الفصل العاشر - بنات حورية
الفصل العاشر
أتيتُكِ أسفاً وداخلي يحترق
أطفأتُ ناركِ وأشعلت جحيمي
ربااااه من نارٍ تستعرُ بداخلي
فإطفئيها وهدءيني وإلا احرقتنا .
" نعم ديم " .
أجابت عليه بعد رنيتن منه ... لقد فكرت جيداً .. جلست علي النيل لقد كانت غاضبة من كونه .. كونه ماذا ؟؟
هذا ما فكرت به وهي تجيب نفسها .. ليس معني أنها خطيبته أن يسير كل شئ علي هواها وألا يحدث ما لا تريده هي أن يحدث .. ديما جزء من الشركة وموظفة تعمل هناك لذا هي ليس بيديها منعه من مقابلتها أو رؤيتها .. ولكن إقترابهم الشديد هذا الذي رأته ما يغضبها وتنتظر تفسير له ،، غير ذلك فهو احترمها وجعل الأخري تنتظره قليلاً .. هذا المنطق وهذا ما توصلت إليه .. الموقف ليس مزعج إلي حد كبير لتفتعل مشكلة لذا عندما سألها عن مكانها أجابته بهدوء :
" علي النيل أمام منزلي " .
دقائق قليلة وكان يجلس بجوارها حاملاً باقة من الورود الحمراء ناولها إياها بترفع مضحك فإلتقطتها منه مبتسمة ليسأل بضيق :
" ما الذي حدث اليوم ؟ " .
رفعت كتفيها وهمست بنبرة جامدة مبهمة :
" لا أعلم ،، لما كنت قريب منها لهذا الحد " .
ضحك ضامماً كفيها له بتملك متحدثاً :
" إذاً الموضوع غيرة ،، هكذا سأسامحك وأعذرك لأنني في غيرتي سأفعل أشياء لن تتخيليها أبداً " .
همست بإستنكار : " أنتَ من ستسامحني " .
" لورين لن أحب أبداً عدم سماعك لكلامي وأمام الأخرين أيضاً "
صرح بجدية لتجيبه بضيق :
" ماذا تريدني أن أفعل وأنت تخبر مساعدتك أن تجعلني أذهب " .
رفعت يديها بجوار وجهها وانفعلت :
" لقد جُن جنوني ديم " .
" حسناً لنحل سوء التفاهم هذا وأخبرك تماماً ما حدث " .
صرح وقص لها كل ما يجب أن تستمع له لتنظر له بخوف مجيبة بعد أن صمتت قليلاً :
" وكيف ستقف لهذا المجنون " .
أجاب بجدية : " إذاً أنتِ مع أن أساعدها " .
زفرت بحزن مجيبة : " يجب عليك ذلك لا أتخيل ما تتحمله تلك المسكينة " .
" مسكيينة !! " هتف باستنكار لتجيبه مفكرة :
" ما بالك ألا تراها كذلك .. هي اتخذت القرار الخطأ منذ البداية ولكن لأضع نفسي مكانها بالتأكيد سأكون مشتتة وخائفة وغير قادرة علي أخذ القرار الصحيح " .
تصلب قليلاً هامساً بجمود : " كان يجب عليها أن تخبرني " .
نظرت لضيقه الظاهر بترقب متسائلة :
" ديم معرفتك للحقيقة لا تعيد لك بعض المشاعر تجاهها " .
زفر بغضب هاتفاً : " ماذا تهذين أنتِ لا تشككي بحبي لكِ لورين لأنني صريح بكل شئ معك " .
تنهدت بعمق هامسة :
" لقد استنزفني هذا اليوم أريد الصعود للمنزل " .
تنهد هو الاخر ممازحاً : " ألن تدعوني لمنزلكم " .
تحدثت بحرج : " أبي ليس في المنزل " .
أرجع جسده للوراء مريحاً إياه : " إذاً لننتظره " .
