-->

الفصل الثالث عشر - عشق ناضج وعشق مجنون


الفصل الثالث عشر




"شكلك حلو أوي وأنتي نايمة في هدوء كده ومبتصرخيش في وشي" أخبرها هامساً وتجاهل عينتاها المتوسعتان في دهشة كما أنه تجاهل غضبها القريب وأقسم بداخله أنه لن يتركها لتغضب وتُغضبه ويدلفا سوياً لعالم من الجدال اللانهائي كما يفعلا دائماً
"أنت ازاي تقرب مني كده وأنا نايمـ.."
"بقولك ايه.. قومي نامي في أوضتك" قاطع نبرتها الناعسة التي يتأكد أنها سترتفع إن لم ينهض ويُغادرها الآن "أنتي نايمة في وسط البيت حرفياً.. ومتنسيش تقفلي التكيف.. تصبحي على خير" نهض وأمسك بكوب قهوته وحاول التمسك بالقليل من العقل والمنطق كي لا يستمر  في النظر إليها وغادر للخارج حتى يستعد للذهاب لعمله حاملاً بداخله ذوبعة جديدة من بدايات الوقوع في العشق..
نهضت لتتبعه وهي تحاول إستعادة وعيها بدلاً من ذلك النعاس الشديد الذي يُسيطر عليها لتتعثر في ذلك الشرشف الذي وضعه عليها ثم سقطت أرضاً في هرجلة ولكنها نهضت مرة أخرى لتذهب بإتجاه غرفته لتبحث عنه..
وقفت أمام الباب لتطرقه أكثر من مرة بينما لم يجبها لتلعن داخل نفسها على كل ما تتعرض له مع ذلك الإنسان لتحاول الطرق مرة أخرى ولكن يدها توقفت تلقائياً دون تحكم منها لتسبح أفكارها غارقة فيما واجهته معه منذ قليل..
عقدت ذراعيها وهي تتذكر كل موقف جمهما للمرة المائة، بداية بجدالتهما إلي ما حدث منذ قليل، حسناً.. يبدو أنها تنتصر عليه كل مرة فهو منذ قليل والمرة التي تسبقها تقهقر متنازلاً أمامها ولم يُكمل المعركة الضارية.. ولكن لماذا؟ لماذا يتحول بسرعة شديدة هكذا؟! 
اجتاح التشويش عقلها مرة أخرى، كم ودت لو أخبرت والدتها بالأمر كله ولم تترك ولو أحدى التفاصيل الصغيرة دون أن تُخبرها إياها.. تتحرق شوقاً لإخبارها كل ما حدث بينهما في غضون ثلاثة أيام فقط ولكن الوقت غير مناسب أبداً.. لن تُعكر صفو سعادة والدتها.. ربما عند عودتها إذن.. لقد تبقى أيام قليلة على كل حال وستمر حتماً..
زفرت زفرة طويلة وهي ترمق بابه في سأم وحيرة بآن واحد ثم توجهت لغرفتها، فهي لن تدعه يقف بينها وبين خلودها للنوم.. يكفي أنه كان السبب في استيقاظها منذ قليل.. ولكنها عندما تستيقظ لن تتركه أبداً ولو للحظة دون مُحاسبته على كل ما يفعله معها!!
❈-❈-❈
"اللهم صلي على النبي.. بركاتك يا لينا يا غالية" حدثه أكرم ما إن دلف مكتبه لترتسم ابتسامة رغماً عن صهيب على شفتاه "ايه الضحكة الحلوة دي.. قمر يا أخواتي" 
"بس يا أكرم!! بطل هبل"
"هبل ايه يا عم.. أنت وشك منور.. مبصتش في مراية بيتكو قبل ما تيجي ولا ايه؟!" 
"نقطني بسكاتك الله يكرمك أحسن عندي شغل بالكوم"
"طب وبعد الشغل.. مفيش خروجة حلوة كده للبت الغلبانة اللي مجنناك دي؟" أخبرها غامزاً ليُهز الآخر رأسه نافياً 
"لا.. أنا منمتش من امبارح ويادوب أخلص اللي ورايا وأروح!" 
