-->

الفصل الخامس - عشق ناضج وعشق مجنون


الفصل الخامس

"ده.. ده.. دي رولا" توسعت عينتيها العسليتان لتومأ لها جيهان في تريث وتوجهت بالقرب منها 

"ورولا بقا إن شاء الله بيتقالها تصبح على خير وبتقوليلها يا عمو اليومين دول؟ ايه طلعلها شنب من ورايا؟!" عقدت ذراعيها وهي تقف أمامها وحدثتها بمزيد من الهدوء لتتضح علامات الإرتباك على لينا "لينا أنتي بتكدبي عليا؟!" سألتها ونظرت لها في لوم لتنفي لينا مسرعة

"يا ماما لأ بس.." توقفت من تلقاء نفسها "أنا آسفة.. ده كان عمو أمجد" زفرت براحة بعد أن أخبرتها بالحقيقة 

"عمو أمجد!!" تمتمت في إدراك مقتبسة من كلماتها "وليه مقولتليش كده من الأول؟ ولا بقيتي بتخبي عليا خلاص؟" كلمتها في هدوء 

"أصل يا ماما أنا مش عايزة أخوفك.. أنتي مبتحبنيش أتعرف على حد بسهولة.. فاكرة لما عرفتي رولا زمان كنتي بتخافي عليا لا تطلع بنت مش كويسة؟ بس بعد ما عرفتيها بقيتي بتحبيها جداً.. بردو عمو أمجد حد محترم وراجل كبير وبيعاملني كويس من يوم ما عرفته وكل يوم كان بيكلمني ويتطمن عليا.. وأنا كنت بقولك.. بس أصل.. اللي حصل النهاردة كان سخيف أوي ومردتش أقولك إني نزلت علشان متقلقيش وكنت عايزة أعملك مفاجأة وكنتي هتفضلي تسأليني رايحة ليه وامتى ورجعتي ولا لسه وأنا مكنتش عايزاكي تقلقي.. بس والله رولا كانت معايا وعمو أمجد عارف.. يعني فيه حد يعرف أنا كنت فين ومكنتش لوحدي" تحدثت بالكثير وهي ترى ملامح ابنتها الصادقة لتتنهد وهزت رأسها في إنكار 

"طب ما تجربي كده وتيجي تحكيلي على اللي حصل يمكن أنفع بدل عمو أمجد ولا حاجة؟!" نظرت لها بعسليتيها لتومأ لها 

"حاضر هاحكيلك" أخذت تقص عليها يومها بأكمله بينما توسدت صدرها وجيهان تداعب خصلاتها وربتت على رأسها في حنان شديد بينما تنقلت لينا من الغضب للحزن ثم للإندهاش وجيهان لم تقاطعها أبداً 

"عرفتي كنت مش عايزة أقولك ليه لا تضايقي؟" همست لينا سائلة 

"عرفت يا جزمة.. بس بردو متخبيش حاجة عليا تاني.. احنا مش متعودين من زمان اننا أصحاب ومش بنخبي على بعض حاجة؟" اجابتها هي الأخرى سائلة 

"والله ما بخبي عليكي حاجة بس كنت عايزاها تبقا مفاجأة حلوة، والرخم البايخ ده هو اللي نرفزني.. أنا معرفش باباه ازاي راجل كويس أوي وهو خنيق جداً كده" 

"طيب بمناسبة باباه وإننا مش بنخبي حاجة على بعض.. أنا كنت عايزة أكلمك في موضوع كده وأخد رأيك فيه!! فاضية تسمعيني؟" رفعت رأسها لتنظر إليها في دهشة 

"يا جيجي ولو مش فاضية أفضالك مخصوص.. أنا عندي كام جيجي يعني" أخبرتها بمزاح 

"ماشي يا أونطجية.. اسمعي كل حاجة الأول وقوليلي رأيك بصراحة"

"يالا قوليلي"

--

 

"ايه بقا حكاية القميص اللي مبقع كله ده.. مبقتش بتعرف تشرب من غير ما تدلدق على نفسك ولا ايه؟!" تحدث أمجد سائلاً 

"بابا الله يخليك أنا يومي كان هباب النهاردة ومش ناقص تريقة.. سيبني باللي أنا فيه" اجابه على مضض 

"طب قولي طيب.. سليني يا أخي بشوية أي حاجة بدل ما أنا هفرقع من الملل كده" أخبره ليقترب منه جالساً على المقعد المقابل بشرفة غرفة صهيب ليزفر صهيب نفسه في إرهاق وقلة حيلة 