ضحكت وابتسمت وهمست : " ديم " .
" عيونه ماذا تريدين " تحدث بشقاوة وحلاوة روحه كما شعرت فنطقت بما شعرت به :
" روحك حلوة يا ديم " .
اعتدل مستفسراً ولمعت عيناه : " حقاً لماذا يا حبيبتي "
تحدثت خجلة وهي تنظر للبحر : " هكذا أشعر " .
" لقد قالتها والدتي لي من قبل أنَّ روحي حلوة " .
أخبرها لتجيبه :
" معها حق ويبدو أنك تشبهها في هذا " .
" حسناً جميلتي وأنتِ أيضاً فتاكة تماماً كالحوريات لا أعلم ماذا كانت تطعمكن والدتكن لتصبحن هكذاً " رغم جرأته وخجلها الواضح إلا انها همست محذرة بشر :
" هل تتغزل بإخواتي أمامي " .
كانت عيناها متوسعة بشر فضحك بشدة علي هيئتها مقرراً :
" عليكِ الصعود لمنزلك لورين وإلا سآكلك الأن " .
نظرت له بطرف عيناها هامسة بخجل : " وقح " .
أوصلها لبنايتها ورحل وقبل أن تدخل بيتها أتتها رسالة منه جعلتها علي وشك الإغماء والذي أعلن بها :
" هذا الوقح يعشقك يا جميلتي " .
.......................................................
وقف يدخن ، شارداً بهذا المعلق أمامه ،، في منتصف البلدة تماماً ،، عاري إلا من قليل يستره ،، خُفيت معالم ظهره فأصبح دماً جافاً بفعل جلدهِ بسوط لأيام متواصلة ... كل هذا لا يشفي غليله هو ،، لا يشفي نار رجولته ،، ولكنه أظهر الحقيقة وأخذ بحقها وهذا كافٍ ليشعر بالراحة تجاهها بعد أن اتهمها وقسي عليها .. راح يتذكر كل ما حدث معه في شهر مكثه في تلك البلدة ليحاول معرفة الحقيقة ،، بينما كل نظراته متشفية تجاه هذا المعلق .
لقد فكر ملياً مع صهيب أخاها ،، إن كانت أخري لكان صدق ولكن بيسان .. كيف يعقل يا الله !! ،، وبعد تفكير أتعبه اهتدي إلي المكان الوحيد الذي كان صهيب يتركها به لايام عدة وهي بلدتهم .
استقبلته سيدة طيبة في منزلها .. رآها تسير بتعب وهي تحمل بيديها كثير من الاشياء فساعدها حتي وصولها لمنزلها ومن ثم ضايفته وحكت له عن حياتها .. عن زوجها المتوفي وابنيها المجندين في الجيش في هذا الوقت .. فانتهز الفرصة وهو يحكي لها مأساته مع زوجته الذي يظن انها انتهكت ويريد اكتشاف حقيقة الأمر ،، لقد نال استعطافها ونال من قلبها الطيب بقدر جعلها تبقيه عندها في المنزل وقدمته لاهل البلدة علي انه قريبها من بعيد .. ورويداً رويداً استطاع العمل لدي كبير البلدة _ جد زوجته _
استطاع أن يعمل كواحداً من الغفر لديه وخاصةً المسئول عن حراسة منزله الذي يستوطن أراضِ شاسعة .
استطاع بعد ذلك التعرف علي الفرد الذي كان يشك به .. ابن خالة صهيب وبيسان _ يتيم ويحيي معهم في المنزل _ وعرف أكثر من ذلك أنه صاحب مزاج .. يتعاطي المخدرات في جلسات ليلية مع أصدقاء سوء مثله .. لم يفوت الفرصة حين كُلف أن يرافقه إحدي المرات ويعمل علي حمايته حيث أخذ يتحدث معه .. يؤلف له قصة لم تحدث عن حياته .. لقد كسب ثقته بالفعل .. أصبح صديق له حتي أنه أصبح يشاركه سهراته ليلاً يوهمهم بأنه يستمتع معهم بينما عقولهم مغيبة ... وفي إحدي الليالي نال مراده القاسي علي قلبه ،، وجد ما كان يبحث عنه .. تماماً كما حللت رسيل ما حدث مع بيسان .
