديق لتتراجع للخلف وهي تراه أمامها غير مصاب بخدش واحد ، بسرعه اندفعت إليه ترفع يديها المكبلة لتضربه علي صدره بعنف وهي تعاتبه وتبكي بحرقة وبشده ، ليمسك بكلتا يديها بقبضتيه معاً وتحدث بهمس يهدهدها في أذنيها : شششش شششش شششش .

ثم أخرج المفتاح من جيبه ، ليفك تلك الأصفاد خوفاً من أن تجرح نفسها ، رماهم جانباً لتعود لدفعه وضربه وهي تخرج حزنها وألمها بعنف وغضب فيه وهي تبكي بشده وتتحدث بهمس متشنج : حرام عليك ، حرام عليك .
أمسك بيديها ليضمها لصدره ، يعتصرها بقوة ، وهذا ما تريده هي الان فما كان منها إلا أنها لفت يديها حول ظهره تتمسك بملابسه بشده خوفاً من فقدانه مره أخري ، تحدث هو وهو يعتصرها بين قبضتيه و يستنشق أريجها : وحشتيني .

 دفنت رأسها بصدره وازداد بكائها ، ليمسح علي شعرها ويحرك يدهُ لأعلي ولأسفل ليهديها قائلا : خلاص اهدي أنا أسف .

 أراد إبعادها عن أحضانه ليرتوي من ملامحها الذي افتقدها ولكنها أبت لتتمسك بهِ بشده أكبر وتحدثت بارتعاش : حرام عليك أنا كنت هموت ، إزاي تعمل فيا كدي .

 تحدث ببعض الحدة في بداية حديثه ثم تحولت نبرته للين : ششش مش عايز اسمع الكلمة دي ، وبعدين انتِ مسبتليش حل تاني ، ما انتِ رافضة تسامحني ومش عارف أشوفك ولا أسمع صوتك اللي حرماني منهم .
تحدثت ببعض الهدوء في صوتها بعد أن قل بكائها : أنا أسفه . أبعدها ليحيط وجهها بكفيهِ ويمسح دموعها بإبهاميهِ متحدثاً : أنا اللي أسف ، أسف إني مديت إيدي عليكي ، إنشاء الله إيدي تتقطع لو عملتها تاني .

وضعت يدها علي فمهِ بسرعه وتحدثت بارتعاش : بعد الشر عليك .
قهقه علي طفولتها فهي طفلتهُ البريئة والصغيرة ، لاحظ ارتجافها لينظر لهيئتها والتي كانت ترتدي بيجامتها المنامية الوردية ، ليجز علي أسنانه بسبب تهوره ، خلع جاكيته ليلبسها إياه ويحتضن إياها مره أخري ليدفئها بجسدهِ وتحدث : وحشتيني يا مرام قلبي .
مرام بحب وقد غمرتها عاطفته التي افتقدتها وبطفولة أردفت : وانت وحشتني أووي ، متزعلنيش تاني .
 باسل بضحك : تعرفي إني بحبك أوي . أومأت بخجل وأردفت : وأنا كمان بحبك أوي .

 حاوط وجهها ليداعب أنفها بأنفه ، ثم تحول نظره لشفتيها الكرزيه ليلتهمهم بقبلة رقيقة بادلتهُ إياها حملت مقدار شوقه وفقدانه لها .

وعادت نبضات قلبي بعدما كنت أبكي ❤
 وعادت روحي بعدما عاد حبيبي ❤ 
 ليلة مصالحتي