-->

الفصل التاسع عشر - بنات حورية


الفصل التاسع عشر

وإن كان للحب معني فهو هيئَتُكِ . 
وإن كان للعشق معني فهو قلبكِ . 
وإن كان للهوس معني فهى روحكِ . 
وإن كان للهوى مثالٌ فهو أنتِ .
صدمة جعلت حواسها تتوقف عن العمل وهي تنظر للطفل القابع علي قدميه بينما يتحدث بضيق : " بابا هل هذه من ستكون زوجتك " . 
وحينها رفعت رسيل نظرها لصهيب وعينيها بها تساؤل مصدوم ،، اليوم عطلتها و منذ قليل طلب رؤيتها خارجاً وقال أنه يود الفطور معها وقابلته في مطعم قريب من منزلها تمشت له ويطل علي النيل مباشرةً ،، وحين أتي لم يكن بمفرده بل كان برفقته طفل صغير خمنت أنه في السادسة من عمره ،، ابتسم لها بارتباك وهو يجلس وهذا الطفل استحوذ علي قدميه كمقعد له بدلاً من مقعد حقيقي وقبل أن يتحدث صهيب بأى حرف انطلقت تلك الجملة من فم هذا الصغير ،، تنهد صهيب بشهيق مُطول قبل أن يخبرها بصدق : أقسم لكِ لقد نسيت تماماً ،، لقد ظننت أنني أخبرتك عنه في إحدى مرات حديثنا .
ما زالت عينيها متسعة تنتظر تفسيره ليحدث الصغير : مالك لما لا تنظر للبحر قليلاً بجانبنا هنا .
تحدث الطفل بينما يرمق رسيل شزراً قائلاً : لما جلبتني طالما تريد الحديث معها وحدك .
رفعت رسيل حاجبها الأيسر مستغربة من ذكاء طفل بهذا العمر ويبدو أنه أكبر عمراً مما خمنت ،، لقد قال تلكَ الجملة متأففاً قبل أن يتركهم ويتجه للسور المطل علي البحر ليقف هناك متأملاً بينما يصيح صهيب : لا تبتعد وانتبه .
عاود نظره لها بينما هي صامته وكأن الكلام حُشر بفاهها وقبل أن يتحدث همست بحشرجة : هل أنتَ متزوج أو كنت ..
قاطعها نافياً موضحاً : تمهلى يا طبيبتي سأخبرك كل شئ ،، بالحديث عن الزواج فلم أتزوج من قبل .
ثم نظر لمالك مراقباً إياه : مالك يكون ابن اختي مريم وصديقي كذلك ،، لقد توفيا قبل عام ونصف في حادث سيارة لقد وصتني مريم عليه قبل وفاتها ،، زوج مريم لم يكن له أقارب من الدرجة الأولى ولم أكن لأستأمن أحداً من عائلته علي مالك كما لم أكن لأتركه لجدي ليربيه بتلك البلدة بالطبع ،، أنا والده الأن هو يعرف أني خاله ومدرك لكل ما يدور حوله .
مع كل حرف كانت تنظر لمالك بشفقة وهي تفكر أن لا بد وأن التعاسة تسيطر علي قلبه ،، نظرت لصهيب مرة أخرى وهو يكمل : إنه بالسابعة من عمره ،، تأخر سنة بالدراسة حتي استوعب أنه لم يعد له أم وأب ،، والأن هو في سنته الأولى في المرحلة الإبتدائية أنا لا أستطيع التخلى عنه أبداً رسيل ،، ولا تفكرى أنني أضغط عليكِ أو أنني كنت قاصداً لأخفيه حتي موافقتك .
تابع بإحراج بعد ذلك : ربما لأنني اعتدت عليه فظننت أن الأمر طبيعي في أن يقطن معنا وتكونين له والدة كما أنا والده .
همست حينها تزيل دمعه فرت من عينيها : إنه طبيعي بالفعل صهيب .
أنبته بعد ذلك : عتبي عليك لعدم إخبارى إلي الأن ولكن إنه ابن أختك رحمها الله وأنا سأحفظ أمانتها إن تمم الله لنا علي خير لا تقلق .
ثم قالت بترقب مبتسمة : ولكن يبدو أن مالك لا يتقبلني أبداً نظراته تقول ستأخذين الوحيد المتبقي لي .
قال بحرج : سيفعل مع الوقت .
وقفت تنظر لصهيب قائلة بعبث : لن تكون الوحيد المتبقي له بعد الأن .
ثم همست بمرح وهي تتجه لمالك : إن ألقاني بالبحر أنقذني بسرعة فأنا لا أعرف السباحة وادعي لى .
ضحك صهيب بينما يراقبها وهي تتجه لمالك وقفت جواره محركة شفتيها في حين رفع مالك نظره له قبل أن ينزله بضيق بعد سماعه جملتها التي قالتها بود : جوابك علي سؤال أبيك نعم أنا من سأتزوجها .
ثم غمزت له قائلة : هل أعجبتك ،، ما رأيك هل أليق بوالدك .
نظر لها من أعلى لأسفل قبل أن يذفر بضيق ناظراً للبحر مجدداً قائلاً : وما دخلى لست أنا من سيتزوج بكِ .
أجابته بتصديق علي كلامه : معك حق ولكن ألست ابنه وأنا علي أن أنول رضي الأب وابنه صحيح .
سحبت كرسي من إحدى الطاولات الفارغة وجلست عليه فأصبحت في طوله لتنظر له كطفلة تنتظر رده ،، ملامحها الرقيقة والبشوشة نالت إعجابه ولكنه أخفي ذلك وهو يسأل بترقب : هل سيكون لرأيي موقفاً منكِ .
ضيقت عينيها وقلبها يؤلمها علي هذا الذي يتحدث وكأنه بالعشرين من عمره لتخبره : لكل إنسان حق أن يختار أو يعترض علي الحياة التي يتنفس بها .