" إن رآني جدي سيقتلني ،، خذني من السلم الخلفي لغرفتي " .
هكذا هتف المغيب عن وعيه بينما اسلام يسنده .. صاعداً بهِ لغرفتهِ بعد إحدي سهراتهم معاً .. كان يعرف غرفته فهي قريبة من السلم الخلفي .. لقد صعد بهِ مراراً إلي غرفته بعد منتصف الليل حيث يكون البيت هادئاً .. يلقيه علي سريره بعنف ويرحل مكملاً عمله الليلي في الحراسة ... ولكن اليوم تحدث هذا الفتي :
" لا أريد الذهاب لغرفتي ،، خذني لتلك الغرفة " .
شاور علي غرفة بنهاية الرواق .. فمشي بهِ بحرص لهناك وهو يتحدث : " لا تصدر صوتاً ،، لا تجعلنا نقع بمصيبة " .
دخل الغرفة التي كانت ساكنة للغاية ،، توجه به للسرير وألقاه عليه وما إن كاد يلتف ليخرج حتي لاحظ صورتها علي الكومود بجوار السرير ،، فالتقطها بصدمة .. هذه غرفتها ،، نظر لهذا المغيب والذي لم يذهب في ثباته فوراً في هذا اليوم كالعادة بل نظر لإسلام متحدثاً : " هذه صورتها " .
ضغط إسلام علي شفتيه متحدثاً بجمود بينما يخرج هاتفه ويسجل له : " من هذه " .
انتشي الأخر فارداً جسده علي سريرها متابعاً بتلذذ :
" ابنة خالتي الصغيرة الناعمة ،، يا إلهي كم سعدت بإمتلاكها " .
جحظت عيني الأخر وهو يأخذ خطوة للخلف حتي يسيطر علي ذاته وهو يهتف بقهر : " أهي زوجتك " .
" وددت بشدة أن أتزوجها ولكن أخيها الحقير لم يوافق وأخذها بعيداً عني ولكنه ظن بذلك أنهُ استطاع حمايتها مني ،، فالغبي كان يأتي بها لزيارتنا و يتركها هنا وأنا كنت أحصل عليها متي أريد "
همس بتشفي قبل أن تتحول ملامحه لمتألمة :
" لم أرد أن يقتلوها ،، أردت أن يأتوا بها لأتزوجها ،، ولكن جدي الأخر غسل عاره بطريقة أخري غير التي أردتها " .
لينزل الله سكينته علي قلبه ليستطيع اكمال تلك المحادثة بدون قتل الحقير الذي أمامه ،، همس بحشرجة :
" هل .. هل كنتما معاً ،، هل كانت تحبك هي الأخري وأخيها منعكم " .
ضحك الأخر مستمتعاً وهامساً بحقد :
" بيسان لقد كانت حلم بعيد المنال ،، لم توافق هي الأخري لذا امتلكتها .. بزواج أو بدونه كنت أنا أول من وضع يديه عليها " .
تهشم زجاج الصورة في يدي إسلام وهو يتسائل بوجل :
" كيف فعلت ذلك بدون إرادتها هل أغتصبتها " .
" نعم فعلت وليست مرة بل كلما يحلو لي كنت أخذها ،، لقد كنت أخدرها وهي نائمة وأتنعم بها ،، هي حتي لم تكن تشعر بذلك "
هذا أخر ما تلفظ به وإسلام يلكمه بقسوة أطاحت بفكه .. لم يكن في وعيه وهو ينقض عليه رغم فقدان الأخر وعيه .