"عيل خنيق!!" غمغم ناظراً له بسأم ليستمعا لطرقات على مكتبه الذي اندفع بابه بعد الطرقات لتظهر سمر من خلفه 
"صباح الخير يا صهيب" ابتسمت له ابتسامة رائعة ليلعن صهيب بداخله وادعى تسليط انتباهه على ما أمامه من عمل ولم ينظر حتى لها
"صباح النور" تمتم بقلة إهتمام ولم يكترث لها 
"يا صباح الفل يا سمر.. ايه الجمال والشياكة دي بس" حدثها أكرم لترمقه هي بنظرة جانبية وهي تجبر إبتسامة وأومأت له بإمتنان مُزيف لمجاملته التي غادرت شفتاه منذ ثوانٍ
"صهيب بقولك ايه.. أنت عندك إجتماع مع Mr عمرو الساعة حداشر بكرة" ألقت كلماتها بإبتسامة بعد أن سلطت نظراتها مجدداً على صهيب لينظر هو لها في دهشة وترقب 
"إجتماع ايه ده؟!" سألها في ارتباك فهو مدير البنك ومجرد سماع اسمه يرتبك الجميع 
"معرفش" هزت كتفيها بتلقائية بينما أبتسمت بخبث لاحظه أكرم وعلم أنها لن تتحدث أثناء حضوره 
"طيب يا صهيب أنا في مكتبي.. بعد إذنك يا سمر" أومأت له مجدداً وهي تتنفس في راحة لتخلصها منه بينما أعادت نظرها لصهيب وهي تبتسم له وتنظر له بهوس تام!
"يعني عايزة تقوليلي إن فيه Meeting وأنتي متعرفيش عن ايه؟! مش غريبة دي شوية؟!" سألها مُستنكراً لتبتسم في مكر رافعة احدى حاجبيها 
"مش هاعرفك بالسهولة دي" همست في خبث ليضحك هو بخفوت ونظر لها بتمعن 
"عايزة ايه يا سمر علشان تقوليلي؟" 
"مممم.. تقبل عزومتي على الغدا!"
"كان نفسي.. بس للأسف صاحي من امبارح ومن دلوقتي حاسس إني عايز أنام!" 
"خلاص أنت الخسران!" ابتسمت له بإستفزاز والتفتت لتغادر 
"استني بس.. خليها يوم تاني طيب" 
"مممم.. النهاردة!!" أخبرته في ثقة 
"ما قولتلك مش نايم كويس.. مش هاينفع النهاردة"
"ممكن نحلها.." عقد حاجبيه ناظراً لها في تساؤل "أنت هتعمل ايه بعد الشغل؟!" سألته ليلعن بداخله تورطه في معرفة إجابة واحدة معها 
"مروح.. زي ما قولتلك.. محتاج أنام!"
"تمام.. مش هبوظلك اليوم.. هاروح معاك وأنا اللي هاعمل الأكل، وأظن يعني باباك أكيد مسافر علشان جوازه وبقالك كام يوم قاعد لوحدك.. هستناك في الجراج.. Have a nice day" غادرته قبل أن يُفسد خطتها ليزفر في ضيق على تلك المُختلة التي بمنتهى السهولة لم تمانع ذهابها منزل رجل معه وحدها!