زم شفتيه باستهزاء قائلاً بغضب : التي يتنفس بها هل تريدين إذا أن أختار حياة اتنفس بها بعيداً عنكِ وعن أبى .
لقد باغتها وأدهشها حقاً بقوله فضيقت عينيها بنفي وهي تنظر لصهيب المترقب ثم له مرة أخرى قائلة بحزن : أنا لم أقصد هذا يا مالك ،، قصدت أنه لك حرية الأختيار بالموافقة أو الرفض علي أن أكون أنا موجودة بحياتك أنتَ ووالدك .
رأت بعينيه لمحة ندم اختفت سريعاً قبل أن يقول بضيق مصرحاً تاركاً إياها عائداً لصهيب : لا لا يمكنني ذلك ،، أنا لست ابنه الحقيقي أنا ابن أخته فقط وهو يحق له الزواج وانجاب أطفاله ،، أما لا يمكنني الاعتراض .
نادته ما إن التف ناوياً تركها : لا تكون جباناً وتهرب إذا بدأتَ حديثاً عليكَ إكماله .
جز علي أسنانه وعاد لها قائلاً بغضب : أنا لستُ جباناً .
ابتسمت وهي تومئ بتأييد : إذاً أخبرني هل أنتَ معترضاً علي .
سألها بترقب : وإن كنت كذلك ماذا ستفعلى .
نظرت له بشراسة قائلة بجدية : سأظل خلفك حتي توافق .
ألقاها بوجهها وكأنه يسبها تاركاً إياها : لست معترضاً .
ظلت تنظر له بهدوء محلله شخصيته التي نضجت عن صغر أثر حادثة فقدانه لوالديه يحتاج هذا الصبي لشخص يحتويه مجدداً ويشعره بالحنان حتي يخرج كل ما في قلبه ويعود لطفولته ويبدو أنها المختارة لذلك وهي لن تبخل عليه بأى شئ أبداً .
........................................
كانت ليلة رائعة والتي تسبق ليلة زفافها مباشرةً ،، بعد انتهاء الضجة والرقص وأصوات طلقات النيران الموجهة للفراغ ،، جلست هي وكل عائلتها معه في غرفة جلوس واسعة من غرف هذا المنزل الكبير ،، الجميع كان متواجد هي والديها ،، جود وجيلان ،، ديم ولورين ،، سبأ وسفيان ،، راما وهيا وصهيب المستمتع بتلك العائلة الدافئة التي تحاوطه ،، أولاد أخواته كانو يجلسون جواره كذلك ينظرون للجميع بانبهار وكم تفاعل جود معهم لتنظر جيلان له مدركة مدى حبه للأطفال وها هى ستأتي له بطفلين وليس واحد ،، نعم اكتشفت جيلان أنها حامل بتوأم وكم سعدت لذلك وكم يريد جود أن يكونا فتاتان مثلها تماماً .
قبل باب تلك الغرفة بخطوات وقفت أمينة أخت صهيب الكبيرة وكذلك والدته بينما تهمس أمينة بضجر وحقد : هل سنصمت علي هذا ،، انظرى لهم لقد استحوذو عليه تماماً ،، هو حتي لا يسأل عن تواجدنا معه بالداخل .
تحدثت والدتها قدريه قائلة وأصوات ضحكاتهم تنزل علي مسامعها كسم يتغلغل بعروقها ،، نزعة ذاتية تلك متأصلة بهم ،، عقدة نقص بهم يترجمونها بأنهم كاملين والكل عدا ذلك ،، عقلية رجعية غبية ،، وويلاً من ظلم وتخلف تلك العقلية : صبراً جميلاً يا أمينة ،، إن كنت رفضت لكنت خسرت ولدى .
ابتسمت أمينة بمكر ودخلت بعد ذلك قدرية عليهم مُسلِّمَة بابتسامة جامدة زائفة لا تود أن أن تزيفها بصدق حتي قائلة : أستأذنكم هل أخذ زوجة ابنى قليلاً .
نظرت رسيل لصهيب بتساؤل فرفع حاجبيه تعبيراً عن عدم معرفته لشئ ،، هتف دياب حينها : رسيل اذهبي يا ابنتى .
وقفت برفق متجهة لتلك المرأة وابتسمت لها بينما قدرية تربت على ظهرها مسمية بالله في زيف ،، انطلقا للأعلى فيحين تبعتهم راما سراً فهي رغماً عن صهيب الذي يذيب الجليد إلا أنها قلقت لتتبعها حتي رأتهم يدخلون إحدى الغرف ومن خلفهم دخلت أخت صهيب لتدق الباب وتدخل بهدوء قائلة وهي ترى أختها تجلس علي السرير وحماتها أمامها وأمينة واقفة ،، نظرت أمينة لراما قائلة: خير .
اتجهت راما لرسيل ووقفت تستند بكفيها علي كتفي أختها قائلة : أسفة علي فضولى هل يمكنني الأنضمام لكم .
تحدثت أمينة بسخرية : لقد فعلتي بالفعل .
ابتسمت لها بطفولة وتحدثت قدرية بجمود : أنا سأوصي أختك بعدة وصايا من أجل ولدى .
ابتسمت راما بفضول مزيف قائلة : وأنا أيضاً سأتزوج قريباً لأسمع وصاياكي يا خالة بالتأكيد ستفيدني .
بعد دقائق خرجا معاً من الغرفة لتتنهد راما قائلة بضيق : صهيب لا يعوض صحيح ولكن والدته مخيفة جداً ،، تجنبيها قدر الإمكان .
ابتسمت رسيل علي طفولية أختها : بالنهاية هي والدة صهيب أى لا يمكنني تجنبها .
قالت راما بحمد : الحمد لله أنكِ ستعيشين بعيداً عنهم ،، هي لم تكن توصيكي بل كانت تلقي أوامراً عليكِ .
تنهدت رسيل قائلة : لتقل ما تريده أنا أعرف كيف أعيش حياتي مع زوجي وهي لن تفيدني .
...............................................
