-->

الفصل الخامس - بنات حورية


الفصل الخامس 


من أنتَ حقاً !! 
خيالَك أصبح حقيقة .
كهواجسي التي تتحق . 
كشعلة من جمر أصلها قمر . 
فمن أنتَ . 
هل تصبح رفيقي !! 
أم تنفرك ذراتي . 

صباحاً بنشاط كان للصحوة وجه أخر عند چيلان بسبب ما تسلل إليها .. نسمات رائعة بفعل هواء الزرع الرائع .. أصوات هنا وهناك من تبادل الصباح والتحية بين النساء والرجال وكأن تلك القرية مقر عمل .. تصحو معاً تعمل معاً وتغفو معاً . 

خرجت من الغرفة بحثت عن الحمام حتي وجدته وأصوات في المنزل تدل علي أنها الوحيدة التي كانت نائمة حتي الأن مع أنها تشعر بالوقت مبكر للغاية .. غسلت وجهها وبللت خصلات شعرها وسرحته للخلف في زيل حصان وعادت للغرفة .. وقفت أمام المرآه تنظر لهيئتها بجلباب العمة الواسع والقصير ففكرت لثوانٍ ثم تحركت لثيابها إلتقطت حزامها الجلدي العريض قليلاً ولفته علي الجلباب لتقسمه لنصفين كفستان ربيعي بأزهاره الحمراء وثنت أكمامه قليلاً ليبدو علي قياسها ثم خرجت مبتهجة . 

بحثت عنهم حتي وجدت الجميع في المطبخ المفتوح علي حديقة صغيرة .. بتفاجأ نظرت لچود المعلق في أعلي الغرفة واقفاً علي سلم وبيديه لوح خشبي يبدو وكأنه يصلحه فهتفت وعينيها عليه : 
" صباح الخير جميعاً " . 

" صباح النور يا أختي " بمرح تحدثت الابنة الصغيرة التي شاركتها غرفتها بالأمس فابتسمت چيلان لها بود وتحدثت العمة : 
" صباح الخير بنيتي تفضلي " . 

" ماذا يفعل چود " . 
تسائلت بعد أن جلست علي إحدي الكراسي وهي تنظر له مأخوذة فقد كان يدق بقوة بالشاكوش علي لوح خشبي يحاول تثبيته في جدران المنزل الذي يبدو مشقوقاً قليلاً فأجابتها العمة : 
" لقد كان اللوح مكسوراً وغرق المكان بالمطر فعرض بني چود أن يصلحه " . 

" نرد الجميل يا عمتي " تحدث چود بلباقة لتنظر چيلان له مرة أخري وفي تلك المرة كان ينظر لها هو الأخر ،، في الحقيقة منذ دخولها شعر بها قبل أن تتحدث و التفت يراها وما أجمله من هكذا صباح يتمناه بشدة أن يراها بدون هيئة عملية في منزل ريفي كهذا بما فعلته في الجلباب .. لا لم يعد جلباب بل أصبح فستان ريفي بحت وهي أصبحت ريفيته الحبيبة بملامحها الرقيقة صباحاً وخصلاتها المندية .. كلها سلبت أنفاسه ليعاود عمله بإرتجاف لم تلاحظه هي بل كل ما لاحظته قميصه المشدود علي عضلاته بارزاً لبنيان ظهره المشدود بشدة غير ذراعه القوية التي وترت لها أنفاسها والتي تتحرك بكل دقة وقوة وكأنه صبي المهنة . 

لم تكتمل فرحتها أو فرحته بهذا الصباح ففي ثوانٍ لم يتخيلها أحد وسقط جزء من لوح خشبي من السقف علي رأس چود فاهتز كل شئ .. سقط الشاكوش من يديه .. وسقط هو مع سقوط السلم وصرختها باسمه كان أخر شئ استطاع سماعه والسواد يحاوطه من كل جانب . 

" چووووووووووووود " صرخت وهرعت إليه وبكت وهي تحاول إيقافه جاثية بجواره علي الأرض ،، تهزه بصدمة مما حدث وتضرب وجنتيه بيديها : 
" چود ،، چود أفق أرجوك ،، چود تحرك " .