"الموضوع مش مُسلي خالص على فكرة.." لوى فمه في امتعاض

"طب قول قول.. فيه ايه يا كئيب؟ شغل ولا مزة؟" غمز له ليهُز صهيب رأسه في استنطار ثم أطلق زفرة صاحبها صوتاً فاض بالتهكم

"يا ريت.. الشغل زي الفل والحمد لله" 

"تبقا مُزة مدوخاك"

"لا والله يا بابا.. فيه واحدة معايا في البنك مصممة يكون فيه ما بيننا أي علاقة بأي شكل من الأشكال وتحت أي مُسمى"

"حلوة؟!" سأله مُضيقاً عيناه في مكر بمزاح 

"مش مشكلة الحلاوة.. هي آه حلوة بس.. بس مش نازلالي من زور.. وكمان مش دي اللي ممكن أعجب بيها في يوم من الأيام.. وأنا أتخنقت منها وهي بردو مصممة وبتفضل تعمل في حركات غريبة كل يوم والتاني"

"بتعمل ايه يعني؟" 

"يوووه.. دي كل شوية تلاقي حجة علشان تكلمني بعد الشغل، وتيجي تلزق في المكتب، وشكلها مقزز أوي بصراحة لبسها over جداً وكل الناس ملاحظة ده.. وعايزة كل شوية تخرج وأنا ياما صديت وياما أتهربت بس هي مفيش فايدة فيها" زفر في ضيق ليتنهد أمجد مضيقاً عيناه 

"وده بقا سبب القميص المبقع اللي في الغسيل؟" صاح في تساؤل ليزفر صهيب في إنزعاج

"يعني!! مش بالظبط.." اجابه إجابة لم يستطع تبين منها تفسير لسؤاله 

"اللي هو؟!"

"أنا كنت مع أكرم وروحت اشتكيتله من زفتة سمر دي وإني ناوي أسيب البنك وأنقل فرع تاني.. قاللي أخرج معاها وصدرلها الوش الخشب وهي هتزهق منك ومش هتكلمك تاني"

"وبعدين؟" همهم في تفهم ثم حثه على المتابعة والإطناب خاصة أنه لا يزال يرى ملامحه تحمل الضيق 

"ولا قبلين!! أخدتها وروحنا نتزفت نخرج.. وفجأة زفتة التانية ظهرت ووقعت الفرابيتشينو عليا.. أتعصبت منها وسِبت كل حاجة ومشيت"

"مين زفتة التانية؟" تظاهر بعدم معرفته 

"البتاعة دي اللي اسمها لينا اللي عملت مع مامتها حادثة" أشار بيده في استهزاء 

"أنا مش عارف إنت كاره البنت دي ليه مع إنها لذيذة خالص"

"معرفش يا بابا معرفش.. بمجرد ما بشوفها بتنرفزني" 

"يا ساتر يا رب.. بس ده مش هينفع إنك كل ما تشوفها تتنرفز كده.. لازم تبتدي تتعامل معاها غصباً عن عينك!" رفع حاجباه ليرمقه صهيب في تعجب 

"وده ليه إن شاء الله؟! وزيرة المالية وأنا مش واخد بالي!!" صاح متهكماً

"لأ.. بس شكلها كده هتبقا بنت الست اللي هتجوزها"

"تتجوزها!! بالسرعة دي؟!" توسعت عينا صهيب في دهشة ليومأ له أمجد 

"امال فاكرني عيل وهافضل احب واخطب واخرج.. أنا أهم حاجة عندي السرعة في الأداء" أخبره بمزاح ليغمز له ليضحك صهيب بهدوء ضحكة خافتة 

"ماشي يا عم السريع.. هي وافقت ولا ايه؟" 

"لا يا سيدي لسه موافقتش.. بس سيبتها تفكر لغاية ما أخلصلها العربية.. بس أنا مش هاسيبها.. ولا مش واثق في قدرات أبوك يا واد ولا ايه؟!"

"لا العفو يا سيادة البشمهندس.. احنا نيجي جنبك ايه!" 

"ايوة كده أظبط" ابتسم له صهيب ليحدثه أمجد بجدية "بجد لو شوفتها هتحبها أوي.. بغض النظر عن علاقتك المهببة ببنتها.. بس أعمل ايه بقا القلب وما يريد.. يوم ما هتجوزها بنتها لازم تيجي تعيش معانا هنا!" 