راقبت هيا راما الخجلة وهي ترفض مكالمات راكان المستمرة لتحدثها بهدوء : راما يمكنكِ مكالمته لا داعي للخجل حبيبتي سيكون زوجك .
نفت راما بتوتر : فقد كي لا أزعجك .
قطبت هيا حاجبيها كاتمة ضحكتها فراما تغيرت كثيراً بوجود راكان في حياتها ،، وقاحتها قلت حقاً كما أصبحت تخجل من أتفه الأسباب ،، أومأت راما لها وهي تتجه فاتحة شباك الغرفة ووقفت مخرجة رأسها منه وأجابته ،، في حين نظرت هيا للهاتف الذى يعج برسائل دوروك الإلكترونية فمنذ ذلك اليوم وهو يحدثها .. يطمئن عليها .. قبلت محادثته أول مرة بقلب وجل خائفة ومحرجة ولكن رويداً رويداً اندمجت معه ،، باتت تنتظر محادثته كل يوم ،، وبات هو أكثر جرأة ولكم صُدمت حين أخبرها أنه تقدم للزواج بها في هذا اليوم ودياب رفضه .. نظرت لراما التي تتحدث بالهاتف مبتسمة فهي من يجب عليها أن تكون محرجة وليست راما حقاً .
صرخ راكان بعصبية قائلاً : لماذا لا تجيبين علي هاتفك .
ارتعشت بخفوت مع نبرته ونسمات الهواء التي أطارت خصلاتها للخلف ،، صمتت محرجة فهيا تجلس خلفها وهي لن تقول له أنها محرجة من أختها لتسمعه يسألها بتساؤل : راما أنتِ معي .
أجابته بهدوء : نعم معك .
تنهد قائلاً بصبر : كيف حالك ،، ماذا تفعلين لما لا تجيبي علي .
أجابته علي كل سؤال : أنا بخير ،، أنا في الغرفة مع هيا كنا سننام فقط هكذا .
زفر باطمئنان : حسناً سأغلق غداً أحدثك ،، فقد أردت الإطمئنان عليكِ .
أجابته بسرعة : لا لا تغلق .
ابتسم مشاكساً : حسناً هل أحكي لكِ قصة قبل النوم .
ضحكت بمرح قائلة :  وماذا ستحكي .
ضيق جبينه من تجاوبها بنفي الموضوع معه وحينها فكر وفكر ثم هتف بضيق في النهاية : سأحكيها لكِ عملياً عندما نتزوج .
أغلقت عينيها وتكهربت مسامها برعشة هامسة بحرج : كيف حالك .
ابتسم بتلاعب : بخير يا جميلتي ،، لدى مفاجأة لكِ .
تفتحت أوداجها وحواسها بسرور : حقاً ما هي .
ضحك يخبرها : مفاجأة يا صغيرتي ،، عندما تعودين ستكون جاهزة . 
تأففت بطفولة : ولما تخبرني الأن سأظل أفكر بها . 
_ لدى فكرة أفضل لتفكرى بصاحب المفاجأة بدلاً من المفاجأة .
همست بحرج تغير الموضوع : كيف حال والدتك هل أصبحت بخير .
قال بمداعبة كبيرة علي عقلها الصغير : لا ليست بخير تعرفين لماذا .
سألت بصدق قلقة : لماذا هل مرضت مجدداً .
نفي يخبرها بتأثر : لا جسدياً هي بخير ولكن نفسياً فلا فهي متعبة من أجل ابنها .
ضيقت حاجبيها قائلة بتساؤل : ما بهِ ابنها أقصد ،، أنتَ لستَ لديك إخوة راكان .
ضربت جبينها بيديها قائلة بقلق ومازالت غير مدركة لعبثه : أنتَ هل أنتَ بخير ما بك .
ضحك بصدق مبعداً الهاتف عن أذنيه قليلاً قبل أن يحدثها مجدداً بجدية : أنا حالتى النفسية في الإنحدار تماماً وأخشي علي والدتي لأنها تقلق علي جداً وتقول سأزوجك راما في اسرع وقت يا بنى فهي تخشي علي عقلى من الضياع بسببك .
ضرب كلامه عقلها ببطئ فتضرجت وجنتيها مشتته قائلة بغباء : أنا لا أفهمك ،، ماذا تقصد .
عضت شفتيها شاتمة ذاتها فهل طلبت منه تفسير للتو ،، قالت بسرعة قبل أن يتمادى : راكان ليلة سعيدة أنا سأنام .
أغلقت الهاتف وأغلقت الشباك شاهقة ثم اندست تحت الغطاء بحرارة رغم برودة الجو ،، حتي أعلن هاتفها مكالمة منه مجدداً فردت لاهثة : 
نعم .
_ قريباً شأشرح لكِ عملى ماذا أقصد ،، تصبحين علي خير يا سكرتى . 
أغلق الهاتف وتركها لخيالاتها الطفولية بعد ذلك ،، وهام هو في تخيلاته الناضجة .
...............................................
لا تصدق حقاً أن فرحها انتهي ،، لا تصدق أنها تزوجت بحفل ملئ بالنساء فقط وأغلبهم بل كلهم عدا عائلتها لا تعرفهم ،، والأن لقد أوصلوها لغرفة صهيب والتي جهزت خصيصاً لهم لتلك الليلة بعد أن كانت مغلقة دائماً في عدم وجود صهيب ،، كانت تجلس علي السرير حيث وضعوها تنتظره ففكرت بعملية أن هذه هي الحياة في تلك البلاد الرفية القروية .. يجرون الفتاة لغرفة زوجها فتنتظره كالذبيح كما يزجون بها داخل حياته بإرادتها أو دونها ،، ليست كل العلاقات كذلك بالفعل فهناك من تربو ونشأو معتادين ولكن البعض الأخر المعارض بصمت هذا هو البعض المؤلم كهناء زوجة أخ صهيب التي لم تري لها ابتسامة تزور عينيها أبداً وملامحها مملوئة بالحزن الذي تطبع معها .