هرعت الصغيرة بعد الحادثة تنادي والدها من الحديقة والذي جاء مهرولاً متخذاً مكاناً مقابلاً لچيلان يتفحصه فهتفت هي بإرتجاف : 
" إنه لا يتحرك يجب أن ننقله للمشفي " . 

تحدث الرجل بأسف : " سأحدث طبيب القرية ليأتي فوراً منزله ليس ببعيد ،، لا يمكنكم الذهاب قبل يومين يا ابنتي الطرقات مغلقة تماماً ،، لنحاول إيفاقه " . 

همست متلعثمة فاقدة السيطرة علي روحها المرعوبة : 
" لقد حاولت لا يفيق بالماء " . 

ثم وقفت مسرعة للأعلي : " سأحضر زجاجة عطري " . 

" إنه لا يفيق يا إلهي ،، چود چود " صرخت وهو لا يفيق بالفعل حتي بعدما قربت يديها بعطرها لأنفه 
" فلنأخذه للداخل " حاول الرجل ولكنها صرخت مسرعة بخوف : 
" لا لا قد يكون هناك شئ مكسور به لا تحركه " . 

حاوطت وجهه بيدها تناشده أن يفق وقد شعرت بدمائه الذي أحاطت يديها ليتبن لها جرح في رأسه من الخلف فتحدثت وهي تبكي : 
" لماذا تأخر الطبيب رأسه ينزف " . 

جاء الطبيب فابتعدت تراقبه وهو يتفحصه بأدواته ويديه تضم يديها لشفتيها بتوتر حتي تحدث الطبيب مطمئناً : 
" إنه بخير الوضع ليس خطير ،، ليس هناك كسور ولكن قد يكون هناك تمزق في كتفه علينا حمله للداخل لأضمد جرح رأسه " . 

تساعد الطبيب مع الرجل صاحب المصنع لحمله حتي إحدي الغرف وطهر الطبيب جرحه ثم ضمده و حاوط رأسه بشاش أبيض : 
" سأحضر له بعض الأدوية وأتي "  . 

" قد يكون مصطفي مع العمال يساعدهم في تنظيف الطرقات " تحدث الرجل قاصداً الشاب صاحب الصيدلية التي ستكون مغلقة الأن ولكن لا شئ من مرافق القرية تمنع عن أهلها فتحدث الطبيب : 
" سأذهب لأجده إذاً " . 

ثم غادر ولكن چيلان لحقت به : " دكتور أصدقني القول هل هو بخير " . 

أومأ مطمئناً : " لا تخافي يا مدام زوجك بخير " . 

داعبت الكلمات إحساسها فرمشت وهي تسأله : 
" لماذا لا يفيق إذا كان بخير " . 

" سيفيق بعد قليل لا تقلقي فتنفسه طبيعي وكل مؤشراته الحيوية طبيعية " أراحها وذهب وعادت هي له وكان يتململ قاطباً حاجبيه بألم فاقتربت حامدة ربها وهي تري وعيه يعود له وحماس الصغيرة التي تهتف بفرح : 
" إنه يفيق إنه يفيق " . 

حرام سرقة البهجة من تلك الصغيرة بمرض يفتك بداخلها .. ليحميها الله ويعافيها لتري أياماً سعيدة مع شخص كچود مستقبلاً بعيداً يرسم في أعينها تلك الفرحة التي تراها چيلان بها كلما رأت الصغيرة چود و كأنه إحدي ممثلين هوليود خرج من التلفاز . 
إنسابت دمعة من عينيها وهي تفكر بالصغيرة مسحتها سريعاً وهي تبتسم لچود الذي كان يبحث عنها بعينيه ،، فرغت الغرفة من حولهما إلا من الصغيرة فهمست بحشرجة نبرتها : 
" هل أنتَ بخير " . 

أومأ مبتسماً لتسأله : " قال الدكتور قد يكون لديك تمزق بالكتف هل تشعر بشئ " . 