يتذكر عودته تلك الليلة وبكائه في حضن تلك السيدة الدافئة الطيبة وهو يخبرها أنه اكتشف كيف انتهكت صغيرته ببشاعة وهو الأخر قسي عليها بشدة .
لقد بات ليلاه بقهر ،، يضرب رأسه في الحائط محاولاً أن يتوقف عن تخيلاته البشعة التي تقضي عليه والتي قضت عليها قبله ،، ومع طلوع النهار ارتدي زيهِ الرسمي ووضع سلاحه بمكانه وخرج متجهاً لهذا البيت الذي لن يجعل بيسان تطئ قدميها فيه مجدداً إلا بموته ،، دخل بكل هيمنة وجبروت عليهم .. اهتزت شفتاه بسخرية غير قادرة علي الابتسام وهو يري الجميع يلتف حول مائدة الطعام الكبيرة .. من جد زوجته ووالدتها وأخيها وزوجته وهذا الحقير كان بينهم .. يفطرون في سعادة وكأنهم لم يدفنو ابنة لهم منذ شهر واحد .
فوجئ الجميع بهيئته تلك وزيه المهندم الحكومي ،، جعد الجد جبينه وهو يتسائل بغلظة عن الذي يحدث هنا !! ولكن إسلام لم يمهله فرصة الكلام وهو يجذب الفتي من جلبابه لاكماً إياه وملقيه أرضاً ،، حاول أن يقف ولكن قدم إسلام التي وضعت علي وجهه بكل قوة كانت به بالمرصاد .. بصعوبة كان يسيطر علي ذاته كي لا يقتله رغم رغبته الشديدة في قتله وهو يخرج هاتفه فاتحاً التسجيل .. ألقي بهاتفه وسط طاولتهم وأخذ يراقب ملامح الجميع وتعجب لتلك القسوة التي تغلف ملامحهم .. بالكاد تأثر أخيها واضعاً وجهه بين كفيه بينما انهارت زوجته وهي تأخذ أولادها مبتعدة عنهم .. والأقسي علي القلب ملامح والدتها التي لم تهتز وهي تهتف بملامحها ونبرتها الغليظة : " ومن تكون أنتَ ؟ " .
حدجها بنبرة مشمئزة مستنفرة من قلبها الجاحد صائحاً بحدة :
" أنا الرائد إسلام ،، زوج ابنتكم التي دفنتموها حية " .
أكمل بشراسة وهو يري ملامحهم التي تجهمت :
" انا كتبت عليها ، علي يد مأذون شرعي وبحضور أخيها صهيب ، وفرحنا كان بعد شهر واحد " .
ركل القابع تحت قدمه بعنف صائحاً :
" هذا الحقير الذي تعدي علي شرفي وشرفكم وجلب لكم العار وليس هي " .
" جدي لا تصدق هذا الرجل " هتف الفتي مرعوب وهو يطالع جده بخوف أوشك علي توقف قلبه .. فسأله جده بقسوة :
" أليس هذا صوتك " .
تحدث بقهر :
" لم أكن أريد موتها يا جدي كنت أريد الزواج منها ااااه" .
صرخ علي ركلة إسلام الذي صاح : " أتعرف عقوبة الزاني يا حچ ،، أرني كيف ستغسل عارك الأن وإن لم تفعل فأنا أكثر من مرحب " .
ثم صمت متنهداً بوجع : " وتنتقم لحفيدتك إن كنت تهتم " .
تركهم وخرج بعد ذلك غير عابئاً بعدم معرفتهم بأنفاس ابنتهم التي مازالت علي قيد الحياة .. فالقسوة التي رآها بأعينهم كفيلة بجعله يخبئها داخل ضلوعه إن أمكن علي أن تتواصل معهم ... لا يستحقون وهو علي حق ! .