"نعم!! البتاعة دي هتعيش في بيتنا؟" صاح في إنزعاج غير مصدقاً لما سقط على مسامعه 

"آه طبعاً.. عايزني أسيب بنت في عمرها لوحدها ولا ايه؟ وبعدين دي عسولة ومحترمة جداً ومتربية تربية كويسة.. مش فاهم ليه أنت مش قابلها!"

"لا ما هو واضح.. ده كفاية لسانها اللي عايز قطعه"

"واضح إن الموضوع ده جينات عندهم في العيلة"

"جينات ايه يا بشمهندس أنا مش فاهم حاجة!"

"أمها بردو لما بتتعصب ببقا عايز أقطعلها لسانها بس بعيداً عن الموضوع ده الست دي هايلة.. إحترام.. جمال.. نجاح وإستقلال.. وكمان مربية بنتها أحسن تربية.. مكنتش مصدق إن اللي زيها موجود اليومين دول!" 

"ماشي.. ماشي يا بشمهندس أمجد.. كله يهون علشان سعادتك.."

"يا واد يا بكاش.. ما أنت بكرة تسيبني وتروح تلوف على واحدة" نظر له مضيقاً عيناه 

"دي لسه متولدتش اللي تبعدني عنك.. قال ألوف على واحدة قال.. وبعدين ما أنا هاسكن في الشقة اللي قدامك.. مش بعيد يعني يا حضرة البشمهندس"

"لما نشوف يا أخويا.." 

"بكرة تشوف يا عم وهثبتلك إن كلامك غلط.. ده أنا محلتيش غيرك يا بابا.. تفتكر يوم ما أتجوز هبعد عنك"

"ماشي.. كُل عقلي بكلمتين" نهض واقفاً "قوم اغسل قميصك وفُكها كده شوية وحاول تلاقي حل عشان تتعامل مع لينا كويس..البنت دي لو اديتها فرصة وسمعتها هتلاقي قلبها أبيض" ربت على ساقه ثم توجه للداخل ليومأ صهيب بإقتضاب "يالا تصبح على خير"

"وأنت من أهله"

--

 

"طبعاً يا ماما تفكري وتقبلي كمان.. أنتي جاية بتسأليني في ايه ولا بتاخدي رأيي في ايه؟ مش محتاجة رأيي أصلاً!!" صاحت لينا وهي تجلس القرفصاء أمام والدتها على السرير لتقع جيهان بالمزيد من الحيرة 

"طب والناس.. زمايلي في الشغل ولا أختي ولا قرايب باباكي ولا الجيران.. هيقولوا ايه؟" همست في تردد لتمتعض ملامح لينا وهي تنظر لوالدتها ثم رفعت يداها لتشير لها بالتوقف وضيقت ما بين حاجبيها في استنكار

"ناس!! ناس مين يا ماما؟ كانوا فين قرايب بابا دول وأنتي بتسهري تذاكريلي وتفضلي صاحية علشان اناملي ساعتين وتوديني الإمتحان؟ تقصدي مين قرايب بابا؟ عمتي اللي سافرت مع جوزها اسكندرية وبنشوفها كل خمس سنين نص ساعة؟! ولا كانوا فين الناس قبل ما تترقي وأنتي بتعملي جمعيات علشان دروسي؟! ولا فين الجيران دول وأنا قافلة أنا وأنتي علينا بابنا ولا بيسألو فينا في عيد ولا رمضان ولا حتى يوم ما بتسافري شغلك وتسبيني لوحدي.. وهمّ زمايل الشغل يعني كانوا جم شالوا المسئولية معاكي.." زفرت في تعجب شديد ثم تابعت 

"بصي أنا مش فيمنست ولا بتاعت حقوق مرأة بس أظن ده حقك.. حقك تتجوزي وتتبسطي وتعيشي مبسوطة مع راجل محترم.. عمو أمجد ده إنسان هايل.. فيه كل الصفات اللي بنت زيي تحلم بيها ما بالك أنتي؟! راجل محترم ومرتاح ولذيذ وفعلاً بيتصرف معايا كأب.. وميتعوضش أصلاً.. وبعدين الناس مالهم! ما يولعوا بجاز يعني.."