انتفضت خارجة من شرودها وهي تستمع لطلقات النيران التي ازدادت بشدة وصوت الطبل والزمامير التي علت لتقف مع سماعها لمقبض الباب الذي فُتح وظهرت من خلفه قدرية وصهيب برفقتها ،، ترشه بالملح وتتمتم بكلمات تظن أنها تحفظه بها .
تمتم صهيب بهدوء وهو ينظر لعروسه الجميلة : 
كفي يا أمى .
أومأت بتهكم وتركتهم وهي تهمس بأذنيه : لا تعطيها وجهاً أكثر من هذا ،، يكفي أننا طاوعناك وأخلفنا عادتنا من أجل المحروسة .
ضيق جبينه لوالدته أومأ مسايراً حتي خرجت وودعها يغلق الباب ورائها ،، أغلق الباب بالمفتاح والتف لرسيل التي كانت تسافر بعينيها عليه ،، ثيابه الذي يرتديها ،، كان يرتدى بدلة سوداء أنيقة وعليها عبائة بيضاء طويلة مفتوحة ومطرزة بلون دهبي وعلي رأسه عمامه بيضاء مطرزة أيضاً ،، كتمت ضحكتها بصعوبة علي هيئته وخاصة وهو يرفع العبائة لاففاً إياها علي كلتا ذراعيه متقدماً منها بغرور وكأنه بعرض أزياء قائلاً : اضحكي اضحكي يا عروسي ،، أعجبتك ملابسي أعرف .
ضحكت واضعة يديها علي شفتيها لتجيبه : يجب أن ألتقط صورة لك ولكن هاتفي ليس معي .
قال مجعداً ملامحه : يا قاسية .
ثم غمز لها مخرجاً هاتفه من جيبه قائلاً : ولكن هاتفي معى .
ضحكت وهي تتناوله منه ليرفع يديه عالياً فتنظر له بملامحها الأنقي من النقاء ليجذب خصرها له فوقع قلبها مختضاً بحياء من مكانه ،، نظرت له بارتباك وكأنها الأن فقط شعرت بأنها تزوجت به ليسألها بهيام : ألن أتغزل بزوجتي أولاً .
نظرت بعيداً عنه خجلة ليرفع وجهها له قائلاً : سبحان من خلقك يا طبيبتي الجميلة .
رطبت شفتيها بخجل وقلبها ينتفض بين ضلوعها فاحتسبها دعوة له فنزل يلثم شفتيها بهدوء قبل أن يرفعها عن الأرض ذائباً بها وهي فقط ترتجف بين يديه مغمضة عينيها تاركة أحاسيس جديدة تسلل لها فتخجلها أكثر ،، ابتعد عنها قائلاً بدعاء : ليباركلى الله فيكِ وليجعلكِ قرة عيني دنيا وأخرة .
همست بينما تلهث مستندة علي صدره بشهيق وزفير : وأنتَ أيضاَ .
قبل جبينها قائلاً : لنصلي معاً .
ساعدها بعد ذلك في فك رباط فستانها ثم غيرت ثيابها وارتدت العبائة المخصصة لصباحيتها فلم تجد غيرها هي وقميص أبيض لامع وكذلك فعل هو ،، خرج من الحمام مغيراً ثيابه ومتوضأ رآها تبحث عن شئ ليسألها : علي ماذا تبحثين .
التف له بصدمة والتف شعرها الأسود الحريرى معها لتقول بارتباك من تفحصه لها : لا يوجد شئ أصلي به أقصد طرحة أو خمار أو أى شئ .
اقترب منها ورفع يديه متلمساً خصلاتها بحنان فأغمضت عينيها ،، ثم أنزل وجهه يستنشقها مردداً : لا تغمضي عينيكِ أمامي يا رسيلي ،، اسمحي لنفسك برؤية كل شئ ،، ملامحي وأنا منبهر بكِ ،، سبحان الله أنتِ أيه في الجمال .
ثم استرسل حين فتحت عينيها : هل تصدقيني لو قلت لكِ أنني لم ألاحظ جمالك هذا مسبقاً ،، لأنني رأيت روحك.. تصرفاتك وشهامتك أولاً ولكن اليوم وقد أصبحتي لى فلي كل الحق باستكشافك يا طبيبتي .
صامته بوهن يسيطر علي حواسها متلذذاً همس : سأجعلهم يحضرون إزدالاً ويمكنك خلع تلك العبائة .
أومأت له واتجه للباب فتحه ونادى علي بصوته حتي أتت أخته ومن خلفه سبأ بقلق ليسألهم : احتاج إزدال صلاة لرسيل .
قالت سبأ بسرعة : معي سأحضره لك .
تركتهم ورحلت وحاولت أمينة النظر للداخل ولكن جسده الضخم سد ضلفة الباب بأكمله في حين ابتسم لها قائلاً : أمينة أين العشاء لا أراه .
ابتسمت بتهكم له قائلة : سيكون عندكم بعد قليل ،، أخبرني الأن هل تم .
توسعت عينيه بتحذير وهو ينظر خلفه ثم همس لها : ما الذي تم هل جننتى .
نظرت له بغيظ قائلة بحدة : أنا أختك الكبيرة لا تنسي .
جائت سبأ بالازدال تعطيه إياه فصمت كلاهما ،، التقطه من سبأ شاكراً إياها ثم تحدث لأمينة : أمينة أنظرى للعشاء استعجليهم قليلاً .
ثم ابتسم لهما مستأذناً : عن اذنكم .
أغلق الباب فنظرت سبأ لأخته بإبتسامة قائلة : هل أتى وأساعدكم في أى شئ .
تحدثت أمينة بجمود : نحن لا نفعل أى شئ يوجد خدم هنا .
أومأت لها بنفس الابتسامه ثم استأذنت منها وعادت لغرفتها ،، ما أن دخلت حتي هتفت لسفيان الجالس يعمل واللاب علي قدمه : ما تلك العائلة بأي عصر يعيشون .