رصاصة اخترقت قلب هذا المعلق أفاقته من شروده ،، تنهد بحرقة وهو يتأكد من لفظه لأنفاسه الأخيرة قبل أن يتهدل كل جسده واقعاً أرضاً .. لقد أدي هذا الجد مهمته حتي أتي بحفيده صريعاً ميتاً وهو أيضاً أدي مهمته بإطفاء ناره من ناحيتها وقد ظهرت برائتها أمامه وإن كان قلبه لم ولن ينطفئ عليها أبداً .
جمع أشيائه القليلة وودع تلك السيدة الطيبة وخرج من هذه البلدة تماماً .. ركب سيارته وعاد لعالمه الذي يضمها ويحمل أنفاسها ولكن ما إن خطي حدود المحافظة التي تضم تلك البلدة حتي أصابه رصاص يعرف طريقه جيداً مستقراً بين ضلوعه اليسري ،، بالكاد تحامل علي نفسه حتي رأي كمين يعم برجال المباحث فأوقف السيارة وأغلق عيناه مستسلماً لغيبوبته ودمائه التي تسيل بفزع .
....................................................
" أحاول أن أكون بخير " .
لم تكد رسيل تتحدث حتي رن هاتف مكتبها من مساعدتها محدثة إياها أن صهيب يريد الدخول فأذنت لها وما إن ولج إليهم حتي طالعته بيسان بتحفظ وتسائلت رسيل : " خير أستاذ صهيب " .
نظر لكل منهم ثم لبيسان متحدثاً بإقتضاب :
" لقد أصيب إسلام وهو الأن بالمشفي وأنا مضطر للذهاب " .
وقفت بيسان مذعورة هاتفة بجزع : " هل هو بخير ".
" لا أعلم بعد " هتف لتجيبه بدون تفكير :
" سأتي معك " .
ثم نظرت لرسيل متوسلة : " تعالي معي " .
كانت تناشدها بالوقوف بجوارها فهي أصبحت لا تحتمل أي شئ مهشمة قابلة لكل شئ ،، وافقت رسيل مساندة لها ففي ذلك الشهر أصبحت رسيل أكثر من طبيبتها .. حيث لم تجد بيسان ملاذ يفهمها غيرها فكانت تزورها في الاسبوع ثلاث مرات أو أكثر .. الفتاة كانت بحاجة لأن تفهم فقط ما حدث معها وكيف حدث ومتي ورغم وجود رسيل بجوارها لكانت أوشكت علي الجنون .
عاينت رسيل مدة جلستها والتي كانت تتعدي الساعتين ونصف لثلاث ساعات وأحياناً أكثر لذا قررت أن تمنحها دعمها في هذا الوقت ،، خرجت معهم فهتفت مساعدتها : " هل الغي مواعيد اليوم " .
نفت رسيل : " لا سأعود في ميعاد الحالة القادمة ،، إن حدث شئ هاتفيني " .
............................................
حين أخذوه بتلك الطريقة من بين الناس شعر بخطورة ما هو مقدم عليه حقاً ولكن ألا تستحق تلك الفتاة المخاطرة _ من جعلته كالمجنون حتي في تصرفاته _ كم مرة تخانق مع أصدقائه .. كم مرة شرد في ملامحها .. كم مرة تنازل عن لهوه مع أصدقائه مقابل تسلله لغرفة أخته ليبحث في هاتفها عن أي شئ يخصها حتي وصل لإيميلها فبحث عنه من هاتفهِ وظل مراقباً لها متتبعاً لحالاتها .. كم مرة شاهد صورها التي تملأ صفحتها .. حتي أفقدته عقله خاصةً بشعرها البرتقالي المشتعل وزرقاويتاها الصخرية حتي قابلها صدفة وفعل ما فعل ليتآكله الندم في النهاية بعد رؤيتها بهذا القدر من الهشاشة بسببه .. لم ينكر ما اندفع داخله من مشاعر حين رآها أمامه في سيارتها ولكنه كان شعور رائع تخطي الحدود لذلك عاود اليوم لقياها ولن يتوقف عن ذلك حتي ووالدها أمامه الأن يتسائل :
" ألديك أخوات يا فتي " .