"يا لينا يا حبيبتي أنتي صغيرة بس نظرة الناس للست الأرملة أو المطلقة في مجتمعنا ده مش سهلة.. زي ما يكونوا بيحرموا على الست انها تتجوز مرة تانية.. فاكرة زمان ايه اللي حصل وجدتك الله يرحمها قالتلي مش هتشوفي لينا لو اتجوزتي"

"يوووه!!! يا ماما تيتا ماتت ده أولاً.. ربنا يرحمها ويحسن إليها يارب.. ثانياً الناس دي هتفيدنا بإيه؟! تقدري تقوليلي؟! ولا تقدري تقوليلي الناس امتى بتبطل تبص؟! طب هقولك حاجة.. لو أنا اهو في سني ولقيت إنسان كويس اتجوزه" نظرت لها جيهان عاقدة حاجبيها في غرابة شديدة "بقول لو.. على سبيل المثال يعني" تغيرت ملامحها لتبتسم كلتاهما ثم تابعت حديثها 

"عارفة ساعتها الناس هتقول ايه؟ هتقول بدري دي صغيرة.. ولو اتأخرت في الجواز وعديت سن الخمسة وعشرين من غير خطوبة هيقولوا عنست.. لو خلفت على طول بعد الجواز هيقولوا يالهوي.. على طول كده.. ولو اتجوزت وأحلت الخِلفة هيقولوا يا عيني ظروفها تصعب على الكافر وربنا يديها.. وخودي بقا كلام كتير للصبح لو خلفة الست جت ورا بعض هيتكلموا، ولو الست فصلت بين ولادها هيقولوا بردو كلام.. لو الست اتطلقت مبتخلصش من الكلام وبيبقا حرام عليها تتجوز ولو أرملة بردو هيحرموا عليها الجواز زي ما يكون حرام.." زفرت لينا في آسى لتُكمل 

"يا ماما الناس في مجتمعنا بتحلل وبتحرم على مزاجها.. يعني ربنا حلل الجواز والناس بتحرمه عندنا عشان شوية عادات وتقاليد ملهاش أي لازمة.. بتحرم على الست المطلقة الجواز والراجل عندنا يتجوز ويطلق براحته، الراجل يتجوز مرة واتنين وتلاتة ويمكن كلهم بنات أول جوازة ليهم إنما الست ممنوع عليها ده!! الناس عمرها ما هتسكت.." ابتسمت لها في اقتضاب ثم لمست يدها في رفق وهي تتفحص عيني والدتها 

"طب ما أنتي أهو.. حلوة وناجحة ومديرة مبيعات مبتسيبيش حد إلا لما تقنعيه.. اللي يبصلك بلبسك الـ formal وشعرك وستايلك يقول بلاوي، وياما أكيد سمعتي كلام الناس من ورا ضهرك.. لكن مفيش حد فيهم بيشوفك وأنتي بتصحي تصلي الفجر ولا لما بتساعدي حد محتاج ولا بتقري في المصحف.. الناس عمرها ما بيفرق معاها غير المظاهر والشكل وشوية خرافات بيقولوا عليها عادات وتقاليد، إنما ورا الباب المقفول مبيهتموش فيه ايه!! سيبك من كلام الناس يا ماما وأعملي اللي يريحك.. لو حاسة بجد إن عمو أمجد مناسب ليكي أتجوزيه وبسرعة كمان.. إنما لو مش حساه مناسب وده أنا أشك فيه يبقا خلاص.. متاخديش الخطوة دي.. احكمي عليه كشخص وإنسان وراحة نفسية لكن متحطيش أي إعتبار لكلام الناس ما دام مبتعمليش حاجة حرام.. وفي الآخر ربنا هو اللي بيحاسب مش الناس.. هو اللي بيسامحنا وهو اللي بيجازينا.. وده في الأول وفي الآخر حقك وحاجة حلال ومفيش حد في الدنيا يقدر يحرمك منها.. ولو خايفة عليا أنا كبرت خلاص.. وتيتا الله يرحمها ماتت ومش هتطلع من القبر وتاخدني ولا عمتي هتيجي من اسكندرية ولا حتى خالتي هترجع من كندا.. فُكك من الناس وركزي على نفسك أنتي وبس وعلى اللي يسعدك" 

زفرت لينا وهي تتحرى تلك اللحظة التي ستتحدث بها والدتها جيهان وتمنت أن لو أقنعتها بكلماتها التي ظلت لكثير من الوقت تتحدث بها لتطلق والدتها زفيراً طويل وهي تنظر لها بمنتهى الإندهاش لتشير بيدها إليها في غير تصديق 