جلست جواره فنظر لها بهدوء وأعطاها ابتسامة خلابة زادت من وسامته لتميل وجهها علي يدها مراقبة إياه ،، سألها بهدوء : ماذا حدث .
حكت له ما حدث فضحك بخفة ،، فشهقت وهي  تضع يديها علي وجهه محل غمازة ظهرت ،، وحاوطت وجهه تجذبه إليها بعد أن اعتدلت في جلستها لتراه بوضوح قائلة : لديك غمازات .
ضحك بشدة علي برائتها لتجيبه بذهول : كيف لم ألاحظ من قبل .
ثم تركته ووقفت قائلة : الحق كله عليك ،، قفل .
همست بقفل في النهاية بخفوت وهي تسدير ذاهبة لحقيبتها لتخرج ثياب نومها ولكنها شهقت وهو يرفعها من خصرها عن الأرض متسائلاً : ماذا قلتى للتو .
بالحقيقة لقد تضايق ،، بحياته لم يكن قفلاً ولا ثقيل الدم حتي ،، ولكن معها هو يكاشف سفيان أخر أو لنقل أن أخر يتلبسه في محاولة لتغطية جريمته في حقها غير واعياً أنه ينبهها بأن هناك جريمة تحاك من خلفها ،، كانت يديه التي ترفعها عن الأرض رغماً عنه تضغط عليها بقوة فهمست تأن : سفيان يديك تؤلمني .
أرخى يديه وأنزلها لتواجهه قائلاً بصدق : أسف لم أقصد أنا أمزح .
أرخت رأسها علي ذراعه قائلة : أعلم .
رفعت رأسها مخرجة لسانها : ولكنك قفل .
فرت من أمامه والتقطت ثيابها كما اتفق معها ودخلت الحمام ،، ما إن خرجت حتي أمسك بها من الخلف لتختض قائلة بمداعبة : سيتوقف قلبى هكذا .
أخبرها دون وعي مستنفراً : بعد الشر حبيبتي يارب أنا وأنتِ لا .
إلتفتت له بعد أن تسمرت بين يديه ،، هل قالها حقاً هل قال حبيبتي همست بحشرجة تجيبه : بعد الشر عنكَ أيضاً .
ثم صمتت قليلاً قبل أن تتذوق شفتيها حلاوة الكلمة قائلة من كل قلبها بصدق : حبيبي .
هو قال جملته بصدق غير واعي عن اللفظ الذي أطلقه أساساً ولكنه صدُم من مباغتتها له هكذا ،، تسمر ثوانٍ قبل أن يغير الموضوع متسائلاً : من القفل إذاً .
ضحكت تجيبه : هل أكذب أنا أول مرة ألاحظ غمازاتك وهذا يعني أنكَ لا تضحك أساساً ولكن بالمناسبة ضحكتك رائعة جداً أحببتها .
تحبه ولن تخجل من حبه ولن تخجل من إظهار هذا له فهو زوجها ،، نزل بوجهه لعنقها يلثمه بهدوء قبل أن يقرص خصرها بسرعة فانتفضت بين يديه شاهقة ،، وقال قبل أن يبتعد عنها  مكملاً عمله : أنا لست قفلاً يا مشتعلة هانم .
ضحكت علي اللقب ناظرة له بعد أن جلس قائلة وهي تتخصر بيديها : لا مشكلة حبيبى سأذيب هذا القفل باشتعالى كما تقول .
...............................................
أغلق صهيب الباب وأعطي رسيل الازدال قائلاً : أحضرته سبأ .
أومأت وأخذته متجهة للحمام ليوقفها واضعاً ذراعه في طريقها قائلاً : إلي أين .
اختض قلبها بنبضاته مجيبة : سأرتديه .
نظر للغرفة مشيراً بأصبعه مكانها قائلاً : هنا .. ارتديه هنا .
توسعت عينيها بصدمة قائلة: لا ،، كيف .. أمامك .
أومأ غامزاً بوقاحة لتفكر ما الذي غيره هكذا من قليل كان هادئاً ومحترماً !! ،، لتجيبه بهمس بينما تقبض علي الازدال بقوة : لا لا لن أستطيع هل تمزح معي .
نفي وهو يتجه للحمام واقفاً أمام الباب قائلاً بتلاعب : هذا ما سيحدث وأنا سأكون مؤدباً أعدك .
نفت وهي تنظر حولها حتي وقعت عينيها علي طرحة فستانها فقالت : لا لا لن أفعل ،، لن أرتديه ،، سأصلي هكذا .
وكأنه قرأ أفكارها فسبقها وامتدت يديه قبل يديها ملتقطاً طرحة فستانها رامياً إياها علي طول ذراعه وأمسك بخصرها قائلاً بوداعة : حسناً سأغمض عيني .
توسلته بخجل رهيب ووجهها كله يحترق : لا لا يا صهيب ما بك .
تحدث بجدية : أخبرتك سأغمض عيني .
_ عدني 
همست بها ليعدها قائلاً : أعدك سأغمض عيني . 
أومأت له وهي تقول : حسناً ابتعد .
ابتعد عنها وولاها ظهره لا تعرف حقاً ما الفرق ولكن توقف عقلها من كم الخجل التي هي به ولم تظن للحظة أنه يخدعها ،، كانت تنظر له بينما تخلع عبائتها فحدثها بتساؤل متلاعباً : هل انتهيتي .
أنزلت العباءة بسرعة وهي تحيبه بخوف : لا لا ليس بعد .
رفع يديه مسالماً ،، وما إن استمع لصوت عبائتها المليئة بالخرز تضرب السرير حتي فتح عينيه وإلتف لها لتصرخ متوسعة عينيها وهي تدارى جسدها بالإزدال وابتعدت بخوف قائلة : لا لا أرجوك ،، لقد وعدتني .
تمسكت بالازدال بخوف ،، خافت أن يسحبه منها فتقف بين يديه شبه عارية رغم أنه رآها كذلك وانتهي الأمر ،، هتف بصدق وبراءة : لقد أغمضتها كما وعدتك .