كان ينظر لها ببلاهة مبتسماً فهي تبدو مغرية لأبعد الحدود بملامحها التي تكرمشها حزناً عليه فهمس بحشرجة أنفاسه : 
" إنه يؤلمني فعلاً " . 

" علينا الخروج من هنا يجب أخذك للمشفي " 
هتفت مفكرة فقاطعتها الصغيرة بتذمر : 
" لا لا تأخذيه من هنا " . 

رفعت چيلان حاجبها الأيسر مع شعور يتسرب إليها .. لا لا هي لن تغير من تلك الصغيرة ولكنها بدأت تفعل فهتفت بهدوء : 
" إنه مريض والمرضي يذهبون للمشفي يا صغيرة " . 

وقفت الصغيرة منزعجة مدبدبة بقدميها وخرجت تجري بغضب فتحدث چود بخبث :
" أزعجتي الفتاة چيلان وكأنها ستشعر بغيرتك مثلاً " . 

توسعت عينها وسعلت قليلاً ونظرت له بترقب ولكنه لم يكن ينظر إليها بل كان يضحك مغمض العينين .. وبحدة أنبته :
" أنا خائفة عليك رأسك مجروح وذراعك أيضاً قد يسوء وضعك إن بقينا هنا " . 

" لا مشكلة لنذهب إن أمكننا أساساً لقد خططت لنزهة طويلة هنا ولكن فيما بعد " . 
غموض تخلل جملته بنبرته التي تشعرها بإنتماء الكلام لها وله.. لهما معاً وقطعتهم العمة : 
" إلي أين تريدون الذهاب هل يصح أن تذهب بهذه الحالة يا بني لتشفي أولاً " . 

" ستقلق والدتي يا عمتي يجب أن نذهب بالفعل " . 

" والله محرجة منكما ،، أنتم ضيوفنا وأنظر ماذا حدث بسببنا " . 

تبعها هو بسرعة : " لا تقولي هذا إنه نصيبي لم يحدث شئ " . 

ثم نظر لچيلان محباً لاستفزازها : 
" ليس وكأنك تمنيتي أن يصيبني مكروه يا عمتي " . 

شهقت العمة مدارية علي شهقت چيلان المستنكرة : 
" لا يا بني أدامك الله لشبابك والله لا أتمني لكم إلا كل خير " . 

جمعتهم معاً في جملة واحدة لتنظر چيلان له بحدة هاتفة بحنق بعد أن خرجت المرأة :
" حمداً لله علي سلامتك " . 

خرجت بضيق للحديقة وتركتهم يعتنون به رأت العمة تدخل الطعام له والطبيب أحضر الدواء وهو كالملك المدلل يقول أنها كانت تتمني وقوعه فهتفت بضيق منفعلة " ليسقط علي رأسك بحجم الأرض كلها " . 

وعادت تهمس بنفي " لا لا تتقبل يا الله لم أقصد " . 

وبغل هتفت " لقد بكيت من أجلك أيها الـ .. " . 

لم تستطع أن تكمل وقلبها لا يجرؤ علي سبه بل لا يجد لسبها له صحة أساساً . 

في الداخل جلست الصغيرة بجواره تراقبه كيف يأكل مبهورة به فعلاً كان عمرها بين السادسة والسابعة هكذا خمن وهو يبتسم لها بين الحين والأخر فتظهر غمازاته فتهتف الصغيرة : 
" يا حظها " . 

" من " تسائل چود بعدم فهم لتهمس : " حبيبتك " . 

تسائل مجدداً : " ومن حبيبتي " . 

" أختي چيلان يا حظها بك أنت وسيم جداً وهي فاتنة أيضاً " . 
تحدثت بخيالها ليسأل چود بترقب : 
" ومن أخبرك أنها حبيبتي " . 

بتلقائية هتفت : " تصرفاتها " . 

قطب حاجبيه ويبدو أنه سيسأل هذه الصغيرة كثيراً : 
" لا أفهم " . 

استرسلت الفتاه بالحديث وهي تقلد چيلان : 
" لقد كانت تبكي وتقول چود چود أرجوك أفق وكانت تصرخ قائلة لماذا لا يفق ،، لماذا تأخر الطبيب " . 