"أنتي كبرتي امتى كده يا لينا!!" حدثتها في إندهاش 

"جيجي القمر هي اللي كبرتني وخلت عقلي حلو كده" أخبرتها وهي تغمز لها "ها بقا.. قولتي ايه؟ هنختار فستان الفرح امتى؟" 

"لا فرح ايه!!" صاحت في إنكار

"يا جيجي أنتي قمر وشكلك أكلتي عقل الراجل الغلبان.. مع إنه هو كمان مُز أوي صراحة بس عيب بردو.. محدش يقدر يقول إن جيجي أحلى ستات الدنيا" 

"يووه بقا يا لي لي.. أنتي بكاشة بجد" ابتسمت لها لتبادلها لينا الإبتسامة 

"أوبا بقا ده أحنا شكلنا بنتكسف جامد ولا ايه؟! طلعنا كده بنحب عمو أمجد واحنا مش واخدين بالنا ولا ايه يا جميل يا مُزة أنت" 

"بنت!! حب ايه بس اللي بعد يومين ده" 

"حب من أول نظرة" صاحت متنهدة لتقف على السرير وهي تضم يديها لقلبها 

"أول نظرة ايه!! أنتي شايفاني عندي عشرين سنة.. انزلي يا جزمة وبطلي تبقي over" ضربتها بخفة ممازحة على مؤخرتها 

"والنبي لو كان عمو أمجد صغير شوية ما كنت سيبتهولك لا أنا ولا رولا" جلست ثانية أمامها لتتوسع عينا جيهان 

"لينا!! أنتي اتجننتي"

"بصراحة اه.. اتجننت أنا وهي بيه.. ده مصاحبني أكتر منك معرفش ازاي.. ورولا يا عيني من يوم ما شافته وهي مبهورة بيه وعمالة تقولي بيفكرني ببدر" 

"بدر!! بدر مين؟!" صاحت والدتها في تعجب

"ما قولتلك يا جيجي.. بدر بتاع رواية ظلام الـ.."

"تاني روايات.. يالا يا بنت يا تافهة من هنا!" دفعتها في مزاح لتغادر من أمامها 

"أولاً دي أوضتي ومش هتقدري تمشيني من على سريري.. ثانياً احنا اتفقنا.. أنا أجيبلك الموبيل وأنتي تسمعي الروايات وأنا بحكيهالك.. ولا كان كلام عيال حضرتك يا جيجي؟!" نظرت لها في تحفز رافعة احدى حاجبيها

"بت انتي.. اخفي السعادي من قدامي أنا مش نقصاكي"

"والنبي لو خفيت ربع ساعة هتقومي تجري تدوري عليا"

"يا لينا بلاش استفزاز"

"والله بتموتي فيا.. متقدريش تعيشي من غيري ثانية"

"بقا كده.. ماشي.. أنتي اللي جبتيه لنفسك!!" نهضت جيهان لتعتليها وأخذت تدغدها لتتصاعد ضحكات لينا "مبسوطة دلوقتي.."

"خلاص.. حرمت.. حرمت.. هاقوم.. هاقوم" صاحت بين ضحكاتها لتضحك جيهان هي الأخرى على ابنتها التي لا تستطيع العيش دونها أبداً..

--

  

"ينفع كده يوم بحالة متكلمنيش؟!" همس أمجد بنبرته الرجولية وهو يحدث جيهان التي بعدت سريعاً بهاتفها من أمام عينا لينا التي ظلت تستفزها لتحادث أمجد ولكنها لم تعطها الهاتف 

"مش قولتلي فكري" اجابته بإبتسامة 

"قولت تفكري وأنتي معايا.. مش وأنتي بعيد عني ومبتكلمنيش.." تحدث لها لتتوسع ابتسامتها في خجل وهي لا تظن أنها لا تزال مشاعر الخجل بداخلها 

"بس أنا محتاجة وقت و.."

"خدي كل وقتك زي ما اتفقنا.. بس هتفكري ازاي وأنتي متعرفيش حاجة عني؟!" قاطعها لتحمحم في هدوء ولقد غابت الكلمات المناسبة عنها "حكيتي للينا مش كده؟" سألها لتتعجب وقد انزعجت قليلاً

"وده بقا صحوبية من ورايا وهي قالتلك ولا توقع؟"

"أولاً احنا فعلاً بقينا أصحاب.. ثانياً هي محكتليش حاجة عشان بنت زيها عمرها ما هتطلع سر مامتها برا.. ثالثاً أنا متأكد إن عمرك ما هتاخدي قرار زي ده من غير ما تشاركي لينا فيه وإلا متبقيش الست اللي أنا أخترتها بعد سنين.." أدهشها بتلك الإجابة التي لم تكن متوقعة لتحمحم في ارتباك بإبتسامة 

"طب.. وأنت.. حكيت لإبنك؟!" سألته في هدوء

"ياااه.. من بدري أوي.. من قبل ما أقولك أصلاً!!"

"على كده بقا أنا آخر من يعلم؟!" 

"يعني راجل عايش حياته كلها لأبنه.. يوم ما يفكر يتجوز ويختار إنسانه بعد أمه تفتكري مش هاقوله مثلاً وآخد رأيه؟!" المزيد من تلك الإجابات التي تنتهي بعلامات الإستفهام لم تكن هينة عليها 

"طيب.. وهو.. رأيه ايه؟"

"صهيب من زمان نفسه يجوزني.. زي ما يكون هو اللي مخلفني وأنا اللي ابنه مش هو.. ورحب جداً بالموضوع!" 

"طيب ايه رأيك زي ما أنت اتعرفت على لينا وبقيتوا أصحاب تخليني أقابله وأعرفه بنفسي.."

"يا سلام!! القمر يأمر بس واحنا ننفذ" ضحكت على غزله غير المتوقع ولم تستطع أن تتحدث بحرف آخر "بس مينفعش نبقا احنا الأول أصحاب وأعدي عليكي كمان شوية ونروح نتعشى سوا برا؟!"

"لأ.. عشا ايه؟! احنا متفقناش على كده"

"اعتبرينا اتفقنا طيب"

"لا لأ.. احنا مقولناش هنخرج وكده.. لا لا مش هاينفع" رفضت بشدة 

"امال هتتعرفي عليا ازاي؟ على التليفون ولا عند الميكانيكي واحنا بنشقر على العربية؟!" 

"لا يا أستاذ أمـ.."

"أستاذ ايه بقا.. اعتبريني ابن أخوكي وقوليلي يا أمجد عادي" ابتسمت على كلمته عندما قاطعها

"ماشي يا أمجد.. بس بردو مقولناش إنك هـ.."

"لا ما دام فيها أمجد يبقا لازم آجي وأشوف بقا أمجد دي وهي طالعة منك live كده من قلب الحدث"

"استنى بس"

"لا استنى ايه.. هي ساعة زمن وهتلاقيني تحت البيت.. خلصي بسرعة علشان مبحبش استنى.. سلام!!" انهى المكالمة لتنظر في دهشة مفرغة ثغرها للحظات ثم هرعت لغرفة ابنتها وهي تنظر لها في دهشة 

"ايه يا جيجي أنتي كويسة؟!" سألتها ابنتها عندما لاحظت ملامحها غير المألوفة 

"أمجد هيجي يعدي عليا وهنروح نتعشى"

"طيب وايه المشكلة؟!" توسعت عيناها وهي تنظر لها في استغراب

"لأ.. أنا مكنتش عاملة حسابي على كده.. لأ يا لينا لأ.. لا لأ مش هاينفع.. أنا هاكلمه وهالغي معاه وأقوله لأ.." انتابتها حالة غريبة من الإطناب في قول لا!! 

"لأ ايه بس.. ما تتبسطي بقا يا جيجي شوية"

"لا.. لا يا لينا مش هاينفع لأ.. وبعدين أنا معنديش لبس مناسب.. لأ" لا زالت بتلك الحالة من الصدمة

"أنتي هتفضلي تقولي لأ.. تعالي يا شيخة نروح نطلع حاجة من دولابك العجيب ده" جذبت يدها لتتدفعها على التقدم بالإجبار

"استني يا لينا بـ.."

"يا شيخة بقا ارحميني.. بقا حد يلاقي الراجل العسلية ده ويفضل يغني لأ.. اتبسطي يا جيجي بقا!!" قاطعتها وهي تقف أمام دولاب ملابس والدتها 

"طب.. طب!! هلبس ايه؟!" نظرت لها بعنتين متسائلتين لتبتسم لينا وتهللت ملامحها 

"ده أنا هخليكي قمراية.." غمزت لها ثم فتحت الدولاب لتقف أمامه وأخذت تتفقد ما يناسب تلك الأمسية السعيدة..

 

يُتبع..