اقترب منها لتتراجع بينما تعض علي شفتيها ،، دمعت عينيها من الخجل فنظرت للأرض ستبكى حقاً لقد خدعها ،، في حين حدثها :  هيا يا طبيبتي ،، كلانا يعلم أننا لن نفعل شيئاً هنا لأننى أريد أن تكون لحظاتنا الأولى بمنزلنا لذا لا تبخلى علي بشئ صغير كهذا .
رفع وجهها مستغرباً صمتها ليرى دموعها التي شقته لنصفين فتفتحت عينيه بصدمة وهي تشهق باكية لقد كانت خجلة حد البكاء ،، نفي بصدمة هل آذاها : لا لا بالله عليكِ توقفي أسف والله أسف .
بكت بشدة ليمسك وجهها بين يديه ماسحاً دموعها هاززاً وجهها برفق : رسيل رسيل توقفي عن البكاء ،، حسنا حسنا سأدخل الحمام وأنتِ توقفي عن البكاء وأكملى ارتداء ملابسك ،، سأخرج بعد دقيقتن فقط .
أخبرها هذا للتوقف عن البكاء وترتدي ثيابها ثم توجه للحمام ،، فتح صنبور المياه وغسل وجهه الذي أحمر خوفاً عليها ضارباً الحائط بقبضته بضيق ثم دق علي الباب قبل أن يخرج متسائلاً : هل أخرج يا رسيل .
فتحت له الباب ليخرج ،، رأى وجهها وعينيها المحمرتان بينما تنظر أرضاً وقد ارتدت ملابسها ،، جذبها لأحضانه محاوطاً إياها مقبلاً جبينها ورأسها بكثرة معتذراً .. كانت تنتفض بين ذراعيه فعرف أنها ما زالت تبكى ليمسد ظهرها لاعناً نفسه قائلاً : أنا غبي حسناً غبي ،، بالله عليكِ توقفي لا تبكي يا رسيل لا تبكي .
احتضنته وتمسكت بظهره بقوة وبكائها لا يتوقف لطالما كانت هكذا حساسة للغاية ،، كلما أخجلها أحدهم بقوة تبكى ،، هي تتذكر وهي صغيرة في مرة دخل أبيها دياب عليها وقد كانت جالسة مع حورية تقيس مايو بحر عبارة عن قطعتين فقط ،، كانت ترفض ارتداءه حتى دخل دياب عليهم ورأها ،، كان سيحملها ويلاعبها ولكنها صرخت بخجل وهي تجرى مختبئة خلف دولاب ملاسبها باكية .. خرج دياب حينها بإدراك وظلت تبكى هي في أحضان حورية حتي نامت ،، كانت صغيرة للغاية وكان والدها من رآها وليس أحداً غريباً ولكن كان هذا ما يحدث كلما خجلت بقوة هكذا .
تحدث صهيب مجهداً من رؤيتها هكذا : ماذا أفعل قولى ،، أسف يا رسيل أسف يا حبيبتي .
ابتعدت عنه وجاهدت لتمسح دموعها كي لا تزعجه وتحزنه أكثر من هكذا فملامحه كانت أقرب للقهر ،، همست بنشيج وهي تشهق : أسفة أنا .. أنا .
قبل جبينه يمسح دموعها ويداعب وجهها : أنتِ طفلة .
جذبها بعد ذلك للحمام وفتح الصنبور وأخذت تغسل هي وجهها بعد قوله : هيا اغسلي وجهك وتوضأى .
قبل رأسها وخرج منتظراً إياها وحينها دق الباب ليفتحه ،، كانت الخدمة تحمل صينية الطعام فجعلها تدخل لتضعها علي الطاولة ،، خرجت رسيل واستطاعت رؤية الخادمة  وهي تضع الطعام وتخرج بعد أن نظرت للعرسان ،، نظر صهيب لرسيل بتأنيب : هيا حبيبتي لنصلى ثم نأكل وننام .
أومأت له ووقفت تصلي خلفه ،، تسللت السكينة لروحها مع نبرة صوته الشجية ،، صوته كان رائعاً أرسل الهدوء لخلاياها فتمنت أن تغمض عينيها وتنام علي صوته ،، انتهي لينظر لها جذبها يحتضنها بذراعه بينما يسبح ويقرأ أية الكرسي وأخر أيتين من صورة البقرة ويدعو أن تكون حياتهم خيراً وسعادة وطريقاً إلى الجنة ،، كانت مغمضة عينيها تردد خلفه حتي توقف فهمست له : أشعر براحة كبيرة ،، صوتك جميل جداً يا صهيب .
قبل جبينها ويبدو أنه لن ينال غيره تلك الليلة ثم تحدث : أنا جائع هيا لنأكل ،، رائحة الأكل تصيبني بالحماس .
ضحكت وهي تتجه معه للطعام ،، فكت عن شعرها طرحة الازدال ،، كان الطعام شهي حقاً ،، كان رز معمر فلاحي أصلي وحمام وبط وملوخية شهية ومحاشي وبعض الأنواع الأخرى الكثيرة ،، شمر عن ساعديه وبدأ يتناول طعامه وهي بجواره تتناول بهدوء ،، ولكنها اكتشفت حبه للطعام وهو يتذوق كل شئ بينما هي اكتفت بأكل قطعة من البط صغيرة مع ورق عنب فهي تحبه بشدة .
نظر لها بتساؤل : ما أكل العصافير هذا .
ابتسمت له بهدوء : لا تقلق أنا أكل .
أخذ يطعمها جاعلاً إياها تتذوق كل شئ ،، وكأنها طفلة ،، هذا الشئ الوحيد الذي يشتاق من حرمانه إياه بتلك البلدة ألا وهو الطعام  ،، همست بفم ممتلئ وهو يريد أن يضع المزيد به : صهيب يكفي .
التقطت منديل ومسحت شفتيها ،، ابتعدت عن مرماه قليلاً ضاحكة بيننا ينظر لها : شبعت والله شبعت كل أنت .