تنحنح دوروك وهو يجيبه بهدوء : " نعم لدى وأتفهم مقصد حضرتك وأعلم تماماً أنني مخطأ وأنا نادم علي ما فعلته بابنتك وأتأسف حقاً "
" هل تظن أن بمكرك هذا أخرجت نفسك من ورطتك "
صدح دياب بترقب غير قاصداً حديثه ولكنه يريد معرفة ما وراء حديث هذا الفتي والذي تحدث مكملاً بإنفعال بسيط :
" سيدي أنا لست ماكراً ولا أتملص من خطأي أبداً ، ما فعلته مع هيا لم أفعله من قبل صدقني .. أقصد أنا لا ألهو بالفتيات صدقني أنا فقط أعيش سني ببعض المغامرات وذلك كان رهان بيني وبين أصدقائي لم أكن أعرف حتي من مالك السيارة لم أكن علي معرفة بصاحبها حتي هـيـ .. " .
كان سيلفظ اسمها ولكن حينها سيكون كاذب فهو يعرفها مسبقاً بالفعل وهكذا توقع دياب وهو يضيق حاجبيه متسائلاً بعضب خفيف :
" هل تعرف ابنتي من قبل " .
تلجلج دوروك لا يعرف إن كان سيسبب حديثه مشاكل لها : " لا ،، نعم ،، أقصد أنا أعرفها ولكن هي لا لقد رأيتها في حفل ميلاد شقيقتي ومن ثم تعرفت عليها ذلك اليوم " .
تنهد قبل أن يضيف بترقب جريئ :
" في الحقيقة أنا شاكر لتلك المغامرة جداً رغم أنني مخطأ فأنـ.. " .
رفع دياب إصبعه في وجهه قائلاً بهدوء كالذئاب مهدداً : " حديثك هذا لا يعنيني إن لمحتك حول ابنتي مرة أخرى لن أتحدث حينها معك بتعقل " .
رفع دوروك يديه محاولاً جذب تعاطفه : " ولكن سيدي أنا.. " .
" لقد أخذت من وقتي كثيراً هيا للخارج " صدر أمر دياب ولكن يبدو أن ماضيه مع حوريته يتجسد أمامه في ابنته الثانية حين هتف دوروك بتملك استشعره من نظرة عيناه ونبرته المنافية التي جائت متوسلة :
" أنا معجب بابنتك وجداً وأكاد أفقد عقلي منذ زمن لذا أنت أقصد حضرتك لن تبعدني عنها ،، أنا لست شاباً فاسداً ،، أكاد أتم الثلاثين من عمري قريباً وأنا طبيب جراح وأعمل مع والدي بمشفاه "..." الخاصة وكذلك أنا محترف في سباق السيارات وأخذت جوائز عديدة في ذلك ومحب للمغامرات وأظن أنني محب لابنتك أيضاً " .
لم يعرف دوروك إن كان أخطأ في حديثه فدياب يرمقه بنظرة ضبابية ثاقبة قبل أن تتخذ الصرامة حديثه متحدثاً : " كيف تقول هذا الكلام أمامي يا فتي هل تحب في ابنتي أمامي " .
" أنت تقطع عليّ الطرق لذا سآتي بأبي لنطلبها " .
تحدث بترقب متأملاً ليأتي رد دياب قاطعاً :
" طلبك مرفوض للخارج " .
نبرته أنبأت أن لا مفر من قراره القاطعي فوقف دوروك محتقن الوجه وخرج ولكن قبل ذلك صدح دياب بحدة : " لا تجبرني علي رؤيتك مرة أخري " .
ما إن خرج حتي ألقي دياب بتحفة أمامه بطول يديه بضيق وهو يتذكر كيف أنه منذ زمن بعيد وبعد أن أقنع حوريته كيف تذلل ليوافق والدها ورغم أنه كان موافق أصلاً فدياب لم يكن زوج يرفض ولكنه لاعبه بمكر أفقده صوابه
" عمي كيف .. أنت كنت .. عمي ما بالك أنا أطلب يد حورية " كاد يفقد عقله وهو يسمح تصريح والدها بالرفض و زاد الأمر حين هتف والدها بحدة :
" الأنسة حورية يا ولد " .