❈-❈-❈
"عليك أن تتوقف عن الصراخ!! حالاً!!" صرخت الأم بطفلها الذي لم يتوقف عن الصراخ منذ دقائق بلغة إنجليزية لتلاحظه جيهان ولم يُعجبها تصرف والدته معه منذ أن بدأت في تناول فطورها بصحبة أمجد في مطعم الفندق الذي يمكثان به ولم تستطع التريث أكثر من هذا وهي تستمع لصراخ الطفل 
"جي جي أنتي مش معايا ولا ايه؟" حدثها أمجد سائلاً ثم التفت خلفه حيث نظرها المُسلط وإنزعاج ملامحها 
"ثواني يا أمجد" أخبرته ثم نهضت لتذهب نحو الطفل الذي يبكي ويصرخ منذ مدة وهي تنظر للأم "عفواً.. هل تسمحي لي؟!" أخبرتها بإبتسامة لطيفة لتومأ لها والدته
"أنا أُدعى جيهان" أنخفضت بجسدها أمام الطفل وقدمت يدها لمصافحته لينظر الطفل لها بغرابة "ما أسمك؟!" حدثته بالإنجليزية 
"روبن!" أجابها الطفل وقد توقف عن البكاء للحظات بينما لم تلقي جيهان بالاً لتلك الدموع التي تخلف أثاراً على وجه الصغير وحملته دون مقدمات 
"أسمع أن هذا المطعم يقدم جوائز للأطفال عندما يقومون بإختيار احدى الوجبات وإبداء رأيهم.. هل حصلت على احدى الجوائز من قبل؟!" أومأ لها بأن لا فتقدمت هي لتشتري له شريحة من الكعك وقدمته له "هيا.. تذوق وأخبرني برأيك حتى تحصل على احدى الجوائز" ساعدته في تذوق الكعك الذي عجبه كثيراً "ما رأيك؟" 
"أعجبتني.. لذيذة" أنهمك الطفل في تذوقها لتشير للنادل المختص بهذا القسم من المأكولات على أحدى الشرائح الأخرى 
"أتنظر.. لقد حصلت على شريحة أخرى ولكن بنكهة الفانيليا.. هيا لنرى ماذا ستقول والدتك" أمسك الطفل بالشريحة الأخرى وعادا كليهما حيث منضدة والدته "هيا قص عليها أمر الجائزة ستعجبها كثيراً و.." لم ينتظر الطفل وأخذ يثرثر لوالدته لتبتسم لها في امتنان وبادلتها جيهان الإبتسامة ثم عادت إلي أمجد الذي شاهد الأمر بأكمله 
"لا ده أنتي كده شجعتيني نجيب بيبي بقا" أخبرها بإبتسامة لتصدح هي بضحكتها التي يعشقها للغاية 
"لا بيبي ايه.. كفاية عليا لينا وصهيب.. الحمد لله على كده" أخبرته وسط ضحكتها لتنظر له وعينتيها تبتسم كما شفتيها 
"ايه اللي خلاكي تقومي وتخليه يبطل عياط؟!" سألها وهو يتفحص ملامحها بعنتين ذابتا عشقاً وولعاً بها كما قلبه المُتيم 
"مبحبش أشوف حد محتاج المساعدة وأنا في ايدي أساعد وأقعد أتفرج.. يعني الموضوع كان بسيط بس هي مش عارفة تتصرف" هزت كتفيها بعفوية ليتنهد أمجد 
"بحبك" همس بها لتبتسم له من جديد 
"وأنا بعشقك"
"كان نفسي تبقي معايا من زمان.. لو تعرفي صهيب قد ايه كان التعامل معاه صعب بعد ما مامته ماتت.. حقيقي كنتي هتساعديني كتير" 
"أنا معاك دلوقتي" تلمست يده في دعم "وجانبك في كل حاجة.. وحتى لو صهيب شخصيته صهبة شوية فأنا معاك.. بكرة هتلاقيني صاحبته أكتر ما أنت صاحبه كمان"
"لا ده أنا كده ممكن أغير بقا؟" ضيق عيناه ناظراً لها لترفع احدى حاجبيها في ثقة 
"تغير مني ولا تغير عليا؟!" سألته في تحفز 
"الاتنين!!" اجابها بعد أن تنهد ولم يستطع سوى أن يقع بعشقها أكثر
❈-❈-❈
"مش ممكن أنا مشوفتش واحدة كده بجد!!" تحدث صهيب بأنفاس متعالية في غضب 
"يا عم ما يمكن تبقا فرصة تخلص منها.. كلمتين حلوين قدامها للينا هتبعد" 
"تبعد ايه!! دي لازقة بغرا! أنت مش شايف؟ دي بتقولي هاجيلك البيت.." أخبره بإنزعاج 
"أهدى بس يا صاو صاو وسيطر كده.. مش عايزة تيجي البيت.. أهلاً وسهلاً" 
"أكرم متنرفزنيش زيادة عن ما أنا هتجنن أصلاً.. "
"أنت بس خد مصلحتك وأعرف عمرو بيه عايزك ليه وبعدين قولها بيتك بيتك.. أخترع أي حجة يا أخي.."