ثم وضعت يديها علي فاهها متاعبة بدرامة كبيرة جعلت چود يفتح عينيه مراقباً إستعراضها أكثر من دهشته ببكاء چيلان : 
" يا إلهي إنه ينزف چوووود " . 

إنفجر ضاحكاً عقب انتهائها وسعل قليلاً ثم هدأ قائلاً تائهاً : 
" كانت تبكي إذاً " . 

هتفت أخيراً بسرعة قبل إندفاعها لوالدتها التي تناديها : 
" إنها تحبك كثيراً كانت يديها ترتجف بشدة هكذا " . 

مثلت له لتضحكه مجدداً فتري غمازته قبل خروجها ،، تنهد بتوسع وهو يلقي جسده علي الوسائد بعد انتهائه من طعامه هامساً بولع : 
" آآآآآه يا حبيبتي آآآه " . 

...........................................................


اتجهت لورين لماكينة القهوة وهناك وجدت ديم يتجه لها متحدثاً بجدية :
" تعالي اشربي قهوتك معي " .

" أنا سآتي إليك بعد قليل ببعض الأعمال " .
أومأ متحدثاً : " حضري لي كوب معك إذاً " . 

ثم اتجه لمكتبه فتنهدت وهي تضع له كوب قهوة هو الأخر ثم وضعتهم علي صينية صغيرة واتجهت لمكتبها تحمل ورقة كانت ترسم بها ثم اتجهت للقهوة لتأخذها واتجهت بهم لمكتبه . 

هي تحب قهوتها  وسط ولا تعرف كيف يحبها هو ولكن خمنتها سادة ففعلتها كذلك ولكن خافت ألا تكون كذلك فوضعت أمامه الوسط فمهما يكن سيكون مذاقها أفضل إن كان لا يشربها سادة وأخذت هي الأخري متحدثة بهدوء :  
" هل أجلس " . 

" تفضلي " جلست ليرمقها بترقب بينما يتذوق القهوة فأغلق عينيه واحدة واحدة بالترتيب ثم فتحهم متحدثاً : 
" لقد خيبتي أملي أنا أشرب القهوة سادة " . 

هتفت بسرعة : " حقاً أصلاً هذا لي وهذا سادة ،، خفت ألا تكون تحبها سادة فتكون مرة لذا أعطيتك كوبي تفضل " . 

أعطته كوب القهوة السادة وأعطاها هي الأخري فارتشفت القليل منها ثم تركتها متحدثة بينما هو كان يداعب احساسه ما تلفظت به من خوف علي ما يحب ويكره : " أريد الذهاب للمدام أسيل قد كلفتني بعمل وأنهيته لذا أريد مساعدتك " . 

قاطعها فجأة وهو يتسائل : " لما أنتَ هادئة هكذا " . 

لم تفهم فهتفت : " عفواً " . 

" لم اعتادك هادئة منذ أسبوع وأنتِ حزينة وكأنكِ في هدنة من الحياة " . 
وكأنه يفهمها ليقول شئ كهذا فأخبرته : 
" لقد توفي جدي " . 

" أعذريني البقاء لله " بنبرة إعتذار تحدث لتجيبه : 
" ونعم بالله لا عليك " . 

" تليق بكِ تلك الملابس أكثر من ملابسك العملية " هتف وهو يراها بموديل جديد من بنطال أسود فضفاض وعليه قميص أسود ويزن عنقها قلادة رقيقة خالفت سوادها بلونها الفيروزي فظنته يحاول تصحيح مزاجها فهتفت بعدم تصديق : 
" هل تمزح أبدو كالبلهاء "  .
هي لا تبدو كالبلهاء .. هي فاتنة وبثيابها العملية أكثر فتنة فيغمره شعور إرادة حجبها عن الأعين لتكون .. لا يعرف ماذا تكون هي له ولكنه يعرف أن هناك أمر كبير تغير وكأن موازين الحياة تغيرت فهتفت بجدية :
" لا أمزح صدقيني لا أجمل من أن يكون الإنسان علي طبيعته " . 