ومن غيظه هتف بحنق : " أية أنسة تلك ما زالت طفلة بضفائر " .
رمقه بغضب وتحدث : " وكيف تجرئ إذاً علي طلبها أيها الشحط كيف ستقدر طفلتي عليك أنت تفزعها أساساً كلما تراك " .
ضغط علي شفتيه بحنق وكان غافلاً عن ابتسامة الأخير ووقف قائلاً بتحذير :
" حورية لا أسف أنستك حورية ستكون زوجتي وفي القريب العاجل لذا راجع قرارك يا أبي " .
وضغط علي حروف كلمة أبي مذكراً إياها بمكانته لديه قبل أن يخرج من عنده بهيئة مفزعة .. متخشباً كمطرقة ما كان ينقصه أن يخرج من أنفهِ دخاناً يعبر عن غيظه حتي رآها وهو متوجهاً للخارج تقف علي مقدمة السلم فخطي خطواته ناحيتها بغضب فتراجعت بفزع منه ومن هيئته حتي سقطت علي الدرجات خلفها .. طل عليها بجسده الضخم وقبل أن يتحدث رآي عينيها المتوسعة ليفكر ' هل كانت تسايره الأخيرة وأخبرت أبيها برفضها هل هو يفزعها فعلاً ' ... طالعها بغضب جاززاً علي أسنانه لتقطب حاجبيها في انكماش وخوف كانت كغزالة صغيرة للغاية أمام طلته .. مد ذراعيه ليجذبها حتي وقفت أمامه فتسائل بهدوء وبنبرة مداعبة وحنونة للغاية :
" هل رفضتني يا حوريتي " .
ذهب خوفها وحل محله الدهشة من تغير نبرته الجذرية مقارنةً بهيئته فارتفعا حاجبيها بتأثر وهي تنفي برأسها هامسة برقة : " لا لم أفعل " .
تنهد براحة مصدقاً إياها وعاد يهتف وهو يعرف الإجابة مسبقاً : " هل أفزعك يا حوريتي " .
أومأت برأسها مؤيدة وهمست بخجل : " نعم " .
ضحك بخشونة أرسلت قشعريرة لجسدها وهو ينزل بمستواه لوجهها مقرراً : " لا يهم سيذهب مع الرياح فيما بعد هو وخجلك " .
نظر لها وكم غدت حمراء ككرزة شهية فغادرها هائجاً محاولاً تصبير ذاته .
عاد بذاكرته متنهداً بوله وشعر بإشتياقه الجارف لها رغم تركه لها منذ ساعات قليلة فخرج من شركته وعاد لمنزله وما إن اقترب حتي هاتفها فأجابته بنبرتها التي لم تتغير منذ عاهدها صغيرته وحوريته :
" يا روح حوريتك اشتقت لك ،، ماذا تفعل هل اشتقت لي " .
باغتها فوراً وبنبرة لم تسمعها منذ زمن :
" هل أفزعك يا حوريتي " .
شهقت بإجفال ورعشة وهي تهمس له :
" لا لقد ذهب مع الرياح " .
تسائل بشقاوة : " وخجلك " .
ضحكت وهمست متدللة بمرح :
" لا ،، لا أظن أنه ذهب ".
صرخت بفزع وهو يحتضنها من الخلف قبل أن يحملها مقرراً : " كاذبة وسأثبت لكي الأن " .
احتضنته باشتياق مقررة هي الأخري بتملك :
" هل تعلم لقد اشتقت لك جداً وكنت سآتي لك " .
قبل أنفها وهو يصرح : " نعم لقد شعرت بكِ " .
يتبع ..
.....................................................