ترك الطعام لتنظر له فقال مشاكساً : قلت أنكِ قاسية أنتِ طفلة قاسية ألم أطعمك هيا أطعميني .
ابتسمت لم تظن أنه سيكون طفل هكذا واقتربت تطعمه من كل شئ كما وجدته يأكل ،، اتكئ علي الاريكة الذي يجلس عليها كملك زمانه وأخذت هي تطعمه بيديها ففكر أن الحياة هنا لها مميزات أيضاً فهل يا ترى أخيه متمتع بتلك الجلسة يومياً بينما تطعمه زوجته من كل ما لذ وطاب هكذا ولكن إن كان هكذا لكان وجه هناء مشرقاً كوجه طبيبته التي تطعمه ببشاشة رغم بكائها المفجع منذ قليل .
أكلَّ كثيراً حقاً فهمست بتساؤل محرجة : ألم تشبع يا صهيب .
أومأ قائلاً : بلى ولكن لم أشبع من أصابعك .
ضحكت وهي تقف قائلة : هذا يكفي من أجل صحتك الأكل بهِ كثير من السمن .
أومأ لها واتجه للحمام غسل يديه وفعلت هي كذلك ،، وقفت تقول له : ماذا سنفعل بالأكل هل أنزله .
نفي متحدثاً : لا سيرسلون من يأخذه بعد قليل .
جلس قرب الشرفة و فتح ذراعيه لها لتجلس جواره فأخبرها بهدوء متوخياً الحذر : ألن تغيري الإزدال .
أومأت له وكادت تقف فمنعها وهو يضغط علي خصرها قائلاً : أقصد حين ننام ليس الأن .
ابتسمت بإمتنان له فسألها عن سر بكائها هكذا وهل أحزنها حقاً لتقص عليه طبيعتها مخرجة إياه من أى موضع حتي لا بشعر بالذنب .
................................................
في عصر اليوم التالى كان الجميع في سياراتهم مغادرين البلدة ،، صهيب ورسيل كانا معاً متجهين لمنزلهم هو يقود وهي بجواره ، سألته : ماذا سنفعل بكل هذا الطعام والله سيفسد نحن اثنان فقط .
أرسلت والدته معه الكثير من الطعام لتغذية ولدها ،، الكثير والكثير حقاً سواء للفطور أو الغداء ،، طعام قد يكفيهم شهراً كاملاً ويتبقي أيضاً ، تحدث صهيب : مالك معنا أيضاً .
نظرت له تراقب ملامحه فوجدتهت هادئة عادية لتجيبه : صحيح لا أود تركه عند بيسان كثيراً ،، لا أريده أن يشعر أنه ليس مرغوب به دعنا نمر ونأخذه وربما نعطي بيسان بعض الطعام .
نظر لها بإمتنان وأمسك كفها مقبلاً إياه : فكرة رائعة أن نعطي بيسان بعض الطعام ولكن ليبقي مالك أسبوع واحد فقط عند بيسان .
قالها بتوسل مشاكساً فأومأت بخجل : حسناً كما تريد .
...........................................
وضع شريط حريرى علي عينيها وقادها إلي المفاجأة الذي حضرها لها ،، كانت تمشي بترقب متمسكة به ،، حتي همس بأذنيها : جاهزة .
أومأت بحماس وقلبها ينتفض بترقب ليزيل الشريط من علي عينيها ،، نظرت للأمام بتفحص ثم نظرت للمنطقة فعرفتها ،، إنها منطقة سكنه ولكن لم تفهم ماذا تفعل أمام هذا المحل ،، نظرت له بتساؤل فأشار بيديه للأعلي فنظرت للافتة الكبيرة الموضوعة أعلي المحل ،، ضيقت عينيها وهي تتبين لوجو ( شعار ) كانت قد رسمته ورغبت أن يكون اللوجو الخاص بها وبأزيائها وبجانبه اسم ( Atelier Rama ) .
وضعت يديها علي فاهها بصدمة ،، رفعت حاجبيها ونظرت له بعدم استيعاب حقاً قائلة : أنتَ .. أنتَ .. أنت .
ضحك من تلعثمها يخبرها : هذا اتيليهك الخاص وهدية زواجنا .
نفت بفرحة : لا أصدق ،، أنتَ رائع يا إلهي أنتَ رائع ،، شكراً شكراً .
اخرج من جيبه المفاتيح وأعطاها إياها فكانت تحتزى علي ميدالية زجاجية بنفس هيئة اللوجو الخاص بها ،، نظرت له بعيناها الفرحة ،، بهجة تسيطر علي حواسها وهي تجد حلمها يتحقق ،، ستكون مصممة أزياء كما تحب وهو سيساندها ،، حثها : هيا ادخلى .
ابتسمت وهي تفتح الباب ليقابلها وروداً وقعت عليها من كل مكان وهرج عائلها وعائلته الصغيرة المكونة من ابيه وأمه ،، ابن عمه دوروك كان موجود فهو استعان به لينظم له كل شئ .. كام يوم رائع ،، كان اتيليه و محل عرض وبيع بذات الوقت ،، سعادتها لم تكن توصف وهي تعانق أخواتها .. والدها ثم والدتها التي اطمئنت علي ابنتها أخيراً من هذا الزواج فقد وضح حب راكان لراما كوضوح الشمس .
انتهي اليوم للجميع ولكن راكان قرر الإحتفال مع راما منفرداً وأخذها لمطعم حلويات واحتفلا معاً .
..........................................
وجدت سبأ حماتها تنزل وهي صاعدة لشقتها فتحدثت بتساؤل : ماما إلي أين .
أجابتها بابتسامة : مللت من المنزل يا سبأ سأتمشي قليلاً واشترى بعض الأشياء وأعود .
سألتها سبأ : هل أتي معك .
نفت قائلة : لا أصعدى لزوجك يا حبيبتي .
_ حسناً . 