"حجة أيه بس اللي هتنفع مع زفتة دي؟" سأله بإنزعاج مجدداً "أنا عمري ما دخلت واحدة البيت.. ودي معندهاش حدود.. مفيش فايدة في تصرفاتها المجنونة دي أبداً" تنهد أكرم مستغرقاً في التفكير 
"طب أنا عندي حل.."
"قول يا مورطني"
"هاروح معاك البيت.. أو يعني هاطب عليك.. تعرف عمرو عايزك في ايه وبعدين هتحجج بأي حوار وهتلاقيني بخبط عليكو.. ولو في دماغها أي حاجة شمال أكيد هتتلم ومش هاتقدر تعمل أي حاجة وأنا موجود" 
"يا خوفي لا تحصل مصيبة!!" نظر له صهيب بحيرة شديدة ولكن بدا أنه ليس لديه حلاً آخر سوى الإنصياع والتقبل للحل الذي أقترحه أكرم 
"لا يا عم ولا مصيبة ولا حاجة وهتعدي" حاول أن يُطمئن صهيب وهو يتحدث بثقة شديدة
"ربنا يسترها وتعدي على خير!" تنهد صهيب وهو لا يدري لماذا لا يشعر بإطمئنان مما سيحدث بعد سويعات قليلة  
❈-❈-❈
"وحشتيني أوي يا جي جي" تحدثت لينا لوالدتها بنبرة نعسة 
"يا بكاشة.. ما أنتي نايمة أهو لغاية دلوقتي ومفكرتنيش تكلميني حتى من الصبح"
"والله يا جي جي ما عايزة أزعجك أنتي وعمو أمجد"
"لا يا ستي أزعجينا زي ما تحبي.." أخبرتها وقد طغى الإشتياق على نبرتها "بس بجد وحشتيني يا جزمة"
"وأنتي أكتر يا ماما.. نفسي ترجعي بقا بس في نفس الوقت عايزاكي تتبسطي"
"هانت يا ستي والأيام هتعدي" تريثت كلتاهما لبرهة بينما أكملت جيهان حديثها لإبنتها "أنتي مش ناوية بقا تظبطي نومك.. الجامعة باقي عليها اسبوعين.."
"هيظبط متقلقيش.. هي الساعة كام صحيح؟!" 
"الساعة اتنينيا هانم.. اصحي بقا" 
"حاضر يا ماما" نهضت جالسة على سريرها وهي تفرك عينتاها في محاولة لطرد ذلك النعاس وقاومت رغبتها الشديدة في العودة للنوم مرة أخرى 
"صهيب عامل معاكي ايه؟!" سألتها لتتناسى النعاس تماماً وانتبهت كامل حواسها وتوسعت عينتاها خشية في أن تكون علمت شيئاً مما حدث بينهما 
"كويس يعني.. عادي"
"مممم.. لي لي!! بطلي جنان وخليكي عاقة! أنا عارفاكي كويس!" أخبرتها بلهجة مُحذرة 
"متقلقيش.. كله تمام صدقيني" 
"ماشي هصدقك"
"عمو أمجد عامل ايه؟!"
"تمام.. كويس الحمد لله"
"ماشي سلميلي عليه.. وبوسيهولي بوسة من اللي همّ"
"يالا يا بنت يا قليلة الأدب!" أخبرتها زاجرة لتضحك لينا بشدة 
"يالا .. أنا هاقوم أعمل أكل.."
"أسترها يارب .. مش عايزة أسمع إن حد فيكو بات في المستشفى وجاله تلبك معوي"
"أخص عليكي يا جي جي.. بقا أنا أكلي بيجيب تلبك؟" حدثتها في لوم 
"لا يا حبيبتي أنتي أكلك هايل.. ولا الشيف شربيني" أخبرتها في تهكم 
"ماشي يا جي جي.. بكرة عمو أمجد يحلف بأكلي.. وهو اللي يحكم" 
"ياختي أنتي عمو أمجد بيطبلك من دلوقتي"
"غيرة دي بقا ولا ايه؟!"
"وهاغير منك أنتي.." 
"لا طبعاً يا جي جي أنتي الأساس بردو.."
"ماشي يا بكاشة.. يالا أفطري وهكلمك بليل أشوف الأكل أخباره ايه"
"ماشي.. سلميلي على عمو أمجد" 
أنهت مكالمتها مع والدتها ثم توجهت للمطبخ لصنع بعض القهوة باللبن لتحاول أن تفيق طاردة ذلك النعاس بعيداً وأمتدت يدها لتحضر احدى الأكواب ولكنها لاحظت كوب القهوة الذي يخص صهيب موضوعاً بالحوض لتتوقف لبرهة وهي تنظر له لتتذكر ما حدث صباح اليوم
"شكلك حلو أوي وأنتي نايمة في هدوء كده ومبتصرخيش في وشي"
"كان هيمان فيا مثلاً وأنا نايمة؟!" تمتمت بداخلها وتذكرت ما أخبرها به لتغرق مجدداً بالتفكير بصهيب وتذكرت ملامحه وغابت تماماً عن الواقع.. عينتاه اللتين لا تعلم ما لونهما، أهما رماديتان أم زرقاوتان؟! ابتسامته الرائعة تلك قد تجعل الآلاف من الفتيات يقعن أسيرات في وسامته.. لن تنكر أنه يبدو جذاباً للغاية..
وجدت نفسها تبتسم في خجل ثم التهمت شفتيها وهي تتذكر قُبلته الفجائية التي قبلها لها يوم أمس وأرتبكت بالرغم من عدم رؤية أحد لها لتتوسع ابتسامتها أكثر وشردت بالمزيد من ملامحه بدءاً بشعره المصفف دائماً بطريقة تجعلها تفقد عقلها وشردت بالمزيد لتتذكره وهو لا يرتدي قميصه لتشعر بالخجل الشديد مرة ثانية ولكنها أفاقت نفسها وطردت تلك الأفكار من رأسها تماماً..
"بردو هيفضل مش محترم وقليل الأدب ورخم!!" تمتمت وقد تخلت ملامحها عن حمرة الخجل وتوقفت عن الإبتسام في بلاهة الفتيات المنجذبات لرجل وسيم وشرعت في إعداد قهوتها "وكمان مش هاغسل كوبايته.. لما يجي يبقا يغسلها هو! بس!! أنا مش الفلبينية بتاعته! كفاية إني هاسيبه ياكل من الأكل اللي هاعمله" تمردت متمتمة ظانة أن هذا نوعاً من الإنتصار عليه بداخلها
❈-❈-❈
"أنت بس رنيلي ولا ابعتلي على الواتساب لما تعرف عمرو عايزك ليه.." حدثه أكرم وهما في طريقهما للمرأب ليومأ له صهيب بإقتضاب 
"ماشي.. سلام!!" 
توجه صهيب نحو سيارته التي وجد سمر منتظرة بجانبها وتبتسم له بملئ فيها ليلعن هو بداخله مبتلعاً ثم تمتم "منك لله يا أكرم" 
"ايه.. يالا بينا؟!" سألته في سعادة شديدة ليومأ لها لتنتظر هي بجانب باب سيارته المقابل لباب السائق 
"ايه مش هتركبي عربيتك؟!" سألها لتومأ هي له 
"ملهوش لازمة نركب عربيتين يعني"
"طب هتروحي ازاي؟!" عقد حاجباه بإستفهام 
"ابقا اخد اوبر مش مهم" اجابته بحماس ثم دلفت السيارة ليلعن صهيب مجدداً بداخله ودلف السيارة ليشرع في الذهاب لمنزله "بجد مبسوطة أوي انناهنتغدا سوا النهاردة" همهم لها فهو لا يستطيع الكذب قائلاً أنه يشعر بالسعادة مثلها.. فهو حقاً يتمنى لو يتخلص منها بأي طريقة 
"قوليلي بقا الإجتماع عن ايه؟!" سألها رامقاً اياها ملتفتاً لثانية ثم أعاد نظره للطريق أمامه ولا يستطيع الإطالة بالنظر إليها فملابسها غير المحتشمة تجعله يتقزز تلقائياً منها 
"تفتكر كده اليومين دول كل سنة ايه اللي بيحصل في البنك؟!" سألته وهي تلتف بالمقعد وتعطيه كامل انتباهها ليهُز كتفيه في عفوية 
"مش واخد بالي بصراحة"
"لأ.. فكر شوية كده.." أخبرته ليصدح هاتفه مُعلناً عن إتصال من أبيه ولكنه تجاهله "ايه مش عايز ترد وأنا معاك ولا ايه؟!" سألته بينما ذهب عقلها ليُفكر أنه قد يُخفي عنها معرفته بأحدى الفتيات 
"لا ده بابا وهيرغي شوية.."
"آه.. هو لسه مسافر؟!" 
"آه"
"وهيرجع امتى؟!"
"يعني على يوم السبت الجاي"
"بس مش غريبة يعني انه يتجوز في السن ده و.."
"سمر!!" قاطعها بلهجة حادة تمنعها عن الإطناب في الحديث بذلك الأمر "متتكلميش في الموضوع ده بعد اذنك!" حذرها لتتصنع هي التأثر
"أنا مقصدتش حاجة والله.. كنت بدردش معاك عادي"
"دردشي بس بعيد عن بابا!" رمقها بإنزعاج بزرقاوتيه لتتصنع هي البكاء 
"أنت ليه بتكلمني كده.. والله ما أقصد حاجة" تصنعت البكاء ليزفر صهيب بينما صف سيارته على جانب الطريق 
"معلش.. بس موضوع بابا ده حاجة خاصة بيه وأنا مبحبش أتكلم في الموضوع.."
"وخاصة بيك أنت كمان.. أنت أبنه يعني" تحدثت بنبرة باكية مُدعية الحزن 
"ماشي.. بس أنا مبحبش أتكلم في الموضوع.. ممكن متعيطيش بقا؟!" لا يُصدق أنه يتوسل إليها بينما كل ما أراده هو أن يُلقيها خارج سيارته 
"لا يا صهيب أنت زعقتلي و.."
"معلش عشلان صاحي من امبارح فمش مركز.. خلاص بقا!!" ابتسم لها بإقتضاب لتومأ هي له 
"خلاص.."
"يعني مش زعلانة؟!" 
"عمري ما أزعل منك يا صهيب.. أنت عندي حاجة كبيرة أوي.. لو تعرف بس أنت بالنسبالي ايه!" همست وهي تحاول تلمس ذراعه في جرأة وحدقت بزرقاوتيه في هوس شديد ليحمحم هو ولا يُريد أن يُشجعها على ما تفعله ونظر أمامه ليشرع في استكمال الطريق 
"عشان منتأخرش" تمتم بلباقة بينما جذب ذراعه بعيداً عن أناملها لتتنهد هي في سأم من عدم استجابته لها في أي من محاولتها!
❈-❈-❈
"أوبا بقا.. ده عاشق ولهان على الآخر.. بيتفرج عليكي وأنتي نايمة كمان.. أوعدني يارب" تحدثت رولا إلي صديقتها بالهاتف 
"يا بنتي اتقلي شوية.. ايه يعني بيتفرج ولا باسني.. اللي يعمل كده من غير ما يستأذن ولا يكون فيه ما بيننا ارتباط يبقا مش محترم!!" 
"ما هو الإرتباط يا هبلة مش بيجي بين يوم وليلة"
"بقولك ايه.. بطلي كلامك الأهبل ده وشغل الروايات اللي عمالة تحلمي بيه" 
"يا لي لي هي الروايات دي يعني كلها خيال.. فيه منها حقيقي أكيد"
"صبرني يارب على ما بلتني بيه" زفرت لينا بينما أوشكت على الإنتهاء من صنع الطعام 
"خليكي كده مقفلة!" 
"ما تعقلي بقا يا رولا.. هو أي حد كده يقرب منك تسيبيه.. لازم طبعاً تاخدي واقفة!!"
"مممم.. ده معناه انك هتاخدي واقفة معاه؟!" 
"أكيد يعني.. ده أنا ناوياله على نية سودا لما يجي.. هطلع عينه!"
"وهتقوليله ايه بقا؟!"
"هقوله يلم نفسه وميقربش مني أبداً" 
"ولو معملش كده؟!"
"والله لو ما أتلم لا أحكي لعمو أمجد وماما وأخليهم همّ بقا يتصرفوا معاه.." صاحت في تحفز 
"لما نشوف.. عالله بس متبقيش عيلة"
"أطلع عيلة ازاي يعني؟!"
"يعني لما يقرب ولا حاجة متنخيش قدامه وتتلخبطي كده وتبقي فجأة كده بنوتة يعني بعد الشر"
"تصدقي إنك فصيلة.. امشي يا بت.. أنا مش هاكمل المكالمة دي" ضحكت رولا على نبرة لينا المنزعجة 
"طيب خلاص حرمت"
"لا بجد أقفلي عشان هاطلع الفراخ.. هاكل وبعدين هاكلمك"
"ماشي.. متنسيش بقا عايزين نكمل الرواية"
"حاضر يا ستي.. بعد الأكل بقا" 
"تمام اتفقنا... باي"
دوى صوت رولا بعقلها "يعني لما يقرب ولا حاجة متنخيش قدامه وتتلخبطي كده.." أتفعل هذا حقاً؟! هل يؤثر عليها بأي شكل من الأشكال؟ أتستجيب لإقترابه منها بسهولة؟ 
ظلت تُفكر بينما استمعت لصوت الفرن الذي أعلن على وصوله للوقت الذي حددته لينا فتوجهت لتُخرج الدجاج الذي أعدته بينما تنهدت ثم رمقت الساعة وترددت لبرهة! 
هل لها أن تضع له الطعام هو الآخر؟ لا.. هو ليس بصغير.. ليُحضره لنفسه.. نعم.. يكفي أن تضع له ورقة على مبرد الطعام بأنها تركت له بعضاً من الطعام..
أعدت طعامها ووضعته بالصحون وجهزته ثم فكرت بأن تتناوله في غرفة الجلوس أمام التلفاز فهي لا تحبذ الجلوس بغرفة الطعام أبداً ثم تركت له الورقة على المبرد وأمسكت بصينيتها وهي تتوجه للأعلى بينما أستمعت مفتاحه بباب المنزل لتتوجه للأعلى دون إكتراث ولكن صوتاً غريباً أوقفها لتلتفت في تعجب 
"بيتك شكله حلو أوي يا صهيب!! بجد كان نفسي أزورك من زمان" تحدثت سمر بنبرتها التي تعمل دائماً على أن يظهر بها الإغراء التي تعجبت لها لينا وتقززت منها ونظرت لها تتفقدها في إستغراب شديد لتتذكر أنها نفس الفتاة التي رآتها معه مرتان من قبل لتتقابل أعينهما وزفر صهيب في ارتباك مما أوشك على الحدوث!!

يُتبع..