نظرت لجاكيته الجلدي المعلق علي حامله وملابسه التي دائماً تكون خارج نطاق العمل من ملابس عادية مريحة فهمست مبتسمة : 
" صدقتك والأن هل ستساعدني لأصل لوالدتك فأنا سألت عنها وأخبروني أنها لا تأتي منذ يومين خير إن شاء الله " . 

" هو خير ،، أختي حنين عندها مسابقة للسباحة في الأسكندرية وهي معها هناك ستعود بعد يومين ،، أستطيع أن أوصل لها ما تريدين " . 

نظرت له بحرج متحدثة : 
" لا استطيع لقد وصتني بعدم رؤية أحد به ،، هل فقط تعطيني رقمها أو تخبرني عن حسابها لأتواصل معها " . 
أومأ مرحباً : " حسناً أحضري حاسوبك " . 

ابتسمت ممتنة : " شكراً ثوانٍ وسأحضره " . 

خرجت متجهة لمكتبها أحضرت حاسوبها وشرعت للخروج فتسائلت ديما بسخرية فهي تحترق غضباً : 
" تناول القهوة مع ديم رائع أليس كذلك " . 

توقف لورين بحيرة و لحسن الحظ لم يكن غريها بالمكتب فهتفت لورين بتعقل : " العمل مع ديم بيه أمر رائع نعم " . 

ثم خرجت زافرة بحنق .. خائنة وتتكلم لما يبقيها ديم هنا أصلاً ولكن لا دخل لها بهذا الأمر .. لاحظت وضعه لكرسي بجواره قليلاً فور دخولها و دعاها لتجلس عليه ففعلت وهي تفتح حاسوبها بينما فتح هو اللاب الخاص به علي صفحته الشخصية متحدثاً بوجه عملي حين نظرت له لم تجد فيه مكراً مثلاً مع جملته : 
" لأضيفك عندي أولاً ثم لتضيفين والدتي من عندك " . 

أومأت وهي تمليه اسم حسابها فأخذ يبحث عنه وهي تراقب الأسماء حتي ظهر الايميل الخاص بها فشاورت عليه معه في نفس اللحظة فتلامست أصابعهم لتسحبها سريعاً وكلاهم هتف فينفس اللحظة هو متسائل " هذا هو ؟ " وهي مقررة " ها هو " . 

رعشة ضربت أعصابها بطول يديها حتي امتدت لظهرها فسحبت يديها سريعاً بينما هو إشتعل بلمسة طفيفة فقط فتابع بسرعة :
" أعطيني هاتفك لأضيف لكِ والدتي " . 

لقد أرسل لها طلب صداقه وقبله هو بنفسه ثم أخذ يبحث من هاتفها علي إيميل والدته من بين أصدقائه حتي وجده وضافه لها .. اعطاها الهاتف متابعاً بحدة طفيفة : 
" تم الأمر يمكنك متابعة عملك الأن " . 

تحيرت من مزاجه المتقلب هذا فوقفت هامسة قبل خروجها : 
" شكراً لك " . 

نظر لها تختفي وشعوره كان يريدها بجانبه مجدداً .. جبينه كان يتعرق منذ لمستها .. عينيها الحزينة تجذبه ولكنه يحب تلك المشتعلة بتحدي واستفزاز أكثر . 

................................................................


لم يذهب سفيان بعد فدياب يريده لإنهاء ذلك الأمر غير أن منزل جده بعيد ليعود له وكذلك منزل الساحل بعيد هو الأخر ولن يسافر له قبل إنهاء عدة أمور .. أعطاه عمه غرفة هو ووالدته في منزلهم مرحباً بهم ولكن يبدو أنه لا يطيق ترك بناته معه فهو فقط يعرفهم منذ أيام لذا لم يذهب دياب لعمله ويترصد غرفة الجلوس المحيطة بكل شئ بباب الشقة وبالسلم وبالدور العلوي وبالشرفة و المطبخ وكل شئ كان تحت رقابته وهو لا يلومه فمن يمتلك عائلة كتلك يجب أن يكون مثله تماماً كما يقال " عينيه في وسط رأسه " ولكن عمهِ دياب كان أكثر إتزاناً مما تخيل وأكثر سيطرة و عقلانية وأكثر دفئاً وحناناً . 