تحدثت سبأ وصدعت لشقتها ،، فتحت الباب بهدوء ودخلت مناديه : سفيان ..
لم يجيبها ولم يكن بالطابق الأول ،، فصعدت لغرفتهم ،، وجدته بالشرفة كان يتحدث بالهاتف ولم يكن منتبهاً لها ،، تركته واتجهت للمرآ تخلع إكسسواراتها ،، دخلت الحمام أيضاً غسلت وجهها ثم اتجهت تحضر ثياباً لها ،، استمعت لصوته الذي علا فقلقت متجهة له ويا ليتها لم تفعل فما سمعته كان قمة الألم .. قمة الخداع .. قمة الخيانة .
وقفت متسمرة خلفه تسمع خيانته بأذنيها : أخبرتك سأطلقها ،، لم تنقضِ ستة أشهر بعد يا حبيبتي .
جعدت جبينها بألم مستمعة للمزيد : حبيبتي اهدأى ،، أنا لا أحب غيرك .
لعن وهو يمسح وجهه ملتفاً بغضب منها بعد أم أغلق الهاتف وقد سمعت الكثير ليراها ،، توسعت عينيه ولكن لم يبدو عليه التأثر أو الدهشة .. لقد كان يعرف أن هذا سيحدث يوماً ما ولكن الأن ومع كل الألم الذي يراه بعينيها علم أنه لم يريد أن يأتي هذا اليوم أبداً ،، علم أنه لو عاد بهِ الأمر لما أدخل سبأ حياته أبداً فهو لم يسبب لها غير الألم الذي سيحصده الأن لها ولذاته ،، علم أن هناك شيئاً تغير بداخله يجعله صريعا .. مهموماً ومقتولاً بتلك اللحظة .
حركت يديها بالهواء تنفي ما سمعته ،، كانت تعرف أنه يخبئ شئ ولكن أن يكون ما يخبئه هو خنجر مسموم ما إن عرفته حتي طعنها بهِ بدون شفقة .. الألم الذى دق فؤادها الأن لا يحتمل .. دموعها أبت النزول من هول الصدمة وهي دائماً ما كانت الأقرب لمشاعرها وللتعبير عنها .. مشاعر نفور غريبة تجاهه اجتاحتها ،، لقد استغلها .. حصل عليها علي جسدها وقلبها لقد أحبته  .. نظر بعيونها وناما معاً علي نفس الوسادة وهو يخدعها و يخونها .
أغمضت عينيها بقهر ضاحكة .. لقد أحبته كيف سمحت لنفسها أن تحبه وهو بكل هذا الغموض والبعد والتجاهل عنها ،، كيف وهو بنظر للجميع بأريحيه وعندها يهرب بنظراته منها .
اقترب منها بهمس باسمها لتبتعد عنه وعن يديه التى أرادت لمسها لتسأله : لماذا ،، ماذا فعلت لك ،، لتخوننى بهذا الشكل .
ابتعد عنها يغلق عنينه بغضب ورؤيتها هكذا تقتله لتصرخ بهِ : أجبني لماذا .
قال لها محاولاً تهدأتها : لم أخونك يا سبأ .
ثم استطرد مخبراً إياها بحزن : أنا خنتها هي .
ضيقت حاحبيها في تساؤل مرير وهي تسمعه يحكي كل شئ : هي حبببتي من قبل أن أعرفك ،، من قبل أن أعود لمصر ،، من قبل أن يكبلني جدي بوصية زواجي منك ،، لذا لم تكن وصية تكبلني بكِ لتمنعني عنها .
جن حنونها وهي تضرب صدره متسائلة بصدمة : يكبلك ،، يكبلك .. أيها الحقير ،، أيها الحقير .
أمسك يديها بقوة يوقفها عن جنونها قائلاً : نعم لم أكن أعرف ما علي فعله وقد ظهرت أنتِ أمامى منذ ذلك اليوم بالساحل حين وقعتي أمام سيارتي وأنتِ لا تخرجين من بالى ،، وحين وجدتك مجدداً وبعد وصية حدى لم أكن أعرف كيف أتصرف ،، أردتك يا سبأ .
حررت يديها منه صافعة إياه بقوة ،، رفع يديه بغضب يود ردها إليها بعصبية فانتفضت فتوقفت يديه في الهواء وراح يضرب الحائط جوارها قائلا بعصبية أخافتها وهو يدفعها للحائط : أنا أناني ، وغد وحقير ولكنني رغبت بما يحدث ،، رغبت بوصية جدى وجدتها حجة للوصول إليكِ .
وضعت يديها علي أذنيها ،، لا تريد سماعه الحقارة فقط تخرج من فمه ،، يريد أن يصحح الموقف ولكنه الموقف أساساً غير قابل للتصحيح لذلك هدم كل شئ فوق رأسه بغباء ،، كما هو بجوارها دائماً يفقد رشده .
همست بقهر موجوعة من الحب الذي استحوذ عليها تجاهه : حرام عليك والله حرام .
_ سبأ أنا أريدك مستعد أن أكمل حياتى معك ولكن لن أترك لميا سأتزوجها أيضاً .
هذا كان ألم بالغ حقاً ،، أنه يحب غيرها ويريد الزواج منها أيضاً بينما يبقيها علي ذمته لأنه يرغب بها جسدياً !! .
شهقت بوجع وهي تزيحه من أمامها متجهة للحمام ،، أفرغت كل ما بمعدتها وهي تأن بعد أن أغلقت الباب عليها ،، خلعت ملابسها بعد ذلك وجلست أسفل المياه لعلها تبرد نارها المشتعلة ،، سبحان من جعل الدموع متحجرة بعينيها ،، بعد نصف ساعة قضتها أسفل المياه صامته استمعت لرنين الجرس المتتالى علي الباب لترتدى مأزرها وتخرج بخوف وكانت راما الهلعة التي تخبر سفيان ببكاء : 
سفيان بابا بابا مُتعب للغاية أرجوك ساعدنا .
وحينها فقط سقطت دموع سبأ . 
يتبع ..