جالساً في الشرفة حيث ملاذه حتي يذهب .. لا يري أحد في أرجاء المنزل غير عمه وزوجة عمه التي تعمل هنا وهناك بدون توقف حتي ظهرت رسيل من الأعلي مجهزة للخروج تقريباً وفي طريقها قاطعتها والدتها لتعطيها كوب من العصير ظنه لها ولكن رءاها تتجه له بالكوب مبتسمة حتي وضعته أمامه وجلست قائلة : 
" ماما أعدته لك " . 

شرب منه قليلاً متحدثاً : " سلمت يداها هل أنتِ خارجة " . 

أومأت له : " سأذهب لعيادتي " . 

رفع حاجبه بإعجاب متسائلاً : " عيادتك ! " .

أومأت مجدداً : " أنا طبيبة نفسية " . 

" هذه مفاجأة لم أكن أعلم إذا لنجلس ونتحدث معاً " .

أجابته : " لست متأخرة كلي أذان صاغية لك " .

تنحنح مبتدئاً : " بخصوص وصية جدي ليس في نيتي عدم تنفذيها ولكن ما حدث بالأمس مع سبأ .. أسف لتدخلي ولكن هل هي تعرف شئ بخصوص هذا الأمر .. أقصد هل حدثها جدي رحمه الله عن أي شئ " .

بكل صراحة واجهته : " نعم قال لها جدي أنها المقصودة بما يريده في وصيته أي أنه يريد تزويجكم أنت وسبأ " . 

نظر للأمام بيده مسح ذقنه بهدوء ينافي ما شعر به وهي تتابعه بفضول دارسة حركاته ولغة جسده كانت تفكر في شئ أخر غير كونه سيتزوج من سبأ وجاء ذلك واضحاً مع حديثه بجمود : 
" لماذا هي رافضة " . 

ثم بعينين غاضبة كما رأت تسائل : " هل تحب أحداً " . 

نفت مصارحةً إياه : " سبأ ليست من النوع الذي يحب أن يفرض عليه شئ وخاصةً هذا الأمر .. سأكون صريحة لا يوجد في حياة سبأ أحداً وكذلك لن تجبر سبأ علي إدخال شخص لحياتها بدون إرادة قلبها أي .. " . 

قاطعها بشرود : " أي أنها تريد الزواج من شخص تحبه ويحبها و يتسلل لقلبها أليس كذلك " . 

أيدته : " نعم وغير ذلك سبأ مصدومة من رغبة جدي فجدي كان أكثر شخص يعلم بقلبها لقد كان قريب منها جداً ويفهمها أكثر منا جميعاً "

بدا أنه يفكر بشرود وهو يهز قدميه بخفة فاستأذنت منه : 
" سأذهب الأن تريد شئ " . 

" أين عيادتك " تسائل لتخبره ليجيب : 
" سأكون قريب من هناك المساء هل أتي لأخذك " . 

وافقت مبتسمة : " تعال وإن كنت انتهيت أخرج معك " .

خرجت رسيل بينما بقي سفيان يفكر كثيراً حتي وجد نفسه يخرج لعمه بدون وعي متناسياً عن عواقب ما سيئول إليه الأمر مقرراً بقلبه وليس بعقله غافلاً عما تخفي لهم الأيام : 
" أنا موافق عمي علي وصية جدي وعلي الزواج من سبأ " .  

وهناك سمعته سبأ من فوق ،، وشعور رائع احتل قلبها فإنتفض القلب وارتعشت وشعرت بسقيع يتخلل لقلبها مع بداية الشتاء التي تعشقه سقيع أحبته ولم تنفر منه مع توردها بإحمرار وهي تسمع اسمها من بين شفتيه معلناً موافقته علي الزواج فأخبرت والدها هي الأخري غافلة عن قدرها :
" أبي لقد استخرت ربي أمس وأشعر بالراحة ،، إن كان جدي حي فلم أكن سأرغب بإحزانه "  

يتبع ... 

.........